الأمانة في فضائل الجسد للسمو بالروح
الذي هو أمين للفضيلة التي تمارس بالجسد، يرتقي إلى فضيلة الروح.
فالأمين في صوم الجسد عن الطعام، يقيمه الله على صوم الروح عن الخطيئة.
فيصوم لسانه عن الكلام الباطل، ويصوم ذهنه عن الفكر الشرير، ويصوم قلبه عن الشهوات الخاطئة. أما الذي لا يكون أمينًا في صوم الجسد عن الأكل وهذا شيء قليل لا يحتاج إلى مجهود كيف إذن يمكنه أن يصل إلى صوم الروح؟! كذلك قال أحد الآباء:
بسكون الجسد نقتنى سكون النفس.
سكون النفس شيء كبير لا نصل إليه إلا إذا كنا أمناء في سكون الجسد. أي عدم انشغاله بالجولان من موضع إلى موضع، مع ضبط الحواس من الطياشة فيما لا يفيدها سمعًا ونظرًا ولمسًا وشمًا...
كذلك بخشوع الجسد نقتني خشوع الروح.
وبالأمانة في أتضاع الجسد نقتني أتضاع النفس.
لاشك أن الذي يكون خاشعًا بجسده أثناء الصلاة، واقفًا باحترام، رافعًا نظره إلى فوق، حافظًا لحواسه وحركاته، يركع وقت الركوع، ويسجد وقت السجود. إن فعل هذا بكل أمانة، ينعم الله عليه السجود الروح والحق. والذي يقول كلمة أجيوس (قدوس) وهو ينحني بكل إيمان، لاشك أن هذا الانحناء يولد الخشوع في قلبه..
وبهذا نستفيد من خلع الحذاء حينما ندخل إلى الهيكل ونسجد أمامه.
إنها أعمال جسدية، ولكنها إذا عملت بأمانة وإيمان، تنقل خشوع الجسد إلى الروح، فتخشع هي أيضًا. وذلك لارتباط الجسد والروح معًا.
وهكذا إذا كنا أمناء في هيكلنا الجسدي، يتحول إلى هيكل لله.
وإذا كنا أمناء في هذا الجسد المادئ، يقيمنا الله على الجسد النوارنى الروحاني في يوم القيامة (1كو15: 44).
وإن كنا أمناء في الأمور المادية عمومًا، يقيمنا الله على الأمور الروحية...