العمل الداخلي في التوبة
التوبة من خارج هي ترك الخطية والبعد عنها وعن كل مسبباتها. ولكن قد يترك الإنسان الخطية، ولا تزال في قلبه رغبة من نحوها. فهل نسمي هذه توبة؟! كلا، بل لابد أن يكون هناك عمل داخلي، داخل القلب، حتى يصل الإنسان إلى كراهية الخطية. وتكون هذه هي التوبة الحقيقية. حيث في قلبه شهوة الحياة مع الله، بدلًا من شهوة المادة والجسد...
وهنا نود أن نشرح المعني الروحي للمطانيات أي السجود.
في الميطانية يسجد الإنسان، ينحني وتلصق رأسه بالأرض أي التراب. هذا هو العمل الخارجي الظاهر. ولكن هناك عملًا داخليًا يجب أن يصاحب انحناء الجسد، وهو أن تنحني النفس من الداخل، في انسحاق بتركها لكبريائها، كما قال داود النبي " لصقت بالتراب نفسي" (مز119). قال أخ لأحد الآباء " أحيانًا اضرب المطانية للأخ معتذرًا، فلا يقبلها مني!". فأجاب الأب " ذلك لأنك تفعل ذلك بكبرياء".. أي أن الجسد قد انحني، بينما النفس مازالت في كبريائها، لم تلصق بالتراب...
التوبة إذن سواء في التصالح مع الله والناس، هي عمل داخلي، في إقناع النفس تمامًا بهذا الطريق، ورغبته فيه، وندمها على ما سبق...
وكل هذه أمور تتم في الداخل، وليس الأمر مجرد ترك العثرات من الخارج لأنه لو أحاطتنا العثرات كلها من الخارج، فلن تستطيع أن تضرنا بشيء، مادام القلب منتصرًا في الداخل. وصدق القديس يوحنا ذهبي الفم حينما قال " لا يستطيع أحد أن يضر إنسانًا، ما لم يضر هذا الإنسان نفسه"...