صرخه الميلاد
سكن الشوق القلوب.... فطال الانتظار... أطل نجم بيت لحم .. فكان اللقاء بين المحبة والسلام .... امام مغارة الميلاد .... وقفت نسمات السلام ... امتلأت السماء ببخور الحب... فأضاء نجمها عتمة ليل بيت لحم ... أجراس الكنائس... ترنم اناشيد المجد مع أجناد العلاء... بيت لحم الصغيرة ... يكسها الفرح والسعادة بمولد الفادى المخلص... من ليل فقرهم وبساطتهم يأتون ... رعاة يسجدون بخشوع وذهول واحترام ... يسكنهم فرح لايفيه وصف ... فهناك من المشرق , لاح نجم قاد قوما فى مصاعب الصحارى وبرد الليالى ومتاهات الطرق الى حيث ولد ملك المجد... له سجدوا وقدموا قبل ذهبهم ولبانهم ومرهم قلوبهم العامرة بالايمان والمليئه بالفرح والسلام
طفل رضيع مضجع فى مذود حقير..... تلف جسده الطاهر قطعة قماش ... تلسعه نسمات الليل الباردة ... يداه ترتجفان حبا ... يستدفىء من انفاس حيوانات أليفه ... حوله أمه القديسة المطوبة مريم ... متهللة فرحا وطربا اذ ابصرت اخيرا عيناها ابن الله المتجسد ثمرة احشائها التى قبلته فيها بتلك النعم التى شكلت منعطفا فى تاريخ البشريه ... ويوسف البار المحتجب وراء اسوار صمته وخشوعه , يدخل كيانه بفرح مقدس صامت حطم عتمة ليل بيت لحم التى اوصدت ابوابها فى وجه هذا الضيف الالهى
مشهد ميلادى ولا أعظم.... مغارة حقيرة ... فيها ولد ملك الكون ... ولد لينادى فينا التواضع , المحبة والسلام , افرحى وتهللى يابيت لحم فقد نقش فرح الميلاد على جدرانك ليبقى للزمن شاهدا على ملك قد ولد ومعه ولد السلام ... ولدت المحبة... فكان الخلاص , تجسدت المحبة فى مذود بيت لحم ... نمت وأثمرت وتجلت بأسمى معانيها على صليب الخلاص وخشبة الفداء , لقد أحبنا حتى الذل والهوان والفقر واخيرا الموت على الصليب
واليوم ونحن على أعتاب ليلة الميلاد يبتدىء السير نحو جلجلة الخلاص يدا بيد مع الطفل الالهى ... طفل المغارة , فما أحوجنا الى لحظة صمت وتأمل .. ما أحوجنا ان تسكت من حولنا اصوات وضجيج ا لعالم ... ما أحوجنا الى توبة صادقة .. الى غفران ومسامحه ... الى وقفة صادقة مع الذات ...
طفل المغارة يخاطبكم اليوم
ماذا فعلتم بى ؟
فكما خاطب المسيح المتألم الشعب فى طريق الآمه " يا شعبى"
ماذا فعلتم بى؟
يخاطبنا اليوم طفل المغاره
ماذا فعلتم بى؟
انها صرخة الميلاد ... تحطم صمت بيت لحم الحزينة ... ويدوى انينها فى فضاءات العالم ....
ماذا فعلتم بى؟
ولدت لأهبكم السلام ... فأين السلام الان بينكم ؟
حروب , صراعات , انانية, حقد وبغض ونميمه وكراهية... وها انكم تحتفلون بالميلاد!!!!
تحتفلون بميلاد ملك السلام .. وانتم تفتقرون لسلام القلب .. غنيا بحبكم ... ومت معرى من أجلكم لتكتسوا ثوب الخلاص... ولدت طفلا رضيعا بريئا ... فأين انتم من براءة طفولة اليوم ؟ لقد خدشتم حياءها وشوهتم الانسانية بعلمكم ... أجزتم الاجهاض والاستنساخ ... انكم تقتلون براءة الطفولة باسم العلم والتقدم والتحرر والانانية ,
فهاهم اطفال اليوم ... قتلى .... جرحى... مرضى على أرصفة العالم الجائع .. الجائع للمحبة لكرامة الانسان
تحتفلون بالميلاد وتغريكم مظاهر العالم فتغرقون فى حب ذواتكم ..
ماذا فعلتم بى؟
صرخة استنهض بها الانسان فيكم ... فم من طفل يغفو والجوع غطاؤه ... كم من محتاج مسكين يطرق بابكم فى ليل لهوكم ولامبالاتكم فلا تأبهوا به ؟؟؟ تلبسون افخر الحلل وتأكلون ما لذ وطاب .. تزينون أشجار الميلاد فى بيوتكم وقلوبكم تغلفها الانانية وحب الذات وموصدة تجاه اخوة لكم أعمل البؤس فيهم أنيابه !!!!
أيها الطفل .... الفادى المخلص..
نم قرير العين فى مهدك الصغير وأعطنا سلامك سلاحا ومحبتك زادا فنعبر درب المجىء بالتوبة والصلاة وعمل الرحمة بعد ان نكون قد رسمنا ابتسامة الفرح والحبور على الشفاة المجرحه بسيوف الاهمال والتهميش والاستغلال وأعدنا الامل لقلوب كوتها نار البؤس واليأس والجحود ... وكسونا أجسادا خدشتها سياط القهر والظلم والاستعباد .. وأطعمنا أفواها حرمتها الانانية والاحتكار والجشع من ماء يرطبها ولقمة تسد جوعها ... وفتحنا أبوابا لمن قفلت فى وجهه كل سبل العيش فعاش طريدا مشردا محروما من عطف اخ ينعم برغد وبحبوحته ... وبعدما نكون قد مسحنا دمعة حزن من عيون أدماها الالم والشقاء والفراق والغربه حتى اذا ماجاءت ليلةالميلاد المجيدة...
تجدنا كالمجوس امام مغارة الميلاد وفى ايدينا بخور صلواتنا ولبان اعمالنا ومر صعوباتنا نضعها امام عزتك الالهية مستمطرين نعم الميلاد
ساد الصمت ... قرعت الاجراس ... تهللت الملائكه ... فكان الميلاد , فلنفتح مغارة قلوبنا ولنزين شجرتها بمصابيح الشوق والانتظار ولنهمس فى اذن طفل المغارة..
ها اننا كالرعاة نأتى
وكالمجوس نسجد
وكالعذراء ويوسف نؤمن
وكأجناد العلاء نسبح قائلين
ليعم مجدك الارض وليشمل سلامك المعمورة كلها
امين a