رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
العدالة الاجتماعية بقلم: البابا شنودة الثالث العدالة الاجتماعية هي من أسمي القيم التي يحرص عليها العالم المتحضر بل كانت موجودة منذ بداية الخليقة, وقد نادي بها الأنبياء والرسل والمصلحون والمفكرون الأحرار في تفكيرهم وينادي بها رجال الدين علي اختلاف مذاهبهم. والعدالة الاجتماعية تنادي بالمساواة وعدم التمايز علي اننا سنناقش هذه النقطة ايضا فأول من ينادي بالتمايز والتفريق هم اليهود الذين قالوا بفكرة شعب الله المختار أما باقي الشعوب الأخري فكانوا يدعونهم الأممGentiles أي الأجناس الأخري علي ان عبارة شعب الله اصبحت الآن تعني كل من يؤمن بالله في أرجاء المسكونة كلها. علي ان هناك تفريقا آخر في علمAnthropology( أي علم الإنسان) الذي يضع الجنس الأبيضNordics فوق باقي الأجناس وفي قمته الجنس الآري وهكذا يفرق بين شعوب الشمال والجنوب بصفة عامة في أصلها. ومن جهة العدالة الاجتماعية فنحن نشكر الله علي انه قد انقضي زمن الرق حيث كان الانسان يستعبد اخاه الإنسان أو يشتريه ويتخذه له عبدا ويتصرف فيه كما يشاء وان شاء ان يبيعه لغيره أو حتي ان يقتله فمن حقه ذلك وهكذا كانت معروفة عبارة العبد والسيد ولا ننسي في هذا المجال ان يوسف الصديق بيع كعبد! ومع ان الرق قد زال إلا اننا للأسف الشديد نري بعض الكبار يعاملون الذين تحت ايديهم كعبيد بينما الكل ينادون: قد خلقنا الله أحرارا فلا يستعبدنا أحد! من جهة العدالة الاجتماعية نتكلم أيضا في موضوع الاقتصاد والمال: ان الله حينما خلق الأرض أوجد فيها من الخير ما يكفي لسكانها جميعا ومازالت خيرات الله قائمة لا تنضب ولكن المشكلة القائمة باستمرار هي في سوء التوزيع وهذا الأمر له جوانبه العديدة منها ما يختص بالأفراد ومنها ما يختص بالمجتمع كله. ومن المعروف ان الحياة الاشتراكية تهدف الي ازالة الفوارق الاجتماعية أو التقريب بين الناس فلا تزيد الهوة في المستويات بين افراد الشعب الواحد. علي اننا يجب ان نميز بين الشخص الذكي صاحب المواهب الذي يستطيع ان ينمي رزقه وان دخل في مشروع ينجح فيه وبين شخص غيره لا ذكاء له ولا نشاط وهو الذي يتسبب في فقره وليس من العدالة الاجتماعية المساواة بين ذكي وغبي أو بين نشيط وخامل وبين صاحب مواهب ومن لا مواهب له! إنما كل واحد ينال من الأجر حسب قدرته علي العمل والإنتاج. إذن لابد ان توجد في المجتمع طبقات ولكننا لا نريد ان تكون الهوة واسعة بين اعلي الطبقات وادناها بحيث تختفي الطبقة الوسطي ويتكون المجتمع من كبار الاغنياء وأدني الفقراء! وفي كل ذلك لايعقل إطلاقا ان يكون الجميع في مستوي واحد وإلا فلماذا إذن ان يتعب من يتعب ويجاهد من يجاهد وإلا أيضا ستزول الحوافز الداخلية ويشعر المرء انه تعب أو لم يتعب فالأمر سيان! علي اننا في وجوب العدالة الاجتماعية نتحدث عن الفقير رغم انفه الذي يريد ان يعمل ولا تتاح له فرصة للعمل أو الذي يكافح حتي ينتهي من دراسته الجامعية ثم يصطدم بمشكلة البطالة حقا لا نقول ان هذا ذنبه إنما هي خطيئة المجتمع الذي لايوجد له عملا ولا رزقا. ثم هناك أيضا مشكلة الذين يريدون ان يتعلموا والفرصة لا تتاح لهم كثيرا لأن عبارة مجانية التعليم التي نادت به الدولة قديما اصبحت لاتوجد في الواقع العملي وضاعت عبارة الدكتور طه حسين عميد الأدب العربي حينما قال وهو وزير للتعليم إن العلم لازم كالماء والهواء. حقا ماذا يفعل الإنسان العادي امام مشكلة المصروفات المدرسية التي ترهقه في تعليم أبنائه ومشكلة الدروس الخصوصية أو المجموعات وبوجه خاص في مدارس اللغات؟! بالاضافة الي ذلك كله ان مشكلة اطفال الشوارع هي عار في جبين العدالة الاجتماعية ومعها النسبة الكبري ممن صنفوا بأنهم تحت مستوي الفقر ويدخل معهم كثيرون من سكان النجوع الذين لايجدون ضروريات الحياة من جميع نواحيها. ان الدولة مسئولة امام الله والناس علي رعاية كل الشعب من جهة المأكل والمشرب والملبس وان تكفل لهم حياة لايشعرون فيها بالعوز ومذلة الاحتياج وهنا نتعرض لمشكلة غلاء الاسعار وعدم كفاية مستوي الاجور لتغطيتها ومعروف ثمن الطعام هو نفس ثمنه بالنسبة للفقير والغني من يأتي الفقير بطعامه وطعام أولاده؟! كذلك فإن مبدأ تكافؤ الفرص هو من اهم مبادئ العدالة الاجتماعية وهو بلاشك يتنافي مع ما يحدث في المجتمع من المحاباة والمحسوبية والتمييز وعدم المساواة في التوظيف وفي الترقية ولكنها تدخل تحت موضوع الظلم الاجتماعي الذي لاتقره العدالة الاجتماعية. وهنا ندخل في موضوع الاشتراكية وما معناها هل تعني اشتراكنا معا في كل الحقوق السياسية وفي كل الحقوق الاجتماعية واشتراكنا في خير هذا الوطن وفي مصيره؟ أم ان عبارة الاشتراكية اصبحت بلا مفهوم واضح وايضا العلاج علي نفقة الدولة فكثير من افراد الشعب حاليا ليست لهم قدرة علي مواجهة بعض الامراض سواء من جهة تكاليف العلاج أو ثمن الادوية وكل هذا ضد العدالة الاجتماعية. إننا نشجع ما تفعله الجمعيات الخيرية والهيئات التعاونية وما تقوم به الملاجئ ودور الإيواء وجمعيات الاسعاف وايضا ما تقوم به الايدي السخية في العطاء كل أولئك لمساعدة الدولة فيما تعمله من جهة ورفع الأجور وما تنوي ان تعمله كلما اتيحت لها امكانات اكثر ونصلي من اجل ان تسود العدالة الاجتماعية في كل موضع حتي تصبح عدالة كاملة شاملة بقدر المستطاع. |
|