رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
خطورة الخطية إنها أولا موجهة ضد الله. لذلك فإن داود يقول للرب في مزمور التوبة (إليك وحدك أخطأت والشر قدامك صنعت) (مز 50) ويقول عن الخطاة (لم يسبقوا أن يجعلوك أمامهم) أي لم يفكروا أنك أمامهم، تراهم وتسمعهم. فالخاطئ كأنه في غيبوبة لا يدرى ماذا يفعل. يحتاج إلى من يوقظه ويجعله يفيق، لكي يدرى ما يفعل. تدل الخطية على أنك لا تشعر بوجود الله. Image: The betrayal of Judas Iscariot, and showing Peter stretching out his hand with his sword, struck the servant of the high priest, and cut off his ear صورة: قبلة الخيانة، خيانة يهوذا الإسخريوطي، ويظهر في الصورة بطرس استل سيفه من غمده، وضرب عبد رئيس الكهنة ملخس، وقطع أذنه فلو كنت تشعر بوجود الله، ما كنت ترتكبها قدامه، بدون خجل!! ولعل هذا ما كان يجول بذهن يوسف الصديق وهو يقول (كيف أفعل هذا الشر العظيم، وأخطئ إلى الله) (تك 39: 10) إذن أنت في الخطية، إنما تخطئ إلى الله قبل كل شيء: تقاومه وتعصاه وتتحداه، تحزن روحه القدوس تدنس سكناه في قلبك.. إلخ. هل تشعر بكل هذا، وأنت تخطئ، أو وأنت تعترف بخطيتك؟ أم أنت تذكر الخطية ببساطة، دون أن تشعر بخطورتها وبشاعتها..! كإنسان مريض تسأله عن صحته، فيقول لك: (شيء بسيط. مجرد سرطان.. مجرد إيدز)!! وهو لا يدرى سرطان أو معنى إيدز!! أولا: الخطية هي التعدي (1يو 3: 4). هي التعدي على وصايا الله، كسر الوصايا، عدم الاهتمام بها.. أو هي التعدي على حقوق الله، وعلى كرامته وعلى أبوته. معنى الخطية يؤخذ من ناحتين: من جهة الله، ومن جهة الناس. الخطية من جهة الله، هي تمرد عليه. ثورة على الله، وعصيان، وتمرد.. تصوروا حينما يثور التراب والرماد، ويتمرد على الله خالق السماء والأرض.. لاشك أنه لون من الكبرياء، أن يتمرد التراب أمام الله.. إنه قبل أن يكسر الوصية، تكون الكبرياء قد كسرت قلبه من الداخل. الخطية إذن هي كبرياء وتشامخ. ولذلك حسنا قيل في سفر الأمثال (قبل الكسر الكبرياء، وقبل السقوط تشامخ الروح) (اقرأ مقالًا آخراُ عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). (أم 16: 18) وبهذا الكبرياء يسقط الإنسان. إن المتضع الذي لصقت بالتراب نفسه، لا يسقط أما المتكبر، فإنه يرتفع إلى فوق ثم يسقط. الخطية أيضا هي عدم محبة لله. وفى هذا يقول القديس يوحنا الرسول (إن أحب أحد العالم، فليست فيه محبة الآب) (1يو 3: 15) إذن فالإنسان أمامه أحد طريقين: إما محبة العالم، أو محبة الله. وواضح أن الخاطئ يفضل محبة العالم على محبة الله، أو قل: يحب ذاته أكثر من محبته لله (وطبعا ذاته بطريقة تهلكها). وطبيعي أن الخطية عدم محبة لله، لأن الخاطئ يعصى الله ويتمرد عليه. الخطية عداوة لله، أو خصومة معه. وواضح هذا من قول القديس يعقوب الرسول (أما تعلمون أن محبة العلم عداوة لله؟!) (يع 4: 4) فإن كانت كلمة (عداوة) صعبة فلنستخدم على الأقل كلمة خصومة. ولهذا فإن حال الخطاة يحتاج إلى مصالحة.. وهكذا يقول القديس بولس الرسول إن الله (أعطانا المصالحة) لذلك (نسعى كسفراء عن المسيح.. نطلب تصالحوا مع الله) (2كو 5: 18، 20) لذلك إن كنت إنسانا خاطئا، فأنت محتاج أن تتصالح مع الله.. وكخصومة، الخطية هى انفصال عن الله. لأنه (أية شركة للنور مع الظلمة؟!) (2كو 16: 14) فالله نور، والخطاة يعيشون في الظلمة الخارجية، إذا قد أحبوا الظلمة أكثر من النور، لأن أعمالهم كانت شريرة) (لأن كل من يحب السيئات يبغض النور، ولا يأتي إلى النور، لئلا توبخ أعماله) (يو 3: 19، 20). الابن الضال، حينما أحب الخطية، ترك بيت أبيه، وانفصل عنه، وذهب إلى كورة بعيدة (لو 15: 13) هكذا ينفصل عن الله، بقلبه وبفكره وبأعماله وعن هذا الانفصال يقول الرب (أما قلبهم فمبتعد عنى بعيدًا) (مر 7: 6) وبقاء الخاطئ في هذا الانفصال، وفي هذا البعد معناه أن عشرة الله لا تهمه ولا تروق له!! وهكذا فإنه يفض شركته مع الله، وينهى علاقته به، ولا تكون له بعد شركة مع الروح القدس، طالما هو يحيا في الخطية. وبالخطية نحزن روح الله القدوس (أف 4: 30) وهكذا حال الخطية منذ البدء. ففي قصة الطوفان يقول الكتاب ( فحزن الله وتأسف في قلبه) (تك 6:6) إن الله يحزن إذ يجد خليقته التي صنعها على صورته ومثاله، تتحطم أمامه، وتتدنس أمامه. وفى الخطية لا نحزن فقط روح الله، إنما أيضا نقاومه ونعانده. كما قال القديس اسطفانوس الشماس لليهود في وقت استشهاده: أنتم دائما تقاومون الروح القدس كما كان آباؤكم (أع 7: 51). بل قد يصل الخاطئ إلى حد يفارقه فيه روح الله. كما قال الكتاب عن شاول الملك (وفارق روح الرب شاول، وبغته روح رديء من قبل الله) (1صم 16: 14) ما أصعب هذا الأمر، أن يفارق روح الرب إنسانا!! وإن كان هذا الكلام صعبا عليك، وتقول في احتجاج (كيف هذا: إن روح الله يفارقني؟!) سأورد لك الأمر بطريقة أسهل.. فبدلا من عبارة (روح الله يفارقك) نقول: أنت الذي تفارق روح الله وفي كلا الحالتين حدثت مفارقة، انفصال، بعد بينك وبين روح الله.. إن القديس بولس الرسول يتكلم كلاما صعبا جدا، وبخاصة من جهة خطية الزنا. يقول ألستم تعلمون أن أجسادكم هي أعضاء المسيح. أفآخذ أعضاء المسيح، وأجعلها زانية؟! حاشا) (1كو 6: 15) إذن الإنسان في هذه الخطية يدنس هيكل الله. وهكذا يقول الرسول (أما تعلمون أنكم هيكل الله، وروح الله يسكن فيكم! إن كان أحد يفسد هيكل الله، فسيفسده الله، لأن هيكل الله مقدس، الذي أنتم هو) (1كو 3: 16، 17). إذن حينما تقول (أخطأت) حلل هذه العبارة، لتعرف ماذا تحوى داخلها.. أتراها تحمل كل ما ذكرناه من خطايا، أم تراها تحمل أكثر وأكثر، وبخاصة ما تحويه من تفاصيل بشعة.. والإضافة إلى هذا، فإن الخطية تدل على معنى آخر: الخطية هى استهانة بالبنوة لله. فإن كنت حقا ابنًا لله، وعلى صورته ومثاله، فإنك لا يمكن أن تخطئ. كما يقول القديس يوحنا الرسول إن (المولود من الله لا يخطئ، بل لا يستطيع أن يخطئ والشرير لا يمسه) (1يو 3: 9) (1يو 5: 18) ويقول عن الرب (إن علمتم أنه بار هو، فاعلموا أن كل من يفعل البر مولود منه) (1يو 2: 29). هل الخاطئ -وهو يخطئ- يكون متذكرا أنه ابن الله. وصورة الله؟! أم يكون وقتذاك متنازلا عن هذه البنوة وصفاتها. هذه التي يقول عنها الرسول (بهذا أولا الله ظاهرون، وأولاد إبليس ظاهرون) (1يو 3: 10) لهذا وبخ القديس بولس المخطئين، بأنهم (نُغُولٌ لا بنون) (عب 12: 8). الخطية هى أيضا خيانة لله. لأن الخاطئ أثناء خطيته يكون منضما لأعداء الله ضده، أي لإبليس وجنوده.. بل للأسف يكون قد صار واحدا منهم. كما قال الرب موبخا اليهود (لو كنتم أولاد إبراهيم، لكنتم تعملون أعمال إبراهيم.. أنتم من أب هو إبليس، وشهوات أبيكم تريدون أن تعملوا) (يو 8: 39، 44). ويوحنا المعمدان وبخهم قائلا (يا أولاد الأفاعي) (مت 3: 7) أي أولاد الشيطان. الخطية هي أيضًا صلب للسيد المسيح. وفى ذلك يقول القديس بولس الرسول (لأن الذين استنيروا مرة، وذاقوا الموهبة السمائية، صاروا شركاء الروح القدس.. وسقطوا، لا يمكن تجديدهم أيضا للتوبة، إذ هم يصلبون لأنفسهم ابن الله ثانية ويشهرونه..) (عب 6: 4-6) على الأقل، فإن كل خطاياك لا تغفر إلا إذا حملها المسيح على صليبه. كأنك بخطاياك تضيف ثقلا عل صليب المسيح، وتضيف قطرات مرة في الكأس التي شربها.. وبخطاياك تضع رجاسات على المسيح في صلبه! فهو الذي حمل خطايا العالم كله ليمحوها بدمه ويكون كفارة عنها (1يو 2: 2، 2) ومن ضمن هذه الخطايا، ما ارتكبته وما ترتكبه من خطايا.. استمع إذن في خوف إلى القديس بولس الرسول (من خالف ناموس موسى، فعلى شاهدين أو ثلاثة شهود يموت بدون رأفة. فكم عقابا تظنون أنه يحسب مستحقا، من داس ابن الله، وحسب دم العهد الذي قدس به دنسا، وازدرى بروح النعمة)؟! (عب 10: 28، 29).. تأمل إذن هذه العبارات، لتعرف مقدار بشاعة الخطية: داس ابن الله.. حسب دم العهد الذي قدس به دنسا.. أزدرى بروح النعمة يصلبون ابن الله ثانية ويشهرونه.. حقا إنها خيانة لله، وخيانة للنعمة التي نلناها في المعمودية، حيث يقول الرسول (لأن جميعكم الذين اعتمدتم للمسيح، قد لبستم المسيح) (غل 3: 27). هل تظنون أن يهوذا وحده هو الذي خان المسيح؟! كلا، بل أن كل من يخطئ، يخون المسيح. يخون معموديته وميرونه، ويخزن الدم الكريم الذي طهرنا من كل خطية (1يو 1: 7). .................. عشرة مفاهيم كتب البابا شنوده الثالث |
25 - 09 - 2013, 01:34 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الخطية ضد الله
ربنا يبارك حياتك
|
||||
|