منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 10 - 09 - 2013, 04:21 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,276,271

يونان .. دعوته وهروبه
يونان .. دعوته وهروبه


كان يونان أحد بني الأنبياء، وكان يمارس خدمته حين جاءته دعوة الله ليقوم ويذهب لمدينة نينوى التي تزايد شرّها أمام الله، ليعلن لشعبها رسالة الدينونة الإلهية، وليعلن غضب الله على شرورهم، والذي حين تأتي ساعة إعلان هذا الغضب فإنه سيقع على جميع أهلها، لأن جميعهم أخطأ في حق الله.

كان تجاوب يونان مع دعوة الله، سلبي، بل قل طبيعي، فرغبة يونان كرغبة أي يهودي آلا وهي الخلاص من هذه المدينة، وطلب النقمة لها، وإن كان في الإمكان محوها من الوجود، فهي مدينة الأعداء، وعاصمة الإمبراطورية الآشورية.
كان يونان يعلم أنه إذ ذهب إلى هذه المدينة ليناد عليها كما أمره الله، وتجاوب شعب البلدة مع رسالة الله، فإن الله سوف يغفر لهم إثمهم، ويمحو عنهم شرهم، وسيكون هو الوسيلة التي استخدمها الله في ذلك، فكيف تكون صورته أمام بني الأنبياء؟ وبين شعبه الذي ينتظر عقاب الله لتلك المملكة؟ كيف يكون هو وسيلة الخلاص؟!
أمام هذا المأزق راودت يونان فكرة الهرب إلى أبعد مكان عن نينوى، وقبل أن يفكر كثيراً عقد العزم على تنفيذ ما ظننه سيبعده عن تلك الإرسالية، فقام ونزل إلى يافا، فبدلاَ من أن يتجه نحو الشمال الشرقي، إلى نينوى (العراق حالياً)، اتجه جنوباً حيث ميناء يافا ومنها ليستقل أية سفينة متجهة نحو الجهة العكسية، نحو الغرب، وكانت هناك سفينة مزمعة أن تبحر إلى ترشيش في أقصى الغرب (أسبانيا حالياً)، كانت الأمور تبدو وكأن الله هو الذي رتب كل هذه الأشياء ليبتعد يونان عن المكان الذي يجب أن يكون فيه، وكم من مرة نبتعد فيها عن إرادة الله، ونجد الأمور سهلة والظروف ميسرة فنعتقد أننا في طريق الله سائرون! وفي الحقيقة نكون أبعد ما نكون عن خطة الله وإرادته لحياتنا! وهكذا فعل يونان محاولاً الهرب من وجه الرب.
أغلب الظن أن يونان لم يحاول الهرب من الله ذاته، فهو يعرف الكتب المقدسة، وهو يعلم أن لله ملء السماوات والأرض، ويعلم قول المرنم، حين يتساءل "أَيْنَ أَذْهَبُ مِنْ رُوحِكَ، وَمِنْ وَجْهِكَ أَيْنَ أَهْرُبُ؟ إِنْ صَعِدْتُ إِلَى السَّمَاوَاتِ فَأَنْتَ هُنَاكَ، وَإِنْ فَرَشْتُ فِي الْهَاوِيَةِ فَهَا أَنْتَ!" (مزمور 139: 7 – 8). لكن يونان حاول الهرب من المهمة التي كلَّفه بها الله، من الإرسالية التي حددها الله له للقيام بها.
دائماً وأبداً في الهروب من خطة الله وإرادته لحياتنا تبدأ رحلة الهبوط، والنزول، بكل ما فيها من ضعفٍ، وهزيمة، وتنازلات لا ينبغي لابن الله أن يقدمها، هذا ما فعله إبراهيم حين نزل إلى أرض مصر رغماً عن وعد الله له بالبركة، فكان نزوله إلى مصر تعبيراً عن عدم ثقته في وعد الله، وتقديمه لتنازلات كادت تؤدي لكارثة لولا تدخل الله في الوقت المناسب وإنقاذه. (تكوين 12: 10 – 20). وهذا ما فعله يونان أيضاً حين أراد الهروب من وجه الله، يقول الكتاب المقدس "فَقَامَ يُونَانُ لِيَهْرُبَ إِلَى تَرْشِيشَ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ، فَنَزَلَ إِلَى يَافَا وَوَجَدَ سَفِينَةً ذَاهِبَةً إِلَى تَرْشِيشَ، فَدَفَعَ أُجْرَتَهَا وَنَزَلَ فِيهَا لِيَذْهَبَ مَعَهُمْ إِلَى تَرْشِيشَ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ" (يونان 1: 3).
بدأت رحلة الهرب هذه بالنزول، وحين يبدأ النزول فإن ما يتبعه هو نزولاً أيضاً، كان النزول إلى يافا أولاً، ثم النزول إلى السفينة، ومنها إلى جوف السفينة العميق، وأخيراً النوم في جوف حوتٍ عظيماً في أعماق البحر.
إن الله حين يختار إنساناً ليحقق من خلاله قصداً معيناً، أو رسالة يريد إبلاغها للبشر، أو لجماعة معينة، أو حتى لشخص بذاته، فهو يعرف مَن يختار! وفي اختياره لا يُوِجِد بديلاً، لأنه لا يعرف الفشل أبداً، قد يفشل الرسول، وقد يكون غير مجهزاً لحمل تلك الرسالة، لكن الله لا يفشل في أن يُعِد مَن يختاره لتأدية رسالته، حتى ولو استخدم في ذلك البر أو البحر، وهكذا فحين اختار الله يونان لم يختر بديلاً عنه، في حال فشله، لكنه أجرى العجائب والمعجزات التي من شأنها مساعدة يونان في القيام بمهمته، ولو علَم كل إنسانٍ أن اختيار الله لا يقاوم، أو أنه تكليفٌ لمشاركة الله خطته الفضلى للعالم ما تردد أحدٌ أو حاول الهرب.
على أن الهروب من وجه الله، أو هكذا نظن، لا يُمكَّنُنا من الاختباء عن رب الكون، أو أن يبعدنا عن قصده أو مشيئته، لكنه في نفس الوقت يجلب لنا الكثير من المتاعب، وعلى من يكونون في طريقنا، فها هم بحارة السفينة الذين لم يعملوا شيئاً يستحقون عليه ما أتي عليهم بسبب يونان، كانوا في طريقهم للهلاك لا محالة، ظن يونان أنه وهو في قاع السفينة في أمانٍ تام بعيداً عن عيني الله، وظن يونان للحظةٍ إن الطريق ممهدٌ تماماً للهرب من وجه الله، لكن الله أرسل "رِيحاً شَدِيدَةً إِلَى الْبَحْرِ، فَحَدَثَ نَوْءٌ عَظِيمٌ فِي الْبَحْرِ حَتَّى كَادَتِ السَّفِينَةُ تَنْكَسِرُ. فَخَافَ الْمَلاَّحُونَ وَصَرَخُوا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى إِلَهِهِ، وَطَرَحُوا الأَمْتِعَةَ الَّتِي فِي السَّفِينَةِ إِلَى الْبَحْرِ لِيُخَفِّفُوا عَنْهُمْ. وَأَمَّا يُونَانُ فَكَانَ قَدْ نَزَلَ إِلَى جَوْفِ السَّفِينَةِ وَاضْطَجَعَ وَنَامَ نَوْماً ثَقِيلاً. فَجَاءَ إِلَيْهِ رَئِيسُ النُّوتِيَّةِ وَقَالَ لَهُ: «مَا لَكَ نَائِماً؟ قُمِ اصْرُخْ إِلَى إِلَهِكَ عَسَى أَنْ يَفْتَكِرَ الإِلَهُ فِينَا فَلاَ نَهْلِكَ». وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «هَلُمَّ نُلْقِي قُرَعاً لِنَعْرِفَ بِسَبَبِ مَنْ هَذِهِ الْبَلِيَّةُ». فَأَلْقُوا قُرَعاً، فَوَقَعَتِ الْقُرْعَةُ عَلَى يُونَانَ. فَقَالُوا لَهُ: «أَخْبِرْنَا بِسَبَبِ مَنْ هَذِهِ الْمُصِيبَةُ عَلَيْنَا؟ مَا هُوَ عَمَلُكَ؟ وَمِنْ أَيْنَ أَتَيْتَ؟ مَا هِيَ أَرْضُكَ، وَمِنْ أَيِّ شَعْبٍ أَنْتَ؟» فَقَالَ لَهُمْ: «أَنَا عِبْرَانِيٌّ، وَأَنَا خَائِفٌ مِنَ الرَّبِّ إِلَهِ السَّمَاءِ الَّذِي صَنَعَ الْبَحْرَ وَالْبَرَّ». فَخَافَ الرِّجَالُ خَوْفاً عَظِيماً وَقَالُوا لَهُ: «لِمَاذَا فَعَلْتَ هَذَا؟». فَإِنَّ الرِّجَالَ عَرَفُوا أَنَّهُ هَارِبٌ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ، لأَنَّهُ أَخْبَرَهُمْ. فَقَالُوا لَهُ: «مَاذَا نَصْنَعُ بِكَ لِيَسْكُنَ الْبَحْرُ عَنَّا؟». لأَنَّ الْبَحْرَ كَانَ يَزْدَادُ اضْطِرَاباً. فَقَالَ لَهُمْ: «خُذُونِي وَاطْرَحُونِي فِي الْبَحْرِ فَيَسْكُنَ الْبَحْرُ عَنْكُمْ، لأَنَّنِي عَالِمٌ أَنَّهُ بِسَبَبِي هَذَا النَّوْءُ الْعَظِيمُ عَلَيْكُمْ" (يونان 1: 4 - 12).
تعرضت السفينة لنوء عظيم، وريحٍ شديدة، وتعرضت أرواح ركابها، وبحارتها للخطر، وكانت المسؤولية تقع على عاتق يونان نبي الله، وهذه مسؤولية كل ابن لله، فعدم طاعته لله لا تؤذيه هو وحده بل كل الذين من حوله.
إن يونان هذا الذي كان هارباً وخائفاً من الله، إله السماء، الذي صنع البرَّ والبحر، بعدما اعترف للبحارة بخطئه، وضحي بنفسه وأُلقيَّ في البحر، صار شهادة حية لعظمة الله، وبسببه صار خوفٌ عظيم من الرب وقربوا له الذبائح ونذروا النذور.
قد يُكلفنا الله بمهام لا تتوافق مع رغباتنا الشخصية، أو أنها من الصعوبة التي تجعلنا غير مصدّقين أن الله يريدنا أن نعملها، أو أنها رسالة إلى جماعة من البشر قد ألفت على مضايقتنا، واضطهادنا، فهل نحاول الهرب من وجه الرب؟! أم تُرانا نُسرع الخطى لنشاركه محبته وخلاصه العجيب المُقدم لجميع الأمم.
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
قابل الله يعقوب وهو في قمة خطيته وهروبه
القديس إكليمنضس الإسكندري العلاّمة وهروبه من الإسكندرية
يونان وهروبه
القديس الأنبا أرسانيوس وهروبه من الناس
زيارة المجوس للمسيح وهروبه إلى مصر


الساعة الآن 07:31 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024