رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يونان والإعياء النفسى دفع اللّه يونان إلى بطن الحوت ، وهناك صلى : « حين أعيت فى نفسى ذكرت الرب » " يونان 2 : 7 " وهذه هى نقطة التحول أو الرجوع فى قصة الرجل ، ... لقد أدرك ضعفه الكامل أمام الريح الشديدة التى لم تفلح كل الجهود فى مواجهتها ، وإعيائه الكامل فى بطن الحوت ، ... لقد كان حراً طليقاً كما يريد اللّه لأبنائه أن يكونوا ، أحراراً يسيرون فى خدمة اللّه ، دون إكراه أو ضغط ، ولكننا ما أكثر ما نسئ استخدام هذه الحرية ، فيظهر اللّه اضطراراً إلى أن يأخذها منا ، حتى نثوب إلى رشدنا - وكان يونان محتاجاً إلى الإعياء النفسى الكامل حتى يتعلم كيف يعود إلى إلهه ويذكر ! على أن هذا الإعياء لم يكن فى فقدان الحرية فحسب ، بل ، أكثر من ذلك فى ضياع الصحة أو القوة ، ... لست أعلم كم كانت كمية العشب التى التفت برأسه ، وكيف حاول أن يكافحها حتى بدأ كما لو أنه أوشك أن يختنق ، وإذ به يذكر الرب ، ... وما أكثر ما ذكر أبناء اللّه إلههم وهم فى العجز الصحى أو فى سرير المرض . أو فى شدة العلة ، أو فى قسوة الداء !! .. وأكثر من ذلك ، لقد أصاب يونان الإعياء عندما سقط فى الوحدة والعزلة القاسية ، فلا يوجد من يتحدث معه أو يخاطبه فى بطن الحوت ، سوى اللّه الذى بقى له ، عندما انقطع من أرض الأحياء ، ... ولعلنا نسأل هنا : ما الداعى إلى ذكر الرب ، وما الفائدة من ذلك !! ؟ وقد أطبق عليه الحوت وغاص هو معه فى المياه العميقة ، ... لقد ذكره لأكثر من سبب .. أولا : لأن اللّه أرحم مما كان يصور أو يتخيل ، ... لو أن اللّه قضى عليه بالموت غرقاً ، لما نسب إلى اللّه أدنى لوم ، بل كان اللّه عادلا لو فعل ذلك ، .. لكنه اكتشف أن اللّه العادل هو أيضاً أرحم الراحمين ، لقد أدرك أن سجنه فى بطن الحوت هو الرحمة بعينها ، والعناية التى تعلو على كل فهم أو خيال ، ... لقد تبين أن الحوت تحول بقدرة القادر على كل شئ ، إلى فلك آخر كالذى أدخل اللّه فيه نوحاً وأغلق عليه ، ليحميه من الهلاك والغرق !! .. وكم يغلق اللّه علينا ، ولا يتركنا للحماقة والضياع ، عندما يرانا نسعى إلى حتفنا بظلفنا ! ... ثانياً : لقد أدرك يونان ان اللّه ليس أرحم فحسب ، بل هو أكرم وأطيب من أن يدخل معه فى نوع من المؤاخذه أو الحساب ، ... لقد كان مجئ الابن الضال إلى أبيه كافياً لأن يستبدل هوانه وجوعه وذله وحاجته بالترحيب والإكرام والعطاء السخى ، دون مراجعة أو حساب عما فعل أو أساء ، .. وظهر اللّه إلى جانب هذا كله ، عندما أمر الحوت بأن يقذف يونان إلى البر ، ... لقد ظن يونان كما يبدو من صلاته أن انتهى إلى الأبد : « نزلت إلى أسافل الجبال . مغاليق الأرض على إلى الإبد . ثم أصعدت من الوهدة حياتى أيها الرب إلهى » ... " يونان 2 : 6 " . ثالثاً : ولكن اللّه إلى جانب أنه أرحم ، وأكرم ، هو أيضاً أقدر فلا حدود لقوته وقدرته،... أما كيف استطاع يونان وهو فى العمق فى قلب البحار أن يذكر الرب ، ... فإنه ذكره بأمرين عظيمين قريبين إليه أينما يذهب أو يجئ ، ... لقد ذكره بالإيمان ، وما الإيمان إلا تحول النفس والمشاعر والإرادة تجاه اللّه ، ... وما أجمل أن يدرك الإنسان هذه الحقيقة فى شتى الظروف المحيطة به « أين أذهب من روحك ومن وجهك أين أهرب ؟ إن صعدت إلى السموات فأنت هناك ، وإن فرشت فى الهاوية فها أنت . إن أخذت جناحى الصبح وسكنت فى أقاصى البحر ، فهناك أيضاً تهدينى يدك وتمسكنى يمينك » " مز 137 : 7 - 10 " . أما الصلاة فقد كانت من جوف الحوت ، وصلاة المتضايق لا يشترط أن تكون فى هيكل أو معبد ، أو مع جماعة من الناس يشاركون فى العبادة أو التضرع ، ... بل يمكن أن تكون فى أعماق البحار أو فى أعلى الجبال ، يمكن أن تكون فى السجن أو الأتون ، إنها فى المكان الذى يوجد فيه الإنسان إن كارها أو راضياً ، لأن اللّه فى كل مكان : « اطلبوا الرب مادام يوجد ادعوه وهو قريب » " إش 55 : 6 " ونحن لا نعلم هل استطاع يونان أن يصلى وقفاً أو راكعاً أو منبطحاً على ظهره أو بطنه ، ... لا يهم الصورة التى يظهر فيها المصلى ، إنما المهم أن يكون راكع النفس ، منحنى المشاعر ، منبطح التسليم ، واللّه سيسمعه طالما يتجه فى إعياء النفس بروح الصلاة ، ... هل كان يصرخ فى الصلاة ، هل كان يصلى بصوت يسمع ، أم كان يتمتم بشفتيه ، ... إن الصوت فى حد ذاته يتساوى أمام إذن اللّه ، التى تسمع الصوت الصارخ ، أو المتمتم ، أو الهامس على حد سواء ، طالما تخرج صرخة النفس من الأعماق أمام اللّه !! .. لقد صرخ يونان من بطن الحوت واستمع اللّه إلى صراخ نفسه ! .. التعديل الأخير تم بواسطة Mary Naeem ; 09 - 07 - 2013 الساعة 09:12 AM |
28 - 08 - 2013, 07:08 AM | رقم المشاركة : ( 2 ) | |||
..::| مشرفة |::..
|
رد: يونان والإعياء النفسى
ميرسي كتير ربنا يبارك خدمتك الجميلة
|
|||
04 - 09 - 2013, 11:35 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: يونان والإعياء النفسى
شكرا على المرور |
||||
|