تخيلوا لو فعلها «نجيب ساويرس»؟!

[Mary Naeem]

تخيلوا لو فعلها «ساويرس»؟!

أخطر ما فى المواجهة بين «مرسى» و«شفيق» أنها قسمت الثورة والثوار، وقسمت البيت المصرى، وقسمت البلاد والعباد.. لو كانت بين «صباحى» و«مرسى» كانت المعركة أسهل.. ولو كانت بين «صباحى» و«شفيق» كانت المعركة قد انتهت.. لم يخطر ببال الثورة أن يكون السيناريو بهذا السوء.. بعض المبادرات طرحت فكرة انسحاب «مرسى»، ليس حباً فى «صباحى» ولكن لضرب «شفيق»! السيناريو الأكثر راحة أن تكون الإعادة بين ثلاثة، وأن تكون اللجنة العليا للانتخابات لديها مفاجأة قانونية يفرضها التصويت، وليس حلاً سياسياً يفقدنا الثقة فى الانتخابات.. حل من خلال فحص الطعون، ومن خلال استبعاد بعض الصناديق، أو من خلال إعادة الحصر.. كل شىء جائز.. المهم ألا يخرج «صباحى» من السباق.. فى الوقت نفسه، لا يخرج «مرسى» كثالث أو «شفيق» لأنه فلول!
فى كل الأحوال، وفى السيناريو «الثنائى»، لن يكون التصويت للمرشحين اللذين يخوضان جولة الإعادة مريحاً لقطاع كبير من المصريين.. مسلمين ومسيحيين.. السبب أن جماعة الإخوان رشحت فى الرئاسة أحد كوادرها وأحدثت فتنة.. ليس للجماعة وحدها لكن لمصر كلها.. سيكون التصويت على أساس طائفى.. ولو أنهم سمعوا نصيحة الشيخ القرضاوى لكان خيراً لهم، لكنهم طمعوا للنهاية!
الاحتمال الأكثر منطقية هو الإعادة بين «شفيق» و«مرسى».. هو الأنسب للإخوان.. هم أكثر سعادة به من الإعادة مع «صباحى».. فى حالة الإعادة مع «صباحى» يقع الإخوان فى الفخ.. تكون الثورة فى مواجهة الإخوان.. أمر قد يخرج الإخوان من الثورة، ويجعلهم فى أسوأ حالاتهم.. من جديد تعود حملة «كاذبون».. ومن جديد يتذكر الثوار للإخوان مساوئ الممارسة والاحتكار السياسى!
يزعجنى أننا نتجه للتصويت الطائفى.. الإسلاميون مع «مرسى»، والأقباط مع «شفيق».. ليس بتكليف من الكنيسة، لكن لأنه «مدنى».. لا مجال لاعتباره من الفلول فى هذه اللحظة.. أصوات من السلفيين تتهم الأقباط بالخيانة للوطن، لأنهم صوتوا فى الجولة الأولى لـ«شفيق».. هل يتصور عاقل أن يصوتوا للإخوان؟.. منطقى أن يصوتوا للمرشح الآخر فى الإعادة أيضاً.. دفاعاً عن مدنية الدولة!
أعترف الآن بخطأ قديم.. لم أكن أعرف ما تحت الرماد حين دعوت لترشيح «ساويرس» منذ عامين لانتخابات الرئاسة.. كتبت مقالين فى هذا الشأن.. قلت إن فكرة ترشيح قبطى للرئاسة لا تراود خيال الأقباط وحدهم، وإنما تراود خيال المصريين.. فى الداخل والخارج أيضاً.. وهى فكرة تؤكد مبدأ المواطنة الذى يرى الأقباط أن المشوار إليه طويل حتى الآن.. تساءلت: هل المجتمع يتقبل هذه الفكرة؟!
كانت الفكرة حالمة فى حينها.. كانت شبه مبادرة من حزب الوفد.. هدفها كسر الاحتكار قبل الثورة.. على ما يبدو أن الاحتكار واحد.. تصويتاً وترشيحاً.. فكيف لو كان «ساويرس» فى جولة الإعادة الآن؟.. هل كنا نختار على أساس المواطنة أم الطائفة؟.. لم نتغير قبل الثورة، ولا بعد الثورة.. أفهم الآن لماذا ضحك «ساويرس» معلقاً على مقالاتى.. ولماذا أهاب به الأقباط ألا يقع فى الحفرة؟! تخيلوا لو فعلها «ساويرس» بعد الثورة؟.. للأسف لم يكن هناك مانع من الترشح أمام «مبارك» نفسه(!).. حالياً هناك ألف مانع.. اتهامات بالخيانة الوطنية، لأنك تمارس الحق الانتخابى، فما بالك بالحق فى الترشح؟.. لهذا ينتخب الأقباط «مبارك رقم ٢»، أو يقاطعون.. هناك فرق بين أن تكون فاعلاً وشريكاً وبديلاً، وأن تكون «محظوراً».. لأول مرة يكون «ساويرس» مبصراً فى السياسة، وهو الصعيدى المتهور دائماً(!)

٢٩/ ٥/ ٢٠١٢


بقلم محمد أمين

المصرى اليوم