رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أسم مصر عرفت مصر عبر العصور بمجموعة من المسميات عبرت عن طبيعة أرضها وعن وضعها الجغرافي. ويمكن تقسيم هذه المسميات إلى ثلاث مجموعات (حسب التسلسل الزمني لظهور هذه المسميات). خريطة لوادي النيل في مصر أما المجموعة الأولى، فهي تلك التي أطلقها المصري القديم، إما على مصر كلها، أو على جزء منها- منذ أقدم العصور، فقد أطلق عليها اسم (كمت)، أي: الأرض السوداء، أو: الأرض الخصبة، أو إشارةً إلى ذلك الشريط الضيق من وادي النيل، والذي كان المصري يزرع فيه منذ عرف الزراعة. وأطلق عليها كذلك كلمة: (دشرت)، أي: الأرض الحمراء، أو: الأرض الصحراية، إشارةً إلى المساحة الأكبر من أرض مصر التي تمثل أرضاً صحراوية. وأسماها: (تاوي)، أي: الأرضين، إشارة إلى الإقليمين الرئيسيين في مصر (جنوب البلاد وشمالها) أي: الصعيد والدلتا. وأسماها أيضاً: "إيدبوي"، أي: "الضفتين"، إشارة إلى الضفتين الشرقية والغربية لنهر النيل، حيث كان النهر يفصل في معظم الأحيان بين مدينة الأحياء (التي كانت غالباً في الشرق)، ومدينة الأموات (التي كانت في أغلب الأحوال في الغرب)، حيث الأرض الصحراوية الجافة التي تساعد على حفظ أجساد الموتي. هذا بالإضافة إلى دور النيل المؤثر في حياة المصريين. ومن بين الأسماء كذلك: (تامحو)، أي: "أرض الشمال"، إشارةً إلى الدلتا، و: (تاشمعو)، أي: "أرض الجنوب"، إشارة إلى جنوب البلاد. ثم أطلق عليها (تامري)، أي: "أرض الغرين" تعبيراً عن الأرض الخصبة التي تدر عليه الخير. ومن بين كل هذه الأسماء كان أكثر الأسماء قرباً إلى قلب وعقل المصري القديم اسم "كمت"، ومن ثم فقد كان الأكثر استخداماً للإشارة إلى البلد كلها، وظل مستخدماً طوال العصور المصرية القديمة، الأمر الذي يؤكد ارتباط وانتماء المصري بذلك الجزء من أرض مصر، والذي عليه نشأت وازدهرت الحضارة المصرية القديمة. قلادة تمثل عين حورس والظاهر أن المصري قد استخدم هذا الاسم الخاص بأهم معبد في أهم وأقدم عاصمة مصرية، لأهم الآلهة في مصر القديمة، ليطلقه على مصر كلها. وليس بغريب إطلاق الجزء على الكل، فكلمة (منف) مشتقة من "من-نفر"، أي: "ثابت وجميل". وهو اسم هرم الملك ببي الأول في سقارة القبلية، أي أن المدينة قد اتخذت اسمها من اسم الهرم الخاص بهذا الملك. ومنذ القرن التاسع قبل الميلاد تقريباً، وفي إحدى ملحمتي الشاعر الإغريقي "هوميروس"، وهي "الأوديسيا"، ظهر اسم "ايجوبتس" مشيراً إلى مصر. وبدراسة هذا الاسم اتضح أنه مشتق من الاسم المصري القديم: "حت-كا-بتاح". والواضح أن اليونانيين قد وجدوا صعوبة في نطاق حرف الحاء في بداية ونهاية الكلمة، وأنهم استبدلوا الجيم بحرف الكاف، وهذا الإبدال قائم في اللغات القديمة والحديثة. وهكذا أصبحوا ينطقون الاسم "ايجوبت"، ثم أضافوا إليه (كما هو الحال بالنسبة لاسماء الأعلام) في نهاية الكلمة حرف "س"، مسبوقاً بحرف من حروف الحركة، ليصبح "إيجوبتس". وليس ببعيد عن الأذهان أن اسم "خوفو" نطقه اليوناني "كيوبس"، وأن اسم "سنوسرت"، نطقوه "سيزوستريس" وأن اسم "أمنحتب" نطقوه "أمنوفيس"، وهكذا. ومن النطق اليوناني للاسم "إيجوبتس"، اشتقت اللغات الأوروبية الحديثة الكلمة الدالة على مصر، مثل Egypt، ومن كلمة "إيجوبتس" أيضاً جاءت النسبة "إيجوبتي"، أي: "مصري"، أو: "المواطن" الذي يعيش في إيجوبتس، وذلك باستخدام "ياء النسب" كما هو الحال في اللغة العربية، مثل مصر ومصري، وإسكنرية وسكندري، وأسوان وأسواني ... الخ. وتقابل كلمة "إيجوبتي" الكملة الإنجليزية (Egyptian)، وما يقابلها في اللغات الأوروبية الأخرى. وعندما فتح المسلمون مصر وجد العرب صعوبة في نطق "إيجوبتي"، إشارة إلى المواطن المصري، فنطقوها "إيقوبطي" و "قبطي"، الأمر الذي يعني أن كلمة قبطي كما ذكرنا تعني "المواطن المصري"، وإن كان قد استخدمها البعض للإشارة إلى مسيحيي مصر، تمييزاً لهم عن المسيحيين في أي مكان آخر. إذن فالقبطي هو المصري، سواء كان يدين بالمسيحية أو بالإسلام. أهرام مصر أما المجموعة الثالثة، فيقف على رأسها الاسم الذي تعرف به مصر حتى يومنا هذا، وهو "مصر"، ذلك الاسم الذي ورد في القرآن الكريم وفي التوراة. والشائع أن كلمة "مصر" كلمة عربية تعني "قطر"، وتجمع على أمصار. ورأى أصحاب هذا الرأي أن المسمى عربي على أساس وروده في القرآن الكريم، وأن المسلمين كانوا يطلقون على كل بلد يفتحونها "مصر". ولما كان من الواضح أنه ليس هناك من بلد إسلامي آخر أطلق عليه هذا الاسم أو احتفظ به، فإن هذا الاسم يخص مصر وحدها. ولقد ورد هذا الاسم في الكثير من اللغات في بلدان الشرق الأدنى القديم بحروفه الساكنة كما هي. فمنذ القرن الرابع عشر قبل الميلاد وردت في اللغات الأكدية والآشورية والبابلية والفينيقية والعربية القديمة، والعبرية، مسميات مصر على النحو التالي: مصري، مشر، مصر ، مصور، مصرو، مصرايم.... الخ. تمثال أبو الهول وبدراسة الاشتقاق اللغوي لهذا الاسم، إتضح حتى الآن أنه مصري قديم لا عربي، فهو مشتق فيما يبدو من "مجر" أو "مشر"، وتعني "المكنون"، أو "المحصن"، وهو مسمي يعبَّر عن أن مصر قد حباها الله بحدود طبيعية آمنة، صحراء في الشرق وفي الغرب، وبحر في الشمال، وجنادل في الجنوب. فهي "كنانة الله في أرضه"، وهي: "المحروسة" كما يطلق عليها دائماً. وأما عن الإبدال بين حروف الجيم والشين والصاد فهو قائم، فكلمة "جبع" في اللغة المصرية القديمة هي "صبع" في اللغة العربية، ومدينة "جعن" هي "صان الحجر" الآن، وكلمة "وج" هي "وصى"، و "شن" هي "سأل" ...الخ. وهكذا يمكن القول أن كل الأسماء التى أطلقت على بلدنا ترجع في أصولها إلى اللغة المصرية القديمة. |