![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
بينما كان موسي فوق الجبل يصرف أربعين يوماً وأربعين ليلة صائماً في خدمة الشعب ، كانوا هم أسفل الجبل يتكلمون بوقاحة عليه ويدبرون مؤامرة خسيسة لصُنْع عجل ذهبي يعبدونه عوضاً عن الله الذي أجزل لهم الإحسان ، فكان موسي يتوقع أن ينزل فيري الشعب قد ألتف حوله مُرحبيَّن به وبلوحي الوصايا العشر ولكنه نزل فوجدهم فاترين من نحوه وملتفين حول ذلك العجل الذهبي صنعة أيديهم ، بل كان يتوقع أن ينزل فيجدهم منشغلين بالتأمل في الوصايا العشر التي سبق أن سمعوها . ← لكنه للأسف نزل فوجدهم منشغلين في كسر أولي هذه الوصايا ، عندئذ إحتدم غضبه وكسر اللوحين اللذين كان يحملهما . ومن ثم رجع إلي الرب ليتشفع لديه عنهم وقال ضمن صلاته الشفاعية " والآن إن غفرت خَطِيَّتَهُمْ ، وإلاَّ فامْحُنِي مِن كِتابِكَ الذي كَتَبْتَ " (خر 32: 32)، فهذه أسمي ما عُّرف من الصلوات الشفاعية وهو يُماثل في روحه هذه رسول المسيحية العظيم الذي قال : " فإني كُنْتُ أودُّ لوْ أكُونُ أنا نَفْسِي مَحْرُوماً مِنَ المسيح لأجل إخوتي أنسبائي حسب الجسد " ( رو 9: 3) . فقد كان كلاهما مستعدين لا لتضحية راحتهماودمائهما وحياتهما بل لتضحية حياتهما الأبدية ، فكان موسي يرمز إلي الراعي الصالح الذي بذل نفسه من أجل الخراف . وهنا نتعلم الآتي :- ← أن الراعي الصالح يهوله أن يري شعبه أو أي فرد من شعبه يهلك ، ويهون عليه أن يُقدمُ أية تضحية في سبيل خلاصهم ويحس بالمسئولية الملقاة عليه ازاء كل نفس تهلك " من يضعفُ وأنا لا أضعفُ ؟ من يعثر وأنا لا ألتهبُ ؟ " ( 2كو 11: 29) ←والراعي الصالح يلتهب قلبه نهاراً وليلاً وينفطر فؤاده حزناً من أجل عدم إستقامة الأحوال في شعبه وكنيسته ، ومن أجل الخطاة الهالكين ، ولا يهدأ له بالٍ حتى يتأكد من خلاصهم فموسي لم يهدأ له بال حتى تأكد أن الرب قد صفح عن شعبه . بقول ارميا النبي الباكي " يا ليت رأسي ماءٌ وعينيَّ ينبُوعُ دُمُوع ٍ فأبكي نهاراً وليلاً قتلَيِ بنتِ شعبي " ( أر9: 1) ←والراعي الصالح يرفع الصلوات الحارة بصفة مستمرة من أجل شعبه لاسيما من أجل الخطاة منهم " فإن الله الذي أعبُدُهُ برُوحِي في إنجيل ابنِهِ شاهد لي كيف بلا انقطاع أذْكُرُكُمْ متضرعاً دائماً في صلواتي " ( رو 1: 9- 10) ←والراعي الصالح ليس هو الذي يأخذ بل هو الذي يُعطي ، فليس هو صاحب الجاه والسلطان بل هو الأكثر تضحية " وأما أنا فبكل سرورٍ انفقُ وانفقُ لأجل أنفسكم وان كنت كلما أحبكم أكثر أحب أقل " ( 2 كو 12: 15) ←والراعي الصالح هو الذي يُضحيَّ بمصلحته الشخصية من أجل تقديم المصلحة العامة ، فقد قال الله لموسي " فالآن اتركني ليحمي غضبي عليهم وأفنيهُم . فأصيرك شعباً عظيماً " (خر 32: 10) ولكن موسي أَبَى أن يرتفع علي أشلاء شعبه وفضِّل أن يهلك معهم عن أن يصير هو نفسه شعباً عظيماً . .................الراهب يحنس المحرقي |