رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
المسيح الحياة لم يكن المسيح الطريق أو الحق، بل هو أكثر من ذلك، إنه الحياة وقد مد المسيح يده برفق وحنان إلى توما المتعثر، ليريه هذه الحقيقة في أكثر من صورة أو وضع، لقد أرجأ المسيح زيارته لمريض بيت عنيا حتى يموت لعازر، وقد كان التصور المؤكد في ذهن توما، أن المسيح لن يرجع من المكان حيًا، وهو يسير مع المسيح تحت هذا اليقين، لكي لا يموت المسيح وحده، بل يموت التلاميذ أيضًا معه، وسار المسيح والتلاميذ إلى المقابر لا لكي يروا لعازر ميتًا، بل لكي يروا المسيح سيدًا على الموت، ومعطيًا للحياة، ولست أعلم كيف نظر توما في تلك اللحظة إلى وجه لعازر، ثم عاد ليتأمل وجه سيده، من هو هذا الذي يمكن أن يهتف بنداء الحياة في قلب الموت على هذه الصورة العجيبة المذهلة! وإذا كان اسبينوزا الفيلسوف اليهودي، قد قال إنه على استعداد أن يؤمن بالمسيح لو أنه آمن بقيامة لعازر من الأموات! فإن توما كان من المستحيل أن يحتفظ بمنظاره الأسود أمام قاهر الموت، الذي أخرج الميت بهذا الاقتدار العزيز الرهيب! وكان من الممكن أن يطوح توما بمنظاره الأسود إلى غير رجعة، لولا الكسوف الكلي للشمس يوم الصليب، إن معطي الحياة، أسلم الروح ودفن في القبر، وختم على القبر بحجر كبير لا يمكن أن يزحزح من مكانه، وضاع الأمل وذهب الرجاء، ولم تعد الحياة ذاتها عند توما تحمل أي معنى للحياة!! أين ذهب توما، ولماذا لم يكن مع التلاميذ يوم القيامة؟ لقد ذكرنا أنه كان سوداوي المزاج، يرى الظلام في قلب النهار، فماذا يكون حاله عندما يأتي الليل على الصورة التي جاء بها يوم الصليب، لقد كره الرجل الحياة ونفسه والناس جميعًا، وآثر ألا يرى أحدًا، أو أن يراه أحد، ولعله حبس نفسه في مكان ما يجتر فيه حزنه، وإذا قدم عليه أحدهم يبشره بأن المسيح ظهر للتلاميذ جميعًا، وإذا جاءه ثان وثالث ليقول نفس القول، فإن جوابه : لو أن الدنيا بأكملها أخبرتني بهذا الخبر فأنا لا أستطيع أن أصدق، لقد طواه اليأس العميق، وأسقطه في بالوعة يرفض أن يخرج منها، ليتنسم الهواء ويرى الشمس مرة أخرى، ومع أنه كان من الممكن أن يستعيد صورة لعازر الذي قام من القبر، ويرى في ذلك بارقة أمل يمكن أن تشد أزره وتوقفه على قدميه، لكن طبيعته السوداوية المزاج سيطرت عليه، ورجحت كفة الشك وعدم اليقين، ولعله قال لنفسه ألا يحتمل أن يكون التلاميذ قد رأوا شبحًا أو خيالاً ظنوه المسيح، وإذ ألحوا عليه بالقصة والرواية، كان جوابه : «إن لم أبصر في يديه أثر المسامير وأضع إصبعي في أثر المسامير وأضع يدي في جنبه لا أؤمن» (يو 20 : 25) .. كانت صدمة الرجل قاسية! وقد شاء الله أن تكون كذلك ليس من أجله وحده فحسب، بل من أجل أجيال المتشككين في قيامة المسيح، والذين تصوروا أنها يمكن أن تكون أسطورة أو خيالاً أو وهمًا توهمه جماعة من المتحمسين لسيدهم، ليخرجوا على الناس بهذا الحماس الوهمي منادين بالقيامة، لكن توما رغم عدم إيمانه، خدم القضية أجل خدمة، ولا شبهة في أن المسيح ظهر في الأحد التالي للقيامة، خصيصًا من أجل توما، ولسنا في حاجة إلى أن نذكر مع القائلين إن توما ظل أسبوعًا كاملاً فريسة الشك واليأس، لأنه لم يحضر اجتماعًا مع الأخوة ومع يسوع المسيح في يوم القيامة، ويوم نغيب عن اجتماعات الكنيسة مع الأخوة القديسين، ويوم نغيب عن لقاء الرب في يوم الأحد، فإن العذاب قد يطول إلى أن نحضر الاجتماع مرة أخرى!! على أي حال لقد اتسمت معاملة المسيح لتوما بالرقة البالغة والحنان الكامل، وهو يكشف له أنه سيد الموت، والقادر على أن يدخل والأبواب مغلقة لينادي توما من وسط التلاميذ «هات إصبعك إلى هنا وأبصر يدي وهات يدك وضعها في جنبي، ولا تكن غير مؤمن بل مؤمنًا» هل وضع توما إصبعه في جنب المسيح، كما يصوره الرسامون؟ أنا لا أتصور ذلك، واتفق مع كامبل مورجان، في أنه لم يفعل بل صرخ بصيحته المدوية «ربي وإلهي» ! لقد تفجر أمامه الحنان والنور معًا، وفي خطوة واحدة انتقل الرجل من أقصى الشمال إلى أقصى اليمين، وبخطوة واحدة انتقل من عدم الإيمان إلى الإيمان الكامل!! وقد قال أحد رجال الله : إن مجد هذه الصرخة في استعمال صيغة المفرد : «ربي وإلهي» وإذا كان من أفضل الأشياء وأعظمها أن ننطق بإيماننا الجماعي كمؤمنين معًا، فان حلاوة الانفراد بالاعتراف بالإيمان المسيحي مرات كثيرة ما يكون أنصع شهادة وأقوى أثرًا!! |
16 - 06 - 2013, 08:33 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | |||
..::| العضوية الذهبية |::..
|
رد: المسيح الحياة
موضوع رائع حقاً وجميل جداً جداً شكراً أختي العزيزة على المشاركة المفيدة والمثمرة الرب يباركك في خدمتك المباركة ومشاركاتك الرائعة ربنا يفرح قلبك على طول ويزيدك من نعمته وسلامه ومحبته والمجد للمسيح دائماً...آمين |
|||
17 - 06 - 2013, 07:54 AM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: المسيح الحياة
شكرا على المرور |
||||
|