رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تيطس والخدمة المشتركة قال بولس فى استهلال حديثه إلى تيطس فى رسالته إليه: «من أجل هذا تركتك فى كريت لكى تكمل ترتيب الأمور الناقصة وتقيم فى كل مدينة شيوخاً» ( تى 1 : 5 ) ... وهى كلمات رائعة لمن يحسن التأمل فيها، رائعة فى صدورها من بولس ، ورائعة فى اتجاهها إلى تيطس، ورائعة فى الإعلان الكاشف عن العمل الذى يحتاج إلى الكمال ، .. أما من حيث بولس فقد كانت سياسته على الدوام كقائد ، شجب الانفرادية فى العمل ، وعدم توزيع المسئولية على المساعدين والمعاونين مهما اختلفت درجات جهدهم ومواهبهم ، .. وفى الحقيقة إن الخدمة المسيحية لا تعترف على الإطلاق بالانفرادية فى العمل ، وسياسة اللّه الثابتة فى العهدين القديم والجديد ، تأخذ بنظام المشاركة ، ومنذ ذلك التاريخ القديم الذى وقف فيه يثرون يراقب موسى وهو يواجه الشعب بمفرده ثم يقول له : « ليس جيداً الأمر الذى أنت صانع . إنك تكل أنت وهذا الشعب الذى معك جميعاً . لأن الأمر أعظم منك . لا تستطيع أن تصنعه وحدك . الآن اسمع لصوتى فأنصحك . فليكن اللّه معك . كن أنت للشعب أمام اللّه ، وقدم أنت الدعاوى إلى اللّه . وعلمهم الفرائض والشرائع وعرفهم الطريق الذى يسلكونه والعمل الذى يعملونه وأنت تنظر من جميع الشعب ذوى قدرة خائفين اللّه أمناء مبغضين الرشوة وتقيمهم عليهم رؤساء ألوف ورؤساء مئات ورؤساء خماسين ورؤساء عشرات فيقضون للشعب كل حين . ويكن أن كل الدعاوى الكبيرة بجيئون بها إليك ، وكل الدعاوى الصغيرة يقضون هم فيها . وخفف عن نفسك فهم يحملون معك. إن فعلت هذا الأمر وأوصاك اللّه تستطيع القيام . وكل هذا الشعب أيضاً يأتى إلى مكانه بالسلام» ( خر 18 : 17 - 23 ) .. ومنذ ذلك التاريخ الذى دعم فيه هرون وحور يدى موسى فى المعركة مع عماليق ، وهاجمت دبورة بعد ذلك بسنين عديدة ، الذين لم يدخلوا الحرب مع باراق، وأقاموا بين الحظائر لسمع الصغير للقطعان ، أو بقوا على الحياد فاستحقوا اللعنة كميروز التى لم تأت لمعونة الرب بين الجبابرة ، واحتاج جدعون فى معركته مع المديانيين إلى الثلثمائة الذين يحملون أبواقهم وجرارهم ومصابيحهم المنيرة .. وفى العهد الجديد اختار المسيح الاثنى عشر ثم السبعين وأرسلهم اثنين اثنين أمام وجهه . وبولس كانت سياسته الدائمة شجب الانفرادية ، ومع أنه كان سجيناً فى الزنزانة ، إلا أنه مع ذلك كان القائد الذى يرسل مساعديه إلى هنا أو إلى هناك من ميادين العمل ، إذ أرسل كريسكيس إلى غلاطية وتيطس إلى دلماطية ، .. كم يحتاج الحمقى من القادة والمتغطرسون منهم إلى إدراك هذه الحكمة التى عاشها بولس طوال حياته ، وهو لا يتخلى عن الحاجة إلى المساعدين !! .. ومع أن تيطس لم تكن له البتة قدرة بولس ، إلا أنه كان يرحب بأى تكاليف يكلفه به الرسول العظيم ، ويبدو أنه كان بطبيعته أكثر شجاعة وصلابة من تيموثاوس الذى كان يتحلى بالرقة المتناهية ، .. وقد عهد إليه الرسول بمهام مختلفة فى السفر هنا وهناك وجمع المال الخدمة اللّه ومساعدة المحتاجين ، وتكميل الأمور الناقصة فى كريت والقيام بالرعوية هناك رغم صعوبة العمل بين الكريتيين الذين يجب سد أفواههم إذ هم وحوش ردية بطون بطالة يحتاجون إلى التوبيخ الصارم !! .. كان تيطس شاباً فى قوة الشباب ، وكانت شمسه تتألق فى الظهيرة ، فى الوقت الذى كانت شمس بولس تسرع نحو الغروب ، وكان من المستحيل على بولس ، سواء من ناحية المكان أو الزمان أن يعمل كل شئ ، . كان يضع الأساس ليبنى عليه آخر ، وكان يزرع ليسقى غيره ، وكانت مملكة اللّه ميداناً فسيحاً لجميع ليقوموا بالخدمة فيها دون أن تكون حكراً لقوى أو عظيم بمفرده ، وقد حمل تيطس الرسالة بوفاء وأمانة وشجاعة ، أبى مع غيره أن يسقط العلم من يد القائد إلى الأرض دون أن تتلقفه اليد الفتية التى حل بها يشوع محل موسى ، وأليشع محل إيليا ، وتيموثاوس وتيطس ولوقا وسائر رفقائه محل بولس ليبقى العمل الإلهى مستمراً من جيل إلى جيل بالروح الحية القوية المنتصرة الغيور !! .. وما أجمل أن يختم بولس رسالته إلى تيطس قائلا : « حينما أرسل إليك أرتيماس أو تيخيكس بادر أن تأتى إلىَّ إلى نيكوبوليس لأنى عزمت أن أشتى هناك . جهز زيناس الناموسي وأبلوس باجتهاد للسفر حتى لا يعوزهما شئ وليتعلم من لنا أيضاً أن يمارسوا أعمالا حسنة للحاجات الضرورية حتى لا يكونوا بلا ثمر . يسلم عليك الذين معى جميعاً . سلم على الذين يحبوننا فى الإيمان. النعمة مع جميعكم . آمين » ( تى 3 : 12 - 15 ) . |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
الصلاة هي الصفة المشتركة بين القديسين |
الإغوانا المشتركة |
استفد من المَسحة المشتركة |
«داعش»عن الجريمة المشتركة » |
حاجة المشتركة بين الولد والبنت |