رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تيخيكس " جميع احوالى سيعرفكم بها تيخيكس الأخ الحبيب والخادم الأمين والعبد معنا فى الرب" ( كو 4 : 7) مقدمة لست أعلم متى أو كيف خطرت فكرة « جيش الخلاص » عند مؤسسه العظيم الجنرال بوث،... هل جاءته هذه الفكرة ، وهو يرى ضرورة وجود الجيوش فى كل أمة ، وفى كل زمان ومكان ، وأنه لا توجد أمة على ظهر الأرض يمكن أن تعيش بدون جيش يدافع عنها ، ويزود عن كيانها ويصبح أداتها فى التوسع والفتح ، يوم ترغب فى توسيع رقعتها أو نفوذها ! . أم أنه أخذ الفكرة من أن الشيطان نفسه يجند للشر جيوشاً وفرقاً متأهبة : « فإن مصارعتنا ليست مع دم ولحم بل مع الرؤساء مع السلاطين مع ولاة العالم على ظلمة هذا الشر مع أجناد الشر الروحية فى السماويات » ( أف 6 : 12 ) وأنه فى المقابل ينبغى أن تجند جيوش المسيح للحق والسلام والحب والخدمة والخلاص !! .. وعلى وجه الخصوص ، إن المسيحى دائماً فى الأرض هو جندى يحمل السلاح إلى النفس الأخير !! ... لست أعلم ولكنى أعلم بالتأكيد والتحديد ، أن هناك كثيرين قبل الجنرال بوث قاموا بمعاركهم المنظمة كما تفعل الجيوش تماماً فى خدمة قضية الصليب ، ولم تكن أسلحتهم أسلحة بشرية ، إذ سبق للمسيح أن رفضها ، إنما عملوا فى الخدمة الدينية بنظام فائق وتضحية بالغة ، وواجهوا معارك حامية ، ... وكان بولس من أوائل الذين أسسوا جيش الخلاص ، وكان هو - بعد المسيح - الجنرال العظيم الذى جمع حوله عدداً من أنبل الضباط والجنود ، ... ولو أنك قرأت آخر ما كتب على الأرض وهو سجين فى زنزانته الضيقة فى روما ، لرأيت الزنزانة وقد تحولت إلى غرفة عمليات ، فهو يرسل كل واحد من مساعديه بالرسالة الخاصة فى وسط النضال المحتدم ، وكان تيخيكس واحداً منهم : « أما تيخيكس فقد أرسلته إلى أفسس » ( 2 تى 4 : 12 ) وقد تحدثنا قبلا عن عدد من هؤلاء المساعدين فى الشخصيات السابقة ، وسنركز الآن على شخصية تيخيكس كضابط من ضباط الخلاص ، ونموذج يمكن أن نتفحصه ونحاول إدراك أعماقه ، ... وبالتأمل فى شخصيته سنعثر على فرصة نادرة لدراسة حياته الداخلية من الزوايا المختلفة !! .. ولعله من المناسب أن نراه لذلك فى علاقته مع الآخرين ، ومع نفسه ، ومع اللّه !! تيخيكس مع الآخرين لو تأملنا وصف بولس له لوجدنا أنه وصفه للأفسسيين تماماً بما وصفه للكولوسيين : « ولكن لكى تعلموا أنتم أيضاً أحوالى ماذا أفعل يعرفكم بكل شئ تيخيكس الأخ الحبيب والخادم الامين فى الرب ، الذى أرسلته إليكم لهذا بعينه لكى تعلموا أحوالنا ولكى يعزى قلوبكم » ( أف 6 : 21 ، 22 ) .. « جميع أحوالى سيعرفكم بها تيخيكس الأخ الحبيب ، والخادم الأمين ، والعبد معنا فى الرب ليعرف أحوالكم ويعزى قلوبكم » ( كو 4 : 7 ) .. ومن الواضح أن تيخيكس كان أسيوياً : « ومن أهل أسيا تيخيكس »( أع 20 : 4 ) .. وأنه كان خادماً للرب. « والأخ الحبيب» تبين صلته مع الناس ، « والخادم الأمين » مع نفسه ، « والعبد معنا فى الرب » مع إلهه !! .. وسنراه هنا أولا فى صلته بالآخرين ، أو الأخ الحبيب ، ويظن أنه تجدد على يدى بولس فى أفسس وأنه رافقه فى جزء من رحلته التبشيرية الثالثة ، وظل معه حتى آخر حياته ، وقد أرسله إلى أفسس عندما كان فى زنزانته فى الأيام الأخيرة من حياته ، ... وقبل أن نراه هنا مساعداً لبولس ، ونافعاً له فى الخدمة ، يلزم أن نرى أثر بولس فى حياته ، ومن الواضح من لغة الرسول أنه كان على اطلاع كامل بأحواله ، وهذا لا يمكن أن يتحقق إلا لشخص محبوب أثير تتكشف له حياة بولس وأسراره وأفكاره وتصرفاته ، وسعيد ذلك الإنسان الذى يدخل فى المدرسة العملية مع بولس ، والذى يقع عليه ظل الرسول العظيم ، ويتعلم كيف يسلك ويتصرف ويحيا ويعيش ، وكيف يواجه الحياة فى مختلف ظروفها وأوضاعها وألوانها ، .. إن المدرسة العملية التطبيقية أعظم بما لا يقاس من الدراسات النظرية العلمية ، التى مهما يكن أثرها ، فإنها لا يمكن أن تعادل أو تماثل الأسلوب العملى فى الحياة ، ... وإذا صح أنهم قالوا إن بحاراً إنجليزياً عاد بعد سنوات طويلة إلى وطنه ، متعباً ، مجهداً ، دون أن يملك ثروة أو مالاً أو ما أشبه ، وإذ سألوه ماذا أخذت، وماذا استفدت ، ... أجاب : أجل ! لم آت حاملاً مالاً أو مادة أو ثروة ، ولكنى بالتأكيد طفت العالم مع أعظم قبطان على الأرض !! .. ولا شبهة فى أن تيخيكس ، فى معنى أعمق وأعظم وأجل ، مهما كان مجهداً أو متعباً فى رحلاته الكثيرة مع بولس ، أو بتكليف من بولس ، يمكن أن يقول شيئاً من هذا القبيل أو أعظم من هذا ، ... ومما لا شك فيه أن بولس الجبار العظيم الذى قال : « تمثلوا بى كما أنا بالمسيح » ، والذى كان حريصاً على أن يكشف أبعاد المسيحية بوعظه وحياته ، وكان نموذجاً يحتذى فى كل الأجيال والعصور ، كان ذا أثر عميق فى تيخيكس وغير تيخيكس ، !! .. وعلى وجه الخصوص أن بولس لم يكن يخفى شيئاً عن تيخيكس ، ولم يكن تيخيكس يخفى بدوره شيئاً عن بولس ، وكانت العلاقة بينهما على أسمى ذرى الإخوة بين الناس، وأروع صور الشركة التى تجمعهما فى الأسلوب والهدف ، وهما يندفعان نحو غاية واحدة عظيمة هى مجد المسيح الذى يعيشان له ، ويموتان من أجله !! على أن « الأخ الحبيب » لا تعنى مجرد العلاقة التى تربط بين بولس وتيخيكس ، بل الرابطة المسيحية التى تربط تيخيكس الخادم بجميع المؤمنين ، سواء كانوا فى أسيا أو فى أوربا أو فى أى مكان آخر فى العالم ، فهو الأخ الحبيب للذين فى أفسس أو كولوسى أو فيلبى أو كورنثوس ، وسواء كان أسيوياً أو أوربياً ، أبيض أو أسود أو عبداً أو حراً فالجميع على حد سواء .. اعتاد دكتور موفات أن يتحدث عن عظته التبشيرية الأولى قائلا : حدث فى مساء ما أنى وصلت فى رحلتى الأولى فى أفريقيا إلى مزرعة بويرى هولندى ، والتمست منه أن يستضيفنى خلال الليل ، إذ كان قد حل ، وكانت العائلة على وشك الذهاب إلى الفراش ، وقال صاحب البيت : « هلا يرغب ضيفنا أن يلقى بعض النصائح المسيحية!!؟ فأجبت بكل سرور!! .. فلما اجتمعوا ألقيت نظرة على الحاضرين ، وإذا هم صاحب البيت وزوجته وأبناؤهما وكانوا ثلاثة صبيان وبنتان ، غير أنى نظرت جماهير من العبيد السود على مقربة من المكان ، وكان عددهم لا يقل عن مائة هو تنتوني في خدمته، فانتظرت، فقال البويري: «ما خبرك؟ لا تبتدئ؟ ... فأجبت : ألا يأتى خدامك أيضاً !! .. فصاح بى بصوت مرتفع : خدمى !! ؟ هل تقصد الهوتنتوت .. أيها الرجل هل أصبت بجنة حتى تفكر فى الكرازة للهوتنتوت . اذهب إلى الجبال وعظ الخنازير .. أو إن شئت أدعو كلابى لتعظها !! .. كان كلام الرجل قاسياً إلى الدرجة التى دمعت معها عيناى ، وبعد فترة صمت فتحت كتابى وقرأت : « نعم ياسيد . والكلاب أيضاً تأكل من الفتات الذى يسقط من مائدة أربابها » ( مت 15 : 27 ).. وعندئذ تأثر مضيفى وقال : انتظر . يجب أن ننفذ فكرتك . سأحضر لك الهوتنتوت وسيسمعونك ، .. وهكذا فعل وامتلأ المكان بصفوف من السود الذين كانوا يتطلعون بنظرات من الشوق نحو هذا الغريب الذى يحدثهم بكلمة اللّه !! .. ومن الاختبارات المجيدة الأخرى لهذا الواعظ العظيم أنه وصل فى أحد الأيام إلى قرية وثنية على شاطئ نهر الأورنج ، وإذ كان متعباً وجائعاً وعطشاناً ، جلس عند مدخل القرية ، إذ كان الليل قد أقبل ، وكان يتعرض للضوارى لو أنه واصل رحلته ، .. واجتمعت حوله جماهير السكان ، ونظروا إليه نظرات قاسية غضوبة ، طلب أن يقدموا له ماء ، فرفضوا طلبه ، وكان واضحاً أنهم لن يقدموا له طعاماً ، وإذ كان على وشك أن يفقد كل رجاء اقتربت منه امرأة تحمل حزمة من الحطب على رأسها وإناء اللبن فى يدها ، وسلمت الإناء للمرسل بدون كلمة . ثم طرحت حزمة الحطب بجانبه وسارت نحو القرية . ثم عادت حاملة حلة الطبيخ على رأسها وربع خروف فى إحدى يديها وماء فى اليد الأخرى !! .. نظرت إليه ، ثم أعدت ناراً ووضعت اللحم فى الحلة. سألها موفات المرة بعد المرة من هى ؟!! ولماذا انفردت هى دون أهل القرية بالإحسان إلى الغريب ، ففاضت الدموع على وجه المرأة وقالت : أنا أحب الشخص الذى أنت تخدمه ، ولا شك أنه واجب علىَّ أن أعطيك كأس ماء بارد باسمه . قلبى ملآن ولذلك لا أستطيع أن أعبر لك عن الفرح الذى أحسن به وأنا أراك فى هذا المكان المنقطع !! .. كان تيخيكس أخاً حبيباً لكل مؤمن التقى به أو عاش معه ، ... وهكذا تكون كنيسة المسيح وقد تخطت كل الحواجز الشريرة والحمقاء والقاسية التى صنعها الشر والخطية والشيطان بين جميع الناس على وجه الأرض !! .. كان تيخيكس مساعداً لبولس ، ويرسله فى رحلات متعددة إلى مختلف الكنائس ، فهو من أهل أفسس ، وقد أرسله بولس إلى هناك ، وقد ذهب إلى كولوسى ولعله ذهب إلى غيرهما من البلاد ، وكانت رسالة التبشير والتقوية والتعزية والتشجيع حيثما يذهب أو يكون ، .. ومن المعلوم أن المؤمنين فى تلك الأوقات كانوا يتعرضون لأشد أنواع المتاعب والتجارب والآلام ، وكان لهم فى اخوتهم المؤمنين من الذين معهم ، أو من الذين يأتون إليهم من خارج مدنهم ومناطقهم ، أجمل صور التقوية والتعزية ، وكان بولس حريصاً كقائد عظيم يهتم بالكنائس فى كل مكان ، أن يتعرف على ظروفهم المختلفة ، وكيف يمكنهم مواجهتها بحياة شجاعة أمينة منتصرة ، ومن ثم كان يرسل لهم المساعدين والمشجعين حين لا يتمكن هو بنفسه أن يكون بينهم ، وهو يرسلهم مزودين بنصائحه ، وأكثر من ذلك بما يكتب إليهم . وحمل تيخيكس رسالتين من أعظم الرسائل إلى المؤمنين فى كل من أفسس وكولوسى ، وقد كتبهما بخط يده بإملاء الرسول بولس ، كما حمل رسالة خاصة مع أنسيمس إلى فليمون هى رسالة فليمون !! .. لقد كان الرجل يحمل كنوزاً لا تقدر بثمن فى هذه الرسائل التى ماتزال إلى اليوم ينبوعاً دافقاً محملا بالبركات والخيرات طوال التاريخ المسيحى بأكمله !! .. وهكذا كانت خدمة تيخيكس مع الآخرين !! .. تيخيكس مع النفس كان تيخيكس الأخ الحبيب « مع الآخرين » و«الخادم الأمين » مع النفس ، والأمانة من أهم الصفات النفسية وأعظمها ، وهى الصفة التى تنهض يوم الدين كالقياس الصحيح للسلامة الروحية : « كنت أميناً » ، لأنها تتعلق بكل إنسان مهما كانت ظروفه المختلفة فى الحياة ، فهى لازمة للفقير كما للغنى ، للعالم كما للجاهل ، للقوى كما للضعيف ، للملك كما للصعلوك ، وهى الشئ الذى لا يستطيع أحد الاعتذار عنه أو التعلل بأنه خارج قدرته وحياته ونطاقه ، ... وهى إن كانت واجبة للجميع فهى لخادم الدين ألزم وأوجب ، وذلك لأن نجاح الخدمة أو فشلها يرتبطان بمدى الأمانة عنده ، والأمانة شئ بعيد الغور فى النفس البشرية ، وتحتاج إلى الفحص الدائم المستمر القوى المتعمق ، ... قال كولروج : لم أكن أدرك لمدة طويلة فى حياتى أنى فقير وأعمى وعريان وبائس ، وبعد أن عرفت ذلك لم أحسه الإحساس التام ، ولكن شكراً للّه لأنى قد بدأت أحس به كما ينبغى الآن ، يا كبريائى ابعدى عنى ، ودعينى أرى هذا الشكل البشع الذى هو نفسى، أجل لقد خدعتنى أقوال الفلاسفة والشعراء وكبرياء قلبى ، إذ قالوا إنى قوى ... لكن الكتاب وفشلى يعلنان العكس ، إن ديانة يسوع المسيح تغير فكر الناس عن أنفسهم وحياتهم !! .. وإذا صح أن أحد الرهبان وضع جرساً ضخماً على صخرة قريبة من الميناء فى إحدى المدن ليحذر السفن المقتربة منها ، وكانت العواصف والرياح تحرك الجرس فيدق ، ويسمع صوته من بعيد ، ولكن قرصاناً أراد أن يغير على المدينة وينبهها فانتزع الجرس وألقى به فى أعماق المحيط ، وبعد سنوات وفى ليلة عاصفة أقبل القرصان ليدخل الميناء ، ولم يكن هناك الجرس المحذر فتحطمت سفينته وغاصت به وبمن معه إلى أعماق المحيط ، ... وكم من قرصان يدخل إلى سفينة حياة الخادم ، ويحطمها ، لأنه لم يكن هناك التحذير العميق فى النفس الداخلية .... وعلى العكس إذا وُجد الحارس القوى ، فإن الضمير يبقى بلا عثرة ، والنفس تعيش فى الأمان والاطمئنان ... عندما كان أحد خدام اللّه غلاماً صغيراً ، كان يعمل فى دكان ، وجاءه أحدهم وطلب منه أن يزيد فى الميزان لأن صاحبه - أى صاحب الدكان - ليس بالداخل ، ... فأجاب الغلام بحزم وأمانة : « إن صاحبه - أى اللّه - فى الداخل دائماً ... وفى الحقيقة إن معارك الخدام مع أنفسهم كثيراً ما تكون أرهب المعارك وأقساها على الإطلاق ، ... لقد قبل تيخيكس المركز المحدد له فى الخدمة ، ورضى أن يكون ثانياً لبولس أو تابعاً له ، دون أن يحسده أو يتذمر عليه أو يمتنع عن طاعته ، وما أكثر الذين يفقدون رسالتهم لأنهم يرفضون المكان المعين لهم من اللّه فى الخدمة ، ولا يقبلون أن يتقدم عليهم أحد أو يسود على حياتهم أو يأمرهم بالعمل بهذا الأسلوب أو ذاك . كان تيخيكس قد روض نفسه على أن يأخذ أى مركز لخدمة يسوع المسيح ، حتى ولو جاء مركزه فى الصف الأخير من الخدمة ، إذ أن الخدمة عنده هى نكران الذات ، واختفائها بالتمام ، تحت الشعار : ينبغى أن ذاك يزيد وأنى أنا أنقص ( يو 3 : 30 ) .. !! كان أميناً ثابتاً فى الموقع الذى وضع فيه كجندى ليسوع المسيح !! ... كما أنه كان أميناً تجاه المال ، وهو لا يرضى فى يوم من الأيام أن تقدم هذه الخدمة ، بمال أو أجر ، بل هو على استعداد أن يقبل الجوع والعرى والألم والتعب والدموع دون حساب لمادة أو اعتبار لها ، ... ومن المؤكد أنه لمس روح بولس وهو يقول : « ليس أنى أقول من جهة احتياج فإنى قد تعلمت أن أكون مكتفياً بما أنا فيه. أعرف أن أتضع وأعرف أيضاً أن أستفضل . فى كل شئ ، وفى جميع الأشياء قد تدربت أن أشبع وأن أجوع وأن أستفضل وأن أنقص . أستطيع كل شئ فى المسيح الذى يقوينى» ( فى 4 : 11 - 13 ) ... وكان أميناً تجاه الوقت ، فالخدمة الدينية هى الوحيدة التى لا تنتهى إلا بنهاية الحياة ، وهى لا تعرف فى الأربع والعشرين ساعة كل يوم وقتاًً للعمل وآخر لغير العمل ، وقد نسف بولس كل حدود للوقت أو التعب أو الجهد ، وهو يتحدث عن صورة الخدمة إلى الكورنثيين : « ولسنا نجعل عثرة فى شئ لئلا تلام الخدمة . بل فى كل شئ نظهر أنفسنا كخدام اللّه فى صبر كثير فى شدائد فى ضرورات فى ضيقات فى ضربات فى سجون فى اضطرابات فى أتعاب فى أسهار فى أصوام فى طهارة فى علم فى أناة فى لطف فى الروح القدس فى محبة بلا رياء فى كلام الحق فى قوة اللّه بسلاح البر لليمين ولليسار ، بمجد وهوان بصيت ردئ وصيت حسن . كمضلين ونحن صادقون ، كمجهولين ونحن معروفون ، كمائتين وها نحن نحيا . كمؤدبين ونحن غير مقتولين كحزانى ونحن دائماً فرحون كفقراء ونحن نغنى كثيرين . كأن لا شئ لنا ونحن نملك كل شئ » ( 2 كو 6 : 3 - 10 ) .. تيخيكس مع ربه كان الشئ الثالث الذى وصف به بولس تيخيكس : « والعبد معنا فى الرب » ... وهو يعطينا السر فى كل شئ ، إنه يفعل هذا كله تحت ثقل الاحساس بالمسئولية بأنه عبد مع بولس فى الرب. ومن المناسب أن نلاحظ أن بولس كان فخوراً وسعيداً بهذا اللقب العظيم ، وذلك لأن اللّه رفعنا إلى مقام البنوة ، وأعطانا اسمى مكان ، ونحن نتصاغر أمامه ، ونرى أنفسنا لهذا السبب ، بروح العرفان والشكر والامتياز ، عبيد اللّه ، ... ونحن نقبل على الخدمة بروح الأحرار المحبين ، وليس بروح العبيد الذين استعبدهم سادتهم ، فهم يخدمونهم لا عن طواعية واختيار ، بل بالاكراه والضيق والحقد والضغينة ، ... كان تيخيكس أسعد الناس ، وبولس يرسله هنا وهناك ، وهو يتعب ويكد لأنه عبد معنا فى الرب ، ومن أجل الرب !! .. هل سمعت عن ذلك المزارع العجوز الذى كان فقيراً وبخيلاً ، ولكنه حضر اجتماعاً تبشيرياً يدعو إلى البذل والعطاء لمشروع دينى ، وقد أكد المتكلم على أن اللّه يجزى ويكافئ : « أعطوا تعطوا . كيلا جيداً ملبداً مهزوزا فائضاً يعطون فى أحضانكم . لأنه بنفس الكيل الذى به تكيلون يكال لكم » ( لو 6 : 38 ) ... وبصعوبة أخرج من جيبه شلناً ووضعه فى صندوق العطاء .. وفى عودته فى الليل إلى البيت كشفت أشعة القمر عن شلن مطروح فى التراب فلم يتأخر عن أخذه مغطبتاً فرحاً ، ... وعندما وصل إلى البيت قص القصة ، على بيته وجيرانه وهو يقول : لقد تيقنت من أن ما قاله المتكلم صحيح لأنى وضعت شلناً فى الطبق ، ولم ألبث أن عثرت عليه فى الطريق ، وكان أحد خدام اللّه يسمع الكلام فى صمت ، وأخيراً قال : هل تظن ياسيدى أن فهمك للمسألة صحيح !! .. سأخبرك ما أظنه أنا... أنت ترى أنك أعطيت الشلن لأنك انتظرت أن يعطى لك مرة أخرى اتماماً للوعد « اعطوا تعطوا » ولولا ذلك ما كنت دفعت بالمرة ، ولكنك تعلم ياسيدى أن اللّه يحب المعطى المسرور ، ولذلك لم يحب عطيتك ، ولم يشأ أن يأخذ تقدمتك ، على هذا المبدأ ، ولأجل ذلك طرحها لك فى الطريق وراءك فسبقتك إلى المكان الذى وجدتها فيه !! .. إن اللّه لا يقبل الالتزام المكره ، ولكنه يفرح جداً بالالتزام المبتهج السعيد بخدمته !! .. قال دكتور دف الخادم الإسكتلندى الذى عاد إلى بلاده محطماً بعد ثلاثين عاماً من الخدمة ، وقد وقف فى المحفل العام يقول « يا أبناء اسكتلندا لو أن الملكة فيكتوريا طلبت جنوداً للذهاب إلى الهند ، فإنها ستجد الكثيرين يلبون النداء ، ولكن إذا طلب الرب يسوع ، نجد اسكتلندا تعتذر عن أن ترسل أحداً من أبنائها ، فإذا كان هذا حقاً ، فإنى ، ولو أنى أضعت صحتى فى تلك البلاد ، فإنى مستعد أن أعود فى الغد إلى هناك لأموت من أجل الشهادة لابن اللّه » ... فى الحقيقة إن عمل اللّه يستلزم أقوى احساس بروح المسئولية ، مهما كانت المتاعب والمصاعب والتضحيات التى تقف فى الطريق !! .. سألت سيدة فلول الجيش العائد من القتال .. أين أخى ؟ فأجابها أحد الجنود : لقد مات فى ساحة الحرب ، وبعد ذلك سألت : أين زوجى فجاء الجواب : لقد مات أيضاً !! ؟ قالت وأين زعيمنا وقائدنا الأعلى فأشار الجندى إليه وقال : إنه حى ... فالتفتت إلى الزعيم وقالت : مادمت أنت حياً فكل ما نكبت به ليس شيئاً ولا أحسب له حساباً !! .. وإن كنا لا نعلم هل ذهب تيخيكس شهيداً كما ذهب بولس أم لا ، إلا أننا نعلم أن الرجل فى الحياة أو الموت عاش سعيداً فى خدمة سيده ، مادامت قضية المسيح ورسالته المبارك تسير وتعيش وتنتصر . |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
تيخيكس |
تيخيكس مع ربه |
تيخيكس مع النفس |
تيخيكس مع الآخرين |
تيخيكس |