كان الشئ الثالث الذى وصف به بولس تيخيكس : « والعبد معنا فى الرب » ... وهو يعطينا السر فى كل شئ ، إنه يفعل هذا كله تحت ثقل الاحساس بالمسئولية بأنه عبد مع بولس فى الرب. ومن المناسب أن نلاحظ أن بولس كان فخوراً وسعيداً بهذا اللقب العظيم ، وذلك لأن اللّه رفعنا إلى مقام البنوة ، وأعطانا اسمى مكان ، ونحن نتصاغر أمامه ، ونرى أنفسنا لهذا السبب ، بروح العرفان والشكر والامتياز ، عبيد اللّه ، ... ونحن نقبل على الخدمة بروح الأحرار المحبين ، وليس بروح العبيد الذين استعبدهم سادتهم ، فهم يخدمونهم لا عن طواعية واختيار ، بل بالاكراه والضيق والحقد والضغينة ، ... كان تيخيكس أسعد الناس ، وبولس يرسله هنا وهناك ، وهو يتعب ويكد لأنه عبد معنا فى الرب ، ومن أجل الرب !! .. هل سمعت عن ذلك المزارع العجوز الذى كان فقيراً وبخيلاً ، ولكنه حضر اجتماعاً تبشيرياً يدعو إلى البذل والعطاء لمشروع دينى ، وقد أكد المتكلم على أن اللّه يجزى ويكافئ : « أعطوا تعطوا . كيلا جيداً ملبداً مهزوزا فائضاً يعطون فى أحضانكم . لأنه بنفس الكيل الذى به تكيلون يكال لكم » ( لو 6 : 38 ) ... وبصعوبة أخرج من جيبه شلناً ووضعه فى صندوق العطاء .. وفى عودته فى الليل إلى البيت كشفت أشعة القمر عن شلن مطروح فى التراب فلم يتأخر عن أخذه مغطبتاً فرحاً ، ... وعندما وصل إلى البيت قص القصة ، على بيته وجيرانه وهو يقول : لقد تيقنت من أن ما قاله المتكلم صحيح لأنى وضعت شلناً فى الطبق ، ولم ألبث أن عثرت عليه فى الطريق ، وكان أحد خدام اللّه يسمع الكلام فى صمت ، وأخيراً قال : هل تظن ياسيدى أن فهمك للمسألة صحيح !! .. سأخبرك ما أظنه أنا... أنت ترى أنك أعطيت الشلن لأنك انتظرت أن يعطى لك مرة أخرى اتماماً للوعد « اعطوا تعطوا » ولولا ذلك ما كنت دفعت بالمرة ، ولكنك تعلم ياسيدى أن اللّه يحب المعطى المسرور ، ولذلك لم يحب عطيتك ، ولم يشأ أن يأخذ تقدمتك ، على هذا المبدأ ، ولأجل ذلك طرحها لك فى الطريق وراءك فسبقتك إلى المكان الذى وجدتها فيه !! .. إن اللّه لا يقبل الالتزام المكره ، ولكنه يفرح جداً بالالتزام المبتهج السعيد بخدمته !! .. قال دكتور دف الخادم الإسكتلندى الذى عاد إلى بلاده محطماً بعد ثلاثين عاماً من الخدمة ، وقد وقف فى المحفل العام يقول « يا أبناء اسكتلندا لو أن الملكة فيكتوريا طلبت جنوداً للذهاب إلى الهند ، فإنها ستجد الكثيرين يلبون النداء ، ولكن إذا طلب الرب يسوع ، نجد اسكتلندا تعتذر عن أن ترسل أحداً من أبنائها ، فإذا كان هذا حقاً ، فإنى ، ولو أنى أضعت صحتى فى تلك البلاد ، فإنى مستعد أن أعود فى الغد إلى هناك لأموت من أجل الشهادة لابن اللّه » ... فى الحقيقة إن عمل اللّه يستلزم أقوى احساس بروح المسئولية ، مهما كانت المتاعب والمصاعب والتضحيات التى تقف فى الطريق !! ..
سألت سيدة فلول الجيش العائد من القتال .. أين أخى ؟ فأجابها أحد الجنود : لقد مات فى ساحة الحرب ، وبعد ذلك سألت : أين زوجى فجاء الجواب : لقد مات أيضاً !! ؟ قالت وأين زعيمنا وقائدنا الأعلى فأشار الجندى إليه وقال : إنه حى ... فالتفتت إلى الزعيم وقالت : مادمت أنت حياً فكل ما نكبت به ليس شيئاً ولا أحسب له حساباً !! .. وإن كنا لا نعلم هل ذهب تيخيكس شهيداً كما ذهب بولس أم لا ، إلا أننا نعلم أن الرجل فى الحياة أو الموت عاش سعيداً فى خدمة سيده ، مادامت قضية المسيح ورسالته المبارك تسير وتعيش وتنتصر .