الأم المثالية
الأم الفاضلة الحكيمة تحفظ مخافة الله في قلبها وفي فكرها الروح القدوس المرشد، تسير درب الحياة الطويل بصبر واحتمال، تفيض فيها محبة الله وتغمرها نعمته, فتضفي على أولادها سروراً وبهجة، وتجعل في قلوبهم سلاماً وخضوعاً لكلمة الله، هي في شخصها المعلم الأول الذي يؤسس جيلاً على الصخر المنيع، وهي السبيل المؤدّي إلى الاستقامة، تتصف بالرحمة والحنان، تعانق أطفالها في حالة المرض لتخفف عنهم الألم، وتضمهم إلى صدرها الذي يفيض عليهم عطفاً ومحبة, مما يجعل في قلوبهم الراحة والاطمئنان، هي اللسان الشكور الحكيم الذي ينطق بكلام النعمة والرحمة والمحبة، هي الشخص المسامح الذي يبتلع كثيراً من زلاّت الآخرين بصدر رحب, يسامح الصغير والكبير, ويعظ بالمستقيمات، هي كالعصفور المغرّد تنهض باكراً في الفجر تصلي من أجل عائلتها وترنم وتسبح خالقها، هي التي تغزل بيديها أجمل أناقة لأولادها، وتُعِدّ لهم الطعام الشهي الذي يحبونه، هي من تهوّن الصعاب والأزمات التي تداهم بيتها أو أولادها أو زوجها, وآخر ما تفكر بنفسها, لأنها تعطي الأولوية لطلبات العائلة على خصوصياتها، هي العامل المضحي بالنوم والراحة من أجل راحة عائلتها.
وهي أيضاً أم لزوجها, وأخت وصديقة مخلصة إضافة إلى أنها زوجة فاضلة، تشاركه أفراحه وتسانده أحزانه وأتعابه، تناضل معه عثرات الزمان وصعابه، وتجعله معروفاً في الأسواق والمجتمعات، لذلك يفوق ثمنها اللآلئ لأنها جوهرة ثمينة خلقها الله لهدف معين, وحلاها بأجمل الصفات, وأعطاها مواهب عظيمة.
فهنيئاً لك أيتها الأم المباركة، هنيئاً لأطفالك رجال المستقبل، وهنيئاً لشبّانك وشاباتك الذين غرستِ فيهم محبة الله والإيمان القانع الطائع لمشيئته، وأنشأت فيهم صفات الشهامة وأسس العلم، وفتحت مداركهم على محبة القريب والصديق والوطن. هنيئاً لك لأنّ أبناءك يطوّبونك وزوجك يحتضن لك المحبة والاحترام، فمَن يجدك هذه الأيام؟ فقت على بنات ونساء كثيرات، فالرب يقول لك الطوبى لأنك تزيّنتِ بصفات الروح القدوس, وتبعت النور الحقيقي.
أخواتي الأمهات: إني أحمل لكنّ المحبة والاحترام، وأقول: لنا رسالة من الله، ولنا الطوبى إن أكملنا رسالتنا حسب مشيئته. أقدّم لكنّ أجمل الأمنيات، ومن الرب أغنى البركات.
نصيحتي للفتيات المخطوبات والعازبات، تمثّلن بتلك الأم الناجحة الفاضلة، تزيّنّ بحكمة إلهيّة, واملأن أفكاركنّ بعلم الله، وافتحن قلوبكنّ لإرشاده فيفيض عليكنّ جمالاً وبهاء. أنتنّ أمهات المستقبل, أمهات جيل منفتح في عالم واسع تكثر فيه المعرفة المتنوّعة، فاحرصن حتى تربحن الطوبى, ويُقال عنكنّ أمهات فاضلات حكيمات، ولكنّ البركة والنعمة من الله المُحِبّ.