رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أندراوس الرجل الكلمة «اندراوس» كلمة يونانية، من أصل يفيد معنى الرجولة، حتى إنك يمكن أن تقول إن «أندراوس» رجل بكل ما في الكلمة من معنى، وقد ترجمها البعض «رجولة» أو «شهامة» أو «شجاعة» وآخرون «همام» «شجاع» «شهم»، وكان من بيت صيدا المدينة التي كانت في الطرف الشمالي الشرقي لبحيرة طبرية، وكان يسكنها خليط من اليونانيين واليهود، وكانت اللغة اليونانية معروفة فيها، ويتعلمها اليهود أنفسهم، وربما أعطى هذا الاسم اليوناني، لهذا السبب، والذي يعتقد معه كثيرون، أنه كان تعبيرًا عن جمال الرجل، وجلال هيئته وبنيانه، على أنه مهما يكن حظه من هذا القبيل فإن جمال روحه كان أعظم وأروع، لقد كان نموذجًا رائعًا للرجولة المسيحية، وهي الرجولة التي تأخذ مكانها الذي وضعها فيه السيد دون أن تتجاوزه على الاطلاق، كان بطلاً مسيحيًا، وكانت بطولته أشبه ببطولة بنايا هو بن يهوياداع : «وبناياهو بن يهوياداع ابن ذي بأس كثير الأفعال من قبصئيل هو الذي ضرب أسدى موآب وهو الذي نزل وضرب أسدا في وسط جب يوم الثلج. وهو ضرب رجلاً مصريًا ذا منظر وكان بيد المصري رمح فنزل إليه بعصا وخطف الرمح من يد المصري وقتله برمحه، هذا ما فعله بنايا هو بن يهودياداع فكان له اسم بين الثلاثة الأبطال وأكرم على الثلاثين إلا أنه لم يصل إلى الثلاثة فجعله داود من أصحاب سره» (2صم 23 : 20-23) إن الرجل المسيحي أشبه الكل بالجندي الذي لا يتخير مكانه في الجيش، بل يذهب حيث يضعه القائد، ويثبت هناك في موقعه، ومع أن أندراوس سبق أخاه بطرس إلى معرفة المسيح، بل هو الذي جاء بأخيه، إلا أنه مع ذلك لم يصل إلى الثلاثة : «بطرس ويعقوب ويوحنا». إذ كانوا مقدمين عليه، ومع أنه أكرم كواحد من الأثنى عشر، إلا أنه عرف مكانه وقبله بدون احتجاج أو شكاية أو تذمر! إن للسيد أن يعطي كل واحد وزناته، فهو يعطي الخمس وزنات، والوزنتين والوزنة، وليس من حق صاحب الوزنتين، أن يأخذ الخمس، أو يتذمر أو يشتكي أو يحتج. وهنا نرى الرجولة التي تنتصر على الحسد، لم يحاول قط أن يقول لقد كنت ويوحنا أول من عرف المسيح، فلماذا يسبقني هذا أو ذاك؟ عندما نشبت الحرب بين اليونان والفرس في أثناء حكم زركسيس الفارسي (أخشويرش) كان على رأس الأمة اليونانية قائدان عظيمان ثمسثوكليس وأرستيدس، ومع أن ثمستوكليس كان قائدًا من أبرز القواد وخطيبًا عظيمًا، ومحبًا لبلاده، لكنه لم يستطع أن يرى في أرستيدس ذلك وسعى لنفيه من بلاده، أما أرستيدس فكان رجلاً لا يهمه نفسه أو مصيره أو مجده بقدر ما تهمه بلاده، فقبل ما فعل به ثمستوكليس بصبر وشجاعة ورحابة قلب، ودارت الأيام حتى أحست أثينا بالحاجة إلى ابنها العظيم، ومع أنه أسيء إليه وأهين، لكنه نسى كل شيء من أجل الواجب، ورجع إلى بلاده، ولماتم النصر، لم تنس بلاده أن تكافئه وتحسن إليه!! كان توماس شبرد من البيورتان القدامى الذين هاجروا إلى الولايات المتحدة، وهو الذي أنشأ جامعة هارفارد.. ومع أن هذا الرجل كان خادمًا عظيمًا، وواعظًا قديرًا، لكنه تعرض لمحنة الحسد عندما وفد على المدينة واعظ شاب استرعى انتباهها وأخذت مواعظه تزحزح مكانة شبرد في الصحف وأمام الناس، وقد قيل إن شبرد وهو يقرأ عظة للشاب في إحدى الصحف، اجتاز جثسيماني في ليلة من الليالي، وهو يصارع العاصفة التي اجتاحت مشاعره، وظل يصلي حتى الفجر، إلى أن أمتلأ بروح المسيح، وهدأت نفسه. وهو يطلب من أعماق قلبه النجاح لزميله في خدمة يسوع المسيح، ونحن لا نعرف ذلك الواعظ الشاب، ولكننا نعرف توماس شبرد الذي انتصر على عاطفة الحسد البغيضة التي تجتاح المؤمنين في كثير من الأوقات! كان أندراوس الرجل الوديع الذي يعمل في صمت، والذي لا يهمه أن تعرف من الذي يعمل، بقدر ما يهمه العمل نفسه، ومن الناس من يهمه أن يأخذ المكان الأول ليتفانى فى العمل، لكن أندراوس كان له من الوداعة ما يجعله غيورًا في العمل حتى ولو كان في المكان الأخير!! وفي تقليد قديم أن التلاميذ صامو ا وصلوا ثلاثة أيام، ليعلن لهم الله عمن يكتب إنجيلاً رابعًا يتحدث عما بقي ويلزم ذكره في الأناجيل، وجاء الإعلان إلى أندراوس بأن يوحنا هو الشخص المعين من قبل الله لهذا الأمر، وبكل سرور أعلن أندراوس هذا ليوحنا، وقد له المواد التي يعرفها!! كان أندراوس أشبه الكل بذلك المؤمن الذي صورته الكاتبة والشاعرة المسيحية كريستنا روسي، وهو يصلى إلى الله قائلاً : أعطني أصغر مكان، إذ ليس من حقي. أن أجرؤ وأطلب حتى هذا المكان!! لكنك مت لكي أحيا وأشاركك المجد. أعطني أصغر مكان، فإذا بدا هذا المكان أعلى من قدري!! فانزل بي إلى مكان أدنى. لكي أجلس وأرى إلهى الذي أحبني!! قال أحدهم : إن الله لو أرسل ملاكين إلى الأرض ليحكم أحدهما المدينة ويكنس الآخر شوارعها، لما طلب أحدهما أن يستبدل مكانه بمكان الآخر!! |
|