![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ماذا بعد أن قام؟
....................... ”المسيحية بُنيَت على قبر فارغ“، هذه المقوله الساخرة التي قالها أحد الفلاسفه الملحدين لمبشِّر اسكتلندي، هي في الواقع الأساس التى ارتكزت عليه المسيحية، بل هي الحق الذي نتمسك ونفتخر به. ونحن نُعلن جهارًا «أنه ليس هو ههنا ولكنه قد قام». وكل البدع القديمة والحديثة تحاول أن تطعن في هذه الحقيقة السامية. والموضوع الذي سوف أتناوله هو: ما هو موقفنا من هذا الحق السامى؟ وما هو تجاوبنا وتفاعلنا مع هذا الحق الثمين الغالي على قلوبنا. وسوف أستند على بعض المواقف التي حدثت مع شهود القيامة، والتي يريد الروح القدس أن يعلِّمنا من خلالها بعض الدروس الرئيسية التي تختص بهذا الحق الثمين، وألخِّصها في: المشاركة، الفرح، الإيمان ، والسجود المشاركة إنَّ الدرس الأول الذي نتعلَّمه هو أن هناك إرسالية، وهى أن نعلن جهارًا أن ”مسيحنا حي“. وهذا ما أتخيله قد حدث بكل قوة في الأيام الأولى التي تَلَت القيامة؛ فمن الأناجيل نفهم أن مريم ركضت لتخبر بطرس ويوحنا، اللذين بدورهما أخبرا التلاميذ بما روته مريم. ومن بداية قصة تلميذي عمواس نفهم أن أخبار القيامة قد وصلت إليهما، وفي نهاية القصة أخذا على عاتقهما إخبار التلاميذ ومشاركتهم بما أصبح حقيقة يقينية لديهما. وهذا هو الدرس الذي يريد أن يعلِّمنا إياه الروح القدس، أن ”نذهب ونقول إن مسيحنا حي“، وأن طبيعة ارتباطنا به تختلف عما كان للتلاميذ قبل إعلان حقيقة القيامة. وإن الرب، بعد القيامة، له إرسالية نجدها في نهاية كل إنجيل، تتفق مع طبيعة التدبير الجديد الذي كان سيؤسَّس على الأرض. ولكن هنا نرى إرسالية خاصة، أُعطيت كامتياز إضافي لمريم، التي أحبَّت وأظهرت وفاءً للرب، بدموع كثيرة، واقفة في اللحظات الأولى من الفجر، تبحث باجتهاد عمَّن ظنت أنها فقدته إلى الأبد، والتي ظنت لوهلة أنها ”طلبته وما وجدته“ (نش3: 1). لقد استحقت مريم أن يُطلق عليها لقب ”الرسولة إلى الرسل“، فهى أول من سمعت «اذهبي... وقولي» - والتي هي مسؤوليتنا حاليًا - وكأنّ هذا الامتياز قد مُنح لها لمكافأتها على وفائها للمسيح، وكما منح لها امتياز أن تكون أول مُشاهدة شاهدة للمسيح المُقام. الدرس الثاني الذي نتعلمه عن طبيعة الإرسالية، أنها أخبرت التلاميذ أنهم الآن يرتبطون به بأسلوب جديد لم يكن لهم قبل القيامة، فهم ”إخوته“. هذا الإعلان يملأ صفحات الوحي في العهد الجديد (رو8: 29؛ عب2؛ 10؛ ...)، ونردِّده الآن على أنّه حقيقة مسلَّم بها، وكامتياز مطلق اكتسبناه. ولكن في أثناء تجسد المسيح عرفه التلاميذ كمن هو ”المعلم“، وكمن هو ”السيد“ (يو13)، وفي آخر خدمته أعطاهم لقب ”أحباء“؛ وهذا كان قمة الإعلان لهم في ذلك الوقت. ولكن ما أعظم طبيعة الإعلان الجديد: «اذهبي إلى إخوتي وقولي لهم». لقد كان هذا الإعلان - في ذلك الوقت - بمثابة نقلة كبيرة لم تكن تخطر ببال التلاميذ مطلقًا، ولذلك كان على الرب أن يرسِّخه في ذهن مريم، حينما حاولت ”لمسه“، قائلاً لها: «لا تلمسيني». إن الرب أراد أن يعلن لمريم اختلاف طبيعة ارتباطهم به في التدبير الجديد، فهو لن يكون حاضرًا معهم بالجسد بشكل حسّي ومنظور يعتمد على اللمس والمشاهدة ولكنه ”صاعد إلى أبيه وأبيهم“، ومن هناك سوف يرسل الروح القدس، ومتى أتى ذاك فإنه سيعلن شخصه لقلوبنا بشكل لم نعهده من قبل، كما أنه سيكون أقرب لنا وأعزّ لدينا مما كان متاحًا خلال حياته هنا على الأرض «إذًا نحن من الآن لا نعرف أحدًا حسب الجسد، وإن كنَّا عرفنا المسيح حسب الجسد لكن الآن لا نعرفه بعد (أي بهذا الأسلوب الجسدي الحسي الملموس، بل نعرفه كمن هو المقام من الأموات)» (2كو 5: 16). الفرح «فرح التلاميذ إذ رأوا الرب» (يو20: 20). وقيل عن المريمات حين تحقَّقن من القيامة: «فخرجتا سريعًا من القبر بخوف وفرح عظيم راكضتين ليخبرن التلاميذ» (مت28: 8). والسبب الرئيسي للفرح أنهم رأوا ”الرب المقام“، والذي ظنوا أنهم فارقوه إلى الأبد، واقفًا في وسطهم، وكما قال البشير لوقا «وبينما هم غير مصدقين من الفرح» (لو24: 41). إن قول الرب للمريمات حينما التقى بهن «سلام لكما» (مت28: 9)، هي في الترجمة اليونانية ”chario“ والتي شرحها ”Strong's Dictionary“ ”الكثير من الفرح“. إن سر فرح المسيحي بالقيامة يكمن في أننا أدركنا أن الموت ليس هو نهاية الرحلة وخاتمتها. لا شك أن الموت مخيف والبشر أمامه «كانوا جميعًا كل حياتهم تحت العبودية» (عب2: 15). إن الأهوال التي تواجه الجنس البشري كثيرة؛ من أوبئة، وحروب، ومجاعات، وتلوث، كل هذه الأهوال حينما اجتمعت وأرادت أن تتوِّج ملكًا عليها، أعطت المُلك للموت الذي قيل عنه ”ملك الأهوال“. إن كل قصص حياة العظماء (Biography) تنتهي بفصل عن موتهم، ولكن نحن نستطيع أن نقول: إن الكتاب المقدس هو الكتاب الوحيد الذي فيه فصل ما بعد الموت. وكما عبر عن ذلك رجل الله ”توزرو Tozer“ قائلاً إنه الكتاب الوحيد الذي يحدثنا عن الفصل الأول ما بعد النهايةThe first chapter after the last. قيل عن سواحل أسبانيا قديمًا: ”إنَّها نهاية المطاف there is nothing beyond“، ولكن بعد اكتشاف كرستوفر كولومبوس للأمريكتين، قيل عن سواحل أسبانيا: ”بل هناك المزيد there is more beyond“. هناك قصة عن كهف عميق ومظلم، وقف على مدخله رجلان يريدان الدخول، ولكن أحدهما لاحظ آثارًا لأقدام كثيرة داخلة، ولم يجد أي آثار خارجة، فقال لزميله: ”لا شك أن هناك وحشًا مخيفًا يأكل كل الداخلين لهذا الكهف“، وقال الثاني: ”لا أعرف ماذا هناك، لكن لا شك أن هناك شيئًا مخيفًا“. إن الموت مثل هذا الكهف، ابتلع كل من دخل إليه، ولم يخرج أحد ليُخبرنا ماذا عن الجانب الآخر. ولكن المسيح بقيامته صارت له قدمان خارجتان من هذا الكهف. لقد صار المسيح ”باكورة للراقدين“ فله سمة حياة تدوم إلى الأبد؛ وهنا يكمن سر الفرح المسيحي الحقيقي. لقد قام المسيح، كرأس لجنس جديد، منتصرًا على الموت، داحرًا هول المنون، ونحن حتمًا سنتبعه، فالموت بالنسبة لنا بمثابة ظل لا يخيف (مز23). والكهف المخيف الذي رأينا آثار السابقين داخلة إليه، قد رأينا الآن قدمين خارجتين منه، تعلنان بكل وضوح أننا سنخرج منه إلى رحب لا حصر فيه. الإيمان هناك إيمان يختصّ بالتعليم أو بإيماننا الأقدس، ومما لا شك أن التلاميذ كانوا يؤمنون بالرب، ولكن إيمانهم به كان قاصرًا على أنه ”المسيا المنتظر المزمع أن يفدي اسرائيل“ (لو 24). ولكن بعد القيامة كان عليهم أن يؤمنوا به بأسلوب جديد ”كالمسيح المقام من الأموات“. وهذا الإيمان الجديد بالنسبة لهم، هو الأساس الذي سترتكز عليه المسيحية في ما بعد. ففي سفر الأعمال كانت الكرازة المسيحية تتكلم عن المسيح المُقام، كرأس للكنيسة، ولم تَعُد قاصرة على كرازة الملكوت - التي أُرجئت الى أن يدخل ملء الأمم - فالمسيحية لم تخرج من تحت عباءة اليهودية، ولكنها تدبير مستقل بذاته، والإيمان في المسيحية يعتمد أساسًا على المسيح المُقام من الأموات كرأس لجنس جديد صعد إلى السماء كسابق لأجلنا (عب 6). ولكن هناك إيمان آخر يعتمد على إيماننا بقدرته. قد يتعجب البعض ويندهش كيف شكّ التلاميذ في من أبصروه حيًّا ومُقامًا من الأموات؟ (يو20: 27، 29؛ مر16: 14). ولكن أعتقد أننا لا يجب أن نندهش لو عرفنا غلاظة القلب البشري. إن بطء القلب فى الإيمان وغلاظته، ظهرا من قبل حينما شاهدوا معجزة الخمس خبزات «لأنهم لم يفهموا بالأرغفة إذ كانت قلوبهم غليظة» (مر6: 52). إنّ شكِّنا في قدرة الله هي التي دفعت الرسول بولس أن يقول: «اصْحُوا لِلْبِرِّ وَلاَ تُخْطِئُوا لأَنَّ قَوْماً لَيْسَتْ لَهُمْ مَعْرِفَةٌ بِاللَّهِ. أَقُولُ ذَلِكَ لِتَخْجِيلِكُمْ!» (1كو15: 34). يجب أن ندرك جيدًا أنه لا يستحيل على الرب شىء؟ إن الشك في قدرته ونعمته، هما سمة من سمات الطبيعة البشرية، وهما عادة سرّ فشلنا للتمتع بما قصده الرب لنا من خيرات. يجب أن نتعلم هذا الدرس جيدًا، ونمسك بهذا الحق ولا نُرخه؛ لأن نفس القدرة التي أقامت المسيح من الأموات هي مذخَّرة لصالحنا، وتعمل لحسابنا وفينا لتقوينا وتثبتنا (راجع رو 6: 8-9؛ كو1 :11؛ عب13: 20، 21). السجود يبدأ إنجيل متى بسجود المجوس للمسيح، وينتهي بسجود المريمات والتلاميذ للمسيح (مت28: 9، 17)؛ فهو كالملك يستوجب أن يُسجد أمامه، وهذا هو الدافع وراء سجود المجوس، ولكن سجود التلاميذ بعد القيامة كان له عُمق أكبر ودافع أعمق. فهم أدركوا بكل وضوح أن هذا الذي انتصر على الموت وقام من الأموات هو بحق ”ابن الله“. إنهم بلا شك، في فترة وجوده معهم على الأرض، أدركوا أنه شخص فريد متميّز أو نبي أُعطي له سلطان فائق، أو ”المسيا المنتظر“. وهذا ما امتحنهم الرب به في متى 16 حينما سألهم عمن يقول الناس عنه. وباستثناء بطرس الذي نطق بما أعلنه له الآب مباشرة - بامتياز خاص أعطي له- أن المسيح هو نفسه ابن الله، كانت هذه الحقيقة، إلى حدٍّ كبير، مبهمة في عقول التلاميذ، ولكن حينما رأوا المسيح المُقام، فإنه «تعين (أي تبرهن) ابن الله بقوة من جهة روح القداسة بالقيامة من الأموات» (رو1: 4). وحتى إخوته الذين لم يؤمنوا به في حياته (يو7) آمنوا به بعد القيامة، ومنهم يعقوب أخو الرب (1كو15: 7). ونحن نعلم من الكتاب أن السجود لغير الله يُعدُّ تجديفًا، ولكن هنا تم السجود له باعتباره الله والملك في ذات الوقت، وهو تتميم جزئي لـ1أخبار 29: 20 كصورة للملك العتيد، وهي الآية الوحيدة في الكتاب المقدس كله التي تخبرنا عن السجود للملك كمن هو صورة لابن داود الذي سيملك في المستقبل وسيأكل ويشرب الشعب أمام الرب بفرح عظيم (أخ29: 22). وهذا الامتياز الذي سيُمنح للشعب في المستقبل صار من امتيازنا نحن الآن الذين أدركنا حقيقة القيامة. ليت قلوبنا تمتلىء به باعتباره المُقَام من الأموات، فيملأ الفرح قلوبنا، ونذهب لنخبر ونكرز للآخرين، ونتمسك بهذا الإيمان الذي يغيّر نمط حياتنا، ويجعلنا نسجد له. له كل المجد. ........... مسعد رزيق |
![]() |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
موضوع متكامل عن يسوع المسيح |
موضوع متكامل عن دخول المسيح ارض مصر |
أول موضوع متكامل عن الكريسماس 2013 ادخل وشااااااااااارك |
موضوع متكامل عن دخول المسيح ارض مصر |
موضوع متكامل عن قيامة يسوع المسيح والخماسين |