"من أراد أن يتبعني…"
فعل "يريد" يعود لله وللإنسان، لله يوضحها بولس الرسول بالتعبير أنه يريد الخلاص الكل "الذي يريد ان جميع الناس يخلصون" (اتيمو4:2)، للإنسان يقول السيد في المقطع الإنجيلي "من أراد أن يتبعني…" ليقول أن الأمر أيضاً متعلق بجهد وتعب الإنسان. إرادة الله هي القصد الإلهي للبشرية أن يخلصوا كلهم وأن يحققوا إرادته كما تفعل القوات الملائكية "ليأت ملكوتك لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الارض" (متى10:6)، للبشر كلهم قال "من أراد" أن يخلص، هي موجهة لكل البشرية بالعموم ولكنها تتوجه أيضاً لكل مؤمن لوحده وشخصياً.
"من أراد…" تشمل هذه العبارة كل عظة الصليب وكل معنى المقطع الإنجيلي اليوم، أعطى المسيح بصلبه وقيامته الخلاص للإنسان، ولكن الإنسان لن يخلص ما لم يرفع بذاته صليبه، وما لم يعيش آلام المسيح، ما لم يصلب ذاته محبة بالمسيح، هذه الحقيقة هي الطريق الوحيد التي تودي الى الحقيقة المفرحة عبر الحزن إلى القيامة "بالصليب" وفي هذه الحياة عبر طريق الموت ومن خلال الموت المحيي.
دعوة السيد المسيح هي للجميع لأن ارادته أن يخلص كل الذين يؤمنون بالأبن وسيحصلون على حياة ابدية وسيقومون معه "هذه مشيئة الآب الذي ارسلني ان كل ما اعطاني لا أتلف منه شيئا بل اقيمه في اليوم الاخير لان هذه هي مشيئة الذي ارسلني ان كل من يرى الابن ويؤمن به تكون له حياة ابدية وانا اقيمه في اليوم الاخير" (يو39:6-40)، ولكن بالمقابل نداء الله "من أراد…" ودعوته هذه يجاوب عليه كل واحد بطريقته، واتباع المسيح هي دعوة من الله ولكن تنتظر جواب من الإنسان المستند على حريته.