رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
قيمة الروح
يملك الانسان جسدا وروحا قابلة لعدم الموت، أما الجسد الخارجي فهو للتراب أما الروح في الداخل فلم يخلق للفساد والموت. ووجود الجانب الروحي داخل الإنسان أمر ليس فقط عقائدي بل واقعي عن وجود الإنسان اعترف به بعضاً من علماء هذا الدهر. إذا يتكون الإنسان من جسد وروح، قيمة الروح التي فيه كبيرة وهامة جداً، عن أهمية وقيمة الروح يتحدث السيد في انجيل اليوم: “ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه، أو ماذا يعطي الإنسان بدلا عن نفسه” إذا قيمة النفس في الإنسان، أو ما يسميها بعض الأباء النفس المروحنة والتي هي البُعد الروحي للإنسان، كبيرة جداً، فلو ربح الإنسان أموالاً كبيرة أو فرح أفراح عالمية فهي أمور زائلة وتذهب وتجيء، فقط الروح يستمر وجوده بعد موت الجسد. وجود الروح في الإنسان يوسع أفق حضور الإنسان في هذه الحياة لينقله من هذه الأرض إلى ملكوت السموات وهذه قيمة كبيرة للروح في الإنسان، الحياة ليست طعاماً وشراباً فقط بل نركز على عيشها بفضائل روحية لأنها ستؤمن استمرار حياتنا إلى الأبدية. على ضوء هذا الإيمان نستطيع أن نفهم العلاقات الإجتماعية من صداقة ومحبة زوجية والبنوة والأبوة والأخوة بمفهوم آخر أرقى وأنقى من أي مادة أو علاقة مادية، بل سماوية. من الشعور والإيمان أن الإنسان لا يموت يتولد مفهوم الشهادة والتضحية وهذا ما عاشه الرسل والشهداء حيث ماتوا جسدياً من أجل حياة بالروح أفضل وأكمل في الملكوت الذي لا نهاية له. يعيش الإنسان حياته ككائن فيه جسد ونفس، يعيش حياة مُنْصبّة باتجاه النفس ومن خلال الجسد، المسيحي لا يذلّ جسده ولكنه يعطي أولوية للنفس، لأن الجسد بالنسبة للقديس بولس الرسول هو هيكل للروح القدس، وعلى هذا الأمر يأتي تكريم البقايا المقدسة لأجساد القديسين الذين قدّسوا الجسد بحياتهم الروحية النقية على الأرض، دعوة الكنيسة أن: “يتغاضى عن الجسد لأنه يزول ويهتمَّ بأمور النفس غير المائتة”. انجيل اليوم تم تحديده كي يُقرأ في الأسبوع الثالث من الصوم الكبير وذلك وسط هذه الفترة المباركة ليكون الصليب في مركزها كي يتم تشديد المؤمنين وتقويتهم في جهادهم الروحي فتذكرنا الكنيسة به بالتضحية الكبيرة التي قدمها السيد المسيح، هو مات من أجل خلاص نفوسنا. تضحية المسيح على الصليب تقررت من ساعة طرد آدم وحواء من الفردوس، هو أعطى الوعد بالنصر منذ البداية “وأضع عداوة بينك وبين المرأة وبين نسلك ونسلها هو يسحق رأسك وأنت تسحقين عقبه” (تك 15:3). بهذا الكلام أُعطي للإنسان الوعد بالانتصار على الخطيئة، وهكذا تم الخلاص بموت المسيح على الصليب وبه غُلب الشيطان. انجيل اليوم يذكرنا بأننا لسنا من جسد فقط بل ومن روح غير قابلة للموت وبها نكون على قمة الخليقة، فالإنسان لا يحيا حياة بيولوجية فقط، كما كل الكائنات، بل وروحية. هو يرفع من المادة بواسطة الروح، فينظر للأمور بشكل مختلف ويهتم بالفرح والحب والفضائل الروحية، يعيش الإنسان حياة صحيحة عندما يعيش كل جوانب الحياة بتوجيه من الروح. هذه الحياة الروحية تبدأ الأن وتتوجه نحو الحياة الأبدية. |
|