|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
في تذكار السنة السمائية الأولى .."البابا شنودة..أيقونة قبطية"الاحد 17 مارس 2013 وجدي حبشي في مثل هذا اليوم الموافق 17 مارس 2012 تنيح البابا شنودة الثالث رقم 117 من باباوات الكرازة المرقسية..وكان مثلث الرحمات باراً طاهراً عفيفاً..كثير الرحمة ملماً بما كتب في التاريخ بكل فروعه..فكان دارس موهوب للتاريخ وأستاذاً في علم الأديان ..وكثيراً مادرس وقرأ في مجالات عديدة مثل الحضارات الفرعونية والقبطية والإسلامية..وذكاؤه وموهبته التي منحها الله له لم تتخل عنه..سواء كان طالباً أو ضابطاً أو صحفياً..فقد كان نعم القدوة الحسنة والنشاط والتضحية..صنع تاريخاً له..ولم يصنعه التاريخ كانت حياته المثمرة في تقدم كنيسته القبطية..فكان خادماً صادقاً وشجاعاً..ترك أثراً عميقاً في كل من تعامل معه..وأعماله الجليلة تسبق أقواله..وتشهد أنه كان وطنياً من طراز فريد..ومفكراً ومبدعاً في مجالات عديدة..تشغله قضايا الكنيسة والوطن..مربياً وخادماً وراعياً أميناً ومتميزاً في شئون التعليم، وأصول العقيدة الأرثوذكسية..أعطى بحب وتضحية لأجيال متعاقبة قدم للكنيسة الأرثوذكسية المصرية وفي بلاد العالم خدمة جليلة..من خلال رحلاته من أجل الكنيسة التي عاشها وراح يجول بين ربوع مصر وأفريقيا وبلاد المهجر يكتشف روادها وطلائعها من أبناء الكنيسة..وإهتمامه بالتربية الروحية والفنية والثقافية..وماتركه من أثر في مجالات بناء الكنائس والأديرة داخل مصر وخارجها. والبابا شنودة الثالث كان صفحة مشرفة لامعة..أدى رسالته الروحية وواجبه لوطنه ومواطنيه على أحسن وجه..ولم يقف عند مجرد مقالاته وكتبه وأشعاره..إنه كان مفكراً وشاعراً وله مفهوم خاص في كل هذه المجالات..فكان مملوءاً من الروح القدس أمدته بالقوة والحكمة والفهم والمعرفة..فكانت تنساب منه الأحاديث في مجالات مختلفة مع فلسفته لحياة وطنه ومواطنيه أقباطاً ومسلمين فكانت مقولته العبقرية عن مصر "وطن يعيش فينا وليس وطن نعيش فيه". وقداسة البابا شنودة يستحق أن يطلق عليه "أيقونة قبطية" حيث أن الأيقونة هي بمثابة إسمه وبصمته التي تركها على الأرض كشاهد للمسيح وعن حياته وإنجازاته من أجل الكنيسة..وهي لاتمثل الشخص بالجسد الراحل..بل الشخص الحي بروحه..فالأيقونة هي صورة مرسومة لكل من القديسين والشهداء الذين أضاءوا العالم بسيرتهم النقية..والتي تؤثر في نفوس المؤمنين ويحبون أن ينالوا من بركات النعمة المعطاه لهم من رب المجد والأيقونات القبطية تنال تكريماً خاصاً في الكنيسة..وهو توقير منسوب أصلاً إلى القديسين الذي تمثلهم الأيقونات..والأيقونة القبطية عمل فني وتعليمي يعبر عن الإيمان والطقس..فهي رسالة تعليمية دينية وروحية..وليست عمل فني فقط حيث نلمس في ألوانها وخطوطها المفاهيم المشحونة بالعقائد الدينية والروحية وتعبر عن حالة قيامة حقيقية تمت لصاحب الأيقونة بصفته قديساً..وأن هذا القديس كان نوراً لجيله وأجيال كثيرة..وأن حياته كانت منيرة وإعتراف أنه كان يبذل حياته لأجل الآخرين مثلما تذوب الشمعة وهي تضيء بنورها لمن يسير في الظلمة..وفي إيقاد شمعة أمام صورة القديس نذكر قول السيد المسيح في الإنجيل: "أنتم نور العالم". والأيقونة في الكنيسة يرفع البخور أمامها أيضاً وذلك لأن البخور في الكنيسة يرمز إلى الصلوات المرتفعة إلى فوق..إلى السماء..إلى الله..كما أن البخور ذكي الرائحة كذلك تكون الصلوات التي تصعد إلى السماء مقبولة أمام الله...هكذا كانت سيرة البابا شنودة وسلوكه المسيحي في المجتمع رائحة ذكية قد أحس بها الناس، فيتمجد إسم الله في حياتنا. والبابا شنودة كان شديد الملاحظة في كيفية وضع كل أيقونة في مكانها بالكنيسة حسب العقيدة الأرثوذكسية والتي تدشن بزيت الميرون المقدس..فأيقونة القديسة العذراء مريم مع الطفل توضع على يمين أيقونة السيد المسيح لأنه مكتوب: "تجلس الملكة عن يمين الملك"..وكذلك أيقونة يوحنا المعمدان وهو يعمد الرب يسوع توضع على شمال أيقونة السيد المسيح..وهكذا رتبت الكنيسة كل الصور والأيقونات المناسبة للذكريات المقدسة لمخلصنا الصالح وأيضاً أيقونات الملائكة والقديسين لتكون تذكاراً لهم..لتوضح حكمة الكنيسة في وجود الأيقونات فيها وفائدة ذلك روحياً. وكان متذوقاً للفن الديني حسب العقيدة الأرثوذكسية..فدفع بالموهوبين سواء رجال أو سيدات إلى مزاولة الفنون كالرسم والمشغولات والنحت والموسيقى..وإعتنى بنشر الألحان الكنسية القبطية مع النشاطات الشبابية من روحية وثقافية ورياضية..فكان راعياً قلما يجود الزمان بمثله إذ سيظل منارة شامخة في تاريخ الكنيسة. وقداسة البابا شنودة كان عطاؤه له نكهة النقاء والطهارة..وكان يمثل بلده "السماء" كسفير على الأرض وهكذا المؤمن غريب في بلاده لكنه يقدم نموذجاً طيباً لوطنه السمائي.. ومن أشعاره "غريباً عشت في الدنيا..نزيلاً مثل آبائي"...ومن أقواله "لست أريد شيئاً من العالم..لأنني أرقى من العالم..إنني إبن الله..على صورته ومثاله..لست أريد شيئاً من العالم لأني أريدك أنت وحدك..أنت الذي أحببتني حتى المنتهى..وبذلت ذاتك عني..." نيح الرب نفس مثلث الرحمات البابا شنودة في أحضان آبائنا القديسين..في كورة الأحياء إلى الأبد..في أورشليم السمائية..فقد علم وشرح العلوم اللاهوتية ورسالة الكتاب المقدس وحافظ على الشعلة المقدسة لكنيستنا القبطية الأرثوذكسية..إلى جانب تسجيله تأملات روحية سامية وعميقة سواء في الكتب ودواوين الشعر والمقالات الإجتماعية وكيفية الحياة مع الرب..فدعم الإيمان القلبي بالإقتناع العقلي، ورسالته الفكرية والروحية التي نمى بها أذواق كل الأجيال من أبناء الكنيسة وبني وطنه وغرس المعاني الإنسانية التي مثلها بالحب والصدق والتواضع والوفاء..حيث عطاؤه المؤثر على مدى 41 عاماً على الكرسي المرقسي..فكانت حقبة مهمة في تاريخنا المعاصر سيظل البابا شنودة لمن عرفوه سيرة طيبة بقيمته الأخلاقية وقامته الفكرية حيث كان علامة مضيئة في العالم العربي والغربي ويمثل منارة ظلت تشع بضوئها لنحو أكثر من نصف قرن دون كلل ترك لنا قداسة البابا شنودة بصمة في واقعنا الإجتماعي والأخلاقي والروحي وكان واحداً من القمم وستبقى بصماته واضحة على الطريق الصحيح..وستظل أيقونته حية تضيء في قلوبنا..صلاته تكون معنا..آمين. رسومات البابا شنودة من أعمال وجدي حبشي |
|