رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
سنرى بعضا من ضعف يونان فى موقفه من دعوة الرب ، يقول الكتاب : " وصار قول الرب إلى يونان بن أمتاى قائلا : قم أذهب إلى نينوى المدينة العظيمة ، وناد عليها ، لأنه قد صعد شرهم أمامى . فقام يونان ليخرج إلى ترشيش من وجه الرب . فنزل إلى يافا ، فوجد سفينة ذاهبة إلى ترشيش ، فدفع أجرتها ، ونزل فيها ليذهب معهم إلى ترشيش من وجه الرب " وهنا نرى يونان النبى وقد سقط فى عدة أخطاء ، وكانت السقطة الأولى له هى المخالفة والعصيان . + لم يستطع أن يطيع الرب فى هذا الأمر ، وهو النبى الذى ليس له عمل سوى أن يدعو الناس إلى طاعة الرب . عندما نقع فى المخالفة ، يجدر بنا أن نشفق على المخالفين . واضعين أمامنا قول الرسول : " اذكروا المقيدين كأنكم مقيدون أيضا مثلهم ... " ( عب 13 : 3 ) . + على أن سقطة المخالفة التى وقع فيها يونان ، كانت تخفى وراءها سقطة أخرى أصعب وأشد هى الكبرياء ممثلة فى الأعتزاز بكلمته ، وترفعه عن أن يقول كلمة وتسقط إلى الأرض ولا تنفذ ... كان اعتزازه بكلمته هو السبب الذى دفعه إلى العصيان ، وحقا أن خطية يمكن أن تقود إلى خطية أخرى ، فى سلسلة متلاحمة الحلقات . كان يونان يعلم أن الله رحيم ورؤوف ، وأنه لا بد سيعفو عن هذه المدينة إذا تابت . وهنا سبب المشكلة ! - وماذا يضيرك يا يونان فى أن يكون الله رحيما ويعفو ؟ - يضيرنى الشىء الكثير : سأقول للناس كلمة ، وكلمتى ستنزل إلى الأرض + إلى هذا الحد كان يونان متمركزا حول ذاته ! لم يستطع أن ينكر ذاته فى سبيل خلاص الناس . كانت هيبته وكرامته وكلمته ، أهم عنده من خلاص مدينة بأكملها ..! كان لا مانع عنده من أن يشتغل مع الرب ، على شرط أن يحافظ له الرب على كرامته وعلى هيبة كلمته .. من أجل هذا هرب من وجه الرب ، ولم يقبل القيام بتلك المهمة التى تهز كبرياءه ... وكان صريحا مع الرب فى كشف داخليته له إذ قال له فيما بعد عندما عاتبه : " آه يا رب ، أليس هذه كلامى إذ كنت بعد فى أرضى ، لذلك بادرت إلى الهرب إلى ترشيش ، لأنى علمت أنك إله رؤوف ورحيم بطىء الغضب وكثير الرحمة ونادم على الشر " ( 4 : 2 ) . + وكان هرب يونان من وجه الرب يحمل فى ثناياه خطية أخرى هى الجهل وعدم الإيمان هذا الذى يهرب من الرب ، إلى أين يهرب ، والرب موجود فى كل مكان ؟! صدق داود النبى حينما قال للرب : " أين أذهب من روحك ؟ ومن وجهك أين أهرب ؟ ... ( مز 139 : 7 – 10 ) . أما يونان فكان مثل جده آدم الذى ظن أن يختفى من وجه الرب وراء الشجر ... حقا إن الخطية تطفىء فى الإنسان نور المعرفة ، وتنسيه حتى البديهيات ! وجد يونان فى يافا سفينة ذاهبة إلى ترشيش ، فدفع أجرتها ، ونزل فيها .. والعجيب أن الخطيئة كلفته مالا وجهدا . دفع أجرة للسفينة ليكمل خطيته .. أما النعمة فننالها مجانا .. عندما دفع يونان أجرةالسفينة خسر خسارة مزدوجة : خسر ماله ، وخسر أيضا طاعته ونقاوته .. العجيب أن الله استخدم عصيان يونان للخير . حقا إن الله يمكنه أن يستخدم كل شىء لمجد اسمه .. اللــه يستخدم الكل لقد عصى يونان أمر الرب ، وهرب راكبا السفينة ، ولكن الله الذى " يخرج من ىلآكل أكلا ومن الجافى حلاوة " ( قض 14 : 14 ) ، الله الذى يستطيع أن يحول الشر إلى خير استطاع أيضا أن يستفيد من عصيان يونان ... إن كان بسبب طاعة يونان سيخلص أهل نينوى ، فإنه بعصيان يونان يمكن أن يخلص أهل السفينة !! وكأن الله يقول له : هل تظن يا يونان أنك قد هربت منى ؟ كلا . أنا سأرسلك إلى ركاب السفينة ، ليس كنبى ، ولا كمبشر ، ولا كصوت صارخ يدعو الناس إلى التوبة ، وإنما كمذنب وخاطىء وسبب إشكال وتعب للآخرين ، وبهذه الصورة سأخلصهم بواسطتك . هل ركبت البحر فى هروبك يا يونان ؟ إذن فقد دخلت فى دائرة مشيئتى أيضا . لأننى أملك البحر كما أملك البر ، كلاهما من صنع يدى . وأمواج البحر ومياهه وحيتانه تطيعنى أكثر منك كما سترى . |
|