كاتب سفر القضاة
كتاب القضاه
اسم الكتاب بالعبرية هو שופטים وتُنطق (شوفتيم) ومعناها قُضاه من الفعل שׁפט يُنطق (شَفَت) ومعناه يحكم أو يقضي.
كاتب هذا السفر:
حاول البعض أن يقولوا بأن هذا السفر كُتب علي أيدي مجموعة كبيرة، أي أن كل قاضٍ كتب قصته، ولكن هذا الرأي خاطيء تماما لأنه بالإمعان في قراءة السفر نجد الآتي:
(قضاة2: 10) " وَكُلُّ ذَلِكَ الْجِيلِ أَيْضاً انْضَمَّ إِلَى آبَائِهِ, وَقَامَ بَعْدَهُمْ جِيلٌ آخَرُ لَمْ يَعْرِفِ الرَّبَّ وَلاَ الْعَمَلَ"
من هذا العدد نفهم أن الكتاب هو عمل فردي وليس جماعي كما يدّعي البعض، لأن هذه العباره صادرة من فرد واحد ملاحظ ومشاهد للوضع ولتعاقب الأجيال من القضاة،ثم كيف سيقر بعض القضاة الفاسدين عن أخطائهم ويعترفون بها؟
كعادة كتب العهد القديم،لا يُذكر اسم الكاتب في مطلع الكتاب،ولكن نعرف الكاتب بحسب التقليد اليهودي،والكاتب بحسب التقليد اليهودي (ومنه التلمود البابلي) ومعظم الكتاب اليهود هو النبي صموئيل.[1]
وكما نرى في: (1صموئيل10: 25)" فَكَلَّمَ صَمُوئِيلُ الشَّعْبَ بِقَضَاءِ الْمَمْلَكَةِ وَكَتَبَهُ فِي السِّفْرِ وَوَضَعَهُ أَمَامَ الرَّبِّ. ثُمَّ أَطْلَقَ صَمُوئِيلُ جَمِيعَ الشَّعْبِ كُلَّ وَاحِدٍ إِلَى بَيْتِهِ."
أي أن صموئيل كان كاتبا لكلمة الله.
زمن الكتابة:
1-كان النبي صموئيل يعيش في أيام شاول وداود أي حوالي عام 1000 ق.م
2-و من مطالعة (قضاة1: 21)" وَبَنُو بَنْيَامِينَ لَمْ يَطْرُدُوا الْيَبُوسِيِّينَ سُكَّانَ أُورُشَلِيمَ، فَسَكَنَ الْيَبُوسِيُّونَ مَعَ بَنِي بَنْيَامِينَ فِي أُورُشَلِيمَ إِلَى هذَا الْيَوْمِ."
أي أن اليبوسيين كانوا يعيشون في أورشليم،ولكن عند قراءة
(2صموئيل5: 6-8)" 6 وَذَهَبَ الْمَلِكُ وَرِجَالُهُ إِلَى أُورُشَلِيمَ، إِلَى الْيَبُوسِيِّينَ سُكَّانِ الأَرْضِ. فَكَلَّمُوا دَاوُدَ قَائِلِينَ: «لاَ تَدْخُلْ إِلَى هُنَا، مَا لَمْ تَنْزِعِ الْعُمْيَانَ وَالْعُرْجَ». أَيْ لاَ يَدْخُلُ دَاوُدُ إِلَى هُنَا. 7 وَأَخَذَ دَاوُدُ حِصْنَ صِهْيَوْنَ، هِيَ مَدِينَةُ دَاوُدَ. 8 وَقَالَ دَاوُدُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ: «إِنَّ الَّذِي يَضْرِبُ الْيَبُوسِيِّينَ وَيَبْلُغُ إِلَى الْقَنَاةِ وَالْعُرْجِ وَالْعُمْيِ الْمُبْغَضِينَ مِنْ نَفْسِ دَاوُدَ». لِذلِكَ يَقُولُونَ: «لاَ يَدْخُلِ الْبَيْتَ أَعْمَى أَوْ أَعْرَجُ»."
نعرف أن داود عندما أحتل أورشليم لم يكن اليبوسيون يعيشون فيها،أي أن السفر قد كُتب قبل أن يدخل داود إلى أورشليم.أي قبل عام 1003ق.م
3-وتكرار عبارة: " لَمْ يَكُنْ مَلِكٌ فِي إِسْرَائِيلَ " كما نرى في:
(قضاة17: 6)" 6 وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ لَمْ يَكُنْ مَلِكٌ فِي إِسْرَائِيلَ. كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ يَعْمَلُ مَا يَحْسُنُ فِي عَيْنَيْهِ."
(قضاة18: 1)" 1 وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ لَمْ يَكُنْ مَلِكٌ فِي إِسْرَائِيلَ، وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ كَانَ سِبْطُ الدَّانِيِّينَ يَطْلُبُ لَهُ مُلْكًا لِلسُّكْنَى لأَنَّهُ إِلَى ذلِكَ الْيَوْمِ لَمْ يَقَعْ لَهُ نَصِيبٌ فِي وَسَطِ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ"
(قضاة19: 1)" 1 وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ حِينَ لَمْ يَكُنْ مَلِكٌ فِي إِسْرَائِيلَ، كَانَ رَجُلٌ لاَوِيٌّ مُتَغَرِّبًا فِي عِقَابِ جَبَلِ أَفْرَايِمَ، فَاتَّخَذَ لَهُ امْرَأَةً سُرِّيَّةً مِنْ بَيْتِ لَحْمِ يَهُوذَا"
(قضاة21: 25)" 25 فِي تِلْكَ الأَيَّامِ لَمْ يَكُنْ مَلِكٌ فِي إِسْرَائِيلَ. كُلُّ وَاحِدٍ عَمِلَ مَا حَسُنَ فِي عَيْنَيْهِ."
عبارة: في تلك الأيام لم يكن ملك في إسرائيل، تدل على أن الكاتب كان يُقارن بين فترة القُضاة وبين الفترة التي يعيش فيها، ويدل المصطل على أن الفترة التي كان يعيش فيها الكاتب كان بها ملوك (إما شاول أو داود)، على عكس فترة القُضاة التي كان يتكلم عنها.
4- هذا العدد (قضاة1: 29)" 29 وَأَفْرَايِمُ لَمْ يَطْرُدِ الْكَنْعَانِيِّينَ السَّاكِنِينَ فِي جَازَرَ، فَسَكَنَ الْكَنْعَانِيُّونَ فِي وَسَطِهِ فِي جَازَرَ."
يشير إلى أنه في فترة كتابة سفر القضاة،كان الكنعانيون ساكنون في مدينة جازر.
وهذا يؤكد بأن سفر القضاة مكتوب قبيل إعطاء هذه المدينة(جازر) كهدية من فرعون مصر لابنته عندما تزوجت سليمان لأن فرعون قتل جميع الكنعانيين في هذه المدينة: (1ملوك9: 16)" 16 صَعِدَ فِرْعَوْنُ مَلِكُ مِصْرَ وَأَخَذَ جَازَرَ وَأَحْرَقَهَا بِالنَّارِ، وَقَتَلَ الْكَنْعَانِيِّينَ السَّاكِنِينَ فِي الْمَدِينَةِ، وَأَعْطَاهَا مَهْرًا لابْنَتِهِ امْرَأَةِ سُلَيْمَانَ"
هذا السفر يغطي فترة مدتها 305 سنة هي الفترة التي حكم فيها القضاة إسرائيل، من موت يشوع إلى موت شمشون
وهذا السفر قد كُتب في فترة حكم شاول أو في بداية فترة حكم داود،وهذا نتأكد منه مره أخرى بسبب العدد:
(قضاة18: 30-31)" 30 وَأَقَامَ بَنُو دَانٍ لأَنْفُسِهِمِ التِّمْثَالَ الْمَنْحُوتَ. وَكَانَ يَهُونَاثَانُ ابْنُ جَرْشُومَ بْنُ مَنَسَّى هُوَ وَبَنُوهُ كَهَنَةً لِسِبْطِ الدَّانِيِّينَ إِلَى يَوْمِ سَبْيِ الأَرْضِ. 31 وَوَضَعُوا لأَنْفُسِهِمْ تِمْثَالَ مِيخَا الْمَنْحُوتَ الَّذِي عَمِلَهُ، كُلَّ الأَيَّامِ الَّتِي كَانَ فِيهَا بَيْتُ اللهِ فِي شِيلُوهَ."
هذا يدل على أن السفر تمت كتابته بعد أن أخذ الفلسطينيون تابوت العهد،وبعد أن أصبح مقره في نوب كما نري في (1صموئيل21)
ولكن في فترة حكم داود النبي أصبح تابوت العهد في جبعون كما نرى في:
(1أخبار16: 39)" 39 وَصَادُوقَ الْكَاهِنَ وَإِخْوَتَهُ الْكَهَنَةَ أَمَامَ مَسْكَنِ الرَّبِّ فِي الْمُرْتَفَعَةِ الَّتِي فِي جِبْعُونَ "
إذن نعرف أن هذا السفر قد كُتب قبل نقل تابوت العهد إلى جبعون،وهذا يدل على أن السفر مكتوب خلال فترة ملك شاول أو في بداية حكم داود ولم يُكتب بعد هذه الفترة.
وهذا دليل آخر على أن صموئيل النبي هو كاتب هذا السفر لأنه هو النبي الذي كان لبني اسرائيل في فترة حكم شاول وفي بداية فترة حكم داود، وكما سبق وأشرنا للعدد (1صموئيل10: 25) كان صموئيل يكتب كلمة الله.
عند كتابة هذا السفر كانت مدينة صيدون هي المدينة الفينيقية العُظمى كما نرى في: (قضاة18: 28) 28 وَلَمْ يَكُنْ مَنْ يُنْقِذُ لأَنَّهَا بَعِيدَةٌ عَنْ صِيْدُونَ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَمْرٌ مَعَ إِنْسَانٍ، وَهِيَ فِي الْوَادِي الَّذِي لِبَيْتِ رَحُوبَ. فَبَنَوْا الْمَدِينَةَ وَسَكَنُوا بِهَا."
ولكن في أيام سليمان نرى أن المدينة الرئيسية الفينيقية هي: صور[2]
وهذا دليل إضافي يثبت بأن السفر مكتوب قبل الملك سليمان، أي في فترة ملك شاول أو داود.
تلخيص:
1- دللنا في هذا البحث على أن سفر القضاة كُتب قبل سليمان، ولكنه ربما يكون كُتب في بداية مُلك شاول أو داود.
2- كاتب هذا السفر هو صموئيل النبي بموجب التلمود والتقليد اليهودي بشكل عام، ولأن هذا السفر كُتب في الفترة التي كان النبي صموئيل هو القائد الديني والروحي فيها، ولا يوجد اي شخص آخر في هذه الفترة، يصلح لأن يكون كاتب سفر القُضاة غير صموئيل النبي، كما أوردنا عدد يوضح بأن صموئيل النبي كان يكتب وحي الرب والاحداث.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] David Malick , An Introduction To The Book Of Judges
[2] John & Paula Stevenson , Judges ,The Age of Heros