مقتطفات من ميمر القديس يوحنا الذهبي الفم على ميلاد ربنا يسوع المسيح
.. الجميع يعيدون إذ يرون الإله في الأرض -المرتفع-
تنازل رأفة منه،
والهابط ارتفع إذ أحب الله البشر،
اليوم تشبهت بيت لحم بالسماء..
وإن كان اليهود يجحدون الميلاد العجيب..
ولقد تقوًل الكتبة مضادو الناموسوكان هيرودس الملك يطلب المولود لا ليكرمه بل ليقتله.
الملوك قد تعجبوا كيف ينزل ملك السماء إلى الأرض وليس في معيته ملائكة ولا رؤساء أو قوات فقد سلك طريقًا غريبًا لم يسلطه غيره.
تناول اللبن كالطفل من ثدي أمه العذراء، جاءه الأطفال، نعم جاءوا إلى الذي صار طفلًا ليجري منطق التسبيح على أفواه الأطفال والرضع.. جاء الآدميون إلى ذلك الذي صار إنسانًا وأبرأ آدم من مصائبه.
جاء الرعاة إلى الراعي الصالح الذي بذل نفسه عن غنمه، جاء الكهنة إلى رئيس الكهنة على طقس ملكي صادق.. جاء الصيادون إلى رئيس الحياة ليجعل صيادي السمك صيادين للناس. جاء العشارون إلى الذي صًير العشار كارزًا بالإنجيل. جاء الخاطئات إلى الذي كانت قدماه تبللهما الزانية وبدموعها غسلتهما، جاء كل الخطاة إلى حمل الله الذي يرفع خطايا العالم.
فإذًا الكل في عيد وأنا أيضًا أريد أن أحتفل بالعيد وأفرح فرحًا وأتهلل مبتهجًا بلا ضرب طنبور ولا نفخ مزمار. هو فرحى وزينتي ورجائي وهو أملي وهو خلاصي. فمن أجل ذلك أبتهج لكي بقوته أقوي وأقول مع الملائكة المجد لله في الأعالي، ومع الرعاة أٌول وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرة.
.. مثل إنسان ولد من العذراء وبقيت عذراء بعد ولادتها.. بم أنطق وبماذا أعبر.. يا للأعجوبة العظيمة أن المولود وحيد قبل الدهور الذي بلا جسد لا يُحس ولا يفتش جاء في الجسد لأن الناس إنما يصدقون ما يرون ويسمعون عنه، وما لا يرونه لا يصدقونه، فمن أجل ذلك أحتملالمسيح سيدنا أن يُنظَر إليه بالجسد ليؤمن جحود الذين لا يؤمنون به ويولد من عذراء غير عارفة بالأمر لأنها كانت إناء طاهرًا وبسيطًا لا تعرف إلا ما سمعته من جبرائيل الملاك اذ سألته أنىَ يكون لي هذا وأنا لا أعرف رجلًا، فأجابها الملاك وقال لهاالروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك والذي يولد منك قدوس إبن العلي يدعى.
أما كيف كان معها وبعد قليل ولدته.. فكما أن الصانع الحاذق إذا صب فضة نقية جيدة عمل منها إناءً جيدًا كذلك المسيح وجد العذراء طاهرة الجسد والنفس واتخذها هيكلًا.
هكذا شاء ولم يأنف من الطبيعة لأنها خلقة يديه، وإن هذا لمجد عظيم إذ عرف الناس الخالق..
بِمَ أنطق أو بِمَ أُعبر، عتيق الأيام صار اليوم طفلًا -الذي على العرش في العلو يوضع اليوم في مذود، العالي الذي لا يُجس ولا يفتش يقلب اليوم بيد البشر، الذي يفك أغلال الخطايا اليوم يشد بالأقماط. حقًا أنه يريد أن يبدل الهوان بالكرامة ويلبس المجد من لا مجد له..
من أجل ذلك جاء في الجسد.. يأخذ جسدي ويعطيني من روحه، فهو يعطي ويأخذ ليكسبني كنوز الحياة (أخذ الذي لنا وأعطانا الذي له فلنسبحه ونمجده ونزيده علوًا إلي الأبد
أقدم جسدي هذا ليطهره ويعطيني روحه لكيما يخلصني. لقد تحقق ما قيل عنه، أن العذراء ستحبل. ما كتب كانلجماعة اليهود أما الأقتناء فللكنيسة. تلك الجماعة أخذت اللوحين أما الكنيسة فقد إقتنت الجوهر، تلك الجماعة صنعت الصوف أما هي فقد لبست السندس، يهودية ولدته وأمم كثيرة قبلته، نشأ في تلك الجماعة وقبلته الكنيسة وقطفت الثمرة. فتلك الجماعة غصن الكرمة ولنا عنقود الحق. هى عصرت العنقود فشربت الأم كأس الشراب، زرعت حبة القمح وحصدتالأمم من أجل الإيمان السنبل وقطفت الثمر مخشية الله وقد بقيت أشواك الكفر عند اليهود.
يا لهذا الميلاد العجيب، ليس كمثل البشر كان مولده لكن الإله صار بشرًا. الأزلي أتى من العذراء.
إن الذي خلق آدم أولامن أرض عذراء خلقه من غير إمرأة، ثم خلق المرأة كما شاء، كما كذلك العذراء ولدته ولا تعرف رجلًا كما قال الكتاب هو إنسان ومن يعرفه، وللنساء دورهن بعد آدم، فآدم من غير امرأة خلق الله له امرأة، وجاءت العذراء وولدته لتفي عن حواء الدين الذي لزمها من آدم. جاءت حواء من غير امرأة، فلا يفتخر آدم مدح عظيم أن حواء كانت له بدونها. العذراء ولدته لكي تكون الطبيعة شريكة فقد أخذ الله من آدمضلعًا ولم ينقص من جنبه شيئًا ومن العذراء ولد ولم تفك بتوليتها.
وكما أن آدم كان تامًا وكاملًا بعد أخذ الضلع منه، كذلك العذراء بقيت صحيحة لم يُبن له من غيرها هيكل، كما أنه ليس من غير جسدها تجسد..
إن الإنسان إذا خدع صار إناء للشيطان، من أجل ذلك اتخذهالمسيح هيكلًا وظهر إنسانًا كاملًا بلا خطية لينقذ الإنسان من ولاية ابليس، ويفك أغلال الخطية..
وإذ صار إنسانًا لم يولد مثل ميلاد الإنسان ولكن الإله صار إنسانًا، ولأنه لو ولد كالبشر لظن كثير من الناس أنه باطل أما وقد ولد من عذراء ومن بعد ولادته حفظ العذراء فإن ميلاده عجيب غريب وهذه هي الأمانة العظيمة لكيما يخلصني من ذنوبي..
وله المجد دائمًا أبديًا آمين.