منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 17 - 12 - 2012, 04:18 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,942

آباء وأبناء نحو تربية مسيحية مثلى

إن للوالدين أثراً بالغاً في التربية الدينية سواء قاموا بها مباشرة أو لم يقوموا، إنهم شاؤوا أم أبوا يرسمون في نفس الطفل صورة عن اللّه سواء أحدثوه عنه أم لم يحدثوه، ونظراً لعمق الأثر المبكر الذي يتركه الوالدان في وجدان الطفل، من هنا لا بدّ للتربية الدينية اللاحقة أن تأخذ بعين الاعتبار هذا الأثر لكي تتحاشى مغبة الوصول إلى عكس ما تبتغيه.

فكيف يمكن إذاً للعائلة أن تهيّئ لدى الطفل أفضل البنى النفسية على قبول ربنا ومخلصنا يسوع المسيح في العمق دون زيف أو تشويه، حيث أن ما يسمعه الطفل عن يسوع لا يسجل على ما يشبه الورقة البيضاء، إنما يتفاعل مع الإنسان الحي وما يحمله هذا الإنسان من بنى نفسية. فقد تتناغم هذه البنى معه مفسحة المجال أمام تسربه إلى أعماق النفس وانطباع الكيان به في الصميم، أو بالعكس تثير العوائق في وجهه بحيث يصبح قبوله أمراً عسيراً.

ومن هنا أهمية ما يسمى اليوم بالتمهيد للتربية الدينية، فكما أن مهمة يوحنا المعمدان كانت أ ن «يعد طريق الرب ويجعل سبله مستقيمة» (مت 3: 3)، كذلك ينبغي إعداد البنى النفسية بحيث تصبح أكثر مطواعية للتربية المسيحية مما يساعدها في تنشئة اعتقاد وإيمان مستقيم بل وخبرة معاشة تحرك الكيان كله وتعمده بالنور.
هذه البنى النفسية تتكون خطوطها العريضة في الست أو السبع سنوات الأولى من الحياة، وذلك من خلال التفاعل بين عملية النمو البيولوجي عند الطفل من جهة، وتأثير ما يتلقاه من محيطه وبخاصة المحيط العائلي الذي يرتبط به الطفل في هذه الفترة من عمره ارتباطاً بالغ العمق والأهمية من جهة أخرى. فمن خلال العلاقات المبكرة التي تتكون بين الطفل ووالديه، يبني الطفل شخصيته بكامل أبعادها ويحدد أنماط علاقاته سوية فإن كلا الوالدين يؤمن له شروط الحماية والأمان ولكنه يفسح المجال له ليشق طريقه بنفسه ويقوم باختباراته الشخصية بقدر نمو إمكانياته.

أما إذا افتقد عنصر القرب والاتصال بما يعينه من دفء وعطف وأمان وحماية وعطاء، هذا الفقدان يتسبب في إيقاظ شعور بعدم الثقة بالذات وبالحياة وباللّه، وبهذا الصدد استشهد احدهم بهذه العبارة لفتاة في العشرين من العمر تخلى عنها والدها في طفولتها: «لا أستطيع أن أؤمن بأن اللّه يحبني أو بأن أحداً ما يحبنى لأنني لم أُحب فقط» كما أن فتاة أخرى قد عانت من حرمان بالغ من العطف الوالدي صرّحت رغم كونها فتاة مؤمنة أنه عندما يقال إن اللّه خلق العالم حباً فهي لا تؤمن بذلك.
وقد يرافق مثل هذا الشعور عدم قبول الذات وعدم الثقة بالحياة ورفض عنيف للّه حيث ينظر إليه كمسؤول عن كون شرير، أو أنه المسؤول عن متاعب الأبناء، أما إذا فقد بعد التمايز والانفصال بما يتطلبه من سلطة ضرورية يمارسها الوالدان على ولدهما مع محافظتهما على استقلاليته وحدوده، وتبعية مفرطة تحول دون تعهده لنفسه كذات متميزة، وكثيراً ما يطالب الأهل بتوجيهات تعطى لهم في ما ينبغي أن يتصرفوا حرصاً على سلامة العلاقة بينهم وبين أبنائهم.

إن تحديد نوعية العلاقة بين الآباء والبنين إنما يعود إلى شخصية الآباء وكيانهم العميق أكثر بكثير مما يعود إلى ما يقولونه ويفعلونه، لذا من أجل تأمين أفضل الشروط النفسية لنمو روحي سليم ينبغي أن تتوفر في الأهل الصفتان التاليتان:

ـ النضج الانفعالي:
وهذا يعني أن يكون قد بلغ المرء مرحلة الرشد لا على صعيد العمر أو النمو البيولوجي أو حتى القدرة العقلية فحسب بل على صعيد الحياة الانفعالية أيضاً بما تحتويه من مشاعر وميول كالمقدرة على تخطي مركزية الأنا لمواجهة الآخر في فرادته والاعتراف به في استقلاليته، وإقامة علاقة أصيلة معه يتوازن فيها التمايز والاندماج، الأخذ والعطاء، ومنها وعي للقيمة والقدرات الذاتية يوازيه شعور بالحدود الموضوعية للذات ومنها قبول المرء لجنسه الخاص كالذكر أو الأنثى والارتياح العميق له. هذه الصفات إن توافرت في الوالدين تمكنهم من إقامة علاقة عفوية أصيلة بأولادهم دون أن يسحقوهم ويوفقون في موقفهم منهم بين القرب والابتعاد، بين الحضور والتواري في علاقة لا ذوبان فيها تعترف بالآخر وليس كامتداد للذات. هذا النضج الإنفعالي يجنب الأهل فخ التسلط لأنها نابعة من شخصية واثقة بنفسها لا تحتاج إلى طمأنة ذاتها بتحكم الآخر أو بمحاولة التعويض من خلاله عن إحباطات غير مقبولة لديها بل تجد فرحها في إنماء الآخر. تمده بما تتمتع به من حرية وانشراح وتدفعه في طريق مستمر لبناء الذات يمكنه شيئاً فشيئاً الاستغناء عن سلطتها.

ـ الانسجام الزوجي:
ليس المقصود منه حالة من الاتفاق التام بحيث تنفي كل توتر وخلاف إنما هو تناغم بين الزوجين يسمح بتخطي الأزمات وبالاستفادة من الخلافات نفسها في سبيل بناء متواصل لوحدة ديناميكية تغتني بالتجارب وتتعمق بها. وهذا التناغم العميق الذي يدرك الطفل وجوده بحدسه رغم الظواهر المضادة، كما أنه بالعكس يحس بالتفكك العميق بين والديه رغم تجنبهما المتعمد لمظاهره، هذا التناغم العميق يساعد الولد، الطفل أن يحيا بعفوية لأنهما يشعران به على أنه ثمرة اتحاد ناجح وسعيد بينهما كما أنه يحول دون استخدام الولد كميدان وهدف لصراع خفي أو معلن بينهما مما يمزقه ويحرمه من الاستقرار والطمأنينة اللذين هو بأمس الحاجة إليهما من أجل نمو سوي.

ومن جهة أخرى فالانسجام بين الوالدين إنما هو بالنسبة لكل منهما مصدر انشراح شخصي عميق يؤكد نضجهما واستقلالهما ويغنيهما بالتالي عن محاولة سحق ولدهما تحت وطأة حب استيلائي تعويضي «وهذا ما يحدث خاصة للأم إذا كانت غير راضية عن حياتها الزوجية».
وإذا كانت تلك الشروط النفسية التي ينبغي أن تتحقق لدى الوالدين من اجل تأمين سلامة علاقة الطفل بوالديه وبالتالي توفير أفضل الشروط النفسية لنمو ديني سليم فهل هي محققة يا ترى؟

يقول سهيل إدريس في كتابه «الخندق العميق» إن العلاقة بين الآباء والأبناء في العائلة العربية تتسم غالباً بظاهرتين هما السلطوية من جهة والحماية المفرطة من جهة أخرى يمارسها الوالدان على أولادهما فينتج عنهما اضطراب خطير في العلاقة بين الطرفين.


رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
من ثمارهم تعرفونهم، كلما كانت بيوتنا واسرنا بيوتا مسيحية وأسرا مسيحية
تربية البركة هي تربية للإيمان والشكر وتبدأ من الصغر
موسوعة صور مسيحية مقصوصة - صور مسيحية مقصوصه للتصميم
كتاب التربية عند آباء البرية | آباء الكنيسة كمربين القمص أثناسيوس فهمي جورج
أقوال آباء مسيحية ( فيديو )


الساعة الآن 05:41 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024