هل المسيح هو الله ؟ الجزء الثالث
المسيح أعظم من موسى - هو خبز الحياة
وفي يوحنا ٦، نرى حوارًا ما بين اليهود والمسيح، يتحدى اليهود المسيح فيه، بأن يريهم آية مثلما عمل موسى معهم في القديم، عندما نزل خبزٌ من السماء في سيناء.
30 فَقَالُوا لَهُ: «فَأَيَّةَ آيَةٍ تَصْنَعُ لِنَرَى وَنُؤْمِنَ بِكَ؟ مَاذَا تَعْمَلُ؟ 31 آبَاؤُنَا أَكَلُوا الْمَنَّ فِي الْبَرِّيَّةِ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: أَنَّهُ أَعْطَاهُمْ خُبْزاً مِنَ السَّمَاءِ لِيَأْكُلُوا».
نرى هنا أنه بالرغم من أن الناس لم يذكروا موسى، لكن المسيح قصد أن يذكره، لكي يُذكِّر الناس، بعدما اشار لهم بالمعجزة التي صنع، حيث أطعم الجموع خبزًا (عدد ٢٦-٢٧). بعدها يصنع المسيح مفارقة بينه وبين موسى، ليبرز كم هو أعظم من موسى، وكم عمله الذي يعمله للبشر، أعظم من عمل موسى. هنا يذكر الناس بعدة أمور هامة:
1- " 32 ... لَيْسَ مُوسَى أَعْطَاكُمُ الْخُبْزَ مِنَ السَّمَاءِ بَلْ أبِي يُعْطِيكُمُ الْخُبْزَ الْحَقِيقِيَّ مِنَ السَّمَاءِ."
وهو أن الله هو مصدر الشريعة والمعجزات، وليس موسى عبده؛ أيضًا يبرز هنا علاقته الموحَّدة بينه وبين الآب، داعيًا إياه "أبي" (راجع يوحنا ١٤: ٧ و٩)؛ وفي نفس الآية يبرز المسيح أن موسى أعطاهم خبز جسدي، لا يدوم؛ لكن المسيح هو خبز الحياة الحقيقي، الذي يُشبع إلى الأبد.
2- لذلك جميع اليهود الذين أكلوا من الخبز، ماتوا في البرية:
" 49 آبَاؤُكُمْ أَكَلُوا الْمَنَّ فِي الْبَرِّيَّةِ وَمَاتُوا....58 هَذَا هُوَ الْخُبْزُ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ. لَيْسَ كَمَا أَكَلَ آبَاؤُكُمُ الْمَنَّ وَمَاتُوا. مَنْ يَأْكُلْ هَذَا الْخُبْزَ فَإِنَّهُ يَحْيَا إِلَى الأَبَدِ»."، أما خبز الحياة، المسيح، فهو يهب الحياة للعالم:
" 33 لأَنَّ خُبْزَ اللَّهِ هُوَ النَّازِلُ مِنَ السَّمَاءِ الْوَاهِبُ حَيَاةً لِلْعَالَمِ». 34 فَقَالُوا لَهُ: «يَا سَيِّدُ أَعْطِنَا فِي كُلِّ حِينٍ هَذَا الْخُبْزَ». 35 فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَنَا هُوَ خُبْزُ الْحَيَاةِ. مَنْ يُقْبِلْ إِلَيَّ فلاَ يَجُوعُ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِي فلاَ يَعْطَشُ أَبَداً.
3- يبرز المسيح أن به صارت النعمة والحق؛ حيث يُعلن، أن من يؤمن به لا يخيب، ولا يخرجه خارجًا. بخلاف الناموس، الذي أعطي بواسطة موسى، لم يستطع الذين يتقدمون به أن ينالوا البر والرضى الإلهي:
" 36 وَلَكِنِّي قُلْتُ لَكُمْ إِنَّكُمْ قَدْ رَأَيْتُمُونِي وَلَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ. 37 كُلُّ مَا يُعْطِينِي الآبُ فَإِلَيَّ يُقْبِلُ ومَنْ يُقْبِلْ إلَيَّ لاَ أُخْرجْهُ خَارجاً."
4- وهنا يبرز امتيازه عن موسى، بأنه اتى من السماء، وليس من الأرض كباقي البشر:
" 33 لأَنَّ خُبْزَ اللَّهِ هُوَ النَّازِلُ مِنَ السَّمَاءِ ....38 لأَنِّي قَدْ نَزلْتُ مِنَ السَّمَاءِ لَيْسَ لأَعْمَلَ مَشِيئَتِي بَلْ مَشِيئَةَ الَّذِي أرسَلَنِي." وقال يسوع للناس أيضًا، "أنتم من أسفل، أما أنا فمن فوق" (يوحنا ٨: ٢٣).
5- وأخيرًا، يميز نفسه عن موسى، بأن له السلطان أن يقيم الموتى في اليوم الآخر:
39 وهَذِهِ مَشِيئَةُ الآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي: أَنَّ كُلَّ مَا أَعْطَانِي لاَ أُتْلِفُ مِنْهُ شَيْئاً بَلْ أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ. 40 لأَنَّ هَذِهِ هِيَ مَشِيئَةُ الَّذِي أرسَلَنِي: أَنَّ كُلَّ مَنْ يَرَى الابْنَ ويُؤْمِنُ بِهِ تَكُونُ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ وأنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ». يوحنا 6.
6- وهو الآن يميز نفسه بإعلانه، أن الإيمان به، يعطي حياة؛ هل تجرأ موسى أن يعلن هذا؟
“ 47 اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَنْ يُؤْمِنُ بِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ."
7- أيضًا يميز نفسه عن موسى، بأن جسده هو الخبز الحقيقي، وهو مزمع أن يموت لأجل وهب الحياة للبشر، طبعًا هذا لم يفعله موسى:
" 50 هَذَا هُوَ الْخُبْزُ النَّازِلُ مِنَ السَّمَاءِ لِكَيْ يَأْكُلَ مِنْهُ الإِنْسَانُ وَلاَ يَمُوتَ. 51 أَنَا هُوَ الْخُبْزُ الْحَيُّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ. إِنْ أَكَلَ أَحَدٌ مِنْ هَذَا الْخُبْزِ يَحْيَا إِلَى الأَبَدِ. وَالْخُبْزُ الَّذِي أَنَا أُعْطِي هُوَ جَسَدِي الَّذِي أَبْذِلُهُ مِنْ أَجْلِ حَيَاةِ الْعَالَمِ»."
باســـم أدرنــلي
باحث ومعلم للكتاب المقدس وخلفياته الحضارية ومدافع عن الإيمان المسيحي