![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لـذة الخطية " الشهوة الحاصلة تلُذ النفس " ( أم 19:13) إذا ما ذاق الإنسان الخطية ووجدها حلوة، وشعر فيها بلذة، فما أسهل عليه أن يبتعد عن الله وينسي محبة، ولا يعود يعمل بوصاياه، فلذة الخطية تُغطي علي كل شيء، وتبسط غشاوة علي العقل والقلب.. لذة الخطية هي التي خدّرت شمشون، وأنسته كل شيء بل أنسته أنَّ دليلة لم تكن مخلصة له، وسلّمته لأعدائه أكثر من مرّة.. وهي التي قسّت قلب فرعون، فقد كان يمكن أن يترك اليهود يمضون، لكن لذة خطية السيادة والتسخير، قسّت قلبه فلم يستفد من كل الضربات التي حلّت عليه وعلي مصر كلها، وكلَّما كان القلب يستجيب ليتركهم كانت لذة الخطية تثنيه فيرجع! ولذة خطية الامتلاك هي التي جعلت آخاب الملك، يشتهي حقل نابوت اليزرَعيليّ، ويُلفق له تهمة ويقتله! لقد كانت حلاوة الحقل تغشي علي ضميره تماماً، وتقسي قلبه الذي قَبِلَ الظلم والقتل! يقول ابن العبريّ " إنَّ تمتع الإنسان باللذات في الحياة الفانية يصدّه عن الاستعداد للحياة الأبدية، وكما أنَّ الإنسان لا يتمكن من رؤية صورته في الماء العكر، هكذا أيضاً لا يتمكن من أن يرى ذاته متّحدة بربّها، إن لم تتطهر مِرآة نفسه من اللذات ". فلا تغرنكم حلاوة الخطية خاصة في بدايتها لأنَّ آخرتها مرَّة كالأفسنتين، فهي التي ظهرت ليهوذا كأنّها حلوة فارتكبها وسلم سيده، ولكن آخرته كانت الانتحار إذ مضي وشنق نفسه (مت5:27). فكأنَّ الخطية سلَّمت له سلاحاً حاداً، علي أمل أن يقتل به غيره فقتل به نفسه! يقول مار أفرآم السرياني " إهرب من اللذة فإنّ ثمارها أثمار الخزي، فقبل اللذة شهوة وبعد اللذة حزن،كرر الافتكار في أن اللذة يعقبها حزن وخزي ". ولا تخدعك الخطية لأنها تبدو كالوردة في البستان، لا يمل أحد من التطلع إلي جمالها أو تنسم عبير رائحتها.. ولكن إلي حين، لأنّها سرعان ما تتحوّل حلاوتها إلي مرارة لا يحتملها الخاطيء. وقد تقطف الوردة لتتمتع برائحتها، ولكن سرعان ما تجف وتذبل، ولا يبقي منها سوي الأشواك التي تُدمي اليدين، والشيء العجيب أنَّ الأشواك تكون في بدايتها خفيفة الآلام، ومع مرور الزمن تزداد حِدة، وبالتالي تزداد معها آلامها. يقول القديس أغسطينوس " لا تثق بسعادة تجنيها من الخطية لأنَّ آلامها تفوق أفراحها، فبقدر ما تشعر بسعادة تجد أنَّك مشدود ومقيد برباطات صيرتك عبداً للخطية.. لتلك العادات الرديئة التي تملَّكت عليك ". وفي أحيان كثيرة كان يناجي الله قائلاً: " لقد أبعدت عني اللذة الشنيعة وجلست مكانها أيها اللذة الحقيقية، لذتك تفوق كل لذة مهما كانت طيبة، إلاَّ أنَّها غير معروفة عند الناس الجسدانيين ". قصة وإليك قصة توضح أنّ الذين ينغمسون في اللذات الجسدية، يشبهون رجلاً فر من أمام حيوان مفترس وهو في حالة غضب، ونجا من قبل أن يفترسه، وبينما هو يجري مسرعاً سقط في بئر عميقة. فبسط يديه وتعلق بغصنين كانا قد غُرسا بجانبها، وأمسك بهما شديداً، فظن أنَّه نجا من الخطر، لكنه نظر فأبصر( فأرين) أحدهما أبيض والآخر أسود، وهما مربوطان لا ينفكان، يأكلان هذين الغصنين الذي كان ممسكاً بهما، ثم نظر إلي أسفل البئر، فرأي تنيناً جسيماً ينفث ناراً وعيناه تتقدان، وقد فتح فاه ليلتقطه، ثم حوّل نظره إلي الموطيء الذي كان واقفاً عليه، فإذا بأربع أفاع قد أطلعت رؤوسها، من أوكارها في الحائط الذي كان متوكئاً عليه، وأخيراً رفع عينيه فرأى نحلاً قد كوّن عسلاً يقطر من الشجرة فذافه وتلاهي به عن التفكير في عاقبة أمره والاهتمام بالأخطار المحيطة به.. أمّا العسل فهو لذة الخطية الذي يخدع الإنسان، ولا يسمح له أن يهتم بخلاص نفسه!! فهل بعد هذا تتجرأ وتفعل الخطية وتقول إن فيها لذة؟! |
|