تكوين 31 32 33
بينما كان يعقوب راجعا إلى المنزل، وصله خبر بأن عيسو أخاه قادم لملاقاته مع 400 من الرجال المسلحين. ولم يفسر يعقوب ذلك على أنه علامة استقبال حار. فعلى الرغم من مرور 20 سنة، إلا أنه لم يكن في استطاعته أن ينسى أن أخاه كان قد هدده بالقتل. لذا فلا عجب أن نقرأ عنه أنه خاف جدا وضاق به الأمر (تكوين 7:32). لقد شعر الآن بحاجة ملحة للصلاة. وقبل أن يصلي، كان يعقوب قد بذل مجهودات كبيرة في تنظيم امرأتيه وجاريتيه وأولاده والقطيع الذي معه حتى إذا ما هجم عيسو من اتجاه ما يمكن للآخرين أن يهربوا في الاتجاه الآخر.
لاحظ الطريقة التي صلى بها يعقوب - كان يذكّر الرب بكلمته: ارجع إلى أرضك... فأُحسن إليك (تكوين 9:32؛ 3:31). إننا نحتاج حقا أن نتعلم درسا من يعقوب - نحتاج أن نعرف كلمة الله جيدا حتى يمكننا أن نذكر الرب بأننا مستندون على وعوده الخاصة لنا.
وبكل خضوع اعترف يعقوب أيضا للرب بأنه على الرغم من وعوده له إلا أنه غير مستحق - صغير أنا عن جميع ألطافك (تكوين 10:32). كم ينطبق ذلك على كل واحد منا! لقد أخطأنا في حق الرب 70 مرة 7 مرات ولا نستحق أية إجابة لصلواتنا (متى 22:18)، وطالما أننا واثقون في أنفسنا ومستكبرون لا نتوقع من الله أن يسمع صلاتنا. إننا نحتاج أن ننحني أمامه في تذلل عميق، ونشكره من أجل رعايته وكفايته، ونحمده لأن أماننا وشبعنا يستقران حقا فيه.
لاحظ أيضا الدافع الذي دفع يعقوب للصلاة: نجّنى من يد أخي من يد عيسو لأني خائف منه أن يأتي ويضربني الأم مع البنين (تكوين 11:32). ربما يبدو في البداية أن يعقوب كان يتضرع فقط من أجل مصالحه الشخصية، وأن هذه هي مجرد صلاة من أب وزوج محب. ولكنه سرعان ما أضاف قائلا: وأنت قد قلت إني أحسن إليك وأجعل نسلك كرمل البحر الذي لا يعد للكثرة (تكوين 12:32).
لقد كان يعقوب يتضرع من أجل ما هو أبعد من حماية الأشخاص المحبوبين لديه. لقد كانت صلاته من أجل مجد الله في تحقيق الوعد المعطى لإبراهيم.
كانت جميع المظاهر الخارجية تشير إلى أن يعقوب يواجه موتا محققا. فلقد قضى ليلته على انفراد بعيدا عن أسرته يصارع مع الله في الصلاة. جاهد مع الملاك وغلب، بكى واسترحمه (هوشع 4:12). واستجاب الله لصلاته، وكانت بداية إعلان جديد في علاقته الروحية مع الرب الذي قال له: لا يُدعى اسمك في ما بعد يعقوب بل إسرائيل لأنك جاهدت مع الله والناس وقدرت (تكوين 28:32).
لاحظ أولا أنه لم يقترب من الله فقط كإله إبراهيم، ولكن إيمانه كان ثابتا في علاقة العهد التي اختبرها في بيت إيل عندما قال له الرب: أنا معك وأحفظك حيثما تذهب وأردك إلى هذه الأرض لأني لا أتركك (13:28-15). إن لنا امتياز أعظم بكثير وهو أن نأتي بالصلاة إلى الله أبينا في علاقة العهد مع يسوع المسيح مخلصنا ووسيطنا الذي قال: ها أنا معكم كل الأيام (متى 20:28).
إعلان عن المسيح:
كملاك الله الذي يرشد (تكوين 11:31-13). فالملاك لا يتكلم فقط بالنيابة عن الله ولكن بصفته الله غير تارك أي شك في أنه هو الرب