رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أخطر قرارات الرئيس الجديد مرشحوا الرئاسة - صورة أرشيفية كتبت آية نبيل وهدى زكريا ورانيا فزاع وصفاء عاشور ونورا النشار 30 عاماً من حكم المخلوع حسنى مبارك، جرفت جميع نواحى الحياة، وأوقفت الخيال عن تصور رئيس آخر يمكنه قيادة البلاد، خاصة لجيل الشباب، الذى ولد فى عهده، وكاد أن يودع العشرينيات دون أن يكون له الحق فى رفض مسرحية التصويت الهزلية، التى سميت قبل الثورة بالانتخابات الرئاسية، وكانت تهدف إلى فوز المخلوع فى كل مرة، بنسبة وصلت فى بعض الاستفتاءات إلى «%99.9» لكنّ ثورة الخامس والعشرين من يناير غيرت كل شىء، فأصبح بإمكان المواطن العادى أن يتناقش، يرفض، يقبل، ويتحيز لمرشح غير المخلوع، فى انتظار أول انتخابات حقيقية، لا سلطة فيها لرئيس على آخر إلا بنسبة التصويت. فى الملف التالى، نوع من الخيال الواقعى المبنى على ما جاء فى برامج أبرز المرشحين للرئاسة، يرصد أوضاع الدولة حال فوز كل مرشح، بدءًا من الخطاب الأول للرئيس فور تسلمه السلطة، مرورًا بخطته الإصلاحية، إن وجدت، وطريقة إدارته للبلاد فى أيامه الأولى وطبيعة العلاقة بينه والمجلس العسكرى الحاكم الحالى للبلاد، وبينه وبين مجلسى الشعب والشورى. وهنا تظهر تساؤلات عديدة فى مقدمتها، هل سينجح الرئيس الجديد، فى تحقيق مطالب الثورة الأساسية «العيش والحرية والعدالة الاجتماعية»؟ وهل تستعيد مصر عافيتها أمنيًا واقتصاديًا وسياسيًا، وتبدأ خطوات النهضة أم يستمر الوضع الحالى كما هو عليه، ويحاول الرئيس المقبل الهيمنة والسيطرة على كل شىء كما كان حال النظام السابق؟ هذه التساؤلات وغيرها تجيب عنها القراءة التحليلية التخيلية التالية، والمبنية على مواقف كل مرشح من القضايا الراهنة وبرنامجه الانتخابى وخلفيته السياسية والحزبية. أبوالفتوح.. يواجه البرلمان بالسلطات الرئاسية ومدنية الدولة وإطلاق الحريات يوافق على قانون إلغاء المحاكمات العسكرية ويحاكم المسؤولين عن أحداث محمد محمود ومجلس الوزراء.. وولاؤه للإخوان لا يمنعه من تقنين أوضاع الجماعة ينتظر مؤيدو الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح أن يعلن قرارات ثورية فور فوزه بالانتخابات الرئاسية، فى مقدمتها إحالة مبارك وقيادات المجلس العسكرى والداخلية إلى المحاكمات فى قضية «قتل المتظاهرين»، وحل الحكومة وإلغاء المحاكمات العسكرية وينتظر الجميع اللحظة التى يجلسون فيها أمام شاشات التليفزيون لسماع خطاب أول رئيس بعد الثورة بعدما فرض الشعب إرادته فى إسقاط رموز الفلول، منهم من احتشد أمام اللجان من أجل منع أى نية للتزوير.. ومنهم من بذل جهدا كبيرا فى حملته الانتخابية من أجل إقناع البسطاء بأن أبوالفتوح السبيل لتحقيق العدالة الاجتماعية والتيارات السياسية بأنه المرشح المستقل الذى يأتى من أجل «مشروع وطن». تخيل ما سيحدث عقب وصول أبوالفتوح إلى كرسى الرئاسة، الأمر لا يقتصر على التيارات الليبرالية أو اليسارية والتى ما زالت تنظر إليه كمرشح «إسلامى»، ولا يفارق تفكير الإسلاميين سواء المؤيد منهم له أو المعارض بسبب تصريحاته التى تؤكد على مدنية الدولة والحكم للشعب وإطلاق الحريات وهو ما يخالف طموحاتهم الرامية إلى إقامة الدولة الإسلامية. يصر أبوالفتوح أن يظهر مع أعضاء حملته الانتخابية فى أول خطاباته عقب فوزه بالرئاسة حتى يؤكد ما كان يردده من أنه مشروع للوطن وليس مجرد رئيس، وهو ما يظهر بصورة كبيرة فى الخطاب الذى يتخلله التصفيق كل بضع كلمات ينطق بها أبوالفتوح، أمر تنعكس مشاهده على أوساط الشعب منهم من يعتبر ذلك تواضعا وإخلاصا من الرجل بدليل الحب الكبير الذى يظهره له مؤيدوه، بينما يقف بعض معارضيه من التيار اليسارى خصوصا والتى تدعى أن حملته من شباب الإخوان وأن تأييدهم الشديد له إحدى الوسائل التى تعتمد عليها تنشئتهم فى الجماعة. إعلان اسم النائب الشاب لأبوالفتوح يشعل الهجوم عليه فى أوساط التيارات الإسلامية حتى وإن لم يكن ذلك على مستوى قيادييها، فالوسطية التى يتبعها الرجل لن تجعله يقصر ترشيحاته على أن يكون أحد نوابه سيدة وهو ما أكد عليه فى حديث سابق على فوزه بالرئاسة بقوله «إن الكفاءة هى المعيار حتى وإن أتت برئيسة جمهورية، والتمييز الذى يشهده المجتمع ضد المرأة قاس ولدى ضده كراهية شديدة، لذا سأحرص على التخلص منه أثناء رئاستى سواء بالقوانين أو تغيير السلوكيات المجتمعية». من أكثر المواقف التى قاربت بين الرئيس أبوالفتوح والشعب، إعلانه عن راتبه الشخصى ورواتب مستشاريه الذين قرر تخفيض عددهم وإلزام كل منهم بمتابعة ملف معين، ودعوته البرلمان إلى تشكيل الحكومة، الأمر الذى أثار غضب التيارات الليبرالية واليسارية، بعد أن استحوذت الأغلبية البرلمانية على أغلب التشكيل الحكومى. وفى محاولة لامتصاص ثورة المعارضة يتدخل الرئيس فى التشكيل الحكومى لاختيار بعض الأعضاء من التيارات الأخرى، ويخرج الإخوان من صمتهم الذى لم يدم إلا بضعة ايام كانت فيه تصريحات قياداتها غامضة فى موقفها من أبوالفتوح لكن لا تخفى تحذيراتهم باستخدام أغلبيتهم البرلمانية فى مواجهة مؤسسة الرئاسة دون أن يشفع له انتماؤه للإخوان والذى شغل فيها منصب عضوية مكتب الإرشاد منذ عام 1987حتى 2009. يصطدم أبوالفتوح مع الإخوان بسبب قانون تنظيم العمل الأهلى الذى يجبر الجماعة على تقنين أوضاعها وإعلان أرصدتها المادية وتمويلها، مثلها مثل بقية الجمعيات بالإضافة إلى إلزامها بالتمييز بين عملها الدعوى والحزبى، وعلى العكس من ذلك، يركز أبوالفتوح على دعم الأزهر مستهدفا أن يجعلها المرجعية الفكرية والثقافية والعلمية الأولى، مقررا انتخاب رئيسه، وهو الأمر الذى اتسق مع تصريحاته قبل فوزه بالمنصب الرئاسى، والتى قال فيها «لا نريد أن نترك الشريعة مستباحة لكل من هب ودب وأن يكون الأزهر هو المرجعية وأن نعيد إليه عافيته لأنه القوة الناعمة فى العالم الإسلامى». اختيار أبوالفتوح وزير الداخلية من المدنيين يثير أزمة بينه وبين قيادات وزارة الداخلية، خصوصا عقب قراراته بإعادة كل من أحيل إلى المعاش قبل موعده وإحداث تغييرات شاملة داخل الوزارة التى يستبعد فيها كل القيادات القديمة، وهى الأزمة التى تزداد شراستها فى علاقته مع المؤسسة العسكرية، عقب قراره بمناقشة ميزانيتها بشكل علنى بالإضافة إلى فتح باب التحقيقات للأحداث التى اشتبك فيها عسكريون ضد المتظاهرين فى أحداث محمد محمود ومجلس الوزراء. محاولة أبوالفتوح للظهور بأنه المرشح الوسط بين التيارات السياسية تجعله محط انتقادات حادة للإسلاميين الذين ستخالف قراراته توقعاتهم، وفى الوقت ذاته لن يستيطع أن يتراجع عنها حتى لا يخسر تاريخه الذى يحوى العديد من المواقف تمسك فيها بالدعوة إلى الوسطية والإصلاح، وتظهر أولى محطات المواجهة بينهم على مطالبته بكتابة الدولة المدنية فى الدستور. يطالب أبوالفتوح فى أول اجتماعاته مع الحكومة الجديدة تقديم خطط لإعادة هيكلة النظام التعليمى من خلال إصلاح المناهج التعليمية، وإقرار الضرائب التصاعدية، ويطالب الوزراء الجدد أن يستهدفوا تطهير المؤسسات من «الفلول» مؤكداً أن بقاءهم إثارة للفتنة لأنهم لن يكفوا عن محاولات تجزئة مصر وتقسيمها. قرار أبوالفتوح إعادة النظر فى اتفاقية كامب ديفيد يثير غضب وقلاقل الأوساط الدولية خصوصا فى إسرائيل وأمريكا التى يرفض هيمنتها عكس ما كان يفعله النظام السابق بما يعكس كونها الدولة الصديقة، ويطالب بعودة الأرض إلى الفلسطينيين ويرفض الالتزام بالسلام إلا بإخلاء الشرق الأوسط من السلاح النووى. «مرسى».. يستعين بقيادات الإخوان فى تشكيل الحكومة وهيكلة مؤسسات الدولة يعيد تنظيم جهاز الشرطة بشكل يجعل ولاءه الأول للمواطن وليس للنظام الحاكم كما فعل النظام السابق المكان: قاعة مجلس الشعب.. الزمان: 30 يونيو 2012.. المشهد: نواب البرلمان من مجلسى الشعب والشورى يجلسون فى مقاعدهم بالقاعة، وينصتون للدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية، ويتأملونه وهو يضع كفه على كتاب الله الكريم، ويؤدى اليمين الدستورية مرددا «أقسم بالله العظيم أن أحافظ مخلصاً على النظام الجمهورى، وأن أحترم الدستور والقانون، وأن أرعى مصالح الشعب رعاية كاملة، وأن أحافظ على استقلال الوطن وسلامة أراضيه».. تشهد القاعة تصفيقا حادا لمرشح حزب الحرية والعدالة لرئاسة الجمهورية، ودعوات بأن يوفقه الله ويسدد خطاه لما فيه خير هذا البلد. قرر محمد مرسى فور توليه إدارة شؤون البلاد أن يبحث فى كيفية تنفيذ برنامجه على أرض الواقع دون الرجوع إلى وثائق ومذكرات تاريخية فألقى أولا غالبية المهام على عاتق البرلمان المنتخب، نظرا لتفضيله للنظام المختلط الذى يعطى للرئيس صلاحيات محدودة حتى وإن كان ذلك سيلقى مقدما فى أذهان غالبية المواطنين اعتبارات كثيرة على رأسها أنه سيتم الاعتماد على برلمان ذى غالبية إسلامية يمارس عمله فى ظل وجود رئيس إسلامى، وبالتالى لن يخرج الأمر عن عباءة الإخوان ما سيفتح باب الخلاف بين القوى السياسية المخالفة لتيار الإسلام السياسى خاصة أن قرارات مرسى لن تعارض إلى حد كبير توصيات البرلمان، والدليل على ذلك التكهنات التى يلقيها البعض حول إعادة مرسى هيكلة مؤسسات الدولة واستعانته بقيادات إخوانية لإدارتها. «كنت أسأل نفسى: متى يأتى اليوم الذى نطبق فيه شريعة الحق فى مصر؟» بهذه الكلمات عبر مرسى قبل توليه الرئاسة عن اشتياقه لتطبيق الشريعة فى مجالات الحياة كافة إذا ما تمكن من الإمساك بمقاليد الأمور، وبالفعل بدأ فى تنفيذ الحلم وكانت البداية على الصعيد الاقتصادى ليتسق مع مقاصد الشريعة الإسلامية المتعلقة بحفظ الدين والنفس والعقل والعرض والمال، بعكس البرنامج الاقتصادى الرأسمالى الليبرالى الذى يركز على تحقيق أقصى ثروة ممكنة حتى ولو كانت مخالفة للمقاصد الشرعية وفقًا لمبدأ «الغاية تبرر الوسيلة»، وكان ذلك من أسباب الأزمة المالية العالمية. توجيهات الرئيس محمد مرسى لتحقيق النهضة شددت على الجمع بين الأصالة والمعاصرة، ويقصد بالأصالة الثوابت النابعة من قيم ومثل وعادات وتقاليد المجتمع المصرى، وتعنى المعاصرة استخدام جميع الأساليب والسبل والطرق والأدوات الحديثة المعينة فى التطبيق متى ما كانت متفقة مع الثوابت وفقًا للقاعدة الشرعية «الأصل فى الأشياء الحل إلاّ ما حرم بنص من الكتاب والسنة والإجماع»، والقاعدة الشرعية: «مشروعية الغاية ومشروعية الوسيلة» وأخيرا الالتزام بفقه الأولويات فى مجال الإنتاج والاستهلاك والاستثمار والتى تتمثل فى الضروريات لمن هم دون حد الكفاف، والحاجيات لمن هم دون حد الكفاية، ولا يجوز الانتقال إلى الكماليات إلاّ بعد توفير الضروريات والحاجيات للناس جميعًا بصرف النظر عن عقيدتهم وأيديولوجيتهم، ولم يكتف مرسى بذلك فحسب بل قام بإجراء تحول شامل من اقتصاد ريعى إلى اقتصاد قيمة مضافة فى إطار مجتمع المعرفة والإنتاج ومن خلال مائة مشروع قومى «يفوق كل منهم المليار دولار» يضمن مضاعفة الناتج المحلى الإجمالى فى خمس سنوات بمتوسط معدل نمو سنوى بين %6.5: %7... اتجه مرسى بعد ذلك إلى النظام السياسى فأعاد هيكلة مؤسسات الدولة سعيا منه لتحويلها من دولة مهيمنة إلى دولة مؤسسات ممكنة ذات أركان واضحة المعالم، إضافة إلى إقراره آليات للرقابة الشعبية على الأداء الحكومى التى تم اختيار أعضائها أيضاً من جماعة الإخوان على الرغم من محاولاته لتطبيق مبدأ المشاركة لا المغالبة من خلال تشكيل حكومة ائتلافية ممثلة للقوى السياسية الفاعلة. ويبدو أن الرئيس الجديد تعلم من أخطاء النظام البائد الذى تسبب فيها إقصاؤه لشريحة الشباب من الحياة السياسية والاجتماعية، فقام بتفعيل دور الشباب فى العملية السياسية ابتداءً من خفض سن الترشح للمناصب العامة واعتبار الكفاءة والقدرة والرغبة فى العمل العام مؤشرات أساسية على أهلية العمل السياسى، وفيما يتعلق بالمجتمع المدنى اعتمد مرسى رئيس الجمهورية القضاء كأداة ومرجعية ضابطة لهذا القطاع. اهتمام مرسى بالقضاء على البطالة والعنوسة منذ الساعات الأولى لإعلانه الترشح للرئاسة، وحتى توليه منصب الرئيس جعله يسارع فى اتخاذ قرارات للتعامل مع البطالة الصريحة والمقنعة وضعف كفاءة العمالة، فأطلق برامج تطوير نوعى وكمى لقدرات العاملين وضغط على المؤسسات العلمية والبحثية والتدريبية فى مصر لتغذية التنمية بما نحتاجه من كفاءات ليتم تخفيف نسبة البطالة %5 سنويا ليس هذا فحسب، ولكنه نقل أيضا استراتيجية التعليم من مجرد كفاءة الطالب فى تحصيله العلمى إلى جودة ومرونة العملية التعليمية بما يحقق فرص وتطلعات جميع شرائح المجتمع ويلبى احتياجات سوق العمل، عن طريق زيادة ميزانية التعليم من نسبتها الحالية فى موازنة الدولة لتصبح %5.2 من إجمالى الناتج المحلى بدلا من %3.3.. تعامل مرسى مع المنظومة الأمنية ما بعد الثورة، مبدأ مع إعادة هيكلة جهاز الشرطة بشكل يجعل ولاءه الأول للمواطن، وليس النظام الحاكم، ورغم تأكيد مرسى السابق ووعوده الخاصة بالحفاظ على العلاقة القوية مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة والجيش فإن تلك العلاقة شهدت تغييرات كثيرة تسبب فيها الصدام الذى دخلته الجماعة مع العسكرى قبل انتخاب الرئيس نتيجة لرفض المجلس طلب الجماعة بإقالة حكومة الدكتور كمال الجنزورى، ولكن كعادة ردود أفعال الجماعة المتباينة من بداية الثورة وحتى الآن جاء موقفهم من الجيش مختلف لم يسر على وتيرة واحدة. «العلاقات الخارجية» أحد الملفات التى تؤرق بال الرئيس الجديد الذى ما لبث أن استعان بمستشاريه من أعضاء الجماعة والهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح ليحددوا معه ويرسموا كيف تكون علاقة مصر بالدول العربية والغربية بشكل يحفظ لها دورها الريادى فى واقعها الإقليمى والإفريقى، لذا قرر إعادة النظر فى اتفاقية كامب ديفيد. موسى.. يوطد علاقات مصر بأمريكا ويحافظ على «كامب ديفيد» يعزز قوته بالنظام الرئاسى.. ويلغى قانون الطوارئ ويحافظ على وضع الجيش فى الدستور.. ويمتص غضب أهالى الشهداء بتوجيه التحية لهم فى خطابه الأول يظهر عمرو موسى واثقا فى المؤتمر الصحفى عقب لقائه رئيس الولايات المتحدة الأمريكية باراك أوباما لبحث توثيق العلاقات بين البلدين، ويجيب عن أسئلة الصحفيين باقتضاب وحسم وطلاقة مؤكدا على مكانة مصر كدولة محورية فى منطقة الشرق الأوسط وعلى حق الفلسطينيين فى إقامة دولتهم المستقلة فى إطار مشروع للسلام الشامل والعادل فى المنطقة. ولا ينسى موسى فى معرض حديثه عن علاقة مصر بالولايات المتحدة أن يشير إلى الطبيعة الندية والثقة المتبادلة والتعاون المشترك باعتبارها سمات أساسية لعلاقة البلدين متطلعا إلى آفاق أوسع من التعاون على أسس تخدم مصالح الدولتين معا. على المستوى الداخلى يبدأ الرئيس عمرو موسى فترته الرئاسية بالتأكيد على ضرورة أن ينص الدستور الجديد على أن يبقى نظام الحكم رئاسيا، مع الفصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية، رغم ما يسببه هذا التأكيد من قلق للنواب الإسلاميين فى البرلمان سواء من حزب الحرية والعدالة الذين أكدوا مرارا وتكرارا رغبتهم فى نظام برلمانى رئاسى خوفا من تكرار فساد النظام السابق وتركز السلطات فى يد رجل واحد، أو من حزب النور أو الجماعة الإسلامية، ما أدى إلى عقد جلسات طارئة فى المجلس تطالب الرئيس بتغيير نظام الحكم وإعطاء مساحة أكبر للبرلمان، فى نفس الوقت يهدد الرئيس بحل البرلمان وإجراء انتخابات برلمانية جديدة. معارك موسى لم تتوقف عند هذه النقطة، بعد تعهده بالحفاظ على وضع الجيش كما هو فى الدستور، الأمر الذى خلق حالة من الرفض العارم فى الشارع خاصة من جانب القوى الثورية التى تطالب بمحاكمة أعضاء المجلس العسكرى عما ارتكبوه من مخالفات فى حق المتظاهرين وقت حكمهم للبلاد ومسؤوليتهم عن سقوط ضحايا ومصابين فى أحداث محمد محمود والعباسية ومجلس الوزراء. من ناحية أخرى بدا تمسك موسى باتفاقية السلام مع إسرائيل مقبولا لدى أعضاء الحرية والعدالة فى المرحلة الأولى من حكمه لكنهم طالبوه بوقف أشكال التطبيع مع الدولة العبرية، وخاصة اتفاقية الكويز ورحلات الحج إلى القدس والرحلات السياحية الإسرائيلية إلى مصر وخصوصا إلى سيناء، وحافظ موسى على وضع المادة الثانية فى الدستور كما كانت وحافظ على معتنقى الديانات الأخرى بإصدار قانون الأحوال الشخصية الخاص بهم، مما ضمن له كسب تأييدهم. ورغم الانتقادات السابقة لشكل الدولة المركزى، أسس موسى دولة مركزية قوية، واختار أعضاء المحليات والمصالح الحكومية والإدارية، بالانتخاب ولكنه اختار عددا من القيادات المحسوبة على النظام البائد بدعوى أنهم من أصحاب الخبرات التى لا غنى عنها، مما جعل أعضاء البرلمان يهددون بحل الحكومة وسحب الثقة منها. وجاءت علاقة موسى بالأجهزة السيادية بشكل يوحى باستعادة الرئيس هيمنته على كل مؤسسات الدولة، فالمؤسسة العسكرية مازالت تحتفظ بتميزها ومكانتها العالية عن أى جهة فى الدولة وبات من غير المسموح مناقشة ميزانيتها، كما ظل اختيار وزير الدفاع ورئيس الأركان فى يد الرئيس وحده، رغم تأكيداته على أنه جهاز ملك الشعب، الأمر الذى دفع حركات المعارضة إلى المطالبة مراراً وتكراراً بالكشف عن ميزانية الجيش. ورغم نجاح موسى فى إعادة الأمن للشارع إلا أن المنظمات الحقوقية كشفت عن انتهاكات وممارسات قمعية فى أقسام الشرطة، ونظمت الوقفات الاحتجاجية لمحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات وإعادة هيكلة الوزارة واختيار وزير مدنى لقيادتها، فيما ظهرت تأكيدات الرئيس على استقلالية القضاء فى حرصه على أن يقرر القضاة أنفسهم المواد الخاصة بمشروع قانون السلطة القضائية قبل إحالته لمجلس الشعب. على الجانب الآخر واجه الرئيس موسى انتقادات واسعة من جانب إسرائيل فى التعامل معه، والتى عبرت عن قلقها بمجرد إعلان نتائج الانتخابات، فى حين أعلن هو الحفاظ على اتفاقية كامب ديفيد والالتزام التام بها وتوطيد العلاقات مع أمريكا، باعتبارها أقوى دولة فى العالم. نجح الرئيس موسى فى اكتساب تأييد الأغلبية من الشارع بعد التطورات التى أجراها فى الجوانب الاقتصادية للنهوض بالدولة وبدء تنفيذ برنامجه «مصر بلا فقر»، بالاعتماد على استعادة ثقة المستثمرين سواء المحليين أو العرب أو الأجانب، وتغيير قانون الموازنة العامة والتحول للإدارة الاقتصادية الرشيدة لأراضى الدولة وأصولها والفصل بين ميزانية الجهاز الإدارى للدولة والمحليات، والنهوض بالزراعة والصناعة، وامتصاص غضب أهالى الشهداء بتوجيه التحية لهم أثناء خطابه الأول. كما نجح موسى فى تنفيذ أول وعوده الخاصة بالتعليم بإنشاء المدارس التكنولوجية ولكن بعدد قليل لا يتناسب مع عدد التلاميذ المصريين، ما خلق حالة من الرفض من البعض مطالبين بتطوير المؤسسة التعليمية بأكملها ونجح الرئيس فى كسب ثقة عدد من الشباب بتقليله عمر المتقدمين لعضوية مجلس الشعب لـ25 عاما. صباحى.. يقلص نفقات الحكومة ويطبق نظرية الرئيس المواطن يغضب السلفيين واليسار ويهتم بالشباب ومشروعاته القومية ويرفض كل مظاهر البذخ.. ويطبق الحد الأدنى للأجور مر موكب الرئيس الجديد بلا ضجة، فلم يتوقف الطريق لساعات، ولم تتعطل مصالح المواطنين، فقد حقق حمدين صباحى ما وعد، وظل ملتزما ببساطته، واستبدل موكب الحراسات بعربة واحدة، تسير خلف سيارته، التى يستقلها بصحبة حارسه الشخصى، ليعيد بذلك سيرة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، الذى كان دائما ما يظهر فى المناسبات الوطنية بعربة واحدة مكشوفة، رغم الفارق الكبير بين الرئيسين، ورغم تحذير الخبراء والمحللين للرئيس الجديد من محاولة إعادة إنتاج التجربة الناصرية، خاصة فى المجال الاقتصادى، فى ظل التركة الفاسدة التى تركها الرئيس المخلوع، فإن الرئيس حمدين بدوره بذل جهدا كبيرا لإعادة الأوضاع إلى نصابها، مؤكدا على إشراف الدولة وليس سيطرتها على حركة السوق، وبخاصة الصناعات الثقيلة. ورغم حيرة الرئيس فى صد نفوذ رجال الأعمال، فإنه حسم منذ اليوم الأول من توليه مسألة نفقات مسؤولى الأجهزة الحكومية، والوزراء، وسارع بفرض حالة من التقشف، مع رفض كل مظاهر البذخ، وتطبيق الحد الأدنى والأقصى للأجور، وضرب هو نفسه مثالا على ذلك، بنقل ملكية عدد من قصور الرئاسة إلى هيئة الآثار والأوقاف، وقد نجح ذلك فى إعطاء الطبقات المهمشة أملا فى تحقيق العدالة الاجتماعية، وإن كانت أرقام الدين العام والعجز فى الموازنة لم تتغير بعد، من ناحية أخرى أعاد حمدين ترتيب أولويات الموازنة العامة للدولة، بحيث يتصدرها الإنفاق على التعليم والصحة والبحث العلمى. ألغى الرئيس حمدين الدعم على الطاقة بالنسبة لمصانع القطاع الخاص، وأكد فى أكثر من حوار له أنه لن يرضى بتسريح العمالة بشكل جماعى، إلا أن ذلك لم يخفض من الفواتير الشهرية للغاز والكهرباء بالنسبة للمواطنين، وأصدر قرارات رئاسية بإعادة فتح ملف الخصخصة، ورد المصانع التى صدرت لها أحكام لصالح الدولة. حرص الرئيس حمدين على تكوين حكومته من جميع التيارات السياسية، الأمر الذى أغضب جماعة الإخوان. معارضو الرئيس باتوا من أنصار التيارين السلفى واليسارى، فالأول يرى أن إنجازات حمدين لا تصب فى اتجاه تطبيق الشريعة، ومن جهة أخرى يرفض التيار اليسارى أنصاف الحلول الخاصة بالنظام الاقتصادى للبلاد، والتى يحاول فيها حمدين إيجاد نقطة توازن بين نفوذ رجال الأعمال والدولة. ويحسب للرئيس نجاحه فى تحسين علاقات مصر مع أشقائها العرب، ومحاولة مد جسور التواصل، إلا أن ذلك لا يعنى إمكانية نجاحه فى تطبيق مشروعه القومى كاملا، فبعض الدول العربية مازالت تتخذ موقفا سلبيا من مصر منذ قيام ثورة يناير, ويتجه نحو تفعيل العلاقات الأفريقية المصرية، بعد أن تأخرت تلك الخطوة الهامة لصالح التواصل مع الدول العربية. وعلى المستوى الدولى نجح حمدين فى تفعيل التعاون المشترك بين مصر ودول شرق آسيا، وبخاصة الصين، كما أقام علاقات مع روسيا، للحد من نفوذ الولايات المتحدة الأمريكية على مصر. على الجانب الآخر وصفت الإدارة الإسرائيلية الرئيس حمدين بأنه شوكة فى الظهر، ووجهت له تهمة معاداة السامية، بسبب تصريحاته المناصرة للحق الفلسطينى، وفى نفس الوقت يكثف حمدين المباحثات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة الأمريكية، فى محاولة لتطبيق برنامجه الانتخابى، فى تحقيق علاقة تحمل أوجه الندية والودية بين الطرفين. كما سعى الرئيس حمدين للاستجابة لمطالب الشارع، خاصة الشباب، الذين يعيدون إليه ذكريات نضاله فى سبعينيات القرن الماضى، حين كان رئيسا لاتحاد الطلاب بجامعة القاهرة، وكان له موقف شهير مع الرئيس الراحل محمد أنور السادات، ومن هنا يأتى حرص الرئيس على عقد لقاءات مع الشباب، وسائر فئات الشعب خاصة العمال والفلاحين، فهو يسعى لتطبيق فكرته عن الرئيس المواطن. شفيق.. يحل البرلمان ويشتبك مع الإسلاميين ويرفض العفو عن مبارك يصدق على قانون تنظيم المظاهرات ويمنع الاحتجاجات فى غير الأماكن المخصصة للتظاهر.. والعلاقات الدولية لمصر لا تختلف عن توجهات النظام السابق توقفت السيارات فى إشارة المرور أكثر من ساعة، دون أن يعلم أحد السبب، حاول السائقون والمارة معرفة سبب هذه «العطلة» غير المبررة، وبدأ البعض فى افتراض وجود حادثة كبرى على الطريق أو اصلاحات بالشارع، حتى تذكر أحدهم أن اليوم هو ذكرى احتفالات أكتوبر، ولابد أن موكب الرئيس أحمد شفيق سيمر من هذا الطريق، بالفعل يظهر فجأة موكب كبير من عدة عربات مصفحة مر سريعا أمامهم حتى اختفى عن الأنظار، ثم فُتح الطريق أمام السيارات لتسير بشكل طبيعى ويذهب كل إلى سبيله. حاول شفيق خلال أيامه الأولى أن يظهر فى صورة الرئيس المقرب إلى شعبه والمهتم بالاستماع إلى جميع الآراء، إلا أنه لم يستطع أن يخفى طبيعته العسكرية التى ترفض الاعتراض أو التذمر. وكان من أوائل القوانين التى صدق شفيق بالموافقة عليها، قانون تنظيم المظاهرات والاعتصامات وحدد لها بعض الأماكن وقرر تجريم المخالفين لذلك بعقوبات مشددة واستخدام القوة للسيطرة على الاحتجاجات، التى تخالف الأماكن المخصصة للتظاهر والاعتصام، ما أثار موجة من الغضب بين الحركات الثورية التى رأت هذه الخطوة بداية لإعادة أسلوب النظام السابق لقمع المظاهرات ورفض الاستماع للشعب ومنعه من التعبير عن رأيه مرة أخرى، خاصة بعد تصريحه بأنه لن يسمح بأى مظاهرات أو اعتصامات تخرج عن القواعد التى حددها القانون، وإبقائه على القيادات الأمنية السابقة فى جهاز الشرطة ورفضه إعادة هيكلة للجهاز، مما اعتبروه عودة للسياسات الأمنية السابقة. أكبر معركة واجهها شفيق منذ توليه الرئاسة كانت مع التيارات الإسلامية بعد تصريحه بعدم إمكانية تطبيق الشريعة إلا بالشكل الذى يحدده الأزهر الشريف، وقراره بحل البرلمان بعد المعارك التى دارت بينه والسلطة التنفيذية ورفضه لإقالة الحكومة التى شكلها وتضم العديد من الشخصيات المحسوبة على النظام السابق من وزراء سابقين وممن شغلوا مناصب قيادية فى نظام مبارك، معتبرا أنهم الأكفأ لهذه المناصب بسبب خبرتهم وعدم تولى أى شخصية من الأحزاب الإسلامية منصبا فى الوزارة الجديدة، ما اعتبرته هذه الأحزاب وجماعة الإخوان تحديا للإرادة الشعبية التى اختارتهم ليمثلوا الأغلبية فى مجلس الشعب، ويعد عودة لسياسة النظام السابق فى اضطهاد التيارات الدينية ومحاولة إقصائها. ورفض شفيق استخدام سلطاته فى العفو عن الرئيس المخلوع رغم مطالبة عدد من أنصاره استخدام سلطاته وإصدار عفو نهائى، مؤكدا احترامه للقضاء وعدم تدخله فى أحكامه، لكنه طالب فى الوقت نفسه بمراعاة تاريخ مبارك المشرف والإنجازات التى قدمها لخدمة مصر على مدار 50 عاما من العمل وحالته الصحية، فيما اعتبره بعض المحللين إشارة إلى إمكانية تمتع مبارك بالعفو الصحى. ركز شفيق منذ توليه الرئاسة اهتمامه على إعادة الأمن فى الشارع مرة أخرى بإصدار قرارات صارمة واستخدام القوة لمواجهة البلطجة وحالات الشغب وإعادة الاستقرار إلى الشارع المصرى وحبس عدد كبير من المجرمين والبلطجية فى الشوارع، كما اهتم شفيق بمحاولة النهوض بالاقتصاد، وإن كانت السياسات الاقتصادية لشفيق لم تختلف كثيرا عن نظام مبارك فى السماح بالخصخصة والاعتماد على اقتصاد رجال الأعمال، وبدأ دراسة المشروعات الكبرى التى دعا إليها خلال برنامجه الانتخابى مثل المشروع التجارى على قناة السويس وممر التنمية ودراسة إمكانية إنشاء المشروع النووى بالضبعة. وعلى مستوى العلاقات الدولية لم تختلف سياسات الرئيس كثيرًا عن النظام السابق وتعامله مع الدول الخارجية واتجاهه بشكل كبير نحو الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية فى الاتفاقيات الدولية والعلاقات الخارجية، واستمرار العلاقات المصرية الإسرائيلية بدون تغيير فى السياسات بينهما، وعدم وضع خطط لدعم العلاقات مع الدول الأفريقية، وهو ما حذر منه الخبراء مبدين تخوفهم من تأثير ذلك على حصة مصر من مياه النيل. اليوم السابع الإثنين، 21 مايو 2012 - 09:24 |
|