رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
من تفسير وتأملات
الآباء الأولين رسالة بطرس الثانية القمص تادرس يعقوب ملطي كنيسة الشهيد مار جرجس باسبورتنج مقدمة كاتب الرسالة ثارت بعض الشكوك في أمر كاتب هذه الرسالة، وكما يقول القديس إيرونيموس أن هناك قلة تشككوا من جهة كاتبها بسبب الاختلاف في الأسلوب والصياغة بين الرسالتين، غير أنه عاد فأكد أنها للرسول بطرس وحسبها ضمن رسائل الكاثوليكون في رسالته إلى Paulinius، موضحًا أن سرّ الاختلاف بين الرسالتين هو اختلاف المترجمين. وفيما يلي الأدلة على صحة نسبتها للرسول. أولاً: حاول بعض الكتاب أن يحصوا عدد الكلمات اليونانية المشتركة بين الرسالتين فوجدوا: أن 369 كلمة استخدمت في الرسالة الأولى دون الثانية، 230 كلمة استخدمت في الثانية دون الأولى، 100 كلمة استخدمت في الرسالتين. ونلاحظ الآتي: أ. 6/1 الكلمات مشتركة بين رسالتين صغيرتين ليس بالدليل الكافي للتشكيك، بل بالعكس هي نسبة ليست بالقليلة. ب. يجهل الرسول بطرس اليونانية، فمن ترجم له الأولى خلاف من ترجم الثانية. ج. اختلاف موضوع الحديث والهدف يقلل من وجود كلمات مشتركة. ثانيًا: قبلتها الكنيسة الأولى، إذ يذكر يوسابيوس المؤرخ أن القديس إكليمنضس السكندري اقتبس منها. ويؤكد كل من القديس جيروم وFirmilians أسقف قيصرية وتلميذ العلامة أوريجينوس أنها للقديس بطرس. v اقتبس منها القديس إكليمنضس الروماني الكثير. v هناك كلمات أو عبارات وردت في كتابات الآباء الرسوليين متناثرة لم ترد إلا في هذه الرسالة مثل: طريق الحق، لا متكاسلين ولا غير مثمرين، ملكوت أبدي، الكلمة النبوية، معاين، الأسنى... v تتشابه هذه الرسالة مع رسالة معلمنا يهوذا بصورة واضحة كما سنرى. ثالثًا: يتحدث الرسول بطرس بخصوص رسائل معلمنا بولس الرسول في (3: 5، 16) مما يجعل البعض يرى أنها كتبت في تاريخ متأخر بالنسبة لرسائل الرسول بولس. والرد على هذا الاعتراض هو أن الرسائل كانت تنسخ وتتناول بين الكنائس في الحال (كو4: 16). هذا مع وجود صداقة قوية بين الرسولين مما جعل الرسول بطرس ملمًا برسائل زميله. رابعًا: شهادة الكاتب نفسه إذ: 1. افتتح الرسالة بقوله "سمعان بطرس..." 2. دعا نفسه من جملة الرسل (1:1-3). 3. كان مع السيد المسيح في تجلّيه (1: 16-18). 4. أظهر أنه كتب رسالة سابقة (3: 1). لمن كتبت؟ وجهها إلى نفس مسيحي آسيا الصغرى الذين وُجهت إليهم الرسالة الأولى، إذ يقول لهم: "هذه أكتبها إليكم رسالة ثانية..." (2 بط 3: 1). تاريخ كتابتها كتبت في أواخر حياته، كما يظهر من قبوله: "عالمًا أن خلع مسكني قريب" (2 بط 1: 14). أي ما بين سنة 64 و68م. أسبابها 1. إذ أعلن الرب له عن انتقاله بعث إلى أولاده وصيته الوداعية ليحدثهم عن أثمن اشتياقات قلبه: "ملكوت السماوات ومجيء الرب الثاني". 2. انتظار الملكوت السماوي يدفع المؤمن إلى حياة القداسة ورفض البدع. تشابه الرسالة مع رسالة يهوذا أولاً: تتشابه الرسالتان بصورة كبيرة، خاصة فيما ورد في الأصحاح الثاني كما يبدو مما يأتي: 1. المعلمون الكذبة 2 بط 1: 1-3 يه 4. 2. هلاك الملائكة الأشرار 2 بط 2: 4 يه 6. 3. هلاك سدوم وعمورة 2 بط 2: 2 يه 7. 4. الفساد والافتراء على ذوي الأمجاد 2 بط 2: 10-12 يه 8-10. 5. ولائم المعلمين وتنعمهم 2 بط 2: 13 يه 12. 6. إتباع طريق بلعام 2 بط 2: 15 يه 11. 7. حفظ الهراطقة للظلام 2 بط 2: 17 يه 13. 8. التكلم بعظائم 2 بط 2: 18 يه 16. 9. التذكير بأقوال الرسل 2 بط 3: 1-3 يه 17-18. ثانيًا: هذا التشابه في صورته القوية الذي تُعدى حدود المعنى والهدف إلى الأسلوب والكلمات عينها أثار كثير من الفروض بين الباحثين منها: 1. أن يكون أحدهما اعتمد على الآخر، فالبعض نادى بأن بطرس اعتمد على رسالة يهوذا، والبعض نادى بالعكس. 2. قال البعض أن الأصحاح الثاني من رسالة بطرس الثانية حتى العدد الثاني من الأصحاح الثالث قد أضيف فيما بعد إلى أصل الرسالة معتمدًا على رسالة يهوذا، وأن الباقي من الرسالة هو جوهرها ومضمونها الحقيقي. لكن هذا الرأي لم يجد من يؤيده لأن هذا الجزء (2 بط 2: 1-3: 2) الإنتقال إليه ومنه إنتقال طبيعي، وفي حذفه لا تكون الرسالة كاملة في ثوبها. هذا مع وحدة الأسلوب في الرسالة كلها بلا تمييز يعلن خطأ هذا الافتراض. 3. جاءت كثير من العبارات في رسالة يهوذا موضحة لما ورد في رسالة بطرس الثانية. هذا وأن الرسول بطرس استخدم صيغة المستقبل بينما يشير يهوذا عنها كحقيقة حادثة، أي أن الأولى (2 بط) سبقت الثانية (يهوذا). كما جاء في يهوذا أن الرسل تنبأوا عن هذه الأمور (يه 17-18)، وربما قصد من بينهم الرسول بطرس بما كتبه في هذه الرسالة. غير أن استخدام الرسول يهوذا بعض مصطلحات للرسول بولس لم يستخدمها الرسول بطرس مثل: المدعوين (يه 1)، القديسين (يه 3)، نفسانيون (يه 9)، جعل البعض ينادي بأن الرسول يهوذا لم يقتبس رسالته من رسالة الرسول بطرس وإنما جاء التشابه نتيجة وحدة الظروف والهدف ووحدة الزمن تقريبًا. أقسام الرسالة 1. ملكوت السماوات الأصحاح الأول. 2. ظهور المعلمين الكذبة الأصحاح الثاني. 3. مجيء المسيح الثاني الأصحاح الثالث. |
08 - 10 - 2012, 08:07 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: تفسير رسالة بطرس الثانية كتابيا
الأصحاح الأول
ملكوت السماوات 1. عمل الله من أجل الملكوت 1-4. 2. جهاد الإنسان من أجل الملكوت 5-11. 3. تأكيد الملكوت الأبدي: أولاً: أنه لا يحتاج إلى تأكيد 12-15. ثانيًا: التجلّي يشهد له 16-18. ثالثًا: الأنبياء يشهدون له 19-21. 1. عمل الله من أجل الملكوت "سمعان بطرس عبد يسوع المسيح ورسوله، إلى الذين نالوا معنا إيمانًا ثمينًا مساويًا لنا، ببرّ لهنا والمخلص يسوع المسيح ربنا" [1]. اختلفت هذه الافتتاحية عن تلك التي جاءت في الرسالة الأولى: أولاً: هنا يذكر اسمه الأول "سمعان" ملازمًا الاسم الذي دعاه به الرب. فلو أن هذه الرسالة مدسوسة لما كتب هذا الاسم مقتبسًا الافتتاحية الأولى. ثانيًا: دعا نفسه عبدًا، مظهرًا حقيقة مركزه بالنسبة لربنا يسوع. ثالثًا: إذ يتحدث في هذه الرسالة عن "ملكوت السماوات وانتظار مجيء الرب الثاني"، لهذا يذكر في الافتتاحية أنها موجهة "إلى الذين نالوا معنا إيمانًا ثمينًا مساويًا لنا ببرّ إلهنا والمخلص يسوع المسيح ربنا" وهنا نلاحظ: 1. لم يقل لهم إلى "المتغربين من شتات..." كما في الرسالة الأولى، حيث يحدثهم عن الآلام والضيق فيذكرهم بغربتهم، إنما يتحدث هنا "إلى الذين نالوا معنا إيمانًا ثمينًا"، إذ هذا هو طريق الملكوت. 2. كان من الصعب عليهم أن يدركوا أن الإيمان الذي يتقبله الأمم مساويًا لإيمانهم لهذا أكد "مساويًا لنا". 3. ولئلا يظن القارئ أن الملكوت خاص بالرسل والتلاميذ وحدهم أراد أن يؤكد لهم أن الإيمان الثمين الذي لهم مساويًا لما هو للرسل لذا يقول: ببرّ إلهنا، أي ليس لأحد فضل فيه. 4. لا يقول "مخلصنا" بل "المخلص" موضحًا أنه جاء ليخلص كل البشرية. "لتكثر لكم النعمة والسلام" راجع تفسير (1 بط 1: 2). "بمعرفة الله ويسوع ربنا" [2] شروط التمتع بنعمة الرب وسلامه الحقيقي هو المعرفة الإلهية، ليست المعرفة الذهنية بل العملية أيضًا. لهذا يطالبنا الأب نسطور أن نهتم بالمعرفة الاختبارية العملية، ولا نقف عند مجرد التأمل والفهم، وكما يقول: [يستحيل على النفس غير النقية، مهما بلغت أشواقها نحو القراءة، أن تحصل على معرفة روحية. لأنه لا يقدر أحد أن يسكب دهنًا طيبًا أو عسلاً جيدًا أو أي سائل قيّم في إناءٍ قذرٍ كريه الرائحة، لأن الإناء الذي امتلأ بروائح كريهة يفسد ما يوضح فيه أكثر مما يتأثر هو من الشيء الصالح، لأن ما هو نقي يفسد بسرعة أكثر من تأثير النقي عليه.] تحمل هذه المعرفة الحقيقية لصاحبها حياة أبدية، إذ يقول الرب: "وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته" (يو 17: 3). "كما أن قدرته الإلهية قد وهبت لنا كل ما هو للحياة والتقوى بمعرفة الذي دعانا بالمجد والفضيلة، اللذين بهما قد وهب لنا المواعيد العظمى الثمينة، لكي تصيروا بها شركة الطبيعة الإلهية، هاربين من الفساد الذي في العالم بالشهوة" [3-4]. لقد كشف لنا الرسول: أولاً: المدعوّين للملكوت أعلن الله أعماق محبته لنا إذ دعا الجميع دعوة عامة للميراث الأبدي، إذ هو "المخلص" مقدمًا لنا إيمانًا ثمينًا مجانيًا بلا محاباة أو تمييز [1]. هذا الإيمان الثمين ليس لشعبٍ أو جنسٍ فضل فيه، بل قدمه ربنا؛ "ببرّ إلهنا والمخلص يسوع المسيح" الذي دفع ثمنًا على الصليب هذا مقداره! ثانيًا: الدعوة بالمجد والفضيلة عمومية الدعوة ومجانيتها لا يعنيان إلا حب الله. إذ هي دعوة للتزين بالمجد والفضيلة. وأي مجد؟ وأية فضيلة؟ إننا مدعوّون لنتزين بالله ونتسربل بفضائله، فهو مجدنا، وهو سلاحنا. لسنا مدعوّين لفضائل خارجية بل للاتحاد به، والامتثال به، فيكون لنا حب الرب، وقداسته، وصبره واحتماله وطول أناته ووداعته وبساطته. لهذا يقول الرسول: "لكي تصيروا شركاء الطبيعة الإلهية هاربين من الفساد الذي في العالم بالشهوة". فإذ نحن في العالم كيف نسلم من الفساد؟ بالاتحاد بالرب القدوس والإقتداء به؛ نتمثل به فلا يلمسنا فساد العالم الذي بالشهوة. إنها دعوة ثمينة أن تنعكس علينا إشعاعات الصفات الإلهية من حب وقداسة ووداعة... على القلب لنكون مثله (1 يو 3: 2؛ مت 6: 23)!. ثالثًا: إمكانيات الدعوة ما فائدة الدعوة الثمينة التي دفع فيها ثمنًا هذا قدره، وقُدمت لننال مجدًا سماويًا وفضائل روحية بغير إمكانية للتنفيذ؟ لهذا يقول الرسول:"كما أن قدرته الإلهية قد وَهبت لنا كل ما هو للحياة والتقوى". وكأن الرسول يقول لنا ما هو عذرنا بعد إن كان اللَّه قد قدم لنا بقدرته الإلهية كل ما هو للحياة والتقوى، إذ قدم لنا: 1. ميلادًا جديدًا سماويًا، به نولد روحانيًا، لنمتثل باللَّه القدوس. يقول الأب هيبوليتس: [أتوسل إليكم أن تصغوا إليّ جيدًا، فإنني أرغب في الرجوع بكم إلى ينبوع الحياة لتروا الينبوع المتدفق بالشفاء. الآب الخالد أرسل ابنه الكلمة الخالد إلى العالم، هذا الذي جاء إلى الإنسان لكي يغسله بالماء والروح، فأعادنا ثانية إلى عدم الفساد الذي للنفس والجسد، ونفخ فينا نسمة الحياة، وأمدنا بسلاحٍ غير فاسد. لذلك إذ يصير الإنسان خالدًا يصير إلهًا، وإذ يصير بالماء والروح القدس إلهًا خلال تجديده في الجرن، يصير بعد قيامته من الأموات شريكًا في الميراث مع المسيح (رو 8: 17). لهذا فإنني أكرز بهذا الهدف: تعالوا يا جميع أجناس الأمم إلى الخلود الذي يهبه العماد. إنني أقدم لكم بشائر الحياة الحسنة يا من تتخبطون في ظلمة الجهل! تعالوا إلى الحرية يا من في العبودية! إلى الملكوت يا من في الظلمة! تعالوا من الفساد إلى عدم الفساد! يقول قائل: وكيف نأتي؟ كيف؟ بواسطة الماء والروح القدس. هذا هو الماء المرتبط بالروح، الذي به يرتوي الفردوس، والذي به تغتني الأرض، وتنمو النباتات، وتتكاثر الحيوانات... وفي كلمة الذي به يُولد الإنسان ثانية ويتمتع بالحياة.] 2. تكريسًا للأعضاء والحواس والعواطف والغرائز بسر الميرون. 3. غسلاً لأقدامنا مع التلاميذ بيدي الرب يسوع الطاهرتين، الذي يتقدم في سرّ التوبة والاعتراف ويغسلهما. 4. تثبيتًا فيه وهو فينا خلال التناول من الأسرار المقدسة. 5. وهبنا تعليمًا روحيًا غير غاش لنمونا، يرضعنا به الروح في الكنيسة. 6. يقدم لنا الروح كل ما نحتاج إليه من ثمار وبركات روحية بل وزمنية أيضًا تعمل لأجل خلاصنا الخ. 2. جهاد الإنسان من أجل الملكوت ضرورة الجهاد لخلاصنا قدم لنا ربنا: 1. إيمانًا ببر إلهنا، بدونه نعجز عن العبور إلى الأبدية. 2. دعوة للمجد والفضيلة. 3. إمكانيات إلهية للحياة والتقوى. ولكن هل يمكن للإنسان أن يخلص منتفعًا بهذه التقدمات الإلهية بغير جهاد؟ إننا لا نقدر أن نخلص ما لم نشترك في حمل الصليب، ليس بذاتيتنا، ولكن بنعمة اللَّه المعينة والمساعدة والمرشدة. يا لعظم حبه الفائق أن يجعلنا ننحني مع سمعان القيرواني لنحمل معه صليبه؟ لهذا يقول الرسول: "ولهذا عينه وأنتم باذلون كل اجتهاد" [5]، أي لأجل الدعوة للأبدية ،أو لأجل خلاصكم وأنتم باذلون. وماذا نبذل؟ كل اجتهادٍ. فكما بذل الآب ابنه الوحيد، هكذا نربط نحن ابننا (كل ما هو محبوب لدينا) ونذبحه للرب كما قدم إبراهيم اسحق. طريق الجهاد "قدموا في إيمانكم فضيلة، وفي الفضيلة معرفة. وفي المعرفة تعففًا، وفي التعفف صبرًا، وفي الصبر تقوى، وفي التقوى مودة أخوية، وفي المودة الأخوية محبة" [6-7]. يربط الرسول الفضائل بعضها البعض دون تقديم الواحدة عن الأخرى، فلا يقول "بعد إيمانكم فضيلة" بل "في إيمانكم فضيلة". وكما يؤكد آباء الكنيسة أن الفضائل كما الرذائل هي سلسلة مترابطة وانعكاسات على بعضها البعض بطريقة لا تنفصل. 1. فضيلة: يطالبنا الرسول أن نقدم في الإيمان أعمالاً حتى لا يكون ميتًا. 2. معرفة: من يسير في الفضيلة بغير معرفة، يكون كمن يسير بلا هدف، ومن يدّعي المعرفة بغير السلوك في الفضيلة يكون ثرثارًا متكبرًا. 3. تعفف: من له معرفة عملية تعرف نفسه الخطية، بل وكل ما هو زمني مشتاقًا إلى الأبديات، وكما يستند التعفف أي ضبط النفس على المعرفة، يسند هو أيضًا المعرفة. 4. صبر: ضبط النفس أو التعفف النابع عن محبة السماويات يبعث في النفس قدرة على الاحتمال والصبر، فيترك الإنسان كل شيء برضا. هذا الصبر أو الاحتمال أيضًا يسند التعفف، لأن بدونه لا يقدر الإنسان أن يكون ضابطًا لنفسه. 5. تقوى: الاحتمال من أجل السماويات يهب للنفس تقوى، أي يبعث فيها الورع والمخافة الإلهية، وهذه التقوى تعين الإنسان، فيحتمل صابرًا. 6. المودة الأخوية: من يخاف الله ويتّقيه يعامل إخوته بلطفٍ وحنانٍ، وهذه المودة الأخوية أيضًا تملأ القلب ورعًا وتقوى. 7. المحبة: أما من يحب فقد اقتنى كل الفضائل، ولا تقوم فضيلة ما بغير محبة. هذا وقدر ما يتسع القلب للمودة الأخوية يحب الله، وقدر ما يحب الله يتسع لمودة الناس. يقول القديس دوروثيؤس: [تصور دائرة تخرج من مركزها أشعة أو خطوط. فبقدر ما تبتعد الخطوط عن المركز تفترق عن بعضها البعض... وبالعكس كلما اقتربت من المركز تقاربت نحو بعضها البعض. افترض أن هذه الدائرة في العالم ومركز الدائرة هو الله. والخطوط من المركز إلى المحيط أو من المحيط إلى المركز هي طريق حياة البشر، فإننا نجد نفس الأمر، فبقدر ما يتحرك القديسون في داخل الدائرة تجاه المركز راغبين في الاقتراب من الله، يقترب كل منهما للآخر.] أهمية الجهاد وخطورة التخلي عنه 1. "لأن هذه إذا كانت فيكم وكثرت، تصيّركم لا متكاسلين، ولا غير مثمرين، لمعرفة ربنا يسوع المسيح" [8]. متى كان فينا الجهاد في الفضائل السابق ذكرها، ونمونا فيها، تصّيرنا في حياة حيّة نشيطة مملوءة ثمارًا. هذه الثمار وسيلة للتعرف على ربنا يسوع معرفة حقيقية. من أجل هذا تطلب الكنيسة من الإشبين أن يزرع في الطفل المعمّد هذه الفضائل على الأرض الجيدة الخارجة من المعمودية والمرويّة بالماء حي والروح القدس. 2. "لأن الذي ليس عنده هذه هو أعمى، قصير البصر، قد نسى تطهير خطاياه السالفة" [9]. وأما من كان خاليًا منها فهو أعمى بلا بصيرة روحية، فقد إدراكه لقيمة التطهير السالف الذي ناله في المعمودية، وهو قصير البصر لا تتعدى عيناه الأرضيات، مضروب بالنسيان من جهة أعمال اللَّه معه. 3. "لذلك بالأكثر اجتهدوا أيها الإخوة أن تجعلوا دعوتكم واختياركم ثابتين، لأنكم إذا فعلتم ذلك لن تزلّوا أبدًا" [10]. إن الجهاد هام لجعل الدعوة والاختيار ثابتين، فبدونه يزل الإنسان ويتعثر كالأعمى، ويخسر دعوته واختياره... ولكن خشي الرسول لئلا ييأس أحد من خلاصه، لهذا أكمل قائلاً: "لأنه هكذا يقدم لكم بسعة دخول إلى ملكوت ربنا ومخلصنا يسوع المسيح الأبدي" [11]. ملكوت الله مفتوح متسع للمجاهدين لأننا إن صبرنا معه، فسنملك معه أيضًا (تي 2: 12). أبوابه مفتوحة على مصراعيه، لأن الله سخي وكريم. 3. تأكيد الملكوت الأبدي أولاً: أنه لا يحتاج إلى تذكير موضوع الملكوت ليس أمرًا جديدًا بل يكتب إليهم عنه لمجرد التذكرة. "لذلك لا أهمل أن أذكركم دائمًا بهذه الأمور، وإن كنتم عالمين ومثبتين في الحق الحاضر. لكنني أحسبه حقًا مادمت في هذا المسكن أن أنهضكم بالتذكرة. عالمًا أن خلع مسكني قريب، كما أعلن لي ربنا يسوع المسيح أيضًا. فاجتهدوا أيضًا أن تكونوا بعد خروجي تتذكرون كل حين بهذه الأمور" [12-15]. أدرك الرسول اقتراب خلع مسكنه، كما روى القديس أمبروسيوسأن الوثنيين استشاطوا غيظًا فأرادوا قتله، فأوعز إليه المؤمنون أن يهرب. قبل الرسول مشورتهم، وفيما هو خارج من باب مدينة روما رأى السيد داخلاً فسأله القديس: إلي أين تذهب يا سيدي؟ فأجابه: إلي روما لكي أصلب ثانية. فأدرك بطرس أن السيد المسيح يريد استشهاده، فرجع للحال وأخبر المؤمنين بذلك، وسُجن 9 شهور إلى أن صلب منكّس الرأس، وقطعت رأس بولس الرسول بالسيف في نفس اليوم. إدراكه اقتراب يوم انتقاله جعله لا يهمل أن يُذكّر أولاده بأبديتهم بالرغم من علمهم بها. وهذا التذكر لا يمل منه المؤمن مهما تكرر، بل يتوق لسماعه كمن يسمعه لأول مرة. ونلاحظ أن الرسول يطالب أولاده أن يتذكروا هذا بعد انتقاله. ثانيًا: التجلي يشهد لملكوته "لأننا لم نتبع خرافات مصنعة، إذ عرفناكم بقوة ربنا يسوع المسيح ومجيئه، بل قد كنا معاينين عظمته" [16]. لم تكن الكرازة بالملكوت من وحي خيال الرسل، بل عرفوا وعاينوا عظمة الرب وقوته خلال أعماله وفي تجلّيه، وقد عاين بطرس مع يعقوب ويوحنا التجلي الذي قال عنه الرب: "إن من القيام ههنا قومًا لا يذوقون الموت حتى يروا ابن الإنسان آتيًا في ملكوته" (مت 16: 28). وقد شهد أيضًا يوحنا بما عاينه في التجلي قائلاً: "ورأينا مجده مجدًا كما لوحيد من الآب مملوء نعمة وحقًا" (يو1: 14). ثالثًا: وماذا أدرك في التجلي؟ "لأنه أخذ من الله الآب كرامة ومجدًا، إذ أقبل عليه صوت كهذا من المجد الأسنى، هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت. ونحن سمعنا هذا الصوت مقبلاً من السماء إذ كنا معه في الجبل المقدس" [17-18]. 1. انكشفت كرامته ومجده اللذان أخذهما من الآب، فإذ أخلى ذاته بإرادته، صار عبدًا ليعود فيتقبل الكرامة والمجد اللذين له من يديّ الآب في طاعة كاملة. هذا القبول ليس من أجل نفسه، لكنه قبول البشرية كلها في شخصه، لكي نكون شركاء معه في كرامته ومجده. 2. الآب يشهد له أنه ابنه الحبيب الذي به سُر، ولم يكن ذلك وهمًا بل "نحن سمعناه" وعلى شاهدين أو ثلاثة تقوم الشهادة. 3. هذا الصوت "من السماء"، لأن مجد الرب وكرامته ليسا أرضيين بل سماويين. 4. تجلّي الرب جعله الجبل مقدسًا "إذ كنا معه في الجبل المقدس". رابعًا: الأنبياء يشهدون له "وعندنا الكلمة النبوية وهي أثبت، التي تفعلون حسنًا إن انتبهتم إليها كما إلى سراج منير في موضع مظلم، إلى أن يتفجر النهار، ويطلع كوكب الصبح في قلوبكم" [19]. يهتم الرسول بطرس كخادم للختان بشهادة نبوات العهد القديم (1 بط 1: 10-12، أع 3: 20-21) وهي أثبت. إنها شهادة أنبياء من أزمنة مختلفة تدور حول تجسد الرب وآلامه وصلبه وقيامته وأمجاده ومجيئه الثاني. يمدحهم الرسول من أجل اهتمامهم بدراستها وفحصها بتدقيق "التي تفعلون حسنًا إن انتبهتم إليها كما إلى سراج منير"، يبدد الظلمة، ويشرق في القلب كوكب الصبح - الرب يسوع - ويظهر نهاره مضيئًا ظلمة القلب. "عالمين هذا أولاً، أن كل نبوة الكتاب ليست من تفسير خاص. لأنه لم تأت نبوة قط بمشيئة إنسان، بل تكلم أناس اللَّه القديسون، مسوقين من الروح القدس" [20-21]. سجّل الأنبياء نبواتهم لا عن اجتهاد بشري، أي ليس عن تفسير خاص، بل بوحي من الروح القدس. إنهم أشبه بالقيثارة في يدي الروح تحركها لتعطي لحنًا عذبًا عن محبة اللَّه المعلنة في تجسد الرب وموته وقيامته ومجيئه الثاني لنرث معه. وقد دعاهم الرسول "أناس اللَّه"، لأنهم قيثارته، مسوقين كالسفينة التي يوجهها ربّان ماهر. هذا ما نطق به الرسول أيضًا قائلاً: "أيها الرجال الإخوة كان ينبغي أن يتم هذا المكتوب الذي سبق الروح القدس فقاله بفم داود" (أع 1: 15). ويقول الأب هيبوليتس: [يقال عن الأنبياء الطوباويين أنهم عيوننا، إذ سبق فرأوا خلال الإيمان أسرار الكلمة، وصاروا خدامًا لتلك الأمور الخاصة بالأجيال المتعاقبة، فلا يتحدثون فقط عن الأمور الماضية، بل ويعلنون الحاضر والمستقبل... لأن هؤلاء انتعشوا بالروح القدس، وتكرّموا كثيرًا بالكلمة ذاته، وهكذا كانوا كآلات موسيقى، وكانت لهم الكلمة دائمًا مثل آلة plectrum يعملون معًا في انسجام، وإذ كان الكلمة (المسيح) يحثهم يعلنون إرادة اللَّه، لأنهم لم يكونوا يتكلمون من ذواتهم، ولا حسب أهوائهم.] 1 سمعان بطرس عبد يسوع المسيح و رسوله الى الذين نالوا معنا ايمانا ثمينا مساويا لنا ببر الهنا و المخلص يسوع المسيح 2 لتكثر لكم النعمة و السلام بمعرفة الله و يسوع ربنا 3 كما ان قدرته الالهية قد وهبت لنا كل ما هو للحياة و التقوى بمعرفة الذي دعانا بالمجد و الفضيلة 4 اللذين بهما قد وهب لنا المواعيد العظمى و الثمينة لكي تصيروا بها شركاء الطبيعة الالهية هاربين من الفساد الذي في العالم بالشهوة 5 و لهذا عينه و انتم باذلون كل اجتهاد قدموا في ايمانكم فضيلة و في الفضيلة معرفة 6 و في المعرفة تعففا و في التعفف صبرا و في الصبر تقوى 7 و في التقوى مودة اخوية و في المودة الاخوية محبة 8 لان هذه اذا كانت فيكم و كثرت تصيركم لا متكاسلين و لا غير مثمرين لمعرفة ربنا يسوع المسيح 9 لان الذي ليس عنده هذه هو اعمى قصير البصر قد نسي تطهير خطاياه السالفة 10 لذلك بالاكثر اجتهدوا ايها الاخوة ان تجعلوا دعوتكم و اختياركم ثابتين لانكم اذا فعلتم ذلك لن تزلوا ابدا 11 لانه هكذا يقدم لكم بسعة دخول الى ملكوت ربنا و مخلصنا يسوع المسيح الابدي 12 لذلك لا اهمل ان اذكركم دائما بهذه الامور و ان كنتم عالمين و مثبتين في الحق الحاضر 13 و لكني احسبه حقا ما دمت في هذا المسكن ان انهضكم بالتذكرة 14 عالما ان خلع مسكني قريب كما اعلن لي ربنا يسوع المسيح ايضا 15 فاجتهد ايضا ان تكونوا بعد خروجي تتذكرون كل حين بهذه الامور 16 لاننا لم نتبع خرافات مصنعة اذ عرفناكم بقوة ربنا يسوع المسيح و مجيئه بل قد كنا معاينين عظمته 17 لانه اخذ من الله الاب كرامة و مجدا اذ اقبل عليه صوت كهذا من المجد الاسنى هذا هو ابني الحبيب الذي انا سررت به 18 و نحن سمعنا هذا الصوت مقبلا من السماء اذ كنا معه في الجبل المقدس 19 و عندنا الكلمة النبوية و هي اثبت التي تفعلون حسنا ان انتبهتم اليها كما الى سراج منير في موضع مظلم الى ان ينفجر النهار و يطلع كوكب الصبح في قلوبكم 20 عالمين هذا اولا ان كل نبوة الكتاب ليست من تفسير خاص 21 لانه لم تات نبوة قط بمشيئة انسان بل تكلم اناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس |
||||
08 - 10 - 2012, 08:08 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: تفسير رسالة بطرس الثانية كتابيا
الأصحاح الثاني ظهور المعلمين الكذبة 1. ظهور المبتدعين وخطورتهم 1-2. 2. دينونتهم أكيدة 3-9. 3. صفاتهم 10-22. 1. ظهور المبتدعين وخطورتهم "ولكن كان أيضًا في الشعب أنبياء كذبة، كما سيكون فيكم أيضًا معلمون كذبة، الذين يدسّون بدع هلاك، وإذ هم ينكرون الرب الذي اشتراهم، يجلبون هلاكًا سريعًا، وسيتبع كثيرون تهلكاتهم، الذين بسببهم يُجدف على طريق الحق" [1-2]. لا يكف إبليس عن أن يخدع بكل طريقة، مشوّهًا الحق، بإظهار ما هو على مثله، فكما يعمل الروح القدس في الأنبياء الحقيقيين شاهدين للرب، هكذا ظهر أيضًا أنبياء كذبة يعمل فيهم إبليس (إر 14: 14؛ 23: 25؛ تث 13: 1-5)، وكما يوجد رعاة حقيقيون، هكذا يوجد معلمون كذبة أيضًا. قد حذرنا ربنا يسوع منهم (مت 7: 15؛ 24:24)، كما حذر الرسول أساقفة أفسس قائلاً: "ومنكم أنتم سيقوم رجال يتكلمون بأمورٍ ملتويةٍ ليجتذبوا التلاميذ وراءهم" (أع 20: 30). يقول العلامة ترتليان: [يلزمنا ألا ندهش من وجود الهرطقات، لأنه قد سبق الرب فأنبأنا بقيامها، إذ تفسد إيمان البعض، لكنها تقدم تجربة إيمان فتهب فرصة للتذكية (1 كو 11: 19).] فالهرطقات لها مضارها كما لها منافعها. أما مضارها فكما يقول الرسول: 1. ينكرون الرب الذي اشتراهم، مستهينين بالدم الثمين المدفوع لأجل إيماننا المستقيم. 2. لا يهلكون وحدهم، بل يحدرون معهم آخرين للهلاك، والهدم أسرع من البناء. 3. يسيئون إلى الله، إذ "بسببهم يجدف على طريق الحق". فبالرغم من ادعاءاتهم أنهم متمسكون بالإنجيل إلا أن انحراف إيمانهم وسيرتهم يسببان تجديفًا على اسم الرب. أما منافع الهرطقات فكما يقول القديس أغسطينوس: [أما عن الهراطقة فهم لا يفعلون أكثر من أن يجذبوننا نحو معرفة الأسرار، ذلك إن كنا نحيا في تقوى، ونؤمن بالمسيح. ولا نشتهي الطيران من العش قبل الأوان. انظروا أيها الإخوة فائدة الهراطقة، فإن الله بحسب تدبيره يستخدم حتى الأشرار للخير... فإذ يبتدع الهراطقة تضطرب النفوس الصغيرة، وإذ تضطرب تبحث في الكتاب المقدس... وبحثهم هذا بمثابة قرع رؤوس الرضع على صدر أمّهاتهم لكي ينالوا اللبن الكافي.] 2. دينونتهم أكيدة "وهم في الطمع يتجرون بكم بأقوال مصنّعة، الذين دينونتهم منذ القديم لا تتوانى، وهلاكهم لا ينعس" [3] إذ يتاجرون بالنفوس مستهينين بها وبالدم الكريم المسفوك لأجلها، مستخدمين في ذلك أقوالاً مصنّعة، أي أحاديث لينة خادعة، إذ "بالكلام الطيب والأقوال الحسنة يخدعون قلوب السلماء" (رو 16: 18). لهذا فإن دينونتهم منذ القديم قائمة تنتظرهم، وهلاكهم لا يغفل عنهم مهما شعروا بطمأنينة كاذبة. ودليل إدانتهم: أولاً: إدانة الملائكة الساقطين "لأنه إن كان الله لم يشفق على ملائكة أخطأوا، بل في سلاسل الظلام طرحهم في جهنم، وسلّمهم محروسين للقضاء" [4]. ونلاحظ أن قولهم "طرحهم" في صيغة الماضي تعني تأكيد ما سيكون في المستقبل. استخدم القديس أغسطينوس هذا النص في إثبات أن الملائكة الأشرار لم يخلقوا هكذا، بل بسقوطهم في الخطأ صاروا أشرارًا. ثانيًا: هلاك العالم القديم "ولم يشفق على العالم القديم، بل إنما حفظ نوحًا ثامنًا كارزًا للبرّ، إذ جلب طوفانًا على عالم الفجّار" [5]. هذه الجملة متصلة بالجملة الشرطية السابقة، أي إن كان الله لم يشفق على العالم القديم في أيام نوح الذي كرز للبرّ ولم يسمعوا له، فجلب عليهم طوفانًا بسبب فجورهم، فهل لا يدين الله المبتدعين؟ وقد "حفظ نوحًا ثامنًا"، أي بالرغم من أنه الشخص الثامن من الفُلك. لعله دخل بعد أولاده ونسائهم وزوجته ليطمئن عليهم، فإن قلة عددهم لم تمنع اهتمام الله بهم وحفظهم. كما أن كثرة الأشرار لا يمنع إدانتهم. ثالثًا: حرق سدوم وعمورة "وإذ رمَّد مدينتيّ سدوم وعمورة حكم عليهما بالانقلاب، واضعًا عبرة للمعتدّين أن يفجروا "[6]. لقد صار إحالة مدينتي سدوم وعمورة إلى رماد عبرة للتاريخ البشري كله، لأنه إذ ارتفع شرّهم وامتلأ كأس آثامهم أهلكهما الله، هكذا كل من يتمادى في الشر دون أن يتوب! لقد "حكم عليهما بالانقلاب" كمن يُحكم عليه بالإعدام، لأن أجرة الخطية الموت. وحتى في هلاكهما الذي هو ثمرة فجورهما يخرج الله من الآكل أكلاً، محوّلاً شرهما لخير الآخرين، إذ يعتبرون بهما فيتوبون. هذا وقد كشف الله مدى اهتمامه بأولاده. ففي حرق المدينتين لم ينسَ الله لوطًا وابنتيه بالرغم من قلة عددهم بالنسبة للأشرار. "وأنقذ لوطًا البار مغلوبًا من سيرة الأردياء في الدعارة، إذ كان البار بالنظر والسمع وهو ساكن بينهم، يعذب يومًا فيومًا نفسه البارة بأفعالهم الأثيمة" [7-8]. لقد ألقى لوط نفسه بنفسه وسط الأردياء، إذ اختار الأرض الخصبة تاركًا لعمه "إبراهيم" الأرض الجرداء، لهذا استحق أن يخرج فارغ اليدين. لكن لوط لم يندمج مع الأشرار في دعارتهم، غير أن نفسه كانت تتعذب يومًا فيومًا مما يراه ويسمعه من أفعالهم الأثيمة! لقد أنقذ الرب لوطًا (تك19: 16) لعدم تدنسه بالفساد الذي حوله، إذ كانت نفسه مرة "مغلوبًا من سيرة الأردياء في الدعارة"، لأنها سيرة ثقيلة على نفس المؤمن. "يعلم الرب أن ينقذ الأتقياء من التجربة، ويحفظ الآثمة إلى يوم الدين معاقبين" [9]. هذه هي النتيجة التي يريد أن يعلنها الوحي: 1. في وسط التجربة يميز الله بين الأتقياء والمحفوظين للعقاب. 2. الله في تركه الأتقياء بين الأشرار لا يعني أنه قد نسيهم، بل يعرف كيف ينقذهم، وذلك كمثل الزارع الذي يترك الزوان ينمو مع الحنطة إلى يوم الحصاد فيفرزهما. 3. لا يتعجل الله على عقاب الفجار، بل "يحفظ الآثمة إلى يوم الدين معاقبين". 3. صفاتهم لخص الرسول صفات هؤلاء المعلمين الكذبة بالآتي: . سالكون حسب الجسد. 5. مخادعون. 2. يستهينون بالسيادة. 6. محبون للأجرة. 3. جاهلون كالحيوانات. 7. عقماء. 4. محبون للذة. 8. يشوّهون مفهوم الحرّية. وقد سبق لنا شرح بعض هذه الصفات في تفسير رسالة يهوذا. 1. سالكون حسب الجسد. "ولاسيما الذين يذهبون وراء الجسد في شهوة النجاسة" وقد ميّز القديس أغسطينوس في مقاله عن ضبط النفس بين: أ. الجسد بغرائزه: وهو من عمل الله كلي الصلاح، لذلك فهو صالح. ب. الروح بطاقاتها: وهي من عمل الله كلي الصلاح، لذلك فهي صالحة. ج. شهوات الجسد: وهي دخيلة على الإنسان نتيجة انحراف توجيه غرائز الإنسان وطاقاته. د. شهوات الروح: وهي اشتياقات الروح لتنطلق إلى حضن الخالق، وهذه تضاد شهوات الجسد التي هي كالمرض دخيلة على الإنسان. فالقول "يذهبون وراء الجسد" يعني أن الإنسان يسلك حسب هواه أو ذاته أو رغباته الأرضية البشرية وليس حسب شهوات الروح، أي ليس حسب إرادة الله السماوية. وكما يقول القديس أغسطينوس: [هذا كشفه الرسول نفسه بصورة أوضح في موضع آخر، إذ يقول "ألستم جسديين وتسلكون بحسب البشر؟" (1 كو 3: 3). فعندما دعاهم جسديين لم يقل: "وتسلكون حسب الجسد"، بل قال "حسب البشر"، لأنه بالحق لو كان من يسلك "حسب الجسد" يستحق اللوم ومن يسلك "حسب البشر" يستحق المديح، لما قال لهم موبخًا "وتسلكون حسب البشر"؟ انصت يا إنسان. لا تسلك حسب البشر، بل حسب الذي خلقك. لا تهرب من ذاك الذي أوجدك. لا تفلت منه حتى باتكالك على ذاتك (وليس فقط على غيرك) لأن ذاك الذي لم يسلك حسب البشر، قال "ليس أننا كُفاة من أنفسنا بل كفايتنا من الله" (2كو3: 5)... لهذا لا تسلك يا إنسان حسب ذاتك وإلا هلكت. عندما تسمع يا إنسان القول: "لأن إن عشتم حسب الجسد فستموتون" (رو 8: 13)، لا تسلك حسب ذاتك، لأن الشيطان ليس له جسد، ومع ذلك إذ أراد أن يعيش حسب ذاته لم يثبت في الحق (رو 8: 44). إذن هؤلاء المعلمون يذهبون وراء الجسد، أي وراء نزواتهم الخاصة في شهوة النجاسة... وأية نجاسة أبشع من أن يقبل الإنسان إرادته عوض إرادة الله وعوض الانقياد بروح الله كابن له (رو 8: 14) ينقاد بأعمال جسده؟] 2. يستهينون بالسيادة "ويستهينون بالسيادة، جسورون، معجبون بأنفسهم، لا يرتعبون أن يفتروا على ذوي الأمجاد" [10]. وقد سبق لنا شرح هذه العبارة في تفسير رسالة يهوذا ع 8، نرجو الرجوع إليه. إنهم معتدون بذواتهم وبآرائهم، لا يقبلون الخضوع لما تسلمته الكنيسة جيلاً بعد جيلٍ، بل يرغبون في شرح الكتاب المقدس وتفسيرهم له حسبما تمليه عليهم أفكارهم الخاصة. وهم في هذا لا يقتدون بالملائكة المتواضعين، الذين وهم أعظم منهم قوة وقدرة وفهمًا وحكمة، لا يقدمون حكم افتراء حتى ضد الشياطين بل يتركون الرب ينتهرهم (راجع تفسير رسالة يهوذا ع 9). 3. جاهلون كالحيوانات "أما هؤلاء فكحيوانات غير ناطقة طبيعية، مولودة للصيد والهلاك، يفترون على ما يجهلون، فسيهلكون في فسادهم" [12] إذ يرفضون الحق ويقاومونه، يكونون بلا فهم كالحيوانات غير الناطقة، وكما يقول القديس أنطونيوس الكبير: [هذه النفوس تهلك كالحيوانات العجم. لأن عقولهم تسحبها الشهوات، كما تسحب الخيول الجامحة راكبيها]، بل صاروا أدنى منها. أ. إن الحيوانات غير ناطقة بالطبيعة، لكن الإنسان وهب عقلاً كما يقول القديس أنطونيوس: [ليعين الإنسان في علاقته مع الله]، فانحرافهم عما خُلقوا لأجلها يجعلهم أدنى من الحيوانات. ب. إن الحيوانات مخلوقة "للصيد والهلاك"، أما الإنسان فمخلوق ليحيا إلى الأبد، وكما يقول القديس أنبا أنطونيوس: [الإنسان العاقل عندما يفحص نفسه يرى ما يجب عليه أن يفعله، وما هو نافع له، وما هو قريب لنفسه، ويقودها إلى الخلاص، كما يرى ما هو غريب عن النفس ويقودها إلى الهلاك، وبهذا يتجنب ما يؤذي النفس باعتباره شيئًا غريبًا عنها.] ج. إن المبتدعين ليس فقط يجهلون الأمور، لكنهم في تجاسر يفترون، مقاومين الحق مع أنه كان يجدر بهم على الأقل أن يصمتوا بسبب جهلهم. د. إن سبب هلاكهم ليس خارجًا عنهم، بل "سيهلكون في فسادهم" أي أَسلموا أنفسهم بأنفسهم للهلاك. 4. محبون للذة "آخذين أجرة الإثم الذين يحسبون تنعم يوم لذة. أدناس وعيوب، يتنعمون في غرورهم صانعين ولائم معكم" [13]. نجدهم في العالم كأنهم ناجحون ومزدهرون، إذ يتنعمون بلذة يوم قصير، لابد أن يعبر ليأتي يوم الدين. هذا هو مبدأهم كمبدأ الأبيقوريين "لنأكل ونشرب لأننا غدًا نموت"، فيفرحون بلذة مؤقتة يحسبونها نصيبهم، متجاهلين السعادة الأبدية الدائمة. وهم في هذا يقتدون بعيسو الذي من أجل لذة أكلة عدس باع بكوريته، وعاد ليبكي بمرارة بلا نفع. يقول الرسول: "الذي يزرعه الإنسان إيّاه يحصد، لأن من يزرع لجسده فمن الجسد يحصد فسادًا" (غل 6: 7-8). وإذ يتنعمون هنا في غرورهم، آخذين أجرة الإثم، يتعذّبون هناك. أما خطورة هؤلاء المبتدعين أنهم "صانعين ولائم معنا"، أي يحاولون نسب أنفسهم إلى وليمة المسيح، ويدعون أنهم أعضاء في الكنيسة، وهم يحملون كل كراهية وبُغضة ضدها. 5. مخادعون "لهم عيون مملوءة فسقًا، لا تكف عن الخطية، خادعون النفوس غير الثابتة. لهم قلب متدرب في الطمع، أولاد اللعنة" [4]. من يستهين بحياته فيعيش في إباحية باستهتار تصير عيناه مملوءة فسقًا، أي زنا. فيفقد المعلم الكاذب العين البسيطة التي تنير الجسد كله، وتصير عيناه مظلمتين لا تنظران إلا ما هو شر ودنس "لا تكف عن الخطية". هؤلاء المعلّمون المملوءة عيونهم فسقًا، ولا يكفّون عن الخطية، يخدعون النفوس غير الثابتة خلال مظهرهم الخارجي المملوء غيرةً وحماسًا وطهارةً وعفةً. هؤلاء "لهم قلب متدرب في الطمع، أولاد اللعنة"، أي يحمل قلبهم ما تمتلئ به عيونهم من فسق. قلب لا يشبع ولا يرتوي، في طمعٍ دائمٍ، لا من جهة المادة فحسب، بل وفي صنع الشر واقتناء الكرامة وحب الظهور، ولو على فيه هلاك البسطاء، والانحراف بهم عن إيمانهم البسيط! لهذا استحقوا أن يدعوا "أولاد اللعنة". 6. محبون للأجرة "قد تركوا الطريق المستقيم فضلّوا، تابعين طريق بلعام بن بصور، الذي أحب أجرة الإثم. ولكنه حصل على توبيخ تعدّيه، إذ منع حماقة النبي حمار أعجم، ناطقًا بصوت إنسان" [15-16]. "قد تركوا الطريق المستقيم"، أي كانوا يومًا ما سالكين فيه، لكنهم انحرفوا منخدعين بطريق بلعام محب أجرة الإثم من الخدمة، حتى انغلق ذهنه فلم يدرك. وقد استخدم الله الحمار الأعجم لتوبيخ من فقد عقله. 7. عقماء "هؤلاء هم آبار بلا ماء، غيوم يسوقها النوء. الذين قد حُفظ لهم قتام الظلام إلى الأبد" [17]. لهم مظهر خارجي خادع. فإذ يرى الظمآن البئر يفرح بها، لكنه يحاول الشرب فلا يجد ماءً. وكالفلاح الذي يفرح بالغيوم، لكن سرعان ما تحملها لرياح دون أن تمطر. وستنكشف حقيقة هذا المظهر في الأبدية "الذين قد حُفظ لهم قتام الظلام إلى الأبد"، أي يتركهم الرب هنا قليلاً، ولا يعلموا أنهم محفوظون للظلمة الأبدية. "لأنهم إذ ينطقون بعظائم البُطلِ، يخدعون بشهوات الجسد في الدعارة من هرب قليلاً من الذين يسيرون في الضلال" [18]. أي أنهم يدعون في كبرياءٍ واعتدادٍ المعرفة الفائقة والحكمة، ويحسبون أن تعاليمهم ذات شأن، وهم في الحقيقة مخدوعون بشهوات الجسد، أي بنزواتهم الخاصة. وإذ يجذبون الناس عن ضلالهم، يلقونهم مرة أخرى فيما هو أشر. إنهم يقدمون آمالاً عظيمة ويفتحون الباب للخطاة، لكن في هذا كله يعتمدون على فلسفتهم الذاتية، فيحرفونهم معهم في ضلالهم. 8. يشوّهون مفهوم الحرية "واعدين إيّاهم بالحرية، هم أنفسهم عبيد الفساد، لأن ما أنغلب منه أحد، فهو مُستعبد أيضًا" [19] يكرزون بالحرية… وهذه الكرازة لها جاذبيتها الجميلة ومظهرها البرّاق، لكن للأسف هم أنفسهم مستعبدون للخطية لأنهم مغلوبون منها، وكما يقول الرب "الحق الحق أقول لكم أن كل ما يعمل الخطية هو عبد للخطية" (يو 8: 34). ولعلهم استخدموا هذه الكلمة العذبة "الحرية" التي من أجلها جاء الرب متجسدًا وتألم ومات وقبر وقام وصعد. هذا كله ليصعدنا معه كأبناء أحرار ورثة الملكوت. استخدموها في مفهوم خاطئ مثل: 1. التحرر من الناموس باستهتار، وقد عالج الأب ثيوناس هذا الأمر مع الأبوين يوحنا كاسيان وجرمانيوس علاجًا مستفيضًا يمكن الرجوع إليه. وكما يقول الأب يوحنا كاسيان للأب ثيوناس [الشخص الخاضع لشرائع الناموس، ولم يفوق مطالبها بعد، لا يقدر أن يصل إلى كمال الإنجيل، حتى ولو كان يفخر، في تهاونه، أنه مسيحي ومتحرر بنعمة الرب.] 2. التحرر من النظم والترتيبات التي وضعتها الكنيسة لأجل حياة أولادها. 3. التحرر بمعنى الفوضى في العبادة يفعل ما يشاء بلا إرشاد. "لأنه إذا كانوا بعدها هربوا من نجاسات العالم بمعرفة الرب والمخلص يسوع المسيح، يرتبكون أيضًا فيها فينغلبون، فقد صارت لهم الأواخر أشر من الأوائل" [20]. إذ ينادون بربنا يسوع المسيح كمخلصٍ يعودون فيرتكبون الخطية مغلوبين منها، وبهذا يصيرون إلى حال أشر، وذلك كالمثال الذي ذكره الرب في إنجيل معلمنا لوقا البشير (11: 26)، إذ بعدما خرج الشيطان من إنسانٍ ولم يجد له مكانًا، عاد فوجد مسكنه الأول مكنوسًا مزينًاأ فاستصحب معه سبعة شياطين أشر منه. وسر ما بلغ إليه حالهم في المرة الثانية هو... 1. أنه لم يعد لهم الجهل عذرًا (مت 12: 45). 2. من سقط وله معرفة لا يعود ينصت بعد إلى من يرشده أو يعظه. 3. السقوط بمعرفة يدفع الإنسان إلى اليأس. "لأنه كان خيرًا لهم لو لم يعرفوا طريق البرّ، من أنهم بعد ما عرفوا يرتدّون عن الوصية المقدسة المسلمة إليهم. قد أصابهم ما في المثل الصادق: كلب قد عاد إلى قيئه، وخنزيرة مغتسلة إلى مراغة الحماة" [21-22]. وقد اقتبس الرسول هذا المثل عن سفر الأمثال "كما يعود الكلب إلى قيئه هكذا يعيد حماقته" (أم 26: 11). والمراغة هو مكان التمرغ، والحمأة هي الطين الأسود النتن الذي فيه تتمرغ الخنازير. هكذا يعود هؤلاء بعدما سمعوا وتحدثوا عن الحرية التي في المسيح إلى حياة العبودية مرة أخرى بسبب شرهم، ويصيروا عبيدًا مهما ادعوا لأنفسهم أنهم سادة. وكما يقول القديس أغسطينوس: [الإنسان الصالح وإن كان عبدًا فهو حر، أما الشرير فحتى إن كان ملك فهو عبد.] 1 و لكن كان ايضا في الشعب انبياء كذبة كما سيكون فيكم ايضا معلمون كذبة الذين يدسون بدع هلاك و اذ هم ينكرون الرب الذي اشتراهم يجلبون على انفسهم هلاكا سريعا 2 و سيتبع كثيرون تهلكاتهم الذين بسببهم يجدف على طريق الحق 3 و هم في الطمع يتجرون بكم باقوال مصنعة الذين دينونتهم منذ القديم لا تتوانى و هلاكهم لا ينعس 4 لانه ان كان الله لم يشفق على ملائكة قد اخطاوا بل في سلاسل الظلام طرحهم في جهنم و سلمهم محروسين للقضاء 5 و لم يشفق على العالم القديم بل انما حفظ نوحا ثامنا كارزا للبر اذ جلب طوفانا على عالم الفجار 6 و اذ رمد مدينتي سدوم و عمورة حكم عليهما بالانقلاب واضعا عبرة للعتيدين ان يفجروا 7 و انقذ لوطا البار مغلوبا من سيرة الاردياء في الدعارة 8 اذ كان البار بالنظر و السمع و هو ساكن بينهم يعذب يوما فيوما نفسه البارة بالافعال الاثيمة 9 يعلم الرب ان ينقذ الاتقياء من التجربة و يحفظ الاثمة الى يوم الدين معاقبين 10 و لا سيما الذين يذهبون وراء الجسد في شهوة النجاسة و يستهينون بالسيادة جسورون معجبون بانفسهم لا يرتعبون ان يفتروا على ذوي الامجاد 11 حيث ملائكة و هم اعظم قوة و قدرة لا يقدمون عليهم لدى الرب حكم افتراء 12 اما هؤلاء فكحيوانات غير ناطقة طبيعية مولودة للصيد و الهلاك يفترون على ما يجهلون فسيهلكون في فسادهم 13 اخذين اجرة الاثم الذين يحسبون تنعم يوم لذة ادناس و عيوب يتنعمون في غرورهم صانعين ولائم معكم 14 لهم عيون مملوة فسقا لا تكف عن الخطية خادعون النفوس غير الثابتة لهم قلب متدرب في الطمع اولاد اللعنة 15 قد تركوا الطريق المستقيم فضلوا تابعين طريق بلعام بن بصور الذي احب اجرة الاثم 16 و لكنه حصل على توبيخ تعديه اذ منع حماقة النبي حمار اعجم ناطقا بصوت انسان 17 هؤلاء هم ابار بلا ماء غيوم يسوقها النوء الذين قد حفظ لهم قتام الظلام الى الابد 18 لانهم اذ ينطقون بعظائم البطل يخدعون بشهوات الجسد في الدعارة من هرب قليلا من الذين يسيرون في الضلال 19 واعدين اياهم بالحرية و هم انفسهم عبيد الفساد لان ما انغلب منه احد فهو له مستعبد ايضا 20 لانه اذا كانوا بعدما هربوا من نجاسات العالم بمعرفة الرب و المخلص يسوع المسيح يرتبكون ايضا فيها فينغلبون فقد صارت لهم الاواخر اشر من الاوائل 21 لانه كان خيرا لهم لو لم يعرفوا طريق البر من انهم بعدما عرفوا يرتدون عن الوصية المقدسة المسلمة لهم 22 قد اصابهم ما في المثل الصادق كلب قد عاد الى قيئه و خنزيرة مغتسلة الى مراغة الحماة |
||||
08 - 10 - 2012, 08:09 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: تفسير رسالة بطرس الثانية كتابيا
الأصحاح الثالث مجيء المسيح الثاني 1. الكتاب المقدس يركز حوله مجيئه 1-2. 2. المبتدعون ينكرون مجيئه 3-10. 3. واجباتنا تجاه مجيئه 11-14. 4. الختام 15-18. 1. الكتاب المقدس يركز حوله مجيئه "هذه أكتبها الآن إليكم رسالة ثانية أيها الأحباء، فيهما أنهض بالتذكرة ذهنكم النقي، لتذكروا الأقوال التي قالها سابقًا الأنبياء القديسون ووصيتنا نحن الرسل وصية الرب والمخلص" [2]. كما سبق وأكد الرسول في الأصحاح الأول عاد هنا ليخبرهم أن هذه الرسالة الثانية أيضًا لا تأتي بجديد، بل يحثهم بخصوص "مجيء الرب الثاني" الذي هو: 1. سبق الأنبياء فأنبأوا عن مجيئه. 2. أوصى الرب به (مت 24: 26-29؛ مر 13: 35-37؛ لو 12: 40). 3. أوصى به الرسل والتلاميذ (1 تس 5: 2-4). هذه هي غاية كلمة الله في العهدين أن ننتظر مجيء الرب ونلتقي به ومعه إلى الأبد. 2. المبتدعون ينكرون مجيئه "عالمين هذا أولاً أنه سيأتي في آخر الأيام قوم مستهزئون، سالكين بحسب شهوات أنفسهم. قائلين أين هو موعد مجيئه، لأنه من حين رقد الآباء كل شيء باق هكذا من بدء الخليقة" [3-4]. لقد سبق فتأكدنا من قيام أناس مستهزئين تدفعهم شهواتهم الخاصة إلى إنكار الوحي الإلهي وإنكار القيامة والدينونة. وكما يقول القديس أغسطينوس أن وراء كل إلحاد شهوة، وذلك لكي يهدئ الإنسان ضميره ويستبيح لنفسه أن يفعل هواه. وهنا يقدم الرسول الردود التالية مؤكدًا مجيئه الثاني: 1. الخلقة والطوفان "لأن هذا يخفي عليهم بإرادتهم أن السماوات كانت منذ القديم، والأرض قائمة من الماء وبالماء، اللواتي بهن العالم الكائن، حينئذ فاض عليه الماء فهلك، وأما السماوات والأرض الكائنة الآن فهي مخزونة بتلك الكلمة عينها، محفوظة للنار إلى يوم الدين وهلاك الناس الفجّار" [5-7]. وكما يقول القديس أغسطينوس بأن الرسول لم يذكر شيئًا في هذا الفصل (1-13) عن قيامة الأموات مركزًا إثبات الأدلة على دمار العالم. فإذ يقولون أن كل شيء باق من بدء الخليقة نسوا أنه "بكلمة الرب صُنعت السماوات وبنسمة فيه كل جنودها". نسوا أن الخالق أيضًا سمح بالطوفان، فأهلك في القديم من هم على الأرض (تك 7: 11)، وهذه صورة مبسطة للهلاك المنتظر الذي يحل بالفجّار. 2. عدم خضوع الله للزمن "ولكن لا يخفى عليكم هذا الشيء الواحد أيها الأحباء، أن يومًا واحدًا عند الرب كألف سنة، وألف سنة كيومٍ واحٍد" [8]. يخضع الإنسان للزمن لهذا يتعجل الأمور، أما الله فلا يخضع للزمن بل فوق حدوده، إذ كل الأمور مكشوفة قدامه. فلا عجب أن حسب الخلقة من آدم حتى يوم مجيئه بيومٍ واحد (مت 20: 8). ويقول المرتل "لأن ألف سنة في عينيك مثل يوم أمس" (مز 90: 4). وقد استخدم الأب لانكتانتيوس هذا النص في إثبات أن ستة أيام الخليقة لا نعني اليوم العادي أي 24 ساعة. 3. طول أناة الله عدم مجيء الرب إلى يومنا هذا ليس تباطؤًا منه، لكن طول أناة علينا، لعلنا نرجع ونتوب، لأنه يريد خلاص الجميع. وكما يقول الرسول: "لا يتباطأ الرب عن وعده كما يحسب قوم التباطؤ، لكنه يتأنى علينا، وهو لا يشاء أن يهلك أناس، بل أن يقبل الجميع إلى التوبة. ولكنه سيأتي كلص في الليل يوم الرب الذي فيه تزول السماوات بضجيج، وتنحل العناصر محترقة، وتحترق الأرض والمصنوعات التي فيها" [9-10]. فيوم الرب بالنسبة للأشرار يكون كلصٍ يباغتهم في الليل، في وسط ظلمتهم، أما بالنسبة للأبرار فيكون يوم عرسٍ تزف فيه النفوس مع عريسها السماوي. وقد وُجد هجوم عنيف ضد هذا القول كيف تنحل العناصر محترقة؟ ولكننا نشكر الرب لأننا في هذا العصر رأينا كيف تنحل الذرة وتحدث احتراقًا، بل وصار لدى بعض الدول إمكانية لإبادة الأرض محترقة بالقنابل الذرية. ويوضح القديس أغسطينوس أن "السماوات" هنا تعني السماوات المادية أي الكواكب... وليس السماء بمعنى عرش الله الأبدي. 3. واجبات تجاه مجيئه إن كان الكتاب كله يدور حول لقائنا مع الرب، ويوجه أنظارنا تجاه الأبدية فلا يكفي أننا نرفض أقوال المبتدعين بل كما يقول الرسول: "فبما أن هذه كلها تنحل، أي أناس يجب أن تكونوا أنتم، في سيرة مقدسة وتقوى" [11]. إننا راحلون فلنتهيأ بالسيرة المقدسة التي تليق بالأبدية. فانحلال السماء والأرض ليس موضوع رعب لنا، بل موضوع رجاء. "منتظرين وطالبين سرعة مجيء الرب، الذي به تنحل السماوات ملتهبة والعناصر محترقة تذوب" [12]. لننتظر "الرجاء المبارك وظهور مجد الله العظيم ومخلصنا يسوع المسيح" (تي 2: 13). وهذا الرجاء يبعث في الكنيسة شوقًا لحياة القداسة، وشوقًا لمجيء الرب، طالبة كل يوم "ليأت ملكوتك" محبة لظهوره ( 2تي 4: 8)، مناجية إيّاه على الدوام "تعال أيها الرب يسوع" (رؤ 22: 20). "ولكننا بحسب وعده، ننتظر سماوات جديدة، وأرضًا جديدة، يسكن فيها البر" [13]. تنتظر العروس منزل الزيجة لتلتقي بعريسها في اتحاد عجيب! تنتظر سماوات جديدة، أي غير مادية بل أورشليم السماوية (رؤ 21: 2) التي هي موضوع رجاء الكل (عب 11: 10)، لهذا لا تكف عن الجهاد من أجلها! "لذلك أيها الأحباء إذ أنتم منتظرون هذه، اجتهدوا لتوجدوا عنده بلا دنس ولا عيب في سلام" [14]. هذا الرجاء، يدفع الكنيسة للمثابرة للتدرب على يدي الرب القدوس وبنعمته وبروحه يحضرها "لنفسه كنيسة مجيدة لا دنس فيها ولا غضن أو شيء من مثل ذلك، بل تكون مقدسة وبلا عيب" (أف 5: 27). وكما قال الرائي: "لنفرح ونتهلل ونعطه المجد، لأن عرس الخروف قد جاء وامرأته هيّأت نفسها. وأُعطيَت أن تلبس بزًّا نقيًا بهيًا، لأن البر هو تبرّرات القديسين" (رؤ 19: 7-8). وكما قال: "رأيت المدينة المقدسة أورشليم الجديدة، نازلة من السماء من عند الله، مهيأة كعروس مزينة لرجلها" (رؤ 21: 2). 4. الختام "وأحسبوا أناة ربنا خلاصنا كما كتب إليكم أخونا الحبيب بولس أيضًا، بحسب الحكمة المعطاة له، كما في الرسائل كلها أيضًا متكلمًا فيها عن هذه الأمور، التي فيها أشياء عسرة الفهم يحرفها غير العلماء وغير الثابتين كباقي الكتب أيضًا لهلاك أنفسهم. فأنتم أيها الأحباء، إذ قد سبقتم فعرفتم، احترسوا أن تنقادوا بضلال الأردياء، فتسقطوا من ثباتكم. ولكن انموا في النعمة، وفي معرفة ربنا ومخلصنا يسوع المسيح، له المجد الآن وإلى يوم الدهر. آمين" [15-18]. نهاية الأمر وغايته أن ننتتفع من طول أناة الله لأجل خلاصنا بنمونا في النعمة وفي معرفة ربنا، أي كلما طال الزمن لننمو أكثر فأكثر ولا نخمل. هذه الأمور سجلها الرسول بولس وهو يدعوه أخاه الحبيب مع أن الرسول بولس اضطر أن يوبخه (غل 2: 2). لكن البعض حرّف أقوال الرسول بولس، إذ ظنّوا أن القيامة ستتم في أيامهم كأهل تسالونيكي، بل وفهم ذلك أهل كورنثوس من رسالته الأولى حتى أنهم كفّوا عن العمل منتظرين مجيئه، والبعض استهزءوا بقوله مناديًا ان ما قاله الرسول من جهة القيامة لم يتم، لذلك أرسل رسالته الثانية. 1 هذه اكتبها الان اليكم رسالة ثانية ايها الاحباء فيهما انهض بالتذكرة ذهنكم النقي 2 لتذكروا الاقوال التي قالها سابقا الانبياء القديسون و وصيتنا نحن الرسل وصية الرب و المخلص 3 عالمين هذا اولا انه سياتي في اخر الايام قوم مستهزئون سالكين بحسب شهوات انفسهم 4 و قائلين اين هو موعد مجيئه لانه من حين رقد الاباء كل شيء باق هكذا من بدء الخليقة 5 لان هذا يخفى عليهم بارادتهم ان السماوات كانت منذ القديم و الارض بكلمة الله قائمة من الماء و بالماء 6 اللواتي بهن العالم الكائن حينئذ فاض عليه الماء فهلك 7 و اما السماوات و الارض الكائنة الان فهي مخزونة بتلك الكلمة عينها محفوظة للنار الى يوم الدين و هلاك الناس الفجار 8 و لكن لا يخف عليكم هذا الشيء الواحد ايها الاحباء ان يوما واحدا عند الرب كالف سنة و الف سنة كيوم واحد 9 لا يتباطا الرب عن وعده كما يحسب قوم التباطؤ لكنه يتانى علينا و هو لا يشاء ان يهلك اناس بل ان يقبل الجميع الى التوبة 10 و لكن سياتي كلص في الليل يوم الرب الذي فيه تزول السماوات بضجيج و تنحل العناصر محترقة و تحترق الارض و المصنوعات التي فيها 11 فبما ان هذه كلها تنحل اي اناس يجب ان تكونوا انتم في سيرة مقدسة و تقوى 12 منتظرين و طالبين سرعة مجيء يوم الرب الذي به تنحل السماوات ملتهبة و العناصر محترقة تذوب 13 و لكننا بحسب وعده ننتظر سماوات جديدة و ارضا جديدة يسكن فيها البر 14 لذلك ايها الاحباء اذ انتم منتظرون هذه اجتهدوا لتوجدوا عنده بلا دنس و لا عيب في سلام 15 و احسبوا اناة ربنا خلاصا كما كتب اليكم اخونا الحبيب بولس ايضا بحسب الحكمة المعطاة له 16 كما في الرسائل كلها ايضا متكلما فيها عن هذه الامور التي فيها اشياء عسرة الفهم يحرفها غير العلماء و غير الثابتين كباقي الكتب ايضا لهلاك انفسهم 17 فانتم ايها الاحباء اذ قد سبقتم فعرفتم احترسوا من ان تنقادوا بضلال الاردياء فتسقطوا من ثباتكم 18 و لكن انموا في النعمة و في معرفة ربنا و مخلصنا يسوع المسيح له المجد الان و الى يوم الدهر امين |
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
تفسير الكتاب المقدس | العهد الجديد | بطرس الثانية |
تفسير سفر اشعياء النبى كتابيا |
تفسير انحيل متى كتابيا |
تفسير سفر اعمال الرسل كتابيا |
تفسير رسالة كورنثوس الاولى كتابيا |