![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
في قرية نائية وسط الجبال القاحلة في إقليم بلوشستان الباكستاني، وُلد طفلان سيُصبحان بعد سنوات حديث العالم بأسره. اسماهما بسيطان: عبد الرشيد أحمد وشعيب أحمد. في سنواتهما الأولى كانا كأي طفلين آخرين: يضحكان، يركضان خلف الطيور، يتشاجران على الألعاب الصغيرة، ويملآن بيت الأسرة بدفء الحياة. لكن هذه البراءة لم تدم طويلاً… فقد بدأت ظاهرة غريبة، مرعبة، تُغير مجرى حياتهما بالكامل. مع آخر شعاع يغيب خلف الأفق، حين يحل الليل ويُسدل ستاره، كان جسدا الطفلين يبدآن في الانطفاء ببطء. لا يستطيعان رفع أيديهما، ولا النطق بكلمة، ولا حتى النظر في عيني والديهما. يفقدان القدرة على الحركة تمامًا، وكأن قوة مجهولة تسحب منهما طاقتهما. كان الأب يقف عاجزًا وهو يراهما يتحولان من طفلين نابضين بالحياة في النهار إلى جسدين ساكنين كأنهما دخلًا في مو*تٍ مؤقت مع الليل. أمّا الأم، فكانت تقضي ساعات الظلام تبكي بجوارهما، تنتظر شروق الشمس لتستعيد أبناءها من بين أنياب هذا السبات الغامض. حين يعود الصباح، يحدث ما يشبه المعجزة: تشرق الشمس، فيفتحان أعينهما ويبتسمان وكأن شيئًا لم يكن. تعود الضحكات إلى البيت، ويعود الأمل ليعيش معهما نهارًا آخر، لكنه أمل مؤقت، لا يلبث أن ينطفئ مع غروب جديد. هذه الظاهرة جعلت أهل القرية يطلقون عليهما اسمًا لم يسبق له مثيل: "الطفلان الشمسيان"، لأن حياتهما بدت وكأنها مرتبطة تمامًا بنور الشمس. الخبر سرعان ما تجاوز حدود القرية الصغيرة، ووصل إلى الإعلام المحلي ثم العالمي. لم يعد الأمر مجرد حكاية غريبة، بل لغز طبي حقيقي حيّر العلماء. فُتح باب التحقيق الطبي، وبدأت فرق من الأطباء والباحثين تتوافد من شتى أنحاء باكستان، بل وحتى من الخارج، إلى العاصمة إسلام آباد حيث نُقل الطفلان إلى واحد من أكبر المستشفيات الحكومية. داخل جدران المستشفى، خضع الطفلان لعشرات الاختبارات: فحوصات الدماغ والأعصاب. تحاليل وراثية دقيقة. دراسات على الطاقة الخلوية. كل ذلك لمحاولة كشف ما يختبئ خلف هذه الظاهرة التي بدت أقرب إلى الأساطير. رجّح بعض الأطباء أن يكون السبب خللًا نادرًا في الميتوكوندريا، وهي "محطة الطاقة" داخل خلايا الجسم. فإذا تعطلت، يفقد الجسد قدرته على إنتاج الطاقة الكافية للحركة والوعي. وبشكل غامض، بدا أن أجساد هذين الطفلين تدخل في "وضع السكون الكامل" مع حلول الليل، ثم تُعاد شحنها مع عودة ضوء النهار. خضع الطفلان لعلاج تجريبي تضمن نظامًا غذائيًا خاصًا وأدوية لدعم عمل الخلايا. ومع الوقت، تحسنت حالتهما جزئيًا، وبدأ الليل يفقد بعضًا من قبضته الثقيلة عليهما، لكن اللغز لم يُحل كليًا، وما زالت قصتهما تُسجل في المراجع الطبية كإحدى أغرب الحالات التي ربطت بين الإنسان والإيقاع الكوني للضوء والظلام. قصة "الطفلين الشمسيين" ليست مجرد حالة مرضية نادرة، بل تذكير مؤلم وغامض بمدى هشاشة الجسد البشري، وبأن الشمس التي نراها كل صباح لم تكن يومًا مجرد مصدر للدفء والضياء… بل قد تكون، في أعماق لغز الحياة، شريانًا خفيًا يربط بيننا وبين البقاء. |
![]() |
|