يمكن أن تهزم الموت نفسه وتعيد الأمل حيث يظن الجميع أنه قد انتهى

[Mary Naeem]

في عام 1995، وُلدت التوأمتان كيري وبريل جاكسون قبل موعدهما الطبيعي بثلاث شهور كاملًا، في الأسبوع 28 من الحمل، في ولاية ماساتشوستس الأمريكية. كان وزنهما ضئيلًا جدًا لا يتجاوز الكيلو تقريبًا، وأجسادهما هشة وضعيفة إلى درجة أن مجرد لمسة قد تترك أثرًا. فور ولادتهما، أُدخلتا إلى وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة، وكل منهما في حاضنة منفصلة، طبقًا للبروتوكولات الطبية المتبعة وقتها.
مرت الأيام، وبدأت كيري تظهر بوادر تحسن: تنمو ببطء، وتتنفس بشكل أفضل. أما بريل، فكانت رحلتها أصعب بكثير. جسدها كان ين*هار يومًا بعد يوم؛ لون بشرتها بدأ يتحول إلى الأزرق، أنفاسها متقطعة، وضر*بات قلبها غير منتظمة. الأطباء كانوا يراقبونها بقلوب مثقلة، والوالدان غا*رقين في قلق لا يوصف، يخشون أن تفقد الصغيرة حياتها في أي لحظة.
وفي خضم هذا الصراع بين الأمل واليأس، جاءت الممرضة جايل كاسباريان بفكرة بدت غريبة جدًا في ذلك الوقت:
"لماذا لا نضع الطفلتين معًا في نفس الحاضنة؟"
اقتراح بدا غير مألوف، بل وخارج عن قواعد المستشفى، لكنه كان أشبه بمحاولة أخيرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
وافق الأطباء بعد تردد، وتم وضع الطفلتين في حاضنة واحدة. وما إن اقتربت كيري من أختها، حتى حدثت المعجزة: مدّت ذراعها الصغيرة جدًا واحتضنت بريل، كما لو أنها تقول لها: "لا تستسلمي… أنا هنا بجوارك."
وفجأة، بدأ جسد بريل يستجيب: أنفاسها أصبحت أعمق وأكثر انتظامًا، ضر*بات قلبها استقرت، والزرقة التي كست وجهها بدأت تختفي شيئًا فشيئًا حتى عاد لونها الطبيعي. بدا وكأن الحياة عادت إليها فقط بفضل هذا العناق البسيط، الذي لم يكن مجرد حركة جسدية، بل كان رسالة حب وقوة من أخت إلى أختها.
ذلك المشهد التقطته عدسات الكاميرا، وانتشرت الصورة في العالم تحت اسم "The Rescue Hug" – العناق المنقذ، لتصبح واحدة من أكثر الصور المؤثرة في تاريخ الطب.
ولم يكن تأثير هذه اللحظة إنقاذ حياة بريل فقط، بل فتح الباب أمام ثورة في طرق رعاية الأطفال الخدّج. فقد ألهمت الأطباء لاعتماد أسلوب "Kangaroo Care" – رعاية الكنغر – والذي يقوم على ملامسة الجلد للجلد بين الرضيع وأمه أو أحد والديه أو حتى شقيقه. هذا الأسلوب أثبت لاحقًا أنه يساعد في استقرار نبضات القلب، وتحسين التنفس، وتنظيم حرارة الجسم، وحتى تعزيز الروابط العاطفية التي تدعم نمو الطفل نفسيًا وجسديًا.
اليوم، وبعد مرور ثلاث عقود على تلك اللحظة، لا تزال قصة كيري وبريل تروى كدليل على أن أبسط صور الحب – لمسة، حضن، دفء إنسان – يمكن أن تهزم الموت نفسه وتعيد الأمل حيث يظن الجميع أنه قد انتهى.