منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 14 - 08 - 2025, 04:39 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,351,589

أَلمَسيحيُّ أَمَامَ تَاريخِ البَشَريَّة


أَلمَسيحيُّ أَمَامَ تَاريخِ البَشَريَّة
أن يكون المرء مسيحيًّا، ليس لقب ترضية شخصيّ بحت: إنّه إسم – جوهر – يفترض رسالة. ذكّرنا سابقًا أن السّيّد يدعو جميع المسيحيّين ليكونوا ملح ونور العالم. وها هو القدّيس بطرس يحدّد الرّسالة، جاعلاً من نفسه صدىً لـهذه الوصيّة، ومعتمدًا على نصوص مأخوذة من العهد القديم، بقوله: “أمّا أنتم فإنّكم ذرّيّة مختارة وجماعة الملك الكهنوتيّة وأمّة مقدّسة وشعب اقتناه الله للإشادة بآيات الّذي دعاكم من الظّلمات إلى نوره العجيب”.
أن يكون المرء مسيحيًّا ليس أمرًا عرضيًّا، إنّها حقيقة إلـهيّة تتغلغل في الأعمق من حياتنا، وتمنحنا رؤية واضحة وإرادة موطّدة العزم للعمل كما يشاء الله. وهكذا ندرك أن سَفَرَ المسيحيّ في العالم ينبغي أن يصير خدمة متواصلة، متمّمة بطريقة مختلفة جدّاً، كما تقضي ظروف كلّ فرد، إنّما دائما حبًّا بالله والقريب. أن يكون المرء مسيحيًّا هو التّصرّف دون التّفكير بالأهداف الصّغرى من نفوذ أو طمع، ولا بالأهداف الّتي قد تبدو أكثر نبلاً، كحبّ الإنسانيّة أو التّعاطف مع الآخرين أمام تعاساتهم: إنّه التّفكير حتّى النّهاية القصوى والجذريّة للحبّ الّذي أبداه لنا يسوع المسيح بموته عنّا.
نصادف أحيانًا مواقف نابعة من عدم معرفتنا لكيفيّة الغوص في سرّ يسوع. فنرى على سبيل المثال: عقليّة الّّذين يرون في المسيحيّة مجموعة ممارسات أو أعمالاً تقويّة، دون إدراك علاقتها بظروف الحياة العاديّة وبالإلحاح الّذي علينا أن نوفّره في التّجاوب مع حاجات الآخرين ، ومحاولة معالجة الظّلامات.
لذا أصرّح بأنّ من وجدت فيه تلك العقليّة، لم يَعِ بعد ما معنى تجسّد ابن الله: فهو لم يعِ بعد بأنّه اتّخذ جسدًا، ونفسًا، وصوتًا بشريًّا، وشاركنا في مصيرنا إلى درجة الشّعور بتمزّق الموت المريع. ويعتبر بعض الأشخاص المسيح ربّما، دون قصد منهم ، مثل غريب في وسط النّاس.
فيما بعضهم الآخر يميلون إلى التّصوّر بأنّ عليهم أن يضعوا خفية بعض المظاهر الأساسيّة للعقيدة المسيحيّة، ويتصرّفوا وكأنّ حياة الصّلاة، ومقاربة الله المتواصلة، تؤلّفان مهربًا أمام مسؤوليّتهم الخاصّة وتخلّيًا عن العالم، لكي يتمكّنوا من أن يكونوا بشريّين. فهؤلاء قد نسوا أنّ يسوع هو من جعلنا ندرك إلى أيّ حدّ ينبغي أن نحيا الحبّ وروح الخدمة. إنّنا عندما نسعى لفهم خفايا حبّ الله فقط، هذا الحبّ الّذي يبلغ بنا إلى الموت، نستطيع أن نكون قادرين على إعطاء ذاتنا كلّيّا للآخرين، دون أن تهزمنا صعوبة أو لامبالاة.
إنّه الإيمان بالمسيح، المائت والقائم، الحاضر في كلّ لحظات حياتنا – وفي الّتي بينها – الّذي ينير ضمائرنا، داعيًا إيّانا إلى المشاركة بكلّ قوانا في تقلّبات ومشاكل التّاريخ البشريّ. فالمسيحيّ ليس مشرّداً في هذا التّاريخ، الّذي ابتدأ مع خلق العالم، وسوف ينتهي مع نـهاية الزّمان. إنّه مواطن من مدينة البشر، ونفسه عارمة بالشّوق إلى الله، فيبدأ باستشفاف حبّه تعالى منذ هذه الحقبة الزّمنيّة، ويدرك أنّ في الله وحده نجد الغاية الّتي دعينا إليها، نحن جميعا العائشين على هذه الأرض.
وإذا كانت شهادتي الشّخصيّة ذا منفعة، أستطيع القول إنّي اعتبرت دائمًا عملي ككاهن وكراع للنّفوس، مهمّة تبغي وضع كلّ إنسان بالمواجهة مع كلّ متطلّبات حياته، مساعدًا إيّاه على اكتشاف ما يطلبه الله منه عمليًّا، دون أن أضع حدوداً لـهذه الإستقلاليّة المقدّسة، ولـهذه المسؤوليّة الفرديّة السّعيدة، وهما ميزتا الضّمير المسيحيّ. فطريقة العمل هذه وهذا الرّوح يستندان على احترام سموّ الحقيقة المُعلَنة، وعلى حبّ حريّة الخليقة الإنسانيّة. كما يمكنني أن أضيف أنّها ترتكز على تأكيد لامحدوديّة التّاريخ، المفتوح على احتمالات عديدة، والّتي لم يشأ الله إغلاقها.
إنّ اتّباع المسيح لا يعني الإلتجاء إلى المعبد، برفع الأكتاف أمام تطوّر المجتمع، وأمام نجاحات أو شذوذ البشر والشّعوب. بل على خلاف ذلك، إذ إنّ الإيمان المسيحيّ يدفعنا إلى رؤية العالم خليقة للرّبّ، وبالتّالي إلى تثمين، كلّ ما هو شريف وكلّ ما هو جميل، والإقرار بقيمة كلّ شخص، مصنوع على صورة الله، والإعجاب بـهذه الـهبة الخاصّة الا وهي الحرّيّة، الّتي تجعلنا أسياد أعمالنا الخاصّة، قادرين، بنعمة السّماء، على بناء مصيرنا الأبديّ.
إنّه تصغير للإيمان، أن نعتبره إيديولوجيّة أرضيّة وحسب، بشهر راية سياسيّة – دينيّة، دون أن نعلم باسم أيّة تولية إلـهيّة، لإدانة أولئك الّذين لا يفكّرون بنفس الطّريقة مثلنا، حول مسائل قابلة، بطبيعتها، لحلول عديدة ومختلفة.
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
( 1تي 6: 14 ، 15)أُوصِيكَ أَمَامَ اللهِ
وَكَنَعْجَةٍ صَامِتَةٍ أَمَامَ جَازِّيهَا
حَمِي مُوسَى أَمَامَ الله
وَكَسَّرْتُهُمَا أَمَامَ أَعْيُنِكُمْ. تثنية 17:9
مَنْ أَنْكَرَني أَمَامَ النَّاس، يُنْكَرُ أَمَامَ مَلائِكَةِ الله…”


الساعة الآن 06:11 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025