![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() فإِنَّه يَنهَضُ لِلَجاجَتِه، ويُعطيهِ كُلَّ ما يَحتاجُ إِلَيه."يُعطِيهِ كُلَّ ما يَحتاجُ إِلَيه"، فتُشيرُ إلى صَديقٍ لا يُلبِّي الطَّلبَ بدافعِ المودَّة، بل ليرتاحَ من الإلحاح، كما في مثلِ القاضي الظّالم (لوقا 18: 4–5)، الّذي قال: "وإِن كُنتُ لا أَخافُ اللهَ ولا أَهابُ أَحَدًا، فسَأُنصِفُها لِئَلّا تَجيءَ دائِمًا فَتُزعِجَني". لكنَّ هذا لا يعني أبدًا أنَّ اللهَ يتصرّفُ معنا على هذا النّحو، أو أنَّهُ يستجيبُ لنا تفاديًا لإزعاجنا. فاللهُ ليس كالقاضي الظّالم، ولا كالصّديقِ المُتضجِّر بل كما يُعلّق القدّيس أوغسطينوس: "إنْ كانَ الشّخصُ النّائمُ التزمَ أن يُعطيَ قسرًا بعدَ إزعاجِهِ من نومِهِ لِذاكَ الّذي يسأله، فكمْ بالأَحرَى يُعطى أكثر ذاكَ الّذي لا ينام، بل يُوقظُنا من نومنا لكي نسألهُ أن يُعطينا؟". إذًا، الكلامُ لا يُظهِرُ تردُّدَ اللهِ أو تأخُّرَه في الاستجابة، بل يُبيِّنُ طيبتَهُ وسخاءَهُ، من بابِ الحُجَّةِ الأولى. كما قال يسوع: "فإِذا كُنتُم أَنتُمُ الأَشرارَ، تَعرِفونَ أَن تُعطوا العَطايا الصّالِحَةَ لأَبنائِكم، فَما أَولى أَباكُمُ السَّماويَّ أَن يُعطيَ الرّوحَ القُدُسَ لِلَّذينَ يَسأَلونَه!" (لوقا 11: 13). ومن هذا المُنطَلَق، يُبرِزُ هذا المثلُ موقفَ اللهِ الّذي يَستجيب، لا لأنّه مُلزَم، بل لأنّه عادلٌ وصالحٌ وأبٌ مُحبّ. فهو لا يتصرّفُ بحسبِ منطقِ البشر، بل يفيضُ بالعطاءِ لأنَّهُ "أبو الرّحمةِ وإلهُ كُلِّ تعزية" (2 قورنتس 1: 3)، كما قال يعقوبُ الرّسول: "كُلُّ عَطِيَّةٍ صالِحَةٍ، وَكُلُّ مَوهِبَةٍ تامَّةٍ، هِيَ مِن فَوق، نازِلَةٌ مِن عِندِ أَبِي الأَنوَار" (يعقوب 1: 17). تُظْهِرُ هذِهِ الآيَةُ تَبَايُنًا وَاضِحًا بَيْنَ مَنْطِقِ الإِنْسَانِ الْمَحْدُودِ وَسَخَاءِ اللهِ الآبِ. فَفِي هذَا السِّيَاقِ، تُصْبِحُ الصَّلَاةُ لَيْسَتْ مُجَرَّدَ كَلِمَاتٍ تُقَالُ، بَلْ مَوْقِفًا دَاخِلِيًّا مِنَ الثِّقَةِ وَالْمَحَبَّةِ، كَمَا الطِّفْلِ الَّذِي يُنَادِي أَبَاهُ بِيَقِينٍ أَنَّهُ يَسْمَعُهُ. |
|