منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 26 - 09 - 2012, 04:58 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,299,719


قداسه البابا شنودة الثالث المنشورة في جريدة الأهرام

الخير.. صفاته وأعماقه

الخير.. صفاته وأعماقه

ليس الخير عملًا مفردًا أو طارئًا، إنما هو حياة:

فالشخص الرحيم مثلًا، ليس هو الذي تظهر رحمته أحيانًا في حادث معين. إنما الرحيم هو الذي تتصف حياته كلها بالرحمة. وتظهر الرحمة في كل أعماله وفي كل معاملاته، وفي أقواله وفي مشاعره، وفي أحكامه على تصرفات الناس. بل تبدو الرحمة أيضًا في ملامح وجهه... الخير هو اقتناع داخلي بحياة القداسة، مع ارادة مثابرة على عمل الخير وتنفيذه. هو حب صادق للفضيلة، تعبر عنه حياة فاضلة..


والذى يحب الخير، يسعد بأن جميع الناس يعملون الخير، بدون غيره من أحد. فالذى يغار يدل على أن فيه شيء من الذاتية. أما محب الخير، فإنه يفرح حتى لو رأى أن جميع الناس يفوقونه في عمل الخير.. ويكون بذلك سعيدًا. المهم عنده أن يرى الخير، وليس المهم أن يتم الخير بواسطته أو بواسطة غيره، بعيدًا عن كل مشاعر الحسد...


والإنسان الخيرّ يقيم تناسقًا في حياته بين فضائله. فلا تكون واحده على حساب الأخرى! خدمته مثلًا للمجتمع، لا تطغى على اهتمامه بأسرته. ونشاطه لا يطغى على أمانته لعمله. كما أن أمانته تجاه كل مسئولياته لا تعطل شيئًا من صلاته وعبادته... و

وهو يدرك أن الفضيلة التي تفقده فضيلة اخرى، ليست هى فضيلة كاملة أو خيرّة. لأن الفضائل تتعاون معًا، ويتداخل بعضها في البعض...

فهكذا نتعلم من الله نفسه تبارك اسمه: فعدل الله مثلًا لا يمكن أن يتعارض مع رحمته، بل ولا ينفصل عنها. عدل الله عدل رحيم. ورحمته رحمة عادلة. عدل الله مملوء رحمة. ورحمة الله مملوءة عدلًا. ولا نستطيع أن نفصل بينهما. وعندما نقول عدل الله ورحمة الله، فلسنا من جهة الفصل بينهما نتكلم، إنما من جهة التفاصيل، لكي نفهم...
والخير ليس هو فضيلة سلبية، بل ايجابية:

ليس هو سلبية تهدف إلى البعد عن الشر، إنما هو إيجابية في عمل الصلاح ومحبته. فالإنسان الخيرّ ليس هو فقط الذي لا يؤذى غيره، بل هو بالحرى الذي يبذل ذاته عن غيره. ليس هو فقط من لا يرتكب خطيئة، بل هو الذي يعمل برًا.


والإنسان الخيرّ هو الذي يصنع الخير مع الجميع.

حتى مع الذين يختلفون معه في الجنس أو اللون أو اللغة أو المذهب أو العقيدة.

إنه كالينبوع الصافى يشرب منه الكل. وكالشجرة الوارقة يستظل تحتها الكل. إن الينبوع والشجرة لا يسألان أحدًا: ما هو جنسك؟ أو ما هو لونك؟ أو ما هو مذهبك. وهكذا الخير يعطى دون أن يتفرس في وجه من يعطيه. ويحب دون أن يحلل دم من يحبه..


والإنسان الخيرّ يعمل باستمرار على توسيع طاقاته في عمل الخير...

ولا يرضى على الخير الذي يعمله من أجل اتجاهه نحو خير أكبر. وفي اشتياقه الى اللامحدود، يشعر أن هناك آفاقًا في الخير أبعد بكثير مما يفهمه حاليًا.. ويقينًا أننا عندما ندخل إلى عالم الروح فى الأبدية، سننظر إلى ما عملناه من خير في العالم، فنذوب خجلًا ونتوارى في حياء!
على أن كل ما نعمله من خير، إنما هو نتيجة لعمل نعمة الله فينا،

أو هى نتيجة لتسليم إنفسنا إلى عمل نعمة الله. لذلك فالإنسان يبعد عن الخير، عندما يعلن انفصاله عن نعمة الله. أي عندما يرفض أن تقود النعمة حياته، وتبدأ ارادته البشرية أن تعمل منفردة!

حياة الخير اذن، هى حياة تسليم الإرادة لله، أي حينما يسلّم الإنسان لله كل فكره وكل مشاعره وكل عمله. ولعل هذا الإنسان حينما يقف في يوم الدينونة أمام الله، يقول في دالة الحب لله: على أي شيء سوف أدان يا رب؟ وأنا من ذاتى لم أعمل شيئًا! وإنما حياتى كلها كانت بين يديك. وكل شيء بك كان. وبغيرك لم تكن شيء مما كان!

فهل أعمالك أيها القارئ العزيز هى كذلك؟ أي هى مجرد عمل النعمة فيك. أم هى أعمال بشرية بحتة، قابلة للزلل وللخطأ والسقوط؟!


واعلم أن الخير كالماء، الذي هو دائمًا يمشى ولا يقف...

فإن وقف أصابه الركود... لذلك فإن الخير، باستمرار يمتد إلى قدام، يتحرك نحو الله ونحو الناس. فهو لا ينتظر حتى يجئ الناس اليه، يخطبون ودّه، بل هو الذي يتحرك اليهم دون أن يطلبوه. ولذلك – فلأنه الخير – فيه دائمًا عنصر المبادرة...

وعمل الخير، على الدوام فيه لذة.

حتى إن كان أحيانًا مملوءًا من الآلام. فآلامه حلوة المذاق، تريح القلب وتريح الضمير... فالذى ينقذ غريقًا يشعر بلذة في انقاذه. والتى ترضع طفلها، تشعر بلذة في إرضاعه. والذي يحسن إلى فقير، يشعر بسعادة فيما يسعده. والذى يضحى في سبيل وطنه، يجد كل المتعة والفخر في تضحيته...


والخير لا يشترك اطلاقًا مع الشر. لأنه أية شركة بين النور والظلمة؟! لذلك نحن لا نوافق إطلاقًا على المبدأ المكيافيللى القائل بأن الغاية تبرر الواسطة أي أن الغاية الخيرة يمكن أن تكون تبريرًا للوسيلة الخاطئة! فوسيلة الخير ينبغي أن تكون خيرًا مثله. والخير لا يقبل أية وسيلة شريرة توصل اليه. إذ كيف يجتمع الضدان معًا؟!

فالذى يلجأ إلى الكذب لكي ينقذ إنسانًا، والذي يلجأ الى القسوة والعنف لكي ينشر بهما الحق أو ما يظنه حقًا.. والذي يلجأ إلى الرشوة لكي يحقق لنفسه خيرًا. والذى يلجأ الى الإجهاض لكي يستر سمعة فتاة... كل اولئك قد استخدموا وسائل شريرة، لكي يصلوا بها إلى الخير، أو إلى ما يظنونه خيرًا!


ولعل البعض يسأل: ماذا نفعل إذا كنا مضطرين إلى هذه الوسائل؟

نجيب بأن هذه كلها وسائل سهلة وسريعة، يلجأ اليها الإنسان بطريقة تلقائية، دون أن يحاول بذل مجهود للوصول الى الخير، ودون أن يبذل تضحية، ودون أن يتعب أو يحتمل...

فالكذب مثلًا حلّ سريع وسهل. أما الإنسان الحكيم الخيرّ، فإنه يفكر ويجتهد ذهنه بعيدًا عن هذه الوسيلة. ويقينًا انه سيصل إلى وسيلة اخرى تريح ضميره. كذلك العنف والقسوة، كل منها حلّ سهل يلجأ اليه إنسان لا يريد أن يتعب في الوصول إلى حل آخر يكون وديعًا ولطيفًا...


إن الخير يريدك أن تتعب من أجله، ولا تلجأ إلى الحلول السهلة السريعة ولكنها خاطئة...

وبقدر تعبك من أجل الخير، تكون مكافأتك عند الله.. وبهذا المقياس تقاس خيريتك. إن الحل السهل يستطيعه كل إنسان. أما الذي يكد ويتعب للوصول إلى تصرف سليم، فإنه يدل على سلامة ضميره وحبه للخير. عليك إذن أن تفحص الوسائل التى تستخدمها للوصول الى الخير، وتتأكد أنها وسائل خيرّة.

إن الشيطان حينما يفشل في إقناعك بطريق الشر، ويجدك مصرًا على الخير. فإذ يفشل في السيطرة على الهدف أو نوع العمل، قد يقنع بالسيطرة على الوسيلة، فيقدم لك خططًا للوصول... فاحذر اذن، ولا تجعله يكسب أية جولة في صراعه معك.

أخيرًا، اطلب من الله أن تكون نتائج عملك خيرًا أيضًا:

لاشك أنك قد لا تستطيع أن تتحكم في النتائج. وقد تتدخل في الأمر عوامل شريرة خارجة عن ارادتك، محاولة أن تفسد نتائج مجهوداتك الخيرّة... إنك كما تجاهد بكل قوتك أن تعمل خيرًا، فإن الشيطان – من جهته – يعمل بكل قوته لكيما يعرقل عملك. ولكن لا تيأس، فإن الله يتدخل لإعانتك.

لهذا قلت لك إن العمل الخير تكون نتائجه – بقدر الإمكان – خيرًا.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
"القلب": يمثل داخل الإنسان وأعماقه ومشاعره ونياته، ونقاوته
باقتنائها للناموس بعد نزع قشه أي حرفيته والدخول إلى روحه وأعماقه
فالتسامح ليس من صفاته
فديو جميل عن عمل الخير وكيف يسعد كل الناس وفى الاخر الخير بيرجع تانى للعمل الخير
الخير صفاته وأعماقه


الساعة الآن 08:51 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025