![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() داود يُقَدِّم ذبيحة شكر لله 16 فَدَخَلَ الْمَلِكُ دَاوُدُ وَجَلَسَ أَمَامَ الرَّبِّ وَقَالَ: «مَنْ أَنَا أَيُّهَا الرَّبُّ الإِلهُ، وَمَاذَا بَيْتِي حَتَّى أَوْصَلْتَنِي إِلَى هُنَا؟ 17 وَقَلَّ هذَا فِي عَيْنَيْكَ يَا اَللهُ فَتَكَلَّمْتَ عَنْ بَيْتِ عَبْدِكَ إِلَى زَمَانٍ طَوِيل، وَنَظَرْتَ إِلَيَّ مِنَ الْعَلاَءِ كَعَادَةِ الإِنْسَانِ أَيُّهَا الرَّبُّ الإِلهُ. 18 فَمَاذَا يَزِيدُ دَاوُدُ بَعْدُ لَكَ لأَجْلِ إِكْرَامِ عَبْدِكَ وَأَنْتَ قَدْ عَرَفْتَ عَبْدَكَ؟ 19 يَا رَبُّ، مِنْ أَجْلِ عَبْدِكَ وَحَسَبَ قَلْبِكَ قَدْ فَعَلْتَ كُلَّ هذِهِ الْعَظَائِمِ، لِتَظْهَرَ جَمِيعُ الْعَظَائِمِ 20 يَا رَبُّ، لَيْسَ مِثْلُكَ وَلاَ إِلهَ غَيْرُكَ حَسَبَ كُلِّ مَا سَمِعْنَاهُ بِآذَانِنَا. 21 وَأَيَّةُ أُمَّةٍ عَلَى الأَرْضِ مِثْلُ شَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ الَّذِي سَارَ اللهُ لِيَفْتَدِيَهُ لِنَفْسِهِ شَعْبًا، لِتَجْعَلَ لَكَ اسْمَ عَظَائِمَ وَمَخَاوِفَ بِطَرْدِكَ أُمَمًا مِنْ أَمَامِ شَعْبِكَ الَّذِي افْتَدَيْتَهُ مِنْ مِصْرَ. 22 وَقَدْ جَعَلْتَ شَعْبَكَ إِسْرَائِيلَ لِنَفْسِكَ شَعْبًا إِلَى الأَبَدِ، وَأَنْتَ أَيُّهَا الرَّبُّ صِرْتَ لَهُمْ إِلهًا. 23 وَالآنَ أَيُّهَا الرَّبُّ، لِيَثْبُتْ إِلَى الأَبَدِ الْكَلاَمُ الَّذِي تَكَلَّمْتَ بِهِ عَنْ عَبْدِكَ وَعَنْ بَيْتِهِ وَافْعَلْ كَمَا نَطَقْتَ. 24 وَلْيَثْبُتْ وَيَتَعَظَّمِ اسْمُكَ إِلَى الأَبَدِ، فَيُقَالَ: رَبُّ الْجُنُودِ إِلهُ إِسْرَائِيلَ. هُوَ اللهُ لإِسْرَائِيلَ وَلْيَثْبُتْ بَيْتُ دَاوُدَ عَبْدِكَ أَمَامَكَ. 25 لأَنَّكَ يَا إِلهِي قَدْ أَعْلَنْتَ لِعَبْدِكَ أَنَّكَ تَبْنِي لَهُ بَيْتًا، لِذلِكَ وَجَدَ عَبْدُكَ أَنْ يُصَلِّيَ أَمَامَكَ. 26 وَالآنَ أَيُّهَا الرَّبُّ، أَنْتَ هُوَ اللهُ، وَقَدْ وَعَدْتَ عَبْدَكَ بِهذَا الْخَيْرِ. 27 وَالآنَ قَدِ ارْتَضَيْتَ بِأَنْ تُبَارِكَ بَيْتَ عَبْدِكَ لِيَكُونَ إِلَى الأَبَدِ أَمَامَكَ، لأَنَّكَ أَنْتَ يَا رَبُّ قَدْ بَارَكْتَ وَهُوَ مُبَارَكٌ إِلَى الأَبَدِ». سبق أن قدمت تفسيرًا لصلاة داود هذه في (2 صم 7). فَدَخَلَ الْمَلِكُ دَاوُدُ وَجَلَسَ أَمَامَ الرَّبِّ وَقَالَ: "مَنْ أَنَا أَيُّهَا الرَّبُّ الإِلَهُ، وَمَاذَا بَيْتِي حَتَّى أَوْصَلْتَنِي إِلَى هُنَا؟ [16] قابل داود الملك جواب الله بتواضع [16-18]، وشكر [19-20]، مُعترِفًا ببركات الله [21-22]، ومُرَحِّبًا بقرارات الله ومواعيده وأوامره [23-24]. كان داود النبي والملك في حالة دهشة عجيبة، لا تستطيع لغة بشرية أن تُعَبِّر عما في داخله. إن كان الله قد رفض أن يبني له داود بيتًا، لم يحزن داود، بل تهلَّل وشكر، لأن الحديث كله يُشِير إلى ما هو أعظم من بناء بيت للرب، إنما يأتي رب المجد، ابن داود، ليُقِيم بيتًا يبنيه بدمه المسفوك على الصليب. لم يشعر أنه مرفوض من الله، لأنه منعه من بناء بيتٍ لله، إنما شعر بأنه في الأحضان الإلهية، يُرسِل الآب ابن داود ليُعلِنَ الحبَّ الإلهي العملي في أروع صورة. تكشف صلاة داود [16-27] إنه وإن كان إنسانًا له أخطاؤه غير أنه يُظهِر ثقته في الله واتِّكاله عليه. ركَّز على أن ملك إسرائيل يلزمه ألا يحكم بسلطانه الذاتي، بل بقوة الله. فهو يخدم شعبًا يدخل في عهد مع الله له خبرته معه. خاطب داود الله في مهابةٍ ووقارٍ، ردًا على رسالة النعمة التي استلمها من الله، فبالإيمان نال المواعيد واحتضنها واقتنع بها، كما فعل الآباء البطاركة (عب 11: 13). جلس داود الملك أمام الرب كطفلٍ صغيرٍ يتحدَّث مع أبيه، يطلب منه بروح البنوة. إذ يَلِذُّ للأب أن يُنصِتَ إلى طلبة طفله. يُصغِي إليه باهتمامٍ عظيمٍ كمن يُسَرّ بكلماته أكثر من سروره بكلمات الفلاسفة. هكذا في دالة يطلب القدِّيس من الله كابنٍ ينطق بلغة الحُبِّ. قد ينطق الطفل بكلماتٍ قليلةٍ، لكن بحُبِّه العظيم لأبيه، يتكلم بدالةٍ وفيضٍ، لأن الحب يُسهِّل عليه أن يُعَبِّر عمّا بداخل الإنسان. v يتكلم الطفل أمام أبيه بحبٍ، ويُصغِي أبوه بحبٍ إلى كل ما يقوله له. وإذ يسمع أسئلته التي يطرحها عليه، يَقْبَلها كما لو كان يتكلم عن أمورٍ خطيرةٍ. حتى إن ثرثر كثيرًا ولم يُمَيِّز ما يقوله، يُسَرّ بكلامه أكثر من حديث الفلاسفة. ها أنا أتكلم مثل طفلٍ أمام أبيه، هأنذا أتكلم أمام الله بحُبٍ عظيمٍ. هأنذا أتكلم ولو قليلاً جدًا؛ فأنا لا أتكلم قليلاً جدًا، لأنه يسهل على الحب أن يتكلم كثيرًا قدر ما يشاء. القديس مار يعقوب السروجي وَقَلَّ هَذَا فِي عَيْنَيْكَ يَا الله،فَتَكَلَّمْتَ عَنْ بَيْتِ عَبْدِكَ إِلَى زَمَانٍ طَوِيلٍ، وَنَظَرْتَ إِلَيَّ مِنَ الْعَلاَءِ كَعَادَةِ الإِنْسَانِ أَيُّهَا الرَّبُّ الإِلَهُ. [17] ما ورد في (2 صم) كسؤال "هل هذه هي عادة الإنسان يا سيدي الرب؟" وردت هنا بصيغة اعتراف: ونظرت إليَّ من العلاء كعادة الإنسان أيها الرب الإله. لقد جعلتني رجًلا عظيمًا وعاملتني كذلك. الله من خلال علاقة العهد التي يقبل بها المؤمنين يعطيهم ألقابًا، وينعم عليهم بعطايا، ويُعدّ لهم الكثير ناظرًا إليهم كأشخاص ذوي مَرْتَبَة عالية مع أنهم تراب ورماد. يقرأ بعض الشُرَّاح هذه الكلمات كالآتي: "لقد نظرت إليَّ في هيئة إنسان في العلاء أيها السيد الرب" أو "لقد جعلتني أنظر حسب هيئة الإنسان مجد السيد الرب"، لذلك فهي تشير إلى المسيا، لأن داود كإبراهيم رأى يومه وفرح، رآه بالإيمان، رآه في شكل إنسان، الكلمة المتجسد، مع أنه رأى مجده كما لوحيد من الآب. وهذا هو ما تكلم الله عنه بخصوص بيته إلى مدى بعيد، فهذه الرؤية هي في نظر الله أعظم من أيّ شيء، أنه ليس أمرًا غريبًا أن يتكلم داود عن ناسوته ولاهوته، فدعاه ربَّي بالروح (اللاهوت) مع أنه علم أنه سيكون ابنه (مز 110: 1)، ورآه أقل من الملائكة لفترة وجيزة (الناسوت) ولكن بعد ذلك مكلًلا بالمجد والبهاء (عب 2: 6، 7). إذ سمع داود عن الوعدين الإلهيين من فم ناثان النبي، لم يسأل عن تفاصيل معينة، وعن وقت تحقيقهما، إنما في تواضعٍ وقف أمام الله يشكره ويعترف ببركاته الإلهية. فَمَاذَا يَزِيدُ دَاوُدُ بَعْدُ لَكَ لأَجْلِ إِكْرَامِ عَبْدِكَ، وَأَنْتَ قَدْ عَرَفْتَ عَبْدَكَ؟ [18] بعد الكلمات "فماذا يزيد داود بعدلك" أضاف هنا: "لأجل إكرام عبدك [18]. لنلاحظ الإكرام الذي يُضَيفه الله على خُدَّامِه، بإدخالهم في عهد وشركة معه، على درجة عظيمة حتى أنهم لا يستطيعون ولا يرغبون أن يُكَرَّموا أكثر من ذلك، وإذا ما بدأوا يفكرون، فإنهم لا يستطيعون أن يتكلموا عن كرامتهم أكثر مما تكلم الله. كثيرًا ما يُكَرِّر النبي كلمة "عبدك"، وذلك باسم ابن داود الذي أخلى نفسه آخذًا صورة عبد، صائرًا في شبه الناس" (في 2: 7). يَا رَبُّ مِنْ أَجْلِ عَبْدِكَ، وَحَسَبَ قَلْبِكَ قَدْ فَعَلْتَ كُلَّ هَذِهِ الْعَظَائِمِ، لِتَظْهَرَ جَمِيعُ الْعَظَائِمِ [19] جدير بالملاحظة أن ما ذُكِرَ في (2 صموئيل) "من أجل كلمتك"، ذُكِرَ هنا، "من أجل عبدك" [19]، فيسوع المسيح هو كلمة الله (رؤ 19: 13) وخادم الله (إش 40: 1)، فمن أجله ذُكِرَت المواعيد لكل المؤمنين، ففيه تصير هذه المواعيد نعم وآمين. من أجله عُمِلَت كل رأفة، لأجله صارت معروفة، نحن مدينون له بكل هذه العظمة، ومنه ننتظر كل هذه الأشياء، فهي غِنَى المسيح غير المستقصى، الذي إذا نظرنا إليه بالإيمان، ونظرنا إلى يد السيد المسيح، لا يسعنا إلاَّ أن نُمَجِّد لا الأشياء العظيمة فقط بل الشيء الوحيد الأعظم الذي هو عمل وغِنَى المسيح ونتكلم عنه بكرامة. يَا رَبُّ لَيْسَ مِثْلُكَ وَلاَ إِلَهَ غَيْرُكَ، حَسَبَ كُلِّ مَا سَمِعْنَاهُ بِآذَانِنَا! [20] وَأَيَّةُ أُمَّةٍ عَلَى الأَرْضِ مِثْلُ شَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ، الَّذِي سَارَ الله لِيَفْتَدِيَهُ لِنَفْسِهِ شَعْبًا، لِتَجْعَلَ لَكَ اسْمَ عَظَائِمَ وَمَخَاوِفَ، بِطَرْدِكَ أُمَمًا مِنْ أَمَامِ شَعْبِكَ الَّذِي افْتَدَيْتَهُ مِنْ مِصْرَ. [21] يذكر داود النبي الخروج الذي حققه الله على يدي موسى وما تبعه من آيات وعجائب، كصورة لعمل الله الدائم مع شعبه عبر الأجيال. ولعل عزرا وهو يُسَجِّل صلاة داود هذه يربط في أذهان المعاصرين له بين أعمال الله في خروج آبائهم من مصر، وعمله معهم وهم عائدون من السبي البابلي. كان في ذهن العائدين من السبي بعد 70 عامًا صورة خروج آبائهم من مصر، وتَحَرُّرهم من عبودية فرعون. وَقَدْ جَعَلْتَ شَعْبَكَ إِسْرَائِيلَ لِنَفْسِكَ شَعْبًا إِلَى الأَبَدِ، وَأَنْتَ أَيُّهَا الرَّبُّ صِرْتَ لَهُمْ إِلَهًا. [22] يا لتواضع داود الذي يعترف بعدم استحقاقه، وكيف يُعَظِّم اسم الله ويُعْجَب بتعطفه بالنعمة، وكيف بورعٍ ومحبةٍ يُعَظِّم إله إسرائيل، وأيّ تقدير يُقَدِّمه لإسرائيل الله! وَالآنَ أَيُّهَا الرَّبُّ، لِيَثْبُتْ إِلَى الأَبَدِ الْكَلاَمُ الَّذِي تَكَلَّمْتَ بِهِ عَنْ عَبْدِكَ، وَعَنْ بَيْتِهِ، وَافْعَلْ كَمَا نَطَقْتَ. [23] وَلْيَثْبُتْ وَيَتَعَظَّمِ اسْمُكَ إِلَى الأَبَدِ، فَيُقَالَ: رَبُّ الْجُنُودِ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ. هُوَ الله لإِسْرَائِيلَ وَلْيَثْبُتْ بَيْتُ دَاوُدَ عَبْدِكَ أَمَامَكَ. [24] في سفر صموئيل الثاني يُذكَر "الله فوق إسرائيل" بينما هنا يُذكَر "إله إسرائيل" وهو "الله لإسرائيل" [24]، وبما أنه الله لإسرائيل فهذا يُوَضِّح استجابته للاسم، توطيده للعلاقة، وقيامه بعمل كل ما يلزمهم وما يتوقعونه منه، فهناك ما كانوا يُدعَون آلهة للأمم، كآلهة آشور ومصر، وآلهة حماه وأرفاد، ولكنهم لم يكونوا آلهة لهم، لأنهم لم يقفوا بجانبهم بالمَرَّة، بل كانوا مُجَرَّد آلهة بالاسم، ولكن إله إسرائيل هو إله لإسرائيل فكل أوصافه وكمالاته تفيض لمنفعتهم الحقيقية، فمُطَوَّب ومُثَلَّث التطويب هو الشعب الذي يهوه إلهه، لأنه سيكون إلهًا لهم بكامل الصفات. لأَنَّكَ يَا إِلَهِي قَدْ أَعْلَنْتَ لِعَبْدِكَ أَنَّكَ تَبْنِي لَهُ بَيْتًا، لِذَلِكَ وَجَدَ عَبْدُكَ أَنْ يُصَلِّيَ أَمَامَكَ. [25] وَالآنَ أَيُّهَا الرَّبُّ، أَنْتَ هُوَ الله، وَقَدْ وَعَدْتَ عَبْدَكَ بِهَذَا الْخَيْرِ. [26] وَالآنَ قَدِ ارْتَضَيْتَ بِأَنْ تُبَارِكَ بَيْتَ عَبْدِكَ لِيَكُونَ إِلَى الأَبَدِ أَمَامَكَ، لأَنَّكَ أَنْتَ يَا رَبُّ قَدْ بَارَكْتَ، وَهُوَ مُبَارَكٌ إِلَى الأَبَدِ. [27] الكلمات الختامية في (2 صم 7) تقول: "فلُيبارك بيت عبدك ببركتك إلى الأبد"، وهذه لغة رغبة مقدسة، أما الكلمات الختامية هنا فهي لغة إيمان مقدس: "لأنك أنت يا رب باركت وهو مبارك إلى الأبد" [27] وهنا نرى: 1. تَشَجَّع داود أن يطلب البركة، لأن الرب أظهر له أن عنده بركات مخزونة له ولنسله: "لأنك أنت يا رب باركتني، ولذلك فإنه يأتي إليك كل بشر لنوال البركة، إليك آتي (لأنال) البركة التي وعدتني بها". فالمواعيد أُعطِيَتْ لتقودنا وتُثِير فينا روح الصلاة، فحينما قال الله أنا أبارك، فلتجاوب قلوبنا نعم يا رب باركني. 2. كان داود جادًا في طلب البركة، لأنه آمن أن من يباركهم الله، بالحقيقة يكونون مباركين إلى الأبد: "قد باركت وهو مبارك إلى الأبد". الإنسان يترجَّى البركة، ولكن الله هو الذي يأمر بها، فما يُدَبِّره الله يُنفّذه، وما يَعِد به يفعله، فالقول والفعل عند الله ليسا شيئين منفصلين. حاشا! "فهو مبارك إلى الأبد"، فبركات الله لا تُرَد ولا تُعارَض، ومنافعها تتخطَّى الزمن والأيام. يختم داود صلاته كوعد الله بما هو "إلى الأبد"، فكلام الله ينظر إلى الأبدية هكذا يجب أن تكون رغباتنا وآمالنا. |
![]() |
|