منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم يوم أمس, 05:39 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,308,474

العجيب في شخصية داود البار أن سموَّه وبلوغه إلى قِيَم العهد الجديد





للقديس يوحنا الذهبي الفم

عدم انحراف داود عن هدفه

العجيب في شخصية داود البار أن سموَّه وبلوغه إلى قِيَم العهد الجديد وهو يعيش في عصر الناموس، لم يكن فلسفة عقلية يناقشها ويدافع عنها، إنما بالأكثر منهج حياة عملي مُعَاش. كلَّفَه هذا السمو الكثير، يدفع الثمن لا عن تَغَصُّب، بل بلذة وفرح. أما تكلفة خبرة التمتُّع بالقِيَم السامية فهي الآتي:
أ. الصبر أو طول الأناة؛ فقد وضع في قلبه أن يحتمل بمسرة بدون تذمُّر. هذا الصبر يُقِيَم منه ملكًا صاحب سلطان على عقله وقلبه وأحاسيسه ومشاعره، بهذا يُتوَّج بإكليل الصبر. يقول القديس يوحنا الذهبي الفم بأن داود انشغل بأمرٍ واحدٍ: كيف ينجح في نوال إكليل الصبر.
ب. الكشف عن هذه القِيَم السامية وإيضاحها، لا بمناقشات غبية، بل بممارسة الحنو الرائع الفائق للطبيعة البشرية.
ج. الثبات وعدم الانحراف يمينًا أو يسارًا. لم يكن ممكنًا للقادة العسكريين المُحيطِين بداود، الهاربين يجولون من موضعٍ إلى موضعٍ حتى لا ينظرهم شاول، والمنتخبين من جبابرة البأس من الجيش، أن يجدوا فرصة للخلاص من شاول ولا يستغلُّوها.
لقد شاهدوا شاول يدخل الكهف بمفرده، فانطلقوا إلى داود يبشرونه بالفرصة الذهبية لقتل شاول الشرير، واستلام داود للعرش حسب وعد الله له.
فوجئوا بداود يرفض أن يمدَّ يده على شاول، أو يسمح لأحدهم بهذا. في منطقهم العسكري، بل والبشري، أن شاول المعتدي الظالم لن يتغيَّر من موقفه، ولا خلاص منه إلا بقتله.
كشفوا أفكارهم لداود، أما هو فبنقاوة قلبه رفض أفكارهم ولم يَقْبَلْ أن يحيد عن الحياة السامية في الرب يمينًا أو يسارًا.
يُصَوِّر لنا القديس يوحنا الذهبي الفم الموقف؛ فإن داود وحده كان مُعتنِقًا مبدأ مواجهة الشر بالخير، وكل الذين حوله وهم عسكريون وعانوا الكثير من مقاومة شاول ومن معه لهم. ويودّون أن يستريحوا من هذه المعاناة، خاصة وأنهم كانوا يدركون ما في شاول من حسدٍ وغيرةٍ ورغبة في الخلاص من داود. ففي نظرهم الحل الأوحد لمشاكلهم هو قتل شاول. وأن الفرصة التي بين أيديهم الآن فريدة، قد لا تتكرَّر.
حاولوا إقناع داود بأن قتل شاول ليس فيه خلاص من المتاعب بقدر ما هو تحقيق لخطة الله الذي دفع شاول لأياديهم.
استطاع داود بتقواه أن يؤكد لهم أنه بالحق وهبهم فرصة فريدة أن يسقط شاول بين أياديهم، لا للخلاص منه ومن مقاومته له ولهم، وإنما للسمو في حياتهم بالعفو عنه. آمن داود أن الخير أقوى وأعظم من الشر، والنور يُحَطِّم الظلمة، ونجح في إقناعهم بسرعة أن يعفوا عن شاول، ولا يَمِسُّوا حياته.
نستطيع أن نقول إن داود لم ينحرف عن هدفه تحت كل الظروف!
v ركَّز هذا الرجل التقى على أمرٍ واحدٍ لا غير، وهو كيف ينجح في نوال إكليل الصبر، وإيضاح القِيَم السليمة للحنو الرائع الفائق للطبيعة...
لم يتأثَّرْ هذا الطوباوي (بالذين يثيرونه ضد شاول)، بل استمر في المحافظة على ثباته، بالرغم من حث (الآخرين) وتقديم النصيحة له.
يُلاحَظ أنه ليس فقط لم يتأرجح بواسطة مشورات الآخرين، ولم يخف منهم، بل جذبهم إلى فكره السليم... وما هو أعظم أنه نجح في إقناع الآخرين أن يأخذوا اتجاهاته، خاصة متى كان الآخرون أناسًا غير مُعتدِلين ولا لطفاء، بل كانوا عسكريين انهمكوا وتعبوا من الصراع، وفقدوا الأمل بسبب المصاعب الكثيرة التي واجهوها، وصاروا مشتاقين إلى الراحة قليلاً، وكانوا يُدرِكون أن حلَّ متاعبهم يَكْمُن في قتل العدو في لحظة...
فمع أن عددًا كبيرًا من العسكريين كانوا يحثونه (على قتل شاول)، فإن هذا الرجل النبيل كان قادرًا أن يتغلَّب عليهم جميعًا، كي يسلكوا على منواله ويعفوا عن العدو...
لاحظوا أنهم لم يقولوا له إن الذي يصارعك صنع شرورًا كثيرة ضدّك، ذاك الذي اشتاق إلى موتك، والذي هاجمنا بمتاعب صعبة. إنما إذ عرفوا أنه لا يبالي بهذه الأمور، أوردوا له حكمًا مُعطَى له من العلي، قائلين إن الله يُسَلِّمه له... إنهم يعنون: هل بالحقيقة تنتقم لنفسك؟ إنك تخدم الله، وتُتَمِّم أحكامه.
كلما قالوا هذا، كان يزداد تصميمًا على العفو عنه، عالمًا أن الله سلَّمه له في يديه، ليهبه فرصة كي يبرهن بالأكثر أنه يسلك بالكمال.
بالنسبة لكم إذن، عندما ترون عدوَّكم يسقط في أياديكم، احسبوا هذا فرصة لا لمعاقبته، بل للعفو عنه...
لم يكن ما يشغله هو أن ينجح في نوال العرش، والتمتُّع بالحُكْمِ الملكي، فإذ كان شاول في يديه عفا عنه، حتى لا يقول أحد بأن عظمة المركز أثارت فيه غضبه.
مع إدراكه أن بالعفو عن شاول سيرجع إلى حيله القديمة، مما يُعَرِّضه إلى مخاطرٍ أعظمٍ، لم يُرِدْ أن يُهلِكَه.
القديس يوحنا الذهبي الفم

رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
سمو داود إلى قِيَم العهد الجديد وهو في ظل الناموس
قدم العهد الجديد نظرة إضافية عن شخصية عيسو
12 مرة في العهد الجديد يُشار للمسيح أنه ”ابن داود“
شخصية يوحنا الحبيب تأملات في قصص العهد الجديد
تعرف على حقيقة شخصية محمد بن سلمان ولي العهد السعودي الجديد


الساعة الآن 02:12 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025