وَاشْتَدَّتِ الْحَرْبُ عَلَى شَاوُلَ،
فَأَصَابَتْهُ رُمَاةُ الْقِسِيِّ،
فَانْجَرَحَ مِنَ الرُّمَاةِ. [3]
أساء شاول إلى طول أناة الله، فظن أنه كملكٍ صاحب سلطان لا يخضع للقانون، ولا يوجد من يقف أمامه ويُحاسِبه، وإذا بالعدالة الإلهية تلحق به وتواجهه في الوقت المناسب، فنُزِعَ عنه سلطانه، وفقدت أسرته كرامتها كبيتٍ ملوكي، واستلم داود المُضطَهد العرش.
v كثير من الأشخاص المُهمِلين جدًا يستخدمون رأفة الله علة ليزيدوا من جرم خطاياهم، ويفرطوا في إهمالهم قائلين هكذا: "لا توجد جهنم، لا توجد عقوبة مُقْبِلة. الله يغفر لنا كل خطايانا". لإغلاق أفواههم يقول الحكيم: "لا تقل: رحمته عظيمة، فيغفر كثرة خطاياي" (سي 5: 6)، وأيضًا: "كما أنه كثير الرحمة، هكذا هو كثير التأديب" (سي 16: 12).
v الآن إن كانت قوانين البشر تُراعَى بحرصٍ، كم بالأكثر يلزم بالنسبة لقوانين الله. يقول إنسان: "لكنه هو صالح". إلى متى ننطق بهذه الغباوة؛ أقول غباوة، ليس لأن الله غير صالح، وإنما أن يفكر في صلاحه ليحقق هذا الهدف... أصغوا إلى الكتاب المقدس القائل: "لا تقل رحمته عظيمة فيغفر كثرة خطاياي" (سي 5: 6). لم يأمرنا أن نقول: "رحمته عظيمة". إنه لا يوصينا بهذا، بل بالحري يريدنا أن نقول هذا على الدوام وذلك بالهدف التالي الذي يثيره بولس الرسول بكل أنواع البراهين. يقصد لا تعجب برأفات الله بالنظر إلا إنك تخطئ وتقول: "رحمته تزيل كثرة خطاياي"... وإنما لكي لا نيأس بسبب خطايانا، وإنما نتوب فإن لطف الله إنما يقتادك إلى التوبة" (رو 2: 4)، لا إلى شرٍ أعظم.
القديس يوحنا الذهبي الفم
v يقول (الرب) على لسان النبي: "يا ابني لا تزيد خطية على خطية وتقول رحمة الله عظيمة" (سي 5: 5-6). "غير عالمٍ أن لطف الله إنما يقتادك إلى التوبة" (رو 2: 4). فمن هو رحيم مثل الله، الذي يغفر كل خطايا الراجعين إليه، ويجعل الزيتونة البرية شريكة في دسم الزيتونة، كذلك من هو حازم مثله حتى يقطع الأغصان الطبيعية لعدم إيمانها؟ (رو 11: 17-24).
القديس أغسطينوس
أكثر من مرة صوَّب شاول رمحه نحو داود ليقتله، لكن الرمح لم يبلغ داود، لأن الرب حفظه من أجل نقاوة قلبه. أما شاول الملك إذ صوَّب أحد الجنود رمحه نحوه، أصابه بجرحٍ خطيرٍ في الحال، وكأنه شرب من الكأس التي ملأها ليسقي بها داود.