![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() لِيَضْرِبْنِي الصِّدِّيقُ بَرَحْمَةٌ وَلْيُوَبِّخْنِي، فَزَيْتٌ لِلرَّأْسِ لاَ يَأْبَى رَأْسِي. لأَنَّ صَلاَتِي بَعْدُ فِي مَصَائِبِهِمْ [5]. جاء عن الترجمة السبعينية والقبطية: "فليؤدبني الصديق برحمة ويوبخني. زيت الخاطئ لا يدهن رأس". كان داود أعظم رجل صلاة في العهد القديم. اعتاد أن يسأل الله عن كل احتياجاته، خاصة الروحية منها. وهو يسأله هنا الانفصال عن الشر والإثم. كما يرحب بأناس الله الأتقياء، يصادقهم ويقبل مشوراتهم واقتراحاتهم، بل ونقدهم وانتهارهم له. فإنه غالبًا ما يخدع الإنسان نفسه، فلا يرى أخطاءه، لهذا يرحب الإنسان التقي بنظرة الأتقياء له، لا لمدحه وإنما لإصلاحه. * لن تنمو رأسي بالتملق. فإن المديح غير اللائق هو تملق. المديح غير اللائق الصادر من التملق هو "زيت الخاطي". لذلك فلتحبوا أن تُوبخوا من البار (الله) برحمة، ولا تحبوا أن يمدحكم خاطئ في سخرية. ليكن لكم زيت في أنفسكم، فلا تحتاجوا إلى زيت الخاطي. القديس أغسطينوس * ليت الصديق يكون بي رحيمًا مع اللوم... ما يقصده هو هكذا: إنني لن أشترك في تجمعات أولئك المتسيبين... فإنني أفضل الصارمين والملتزمين، الذين يلومون ويُظهرون الأخطاء وينتقدون. هذا بالحقيقة علامة الرحمة واللطف، أن يشفوا الجراحات. يقول: "زيت الخاطئ لا يدهن رأسي". هل تلاحظ النفس الملتزمة بالفضيلة؟ إنها تقبل برضا نقد الصديقين لها، بينما ترفض ثرثرة الأشرار. لأن الأخيرين برحمتهم يسببون دمارًا، بينما الأولون بنقدهم وصرامتهم يسببون إصلاحًا، وبينما ترتبط الرحمة بنقدهم، إذا بالموت يرتبط برحمة الآخرين. يقول آخر: "أمينة هي جروح المحب، وغاشة هي قبلات العدو؟ (أم 27: 6). لاحظوا كيف تعكس النصيحة الرسولية هذا: "وبخ، انتهر، عظ" (2 تي 4: 2). هكذا هو نقد الأشخاص المقدسين للغير. وهو يشبه ما يفعله الجراحون، إنهم ليس فقط يقطعون، وإنما أيضًا يخيطون غُرزًا في الجسم حسنًا. والمسيح أيضًا لكي يضمن أن يكون اللوم مقبولًا، لم يسمح أن يكون اللوم علانية في البداية، قائلًا: "أذهب وعاتبه بينك وبينه وحدكما" (مت 18: 15). هذا أيضًا ما مارسه بولس مقدمًا مع اللوم رحمة، فيقول: "أيها الغلاطيون الأغبياء" ثم يعود فيقول: "يا أولادي الذين أتمخض بكم" (غل 3: 1؛ 4: 19). ها أنتم ترون أن الشخص الذي يوجه اللوم يحتاج أن يقدم فكرًا رعويًا حتى يكون اللوم مقبولًا، ومن يستخدم العلاج يحتاج إلى حساسية أكثر من الذين يقطع الجسم. القديس يوحنا الذهبي الفم * قول النبي يعني أن توبيخ الصديق وانتهاره يحصل عن رحمته لي، وشفقته على جراحات نفسي، لأنه يجففها ويطهرها بأدوية توبيخه، ولهذا أريد هذا التوبيخ. أما أقوال الخاطي الناعمة مثل الزيت فلا أرتضيها، لأنها تملق ومداراة، فلا تصب رأسي. الأب أنسيمُس الأورشليمي * يجب أن نعرف ونتذكر المكتوب "زيت الخاطئ لا يدهن رأسي"، وهو ما سبق وحذر منه الروح القدس في المزامير، لئلا ينحرف أحد عن الطريق، ويتوه بعيدًا عن سبيل الحق، فيُدهن بواسطة الهراطقة ومعاندي المسيح. القديس كبريانوس * "ليقومني الصديق برحمة وليوبخني، لكن زيت الخاطئ لا يدهن رأسي" ما معنى هذا؟ الأفضل لي إذا ما رأى الصديق خطيئتي أن يقومني ولا يتركني، بل يخبرني إن فعلت خطًا، ويثور ضد خطيئتي ليحررني منها. قد يبدو كلامه صارمًا، لكنه في الداخل رقيق رحوم بحسب الكلمات: "ليقومني الصديق برحمة وليوبخني". * انتبهوا إلى الكلمات الأخرى التي يستخدمها المداهنون والحديث المخادع، فبالرغم مما تحمله من ثناء، فإنها دهن الخاطئ. * ليت زيت الشرير، أي تملق المداهنين لا يدهن رأسك، فإن الرئيس (المتُقدم) ينتهر ليُصلح، وأما الشيطان فيتملق ليحطم. الأب قيصريوس أسقف آرل * "ليؤدبني الصديق، فهذه رحمة وليوبخني". من يحبه الرب يؤدبه، ويجلد كل ابن يقبله. مغبوط هو الإنسان الذي يؤدب في هذه الحياة، لأن "الرب لن يعاقب مرتين على نفس الشيء" (قابل نح 1 : 9 بحسب السبعينية). ومخوف هو غضب الرب، إذًا ما لم يشدد علينا هنا، حينئذ يقتادنا كعجلٍ يُساق للذبح. وقد قال لأورشليم حقًا: "كثيرة هي خطاياكِ، وعديدة هي آثامكِ، لكني لن أغيظك" (قابل حز 16: 24)... تأملوا في هذا الخصوص أي معلم أو أب أو حكيم (طبيب) هو، فإن الطبيب إذا ما وقع بصره على عضو أو نسيج مصاب في الجسد، فهل يقول: ما لهذا العضو؟ فإنكم ستشهدون بقسوته، لكنه إن أزال هذا النسيج الفاسد، وضمد الجرح فهو رحوم، لأنه ينقذ حياة الإنسان. نفس الأمر مع المعلم، فإنه أن طرد أو فصل حبيبًا (تلميذًا) ولم يعلمه الطاعة له، فإنه يكرهه. لكن من جهة أخرى فهو تلميذه إن كان بالعلاج يقومه، وتتحول شراسته الظاهرية إلى هدوء. "ليؤدبني" أو "ليقومني" تفهم بطريقتين: إما أنه يوبخ أو يرشد. "وزيت الخاطئ لا يدهن رأسي". حقًا أن من يدعوكم يا شعبي مطوبين إنما يضللوكم. مدح الهراطقة، أي الزيت الذي به يدهنون رؤوس الرجال، ويعدونهم بملكوت السماوات إنما يدهن الرأس بالكبرياء. "لأن صلاتي دائمًا ضد مسراتهم"، وهذا يعني أنهم حقًا يثورون في جنونهم، لكنني أداوم على الصلاة لأجل هدايتهم. القديس جيروم * لتدهن رأسك، ولكن أحذر ألا تدهنها بزيت الخطية. لأن "زيت الخاطئ لا يدهن رأسك" (مز 141: 5). إنما ادهن رأسك بزيت التهليل: "زيت الفرح" (مز 45: 7)، زيت الرحمة، حتى يحسب وصية الحكمة: "لا تدع الرحمة والحق يتركانك" (أم 3: 3). العلامة أوريجينوس * وبعد أن دعّم الأخ بأقوال كثيرة أطلقه وهو فرح بالرب. وذهب وهو يترنم قائلًا: "ليرجع إليَّ متّقوك وعارفو شهاداتك" (مز 119: 79)، وأيضًا: "تأديبًا أدّبني الرب، وإلى الموت لم يسلّمني" (مز 118: 18)، وأيضًا: "فليؤدّبني الصدّيق برحمة ويوبخني" (مز 141: 5 قبطية). كما قال لنفسه: "ارجعي يا نفسي إلى موضع راحتك، لأن الرب قد أحسن إليك، لأنك أنقذتَ نفسي من الموت..." (مز 116: 7). وهكذا عاد إلى قلايته، وعاش بقية عمره كما فرض له الشيخ. فردوس الآباء * "فليؤدِّبني الصدِّيق برحمة ويوبخني. أمَّا زيت الخاطئ فلا يدهن رأسي" (مز ١٤1: ٥). دهن الخاطئ هو عبارات الإطراء والتملُّق، هذه يبغضها النبي جدًا. فهو يحب أن يوبخه الصديق ويؤدِّبه بالصرامة مع الرحمة، ولا يريد المديح مع الرياء والمحاباة. لأن التملُّق والمداهنة لا يفيدان الإنسان شيئًا، بل يزيدانه جهلًا وإثمًا وثباتًا فيهما... وقد قال الله على لسان النبي: "يا شعبي إن الذين يطوِّبونكم يضلُّونكم" (إش ٣: ١٢)، أي أن الذين يمدحونكم ويتكلَّمون عنكم بالنوادر رياءً ونفاقًا، إنَّما يخدعونكم ويهلكونكم بالتمام. أمَّا الذين يوبخونكم وينصحونكم، فيحسنون إليكم إحسانًا عظيمًا. ليست هي فضيلة (التراخي مع الخطاة)، بل ضعف. ولا هي محبَّة أو وداعة بل إهمال، لا بل هي قسوة على تلك النفوس التي يُغفل عنها، فتهلك دون أن تنبِّه على خرابها. القديس أغسطينوس |
![]() |
|