عندما يسافر كل ابن ضال إلى الكورة البعيدة؛ إنما يترك بغباوة الحياة السماوية؛ يهرب من الله ويتركه منفصلاً عن مشيئته؛ متكلاً على ذاته؛ متغربًا عن إخوته؛ رعية وأهل بيت الله؛ حيث الفراغ والخواء والاكتئاب ومرارة الحسرة؛ حيث مجاعة الأعمال الصالحة والسلام والمسرة التي من السموات...
والابتعاد عن النور والحق والماء والخبز والحياة وكنوز الحكمة والعلم والخيرات السماوية... فهناك تكون شهوات أطعمة الخنازير والخرنوب مع أولئك الذين آلهتهم بطونهم.
لكننا عندما نحاكم أنفسنا ونرجع إليها ذلك لأننا تركناها؛ لذا نرجع إليها؛ نرجع إلى عقولنا؛ بعيدًا عن التمزق والذهن المرفوض؛ نلوم أنفسنا ونراجعها؛ فنرجع إلى حالتنا الأولى التي سقطنا منها؛ نعود من الهلاك إلى الوجود ومن المنفىَ والاغتراب إلى المسكن...
من الحرمان إلى الوفرة؛ من الخِنزيرية والشهوانية إلى القداسة والكمال. من اليُتم والموت إلى الأبوة والحياة.