![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() من آدم إلى نوح 1 آدَمُ، شِيتُ، أَنُوشُ، 2 قِينَانُ، مَهْلَلْئِيلُ، يَارِدُ، 3 أَخْنُوخُ، مَتُوشَالَحُ، لاَمَكُ، 4 نُوحُ، سَامُ، حَامُ، يَافَثُ. آدَمُ، شِيث، أَنُوشُ، [1] إن كان المصدر الرئيسي أو الوحيد لهذه الفترة هو سفر التكوين، إلا أن الأنساب هنا تتميَّز بإبراز وتأكيد عنصرين هامين، وهما الاختيار الإلهي لأناس الله، وتأصُّل النعمة الإلهية في العرض للأنساب. تجري سلسلة الأنساب هنا لخدمة الغرض العام للسفر، وهو أن الله يختار له شعبًا مُقَدَّسًا، إسرائيل الحرفي في العهد القديم، وإسرائيل الجديد أي الكنيسة التي تضم أعضاءها من كل الأمم. آدَمُ: اسم عبري، ومعناه لغويًا "أحمر". يرى البعض أن أصل الكلمة الأكادي أو الأشوري "أدامو"، أي "يعمل"، أو "ينتج". وكأن الله خلق الإنسان لينعم بالسعادة في العمل والإنتاج. حقًا انشغل السفران بتأكيد أصالة ونقاوة شعب إسرائيل على خلاف السامريين الذين يحملون دمًا مختلطًا من اليهود والأمم. لكن في نفس الوقت، يبدأ السفر بآدم بكونه أب البشرية كلها. فالخلاص الآن تحقق بابن داود المُقَدَّم للعالم كله. غاية سلسلة الأنساب ليس تقديم السلسلة كاملة، إنما تأكيد هاتين الحقيقتين اللاهوتيتين: 1. امتياز الشعب القديم كشعب مُختار تقدَّس لله، له رسالته الخاصة بين كل الأمم والشعوب، حاول عزل نفسه عن الآلهة الوثنية، بانتسابه للآباء إبراهيم وإسحق ويعقوب. 2. مملكة ابن داود مسكونية، تفتح باب الخلاص والرجاء والمجد السماوي لكل البشرية. ففي المسيح "ليس يوناني ويهودي، ختان وغُرْلة، بربري وسكِّيثي، عبد وحُر، بل المسيح الكل وفي الكل" (كو 3: 11). لا نعجب من تجاهُل قايين ونسله (تك 4: 17-26) في هذه الأنساب. فالسفر يرفض أن يشير إلى وجود كل الأجيال القادمة من قايين، وذلك كما يتجاهل مملكة الشمال بعد تمرُّدها على بيت داود وعدم التزامها بالشريعة الإلهية ووضع عبادة حسب فكرها البشري، لأن ما يشغل السفر إعلان الميثاق الإلهي بين الله والمُخْلِصين في الالتصاق به والشركة معه. بدأ بآدم كمن يستعرض كل أنساب البشرية، لكنه يستبعد أنساب كل الشعوب التي لا تبلغ إلى إسرائيل، ليُعلِنَ أن لله خطة واختيار لتحقيق خلاص البشرية خلال ابن داود الذي من إسرائيل. لم يفشل سفر الأخبار في الاهتمام بدعوة إبراهيم، وبالميثاق الذي عقده مع موسى، لكن ما يشغله بالأكثر هو الهيكل والعهد مع داود، وكأن ما يشغل الكاتب في الدرجة الأولى أرض الموعد ووحدة الشعب مهما تكن التكلفة[13]، ليعبر بنا إلى ابن داود والتمتُّع بأورشليم العليا. مرة أخرى نؤكد أن غاية هذه الأنساب عرض الخط ما بين آدم وإبراهيم؛ آدم بكونه الأب العام للبشرية الذي خُلِقَ على صورة الله ومثاله. أما إبراهيم، فصار أب البشرية من جهة الإيمان، رأى الرب المتجسد المصلوب القائم من الأموات ليقيم كل الشعوب، ففرح وتهلل (يو 8: 56). v منذ البداية عندما خلق الرب آدم، جعله كاهنًا ليقوم على خدمته. بالحقيقة وضع الرب حدًّا لآدم (قائلاً): كُلْ يا آدم من كل الثمار الموجودة في الفردوس. ولا تقترب من الشجرة الموجودة في الوسط، ومتى ما دنوت منها موتًا تموت. حسد الشرير آدمَ الذي جُعِلَ على صورة الله، واستولى على حواء، وقطفت الثمرة، وأكلت من الشجرة. وأعطت آدم وأكل، وتجاوز الوصية، وتسلَّط الموت على آدم كما قيل. مات آدم، وهوذا الموت يتسلل إلى كل الأجيال، وجاء وبلغ مثل السالب إلى موسى... ذاق جميع الصديقين والأبرار والأنبياء والملوك كأس آدم الذي تجاوز الوصية. القديس مار يعقوب السروجي فكم بالحري يلزمنا أن نُصَدِّق أن ابنة حواء تلد طفلاً بغير رجلٍ! الأرض البكر حملت آدم الأول، الذي كان رأسًا على كل الأرض، واليوم حملت العذراء البكر آدم الثاني، الذي كان رأسًا على كل السماوات! القديس مار أفرام السرياني بخصوص شيث، يشارك القديس مار يعقوب السروجي أبوينا الأولين آدم وحواء مرارة نفسيهما بعد قتل هابيل، ويتلامس مع التعزيات الإلهية العجيبة التي فاضت عليهما بميلاد ابنهما شيث. سرُّ تعزيتهما ليس أن الله وهبهما ابنًا عوض هابيل وقايين، حيث نظرا ميتًا لأول مرة في حياتهما (هابيل)، وأدركا كيف يعود الجسم الترابي إلى التراب. والثاني قايين في رعبٍ شديدٍ يخشى الحيوانات، بل ويرتعب حتى من ظله. إنما نظرا في شيث حُبَّ الله الفائق، وتعزيات السماء، وأدركا أسرارًا إلهية، رفعت قلبيهما كما إلى السماء. يتصوَّر القديس مار يعقوب السروجي شيثًا الحامل رمز السيد المسيح، وقد هجم على أساسات الألم وحطَّمها، ووطأ على الحزن بقدميه، ففقد سلطانه. نزع شيث الكآبة عن والديه، وصار كالإيل السريع الحركة، تَهْرَب من أمامه الحيّات، لئلا يضربها بقدميه فيقتلها. لم يعد للكآبة موضع في قلبَي آدم وحواء، إذ وهبهما دواءً يشفيهما. قيل: "وعاش آدم مئة وثلاثين سنة، وولد ولدًا على شبهه كصورته، ودعا اسمه شيثًا" (تك 5: 3). في هذا كان رمزًا لابن الله الذي هو واحد مع الآب، قيل عنه: "الذي وهو بهاء مجده، ورسم جوهره، وحامل كل الأشياء بكلمة قدرته، بعدما صنع بنفسه تطهيرًا لخطايانا، جلس في يمين العظمة في الأعالي" (عب 1: 3). لكن شتان ما بين الرمز والمرموز إليه. v أنجب آدم بشبهه (تك 5: 3)، ومثل صورته، وماذا يعني هذا (الشبه) الذي كتبه موسى بعناية، لو لم يكن يرمز إلى شيءٍ يريد أن يظهره لنا؟ لماذا لزم أن يكتب عن شيث أنه يشبه؟ لقد سجل القبائل من آدم إلى عهده، ولم يذكر بأن فلانًا يشبه أباه الفلاني... صارت تعزية لآل آدم بواسطة شيث الجميل، وبميلاده نسيا ضيقاتهما القديمة. ضياء السرِّ التهب من محياه، وأبهجهما، لأنهما كانا حزينَيْن بسبب هابيل... رأيا فيه شبهًا مجيدًا وتَعَجَّبا من بهائه، وبذلك العجب نسيا حِدادًا كانا مُكتئبَيْن به. كانت حواء ترى فيه شبه رَجلِها آدم، ولما كان بعيدًا كان كأنه غير بعيد لكونه أمامها. كانت تُعَزِّي آدم بجمال ابنه، وتقول له: هلم وشاهد صورتك، وأَزِلْ حزنك. هلم وشاهد ذاتك وتعزَّ بِشَبَهِك، وانظرْ إلى شخصك، هوذا يحمل صورتك، إنه كله أنت. هلم أيها الشجرة شاهد ثمرك إذ هو مثلك، أيها النسر السامي، هوذا أشباهك على فراخك الصغار. اقترب أيها الجبار، يا رئيس الأرض ويا أبا الأجناس، وشاهد ابنك، ساقه عالي كساقك. انظر أيها الحارث، هوذا زرع حقلك يُشْبِهُك، والباقة التي جمعتها هي مثلك بكل جمالها. القديس مار يعقوب السروجي v اجتهد أنوش في جيله مثل متميزٍ، وبدأ ودعا باسم الرب حتى يُسبّح. ميَّز وعلَّم التسبيح لبني جيله بلحنه، ليدعو باسم الرب في كل حين. محبته غلت بحب ربِّه بتمييزٍ، فأعطى التسابيح ببرٍ في أوقات معينة. عيَّن كل صباحٍ والأمسيات، ليدعو اسم الله، حتى ينسج حياته على فوائد روحية. فتح فم الأرض، وعلَّمها أن تدعو باسم الرب في كل الأيام والليالي. القديس مار يعقوب السروجي |