|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يقوم التأمل بلا شك على الجلوس والنهوض للقيام بتمرينات خاصة موروثة من التقاليد أعادت الدراسات الحديثة النظر فيها. كما أن التأمل يعني أن نعيش وجودنا كاملاً على نحو مختلف قدر المستطاع بالوعي الكامل بدلاً من اختبار الكثير من اللحظات بوجود الوعي الكامل. توجد تمارين «رسمية» أي إنها تحمل رموزاً وقوانين مفروضة كتلك التي نراها في رياضة التزلج الفني. نقوم بهذا النوع من التأمل بشكل أولي في كل صباح. ولكن يوجد خلال اليوم فواصل للوصول للوعي الكامل، حيث يمكننا أن نكون حاضرين بالوعي الكامل وذلك لن يستغرق سوى بضعة دقائق. يمكن القيام بذلك في لحظات الانتظار وعند الانتقال من نشاط إلى آخر وفي لحظات المشاعر العاطفية التي يمكن أن تكون محببة أو غير محببة. نتوقف لنأخذ نفساً لنعجب بما هو جميل أو نتذوق لحظة من السعادة، تماماً كما نتوقف لتتجاوز ولنواجه لحظة مؤلمة مع وعينا الكامل دون أن نهرب أو نجتر ذكريات سيئة. وأخيراً نقول إنه يمكن ممارسة الوعي الكامل أثناء أي فعل نقوم به في حياتنا اليومية كالأكل والطبخ والغسيل والمشي وركوب السيارة وقراءة قصة لطفل والمحاورة... في كل تلك اللحظات نفعل كل ما بوسعنا لنكون فعلاً حاضرين في ما نفعل. وليس المطلوب أن نفعل ذلك طوال الوقت لأن ذلك صعباً رغم أنه ممتع ومهدئ. يمكننا أحياناً أن نسمح لأنفسنا بتناول الطعام في أثناء مشاهدة التلفاز، أو أن نقود سيارة ونحن نستمع للمذياع! ولكن يتوجب علينا أن نبقى يقظين فهل يحدث الأمر دوماً على هذا المنوال؟ إن كان هذا ما يحدث أليس علينا أن نعيد توازن ذهننا نحو اللحظة الحالية، نحو ما نعيشه وليس نحو ما نعقله؟ إنه سؤال يتعلق بإعادة التوازن وليس بالتدرج. ليس من الضروري أن يكون التأمل طاغياً على الفعل كما أن اللحظة الحالية ليست بالضرورة أن تكون طاغية على اللحظات المستقبلية أو الماضية. إن تركيزنا على ما نفعله ليس بالضرورة أن يكون طاغياً على تشتت ذهننا أو تعلقنا بعدد كبير من الأفكار والنشاطات. من غير المجدي أن نبحث عما هو جيد أو أقل جودة فكل شيء جيد أو كل شيء سيكون جيداً! ولكنها مسألة لحظة ووعي وخيار حيث يجب أن نعرف ما الذي نحتاجه: هذه اللحظة أم تلك من حياتنا؟ هل نحن حقاً مدركون لما نعيشه؟ وهل نحن في هذه اللحظة نعيش حقاً كما نتمنى؟ إن هذه الأسئلة عميقة، ولهذا فإن تمضية وقت في التأمل يجعل منا عموماً بعض الشيء أكثر حكمةً وشفافية وإشراقاً. وربما، في المعنى نفسه كان ألبير كامو يقول في كتابه «الضد والمكان» هذه الجملة الرائعة التي ستكون بمثابة خاتمة لنا: «لم يعد الآن أن يعنيني أكون سعيداً بل ما أتمناه هو أن أكون واعياً». الزفرة لطالما احتل التنفس مكانةً مركزية في الممارسة التأملية، فهو الوسيلة الأقوى للتركيز على اللحظة الحالية. ولهذا السبب فإن إحدى النصائح الأكثر بساطة وفعالية التي يمكن أن نمنحها للمبتدئين هي أن نقوم عدة مرات خلال اليوم بأخذ وقتنا للتنفس، فقط نتنفس بوعينا الكامل لمدة دقيقتين أو ثلاث لأنه لكي نتأمل يجب أن نركز انتباهنا، ولكن على ماذا؟ من الأبسط بشكل عام أن نختار ما نسميه «هدفاً متحركاً»، شيئاً ذا حركة بطيئة ومنتظمة. وإلا فإن التركيز يتشتت. من بين الأهداف المتحركة التي وجدناها جميعاً لدينا أمواج البحر وألسنة اللهب المشتعلة في الخشب والمناظر الطبيعية المارة من خلف النافذة في قطار. ومعظمنا مرّ بتجربة التأمل اللحظية. ولكن ليس من السهل دوماً التأمل بالنظر إلى البحر أو إشعال نار في الخشب عندما نرغب بالتأمل. لدينا هدف متحرك دائم الوجود وهو التنفس والحركة المرفقة به تمرین دعوا ما تفعلونه الآن. واعتدلوا بجلستكم إن كنتم مائلين قليلاً. افردوا أكتافكم وحافظوا على رقبتكم مستقيمة بلا مبالغة. لا تحاولوا التحكم بتنفسكم أو التنفس بطريقة معينة بل دعوا تنفسكم يخرج منكم ويعود ببساطة. لا تفكروا بتنفسكم بل استشعروه بكل بساطة. اربطوا أنفسكم بالمشاعر المتعلقة بالتنفس كالهواء الذي يدخل ومن ثم يخرج من أنفكم ومن حلقكم... وحركات صدركم وبطنكم الذي يرتفع ويهبط، اشعروا بهذا الإيقاع... استشعروا تنفس جسدكم بكامله... إن لم تحافظوا على تركيزكم فهذا ليس أمراً فادحاً بل هو شيء طبيعي. عودوا إلى الوعي الكامل للزفرة وضعوا كل الأحاسيس الجسدية المرتبطة بالزفرة في مركز انتباهكم... امتلكوا وعياً لحركة الهواء الداخل والخارج... امتلكوا وعياً لحركات صدركم وبطنكم... ووعياً لجسدكم الذي يتنفس كاملاً بمفرده وبهدوء. نصائح بماذا يفيدنا هذا التمرين؟ ربما لا شيء وربما يمكن له أن يساعدنا على تطوير مقدرتنا في التركيز، ففي كل مرة نلاحظ أن فكرنا شرد عن التنفس وذهب نحو التفكير وفي كل مرة نعود فيها إلى التنفس، نقوم «بتقوية عضلات» انتباهنا بعض الشيء. إن الوعي الكامل للزفرة هو المحرك الأساسي لجميع الممارسات التأملية التي طرحناها معاً في هذا الكتاب. لهذا فأنا أشجعكم على تكرار هذا التمرين الصغير عدة مرات في اليوم قوموا بالتركيز على الحركات التنفسية لعدة دقائق. |
|