لماذا يكرر الخاطب الدعوة لعروسه أن تقوم؟
يُجيب القديس غريغوريوس أسقف نيصص قائلًا:
[بإنه يدعو العروس القائمة أن تقوم ثانية، والتي اقتربت إليه أن تأتي إليه... لأنها يليق بها أن تدخل من مجد إلى مجد (2 كو 3: 18)، وهي دومًا تتطلع إلى ما هي عليه فترى نفسها أقل بكثير مما تود أن تكون عليه. فمع كونها "حمامة" لكمالها في المسيح، لكنه يوصيها مرة أخرى أن تصير "حمامة" أي تدخل إلى حال أكمل، وإذا هي قائمة يدعوها أن تقوم معطيًا إياها قوة للقيام على الدوام ولحياة النمو والتقدم.
في المرة الأولى يدعوها أن تقوم وتأتي إليه: "قومي... وتعالي"، أما الآن فهو يدعوها أن تخرج من بيتها ومن مدينتها وتنطلق إلى محاجئ الصخر إلى ستر المعاقل. فإذ مضى وقت الشتاء الذي فيه أغلقت العروس على ذاتها، يلزمها الآن أن تخرج وتنطلق ليس فقط عن شهوات الجسد الشريرة بل وعن العالم المنظور كله... إنه يدعوها للقاء معه داخل الحصون الأبدية غير المنظورة!
إن كان الرسول قد رأى في الصخرة التي كانت تتبع الشعب قديمًا شخص المسيح نفسه (1 كو 10: 4)، فإن العريس هنا يطلب من عروسه ليس فقط أن تخرج من ذاتها ومن العالم المنظور بل بالحري أن تدخل إلى المسيح نفسه، الصخرة الحقيقية، حتى تعيش معه بغير حجاب أو نقاب... إنما ترى مجده بوجه مكشوف (2 كو 3: 18)، وتتحدث معه.
دخولها الصخرة للقاء مع العريس يُشير إلى أمانها، فهناك لا تقدر الحية القديمة أن تجد لها مسلكًا، إذ جاء في سفر الأمثال: "ثلاثة عجيبة فوقي وأربعة ولا أعرفها: طريق نسر في السموات وطريق حيَّة على صخر..." (أم 30: 18).