*في مرةٍ أخرى قال الله لإبراهيم: "اُخرج من أرضك ومن عشيرتك ومن بيت أبيك إلى الأرض التي أُريك" (تك 12: 1)، فأطاع إبراهيم وذهب.
إنني أُؤكّد لكم أنكم قد اتخذتم لأنفسكم نفس القول الإلهي الذي به دُعي إبراهيم، وأنكم تشاركوه في بركته: "جيدٌ للرجل أن يحمل النير في صباه، يجلس وحده ويسكت" (مرا 3: 27-28).
هذا هو المعنى من خروجكم من العالم. إنّ الغِنى لا يُغويكم، ولا محاسن المرأة تجعلكم تنحرفون، ولكن كأنه لم يكن لكم جسد وبمخافة الله قد وطئتم بأقدامكم الميول الرديئة. لقد فصلتم أنفسكم عن أفكار العالم، بل هربتم من أباطيله.
*قيل عن أنبا مقارإنّ أخًا ذهب لمقابلته يومًا ما وقال له: "يا أبي، إنّ أفكاري تقول لي: قم افتقد المرضى، لأنّ هذه وصية عظيمة". فقال له أنبا مقار: "إنّ كلمة النبوّة لا تتغير، لأنه يقول: "جيدٌ للرجل أن يحمل النير منذ صباه، ويجلس وحده صامتًا" (مرا 3: 27-28). أمّا قول الفم غير الكاذب الذي لربنا يسوع المسيح: "كنتُ مريضًا فزرتموني" (مت 25: 36)، فقد قاله لعامة الناس. ولكنني أقول لك، يا ابني، إنّ المكوث في القلاية أفضل لك جدًّا من افتقاد المرضى، لأنه سيأتي وقتٌ فيما بعد يستهزئون فيه بالذين يظلّون في قلاليهم، ويتممون قول أنبا أنطونيوس: "إذا رأوا أحدًا ليس مجنونًا، يقفون ضدّه قائلين: إنك مجنونٌ، لأنه لا يشبههم". "أقول لك، يا ابني، لو لم يبتعد موسى عن مخالطة الناس ومحادثتهم، ويدخل في السحاب وحده؛ لما كان قد أُعطيَ لوحي الشريعة المكتوبين بأصبع الله لأجل المجد (خر 24: 12-18)" .