توهم إسرائيل أنه يعيش في ملذات الأمم وشهواته بفرح وطرب ولم يدركوا أنه قد حل وقت العقاب: "جاءت أيام العقاب، جاءت أيام الجزاء (المكافأة)" [ع7]. لقد حل الوقت الذي فيه يُجازي إسرائيل على شره ويكافأ الأنبياء على شهادتهم الحق واحتمالهم التعييرات والآلام منهم، "سيعرف إسرائيل: النبي أحمق، إنسان الروح مجنون من كثرة إثمك وكثرة الحقد" [ع7].
ليعرف إسرائيل أن من ظنوه أحمق هو حامل روح الحكمة، ومن حسبوه مجنونًا هو رجل الروح، وأن كثرة إثمه وكثرة حقده أفسدت بصيرته عن معرفة النبي رجل الروح. ومن الجانب الآخر فإن إسرائيل سيكتشف أن النبي الكاذب الذي يجاملهم بالكلمات اللينة، قائلًا: "سلام سلام ولا سلام" (إر 6: 14)، هو الذي بالحق أحمق، ومن كان يدعي أنه إنسان الروح هو بالحق مجنون، إذ ترك إسرائيل في إثمه مطيبًا خاطره على حساب الحق. هكذا ينكشف النبي الحقيقي الذي قد يجرح بكلمات الحق لأجل البنيان من النبي المخادع الذي هو "فخ صياد على جميع طرقه" [ع8]. يصطاد النفوس بالكلمات المعسولة، مملوء حقدًا ضد بيت إلهه [ع8].
لقد حلّ وقت الجزاء ليكتشفوا أنهم "قد توغلوا، فسدوا كأيام جبعة" [ع9]، إذ بات رجل لاوي متغربًا في جبعة التي بنيامين (قض 19: 14) فاِرتكب رجال المدينة الشر مع سريته الليل كله إلى الصباح وأطلقوها عند طلوع الفجر، حيث جاءت عند عتبة البيت وأسلمت روحها، فأمسك الرجل بها وقطَّعها إلى اثنتي عشرة قطعة وأرسلها إلى جميع تخزم إسرائيل لينظروا الرذالة والقباحة التي كانت في ذلك الموضع (قض 20: 6). إن كان حادث جبعة فضح الشر، هكذا يأتي وقت الجزاء ليفضح خفايا الشعب!