منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 19 - 12 - 2024, 05:31 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,317,287

هذا الفرح الباطل يصحبه مرارة داخلية وغمّ مع كآبة النفس




الفرح الباطل

ظن إسرائيل أنه يفرح كبقية الأمم عندما ينطلق من عبادة الله الحيّ إلى عبادات الوثنية، وكأنه بالابن المسرف الذي طلب نصيبه من أبيه لينطلق مع أصدقائه، يقضي أيامه في اللهو والمسرات، لكن هذا الفرح الباطل يصحبه مرارة داخلية وغمّ مع كآبة النفس، وذلك للأسباب الآتية:

تحول عبادتهم إلى خبز حزن

1 لاَ تَفْرَحْ يَا إِسْرَائِيلُ طَرَبًا كَالشُّعُوبِ، لأَنَّكَ قَدْ زَنَيْتَ عَنْ إِلهِكَ. أَحْبَبْتَ الأُجْرَةَ عَلَى جَمِيعِ بَيَادِرِ الْحِنْطَةِ. 2 لاَ يُطْعِمُهُمُ الْبَيْدَرُ وَالْمِعْصَرَةُ، وَيَكْذِبُ عَلَيْهِمِ الْمِسْطَارُ. 3 لاَ يَسْكُنُونَ فِي أَرْضِ الرَّبِّ، بَلْ يَرْجِعُ أَفْرَايِمُ إِلَى مِصْرَ، وَيَأْكُلُونَ النَّجِسَ فِي أَشُّورَ. 4 لاَ يَسْكُبُونَ لِلرَّبِّ خَمْرًا وَلاَ تَسُرُّهُ ذَبَائِحُهُمْ. إِنَّهَا لَهُمْ كَخُبْزِ الْحُزْنِ. كُلُّ مَنْ أَكَلَهُ يَتَنَجَّسُ. إِنَّ خُبْزَهُمْ لِنَفْسِهِمْ. لاَ يَدْخُلُ بَيْتَ الرَّبِّ. 5 مَاذَا تَصْنَعُونَ فِي يَوْمِ الْمَوْسِمِ، وَفِي يَوْمِ عِيدِ الرَّبِّ؟ 6 إِنَّهُمْ قَدْ ذَهَبُوا مِنَ الْخَرَابِ. تَجْمَعُهُمْ مِصْرُ. تَدْفِنُهُمْ مُوفُ. يَرِثُ الْقَرِيصُ نَفَائِسَ فِضَّتِهِمْ. يَكُونُ الْعَوْسَجُ فِي مَنَازِلِهِمْ.

"لا تفرح يا إسرائيل طربًا كالشعوب، لأنك قد زنيت عن إلهك، أحببت الأجرة على جميع بيادر الحنطة. لا يطعمهم البيدر والمعصرة ويكذب عليهم المسطار" [ع1-2].
ظن إسرائيل أن الشعوب المحيطة بعبادتها الوثنية التي اتسمت بالولائم الكثيرة والرجاسات واللهو أكثر منه حظًا وطربًا، لذا اشتاق أن يتمثل بهذه الشعوب ويسلك على منوالها. لكن حتى أن فرحت الشعوب وامتلأت طربًا وسط الرجاسات... وهذا أمر مظهري يرافقه غم داخلي وكآبة، فإن إسرائيل في اِمتثاله بهذه الشعوب يُحسب زانيًا عن إلهه، فيسقط تحت التأديب المر. لقد اختاره الله شعبًا له يلتزم بشريعته المقدسة، فإن انحرف قام بدور زانية تستحق الرجم. هكذا إلى هذا اليوم متى سقط مؤمن في خطية حلّ به التأديب بطريقة أسرع وأقسى مما يحل بالأشرار، لأنه مختار من الله، وابن له يلتزم تأديبه، يقول المرتل: "لا تُغر من الأشرار ولا تحسد عمال الإثم... تلذذ بالرب فيعطيك سؤل قلبك" (مز 37: 1، 4).


يظن الإنسان أن السير وراء الشهوات يشبعه، قائلًا: "أذهب وراء محبيّ الذين يعطون خبزي ومائي، صوفي وكتاني، زيتي وأشربتي" (هو 2: 5). هذه هي الأجرة التي يشتهي الإنسان نوالها من الآلهة الأخرى أفضل من بركة الرب المعلنة في "جميع بيادر الحنطة". يطلب الأجرة الزمنية الزائلة لا بركة الرب الدائمة في مخازن القمح المشبعة لنفسه، فإذا به يخسر هذه وتلك، إذ لا يطعمه البيدر والمعصرة، ويكذب عليه المسطار الذي ظن فيه فرحه وبهجته.
من الجانب التاريخي تحقق ذلك في حياة هذا الشعب الذي كان يجري نحو رجاسات الأمم المحيطة به فإذا به يسقط تحت سبي آشور فيُحرم من حريته وممتلكاته وخيرات أرضه، كما يُحرم من عبادة الله الحيّ؛ فقد اللذات الأرضية والبركات الروحيّة.
حرمانهم من الفرح هو ثمر طبيعي لزناهم عن إلههم، فلا يقبل الله عبادتهم ولا سكيب خمرهم (علامة الفرح) ولا يُسر بذبائحهم، فتصير تقدماتهم مرفوضة ونجسة لأنها تصدر عن زناه روحيًا، وتتحول هذه التقدمات إلى "خبز حزن" يرجع إليهم ليأكلوه في مرارة عوض أن يتقبله رائحة رضا.
لا تقف العقوبة عند حرمانهم من الفرح ومن الشبع، وإنما تصل إلى الطرد النهائي من أرض الرب التي سبق فوهبهم إياها كأرض موعد تفيض لبنًا وعسلًا، قائلًا: "لا يسكنون في أرض الرب" إذ يُحملون إلى السبي، وهناك يحرمون من كل شيء: "لا يسكبون للرب خمرًا، ولا تسره ذبائحهم، إنما لهم خبز الحزن كل من أكله يتنجس، أن خبزهم لأنفسهم، لا يدخل بيت الرب" [ع4]. ففي أرض السبي يعيشون كما في أرض نجسة، ليس لهم شيء طاهر يمكن أن يقدموه للرب القدوس! لقد كانوا قبلًا في أرض الرب المقدسة، وإذ انسحبت قلوبهم إلى خارج بيت الرب ودخلوا بالرجاسات إلى المقادس، طُردوا من المقادس وحرموا من ممارسة عبادة نقية مقبولة لدى الرب.
أقول إنها صورة مرة للنفس غير الأمينة التي يدخل بها الرب لا إلى أرض الموعد، بل يقيم ملكوته فيها ويهبها دمه المقدس علامة خلاصها، ويمنحها روحه ساكنًا فيها، لكنها في عدم أمانة تكسر العهد الجديد وترتبط بالرجاسات مستهينة بعطايا الله الفائقة، وكما يقول الرسول بولس: "من خالف ناموس موسى على شاهدين أو ثلاثة شهود يموت بدون رأفة، فكم عقابًا أشر تظنون أنه يُحسب مستحقًا من داس ابن الله، وحسب دم العهد الذي قُدس به دنسًا، وازدرى بروح النعمة" (عب 10: 28-29)... مثل هذا يفقده عطايا الله له، وتصير بركات العهد الجديد سر دينونة وشهادة ضده. مثل هذه النفس إن قدمت عبادة - أيا كانت - لا يتقبلها الله ما دامت مصرة على خيانتها للعهد ونجاسة قلبها، فيردها إليها كخبز حزن لها.
لذلك يقول القديس يوحنا ذهبي الفم: [لا يليق تقديم ذبيحة من شيء دنس، إذ هي تُحسب بكورًا عن الأعمال الأخرى. ليتنا نقدّم أيدينا وأقدامنا وفمنا وكل أعضائنا (طاهرة) كبكورة الله، فتُحسب موضع سرور الله .]
يتحدث القديس كبريانوس عن الذبائح المرفوضة من الله والمرتدة إلى مقدّميها خبز حزن لهم، إنها تعاليم الهراطقة وعبادتهم ومعموديتهم
قائلًا: [هنا يعلمنا بوضوح عن الذين ارتبطوا بالخطية مطلقًا متدنسين بذبيحة كاهن دنس شرير
كما يقول: [هنا يعلمنا عن الذين يتحدون بقادة مدانين إذ هم يتدنسون معهم بجرائمهم.]
إذن قدّم الكهنة في إسرائيل ذبائح لله وقد ارتبط قلبهم بالبعل، فرد لهم ذبائحهم خبز حزن لهم، وطردهم من بيت الرب بالكلية بسبيهم إلى آشور. ولئلا يقول السامعون أن ما يقوله النبي مجرد تهديد نظري لا يتحقق عمليًا، يكمل حديثه: "ماذا تصنعو في يوم الموسم وفي يوم عيد الرب؟ إنهم قد ذهبوا من الخراب، تجمعهم مصر، تدفنهم موف، يرث القريص نفائس فضتهم، يكون العوسج في منازلهم" [ع5-6].


يقولون أننا في كل موسم وفي أعياد الرب نجتمع في بيت الرب فرحين متهللين بالمزامير والتسابيح، فكيف يقول النبي أن ذبائحنا ترتد إلينا كخبز حزن؟ إننا نقضي أيامنا في طرب وفرح وليس في حزن ومرارة. يجيب النبي أنه يرى الخراب قادم سريعًا من آشور، فيلجأون إلى فرعون مصر، ويهربون إلى الأرض التي سبق فأطلقهم الرب منها ليموتوا هناك في منفيس عاصمتها (موف)، فيخسرون وعود الله لهم التي هي كلمته (الفضة)، عوضها يرثون القريص (الصدأ)، وتخرب بيوتهم في أرض الموعد، وتتحول إلى برية تنبت عوسجًا وحسكًا.
إن كان الله قدّم لنا وعود فضة لا تصدأ، وأقام لنا بيوتًا روحيّة نقطن فيها فرحين مطمئنين، لكن انحرف القلب عنه يحولنا من الفضة إلى الصدأ ومن البيوت إلى البرية بعوسجها وحسكها! وهكذا يفقد الإنسان سلام الله الداخلي وبهجة قلبه وفرحه، بل ويفقد حياته ليدفن كغريب في موف، وتتحول حياته إلى صدأ وبيته الداخلي إلى برية!
من الجانب الرمزي يمكننا القول بأن الفضة تشير إلى النفس والمنزل يشير إلى الجسد حيث تسكنه النفس في الداخل، وكأنه إذ يجري الإنسان وراء الفرح الزمني والطرب كالشعوب الوثنية بملاهي العالم ومحبة الترف يخسر نفسه الفضية فتصدأ، ويفقد قدسية جسده فيصير تحت اللعنة من جديد ينبت شوكًا وحسكًا.

رد مع اقتباس
 


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
في مزموري 42، 43 يُمكننا أن نكتشف أسباب كآبة النفس
الانشغال المستمر بأحزاننا يسبب لنا كآبة أكثر مرارة من الأحزان نفسها
مرارة النفس وحزنها
سلام المسيح يصحبه الفرح
الصوم يصحبه ضبط النفس


الساعة الآن 09:15 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025