![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() الله كُلي العلم في الوقت الذي تتصف فيه المعرفة الإنسانية - رغم اتساعها وتنوع مجالاتها - بالبساطة والمحدودية، فإن المعرفة الإلهية تتميز بالشمول واللامحدودية. فالعلم بكل شيء صفة يتصف بها الله دون سواه. وسنذكر بإيجاز شديد بعض المجالات التي تتضح فيها عظمة هذه الصفة الإلهية: 1- الله كُلي العلم بالارتباط بالكون الفسيح رغم التقدم المُذهل في علم الفَلَك، إلا أن ما وصل إليه الإنسان من علم في هذا المجال لا يتعدى نقطة من محيط الحقيقة. وبصدد هذا نتذكر ما قاله الله لإبراهيم: «انْظُرْ إِلَى السَّمَاءِ وَعُدَّ النُّجُومَ إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَعُدَّهَا» (تك15: 5)، فلا إبراهيم ولا غير إبراهيم من البشر بإمكانه أن يعُدّ النجوم، فهناك الملايين من المجرّات والتي تحوي كل مجرة منها على عدد رهيب من النجوم، وكل نجم هو غاية في الضخامة بالقياس بحجم كوكب الأرض الصغير. أمام عظمة هذا الكون لا يملك الإنسان إلا أن ينظر مشدوهًا مبهورًا، شاعرًا بضآلته، قائلاً: «إِذَا أَرَى سَمَاوَاتِكَ عَمَلَ أَصَابِعِكَ الْقَمَرَ وَالنُّجُومَ الَّتِي كَوَّنْتَهَا؛ فَمَنْ هُوَ الإِنْسَانُ حَتَّى تَذْكُرَهُ وَابْنُ آدَمَ حَتَّى تَفْتَقِدَهُ؟» (مز8: 4،3). لكن بالمقابلة مع ذلك فإن الله وحده يعلم كل شيء عن كل نجم وعن كل كوكب، وعن ذلك يقول كاتب المزمور: «يُحْصِي عَدَدَ الْكَوَاكِبِ. يَدْعُو كُلَّهَا بِأَسْمَاءٍ، عَظِيمٌ هُوَ رَبُّنَا وَعَظِيمُ الْقُوَّةِ. لِفَهْمِهِ لاَ إِحْصَاءَ» (مز147: 4، 5). 2- يعلم الله كل شيء عن الماضي والحاضر والمستقبل بكل تأكيد يعلم الله كل شيء عن الماضي؛ لا الماضي القريب فحسب، بل والماضي البعيد أيضًا. كل ما حدث، سواء من سنوات قليلة أو من دهور سحيقة. كيف لا وهو الأزلي، القديم الأيام، الكائن قبل أن تكون الجبال أو تبدأ التلال. أما عن الحاضر، فالله يعلم كل ما يحدث في أي مكان في الكون، ولأنه الموجود في كل مكان فلا يمكن أن يخفى عليه شيء، صغيرًا كان أم كبيرًا. وبالنسبة للمستقبل، فالله مطلق المعرفة عن كل ما سيحدث مستقبلاً. وهي معرفة تامة وكاملة تمامًا مثل معرفته بالماضي والحاضر. وليست معرفة الله بالمستقبل هي معرفة مجرّدة، فالله ليس فقط عالم بالمستقبل، بل هو صانع المستقبل أيضًا. ومما يؤكد علم الله بالمستقبل النبوات الكثيرة التي تملأ صفحات الكتاب المقدس، وبعض هذه النبوات تمَّت بعد أن قيلت بمئات السنين، مثل أقوال الله لإبراهيم (تك15: 13-16)، والبعض الآخر سيتم بعد كتابته بآلاف السنين، مثل ما كتبه يوحنا الرائي في سفر الرؤيا. 3- يعلم الله كل شيء عن المخلوقات غير العاقلة تتنوع المخلوقات غير العاقلة تنوعًا هائلاً، فمنها ما هو غاية في الصغر لدرجة أن لا تراه العين المجردة - كالبكتريا والفيروسات - ومنها ما هو غاية في الضخامة. منها حيوانات البَرِّ، والطيور التي تطير في السماء، والخلائق التي تعيش في المياه. كل نوع منها له تركيبه التشريحي، وله طريقته الخاصة في التغذية والتكاثر وخلافه. من يعرف كل شيء عن كل هذا الكم الهائل من المخلوقات سوى خالقها. وعن هذا يسأل الله أيوب مستنكرًا: «أَتَعْرِفُ وَقْتَ وَلاَدَةِ وُعُولِ الصُّخُورِ أَوْ تُلاَحِظُ مَخَاضَ الأَيَائِلِ؟ أَتَحْسِبُ الشُّهُورَ الَّتِي تُكَمِّلُهَا أَوْ تَعْلَمُ مِيعَادَ وَلاَدَتِهِنَّ؟» (أي39: 1، 2). وفي المقابل يقول الله عن نفسه: «قَدْ عَلِمْتُ كُلَّ طُيُورِ الْجِبَالِ وَوُحُوشُ الْبَرِّيَّةِ عِنْدِي» (مز50: 11). 4- يعلم الله كل شيء عن الملائكة ما أقل ما نعرفه نحن البشر عن دائرة غير المنظور، ولولا الإعلان الإلهي ما كنا لنعرف شيئًا عن هذه المخلوقات غير المنظورة. لكن الله خالقها يعرفها تمام المعرفة. فهناك ربوات ربوات من الملائكة الأطهار، وبالمثل أعداد هائلة من الأرواح الشيطانية، كل له دوره وعمله سواء كان للخير أو للشر، تبعًا إلى الفريق الذي ينتمي إليه. الله يعرف كل التفاصيل عن كل واحد من هذه المخلوقات الملائكية. 5- يعلم الله كل شيء عن الإنسان الخاطئ كم من الشرور والخطايا التي يرتكبها الخطاة بعيدًا عن عيون الناس؛ خطايا بالفكر أو بالفعل. وكم تمنى الخطاة أن لا يكون هناك شاهد على خطاياهم، وتمنوا أن لا يوجد ديَّان لأفعالهم. ولكن هيهات؛ فإن الله يعرفهم جيدًا «لأَنَّهُ هُوَ يَعْلَمُ أُنَاسَ السُّوءِ وَيُبْصِرُ الإِثْمَ» (أي11: 11). الله يرى في الظلمة كما في النور، يعلم كل ما يُفعل في الخفاء، يعلم خفيات القلب «وَلاَ يَفْتَكِرُونَ فِي قُلُوبِهِمْ أَنِّي قَدْ تَذَكَّرْتُ كُلَّ شَرِّهِمْ. الآنَ قَدْ أَحَاطَتْ بِهِمْ أَفْعَالُهُمْ. صَارَتْ أَمَامَ وَجْهِي» (هو7: 2). فعندما قام قايين على أخيه وقتله لم يره - من البشر - أحدٌ قَطّ، لكن الله رآه؛ أليست هذه كلماته الفاحصة «مَاذَا فَعَلْتَ؟ صَوْتُ دَمِ أَخِيكَ صَارِخٌ إِلَيَّ مِنَ الأَرْضِ» (تك4: 10). وعندما سرق عاخان بن كرمي وطَمَرَ، لم يَرَهُ أحدٌ من الشعب، ولم يعلم يشوع بالواقعة، لكن الله رأى وعلم كل شيء، وهذا قوله الخطير: «فِي وَسَطِكَ حَرَامٌ يَا إِسْرَائِيلُ» (يش7: 13). عزيزي الخاطئ: ليت هذه الحقيقة تزعجك، اعلم أنه يوجد شخص عظيم شاهد على أقوالك وأفكارك وأفعالك، لا لن يمكنك الاختفاء عن عينيه الفاحصتين. ليت هذا الفكر يقودك للرجوع إليه، وللندم على خطاياك، وللتوبة الصادقة. 6- يعلم الله كل شيء عن المؤمن وعيشته وخدمته بالقياس مع الأشرار فالمؤمنون أقل عددًا، لكنهم الأكثر غلاوة - لدى الله - بين جميع الخلائق. وعن المؤمنين يعلم الله كل شيء: يعرف المؤمنين أنفسهم «هُوَ يَعْرِفُ الْمُتَوَكِّلِينَ عَلَيْهِ» (نا1: 7). يعرف طريق المؤمن «لأَنَّهُ يَعْرِفُ طَرِيقِي» (أي23: 10)، «الرَّبَّ يَعْلَمُ طَرِيقَ الأَبْرَارِ» (مز1: 6). يعرف طبيعة أوانينا الضعيفة الهشة «لأَنَّهُ يَعْرِفُ جِبْلَتَنَا. يَذْكُرُ أَنَّنَا تُرَابٌ نَحْنُ» (مز103: 14). يعلم بالاحتياج والعوز «وَأَمَّا أَنْتُمْ فَأَبُوكُمْ يَعْلَمُ أَنَّكُمْ تَحْتَاجُونَ إِلَى هَذِهِ» (لو12: 30). يعلم أقوال الفم وأفكار القلب «فَهِمْتَ فِكْرِي مِنْ بَعِيدٍ ... لأَنَّهُ لَيْسَ كَلِمَةٌ فِي لِسَانِي إِلاَّ وَأَنْتَ يَا رَبُّ عَرَفْتَهَا كُلَّهَاِ» (مز139: 2-4)، «وَمَا يَخْطُرُ بِبَالِكُمْ قَدْ عَلِمْتُهُ» (حز11: 5)، «اللَّهُ الْعَارِفُ الْقُلُوبَ» (أع15: 8). يعلم سقطاتنا وزلاتنا «لأَنَّهُ إِنْ لاَمَتْنَا قُلُوبُنَا فَاللهُ أَعْظَمُ مِنْ قُلُوبِنَا، وَيَعْلَمُ كُلَّ شَيْءٍ» (1يو3: 20). يعلم مقدار ومنسوب محبتنا له «أَنَا عَارِفٌ ... مَحَبَّتَكَ» (رؤ2: 19). يعرف ظروفنا المؤلمة وأتعابنا «أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ وَتَعَبَكَ وَصَبْرَكَ» (رؤ2: 2)، «أَنَا أَعْرِفُ ... ضيْقَتَكَ، وَفَقْرَكَ» (رؤ2: 9). يا ليت هذا الفكر يملأنا بالخشوع المقدس ويقودنا إلى اعتبار سيدنا الكريم ومراعاته في السر والعلن. |
![]() |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
لاَقتنيك يا كُلي الحنو |
يجد داود الظلم محيطا به ينظر إلى الله الذي هو الحق واثقا أنه يرفض الظلم |
لقد عرف - وهو كُلي العِلم |
يا الله جئتك و كُلي خراب فأصلحني بَك🖤 |
كُلية | كُلى |