رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
"من يتكل على غناه يسقط، أما الصديقون فيزهون كالورق" [ع28] يقول الرسول: "أوصي الأغنياء في الدهر الحاضر أن لا يستكبروا، ولا يلقوا رجاءهم على غير يقينية الغنى، بل على الله الحيّ الذي يمنحنا كل شيء بغنى للتمتع، وأن يصنعوا صلاحًا، وأن يكونوا أغنياء في أعمال صالحة" (1 تي 6: 17-18). يحذرنا السيد المسيح من الإقتداء بالغني الغبي الذي قال: "أعمل هذا، أهدم مخازني، وأبني أعظم، وأجمع هناك كل غلاتي وخيراتي، وأقول لنفسي: يا نفسي لك خيرات كثيرة موضوعة لسنين كثيرة. استريحي وكُلي واشربي وافرحي" (لو 12: 18-19). * فكَّر في نفسهِ قائلًا: ماذا أعمل، لأن ليس لي موضع أجمع فيه أثماري. قال أعمل هذا. أهدم مخازني وأبني أعظم وأجمع هناك جميع غلاَّتي وخيراتي. ليس هناك موقف أكثر تفاهة من هذا. فالحقيقة أنه قد هدم مخازنه، إذ أن المخازن الآمنة التي يعتمد عليها هي بطون الفقراء، وليست حوائط المخازن... حقًا أتى الموت، وأخمد كل هذه الرفاهية، واقتاده كأسير منكسر الرأس، يئن خزيًا لا يستطيع الكلام، يرتعد خائفًا، وكأنما تمتعه بكل هذا الترف كان حلمًا. أخيرًا أصبح الغني يتضرع إلى الفقير متوسلًا له، وهو الذي كان من قبل ملقى جائعًا يتعرض لأفواه الكلاب. انعكس الوضع وعرف الجميع من هو الغني الحقيقي ومن هو الفقير الحقيقي، وهكذا أصبح لعازر أغنى الجميع والآخر هو أفقر الجميع. وكما هو الحال في المسرح حيث يدخل الممثلون بأقنعة مستعارة لملوك وقادة وأطباء ومعلمين وحكماء وجنود، بينما هم في حقيقتهم ليسوا كذلك، هكذا في الحياة الحاضرة، فالفقر والغنى ليست إلا أقنعة، فإنك إن جلست في المسرح ورأيت أحد الممثلين يرتدي قناع ملك فإنك لا تحسبه محظوظًا لذلك ولا تعتقد أنه ملك فعلًا، ولا تتمنى أن تكون مثله، ولكن لأنك تعرف أنه تاجر أو ربما صانع حبال أو صانع براميل أو شيء من هذا القبيل، فإنك لهذا لا تحسبه محظوظًا بسبب قِناعه المستعار أو زيِّه الذي يرتديه، ولا أن تحكم على وضعه الاجتماعي بسبب رخص زيه الآخر، فليست هذه علامة تعتمد عليها. وهنا أيضًا نفس الشيء، الجلوس هنا في العالم كما لو أنك بالمسرح، وبالنظر إلى الممثلين على خشب المسرح ترى العديد من الناس الأغنياء، ولكنك لا تعتقد أنهم فعلًا أغنياء، لكنهم يرتدون أقنعة مستعارة للأغنياء. القديس يوحنا الذهبي الفم |
|