رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
إكليل البر (2تي4: 6-8) الرسالة الثانية إلى تيموثاوس هي آخر ما كتبه بولس قُبيل رقاده بفترة وجيزة. وفي الأعداد التي أمامنا نجد بولس ينظر ثلاث نظرات مختلفة: أولاً: نظرة للحاضر لقد أدرك بولس أن وقت انحلاله قد حضر، وأنه سيرقد شهيدًا عندما يقطع السيف رأسه. لكن يا لروعة هدوءه وثباته في مواجهة ملك الأهوال! لم يكن مرتعبًا جزعًا، بل كان بحسب كلام الكتاب واثقًا عند موته (أم14: 32). كيف لا وهو من قال: «الموت هو ربح» (في1: 21)، وقال أيضًا: «لِيَ اشْتِهَاءٌ أَنْ أَنْطَلِقَ وَأَكُونَ مَعَ الْمَسِيحِ. ذَاكَ أَفْضَلُ جِدّاً» (في1: 23). فإن كان بولس قد أنفق حياته لأجل المسيح، فها هو على أتم الاستعداد أن يسفك دماءه لأجله. ثانيًا: نظرة للماضي إذ أوشكت حياة بولس على النهاية، نظر نظرةً شاملةً لحياة عاشها للمسيح، وأعطى تقريرًا ما أحلاه، فقال: «قَدْ جَاهَدْتُ الْجِهَادَ الْحَسَنَ» (I have combated the good combat)، فلقد شبَّه حياته الروحية بمعركة أو مصارعة، واعتبر نفسه جنديًا أو مصارعًا، وفي نهاية المعركة قرَّر أنه أبلى حسنًا. لقد كان بولس في جهاده ضابطًا نفسه في كل شيء. لم يكن له غرض إلا أن يرضي من جنده. ولاحظ أنه لم يقل: ”جاهدت جهادًا حسنًا“ بل «الجهاد الحسن»، فهو لم يُرد لفت الأنظار إلى جهاده الشخصي، بل إلي الجهاد المسيحي الذي ينبغي على كل تقي أن يحياه، فيقول لمؤمني فيلبي: «إِذْ لَكُمُ الْجِهَادُ عَيْنُهُ الَّذِي رَأَيْتُمُوهُ فِيَّ، وَالآنَ تَسْمَعُونَ فِيَّ» (في1: 30)، ويقول لابنه تيموثاوس: «جَاهِدْ جِهَادَ الإِيمَانِ الْحَسَنَ» (1تي6: 12). «أَكْمَلْتُ السَّعْيَ »(I have finished the race) ، هذه المرة شبَّه الحياة الروحية بسباق، واعتبر نفسه متسابقًا أو عدَّاءً. من أعمال 9: 15،16 بدأ بولس سعيه، واستمر مواصلاً سعيه بكل قوة، حسب قوله: «وَلَكِنَّنِي لَسْتُ أَحْتَسِبُ لِشَيْءٍ وَلاَ نَفْسِي ثَمِينَةٌ عِنْدِي حَتَّى أُتَمِّمَ بِفَرَحٍ سَعْيِي» (أع20: 24)، وقوله أيضًا: «أَسْعَى نَحْوَ الْغَرَضِ، لأَجْلِ جَعَالَةِ دَعْوَةِ اللهِ الْعُلْيَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ» (في3: 14). ولم يكن طريقه سهلاً، بل كان وعرًا مليئًا بالمصاعب، لكنه تخطى جميع المعوقات حتى وصل لنهاية السباق. وما كان في ماضيه غايةً وهدفًا، أصبح في حاضره حقيقةً وواقعًا. «حَفِظْتُ الإِيمَانَ» (I have kept the faith)، هنا يشبِّه بولس حقائق الإيمان التي وصلت إليه بالوديعة، معتبرًا نفسه كالحارس على هذه الوديعة. ولقد حفظ بولس الوديعة، إذ كان له كل الحرص على أن يُقِدم للآخرين الحق كاملاً، مدافعًا بكل قوة ضد أي تعاليم مضلة، متخذًا موقف المحاماة عن الإنجيل. ولقد سلَّم الوديعة للأمناء كما تسلَّمها. لاحظ قوله لتيموثاوس: «احْفَظِ الْوَدِيعَةَ» (1تي6: 20؛ 2تي1: 14)، وقوله أيضًا: «وَمَا سَمِعْتَهُ مِنِّي بِشُهُودٍ كَثِيرِينَ، أَوْدِعْهُ أُنَاساً أُمَنَاءَ، يَكُونُونَ أَكْفَاءً أَنْ يُعَلِّمُوا آخَرِينَ أَيْضاً» (2تي2: 2). ومن ناحية أخرى عاش عمليًا ما كان ينادي به من حقائق. ثالثًا: نظرة للمستقبل «وَأَخِيراً قَدْ وُضِعَ لِي إِكْلِيلُ الْبِرِّ، الَّذِي يَهَبُهُ لِي فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ الرَّبُّ الدَّيَّانُ الْعَادِلُ، وَلَيْسَ لِي فَقَطْ، بَلْ لِجَمِيعِ الَّذِينَ يُحِبُّونَ ظُهُورَهُ أَيْضاً» (ع8). لقد عانى بولس من الظلم الشديد لما حُكم عليه من البشر: فمؤمنو كورنثوس شككوا في رسوليته، ونيرون الطاغية أصدر حكمًا ظالمًا بقطع رأسه. ولا غرابة فهذا طابع يوم البشر. ولم يُعِر بولس أحكام البشر أي اهتمام، إذ كان يتطلع إلى اليوم الذي يحكم في خدمته «الرب الديان العادل». ووجد أن جزاء خدمته هو «إكليل البر». إلا أن هذا الإكليل لم يقتصر على بولس فقط، بل سيعطيه الرب لجميع محبي ظهوره أيضًا. هؤلاء يحبون الظهور لسببين: الأول هو لأنه بظهور المسيح سيُكرم في الأرض التي أهين فيها، أما السبب الثاني فلأن يوم الظهور مرتبط بمكافأة القديسين أمام كرسي المسيح، ومن ثم استعلانهم مع المسيح. إذًا إكليل البر يُعطى للذين تتسم حياتهم بالاستقامة والبر العملي. وبالتأكيد فإن المشغولية بظهور المسيح لا بد وأن تؤثر بقوة في حياة القديسين، فيكون طابعها البر العملي. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
إكليل الشهداء تعنى إكليل البر |
إكليل البر |
فما معنى إكليل البر ؟ |
الرب يُعطي أفضل ما عنده للذين يتركون الإختيار بيده |
وأخيرا قد وضع لي إكليل البر |