رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
خلاص بيت يهوذا: 4 فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، يَقُولُ الرَّبُّ، أَضْرِبُ كُلَّ فَرَسٍ بِالْحَيْرَةِ وَرَاكِبَهُ بِالْجُنُونِ. وَأَفْتَحُ عَيْنَيَّ عَلَى بَيْتِ يَهُوذَا، وَأَضْرِبُ كُلَّ خَيْلِ الشُّعُوبِ بِالْعَمَى. 5 فَتَقُولُ أُمَرَاءُ يَهُوذَا فِي قَلْبِهِمْ: إِنَّ سُكَّانَ أُورُشَلِيمَ قُوَّةٌ لِي بِرَبِّ الْجُنُودِ إِلهِهِمْ. 6 فِي ذلِكَ الْيَوْمِ أَجْعَلُ أُمَرَاءَ يَهُوذَا كَمِصْبَاحِ نَارٍ بَيْنَ الْحَطَبِ، وَكَمِشْعَلِ نَارٍ بَيْنَ الْحُزَمِ. فَيَأْكُلُونَ كُلَّ الشُّعُوبِ حَوْلَهُمْ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الْيَسَارِ، فَتَثْبُتُ أُورُشَلِيمُ أَيْضًا فِي مَكَانِهَا بِأُورُشَلِيمَ. 7 وَيُخَلِّصُ الرَّبُّ خِيَامَ يَهُوذَا أَوَّلًا لِكَيْلاَ يَتَعَاظَمَ افْتِخَارُ بَيْتِ دَاوُدَ وَافْتِخَارُ سُكَّانِ أُورُشَلِيمَ عَلَى يَهُوذَا. 8 فِي ذلِكَ الْيَوْمِ يَسْتُرُ الرَّبُّ سُكَّانَ أُورُشَلِيمَ، فَيَكُونُ الْعَاثِرُ مِنْهُمْ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ مِثْلَ دَاوُدَ، وَبَيْتُ دَاوُدَ مِثْلَ اللهِ، مِثْلَ مَلاَكِ الرَّبِّ أَمَامَهُمْ. 9 وَيَكُونُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ أَنِّي أَلْتَمِسُ هَلاَكَ كُلِّ الأُمَمِ الآتِينَ عَلَى أُورُشَلِيمَ. "في ذلك اليوم يقول الرب أضرب كل فرس بالحيرة وراكبه بالجنون وافتح عيني على بيت يهوذا وأضرب كل خيل الشعوب بالعمى" [4]. يضرب الفرس وراكبه المقاوم لعمل الله في أولاده، أما الضربة فهي الحيرة والجنون والعمى، أي يفقد العدو سلامه واتزانه وبصيرته، بينما يفتح الرب عينيه على بيت يهوذا -كنيسته- فيكون لها قائدًا ومعينًا، به يصيب العدو بالعمى فيرتبك في حربه ويخسر المعركة. يرى القديس ديديموس الضرير أن الفرس هنا هي شيطان الخطأ والكذب والمكر، وراكبيها هم المروجون لهذه التعاليم الخاطئة المملوءة خداعًا. وأن ما يصيبها من عمي إنما هو حرمانها من شمس البر الذي يهب النور. كما يعلق على تفتح الله عينيه على بيت يهوذا، قائلًا: [بعد ذلك يفتح الله عينيه على بيت يهوذا الذي هو كنيسة الله الحيّ (1 تي 3: 15) حيث يملك المخلص الآتي من سبط يهوذا على الذين تلقوا من الله الحكمة، القائلين: "يهوذا إياك يحمد اخوتك، يدك على قفا أعدائك، يسجد لك بنو أبيك" (تك 49: 8)... على بيت يهوذا يفتح الله الساهر عينيه، أي قواته المنيرة الساهرة، فيتمتعون بالاستنارة والنعمة، ويصلي كل واحد قائلًا: "أنظر إليَّ وارحمني" (مز 85: 16). هذه العطية يتمتع بها الصديقون جميعًا إذ "عينا الرب نحو الصديقين وآذانه إلى صراخهم" (مز 34: 15)]. ليس فقط يكون الله سرّ استنارة لبيت يهوذا بينما يصيب العدو بالعمَى، وإنما يكون أيضًا سرّ قوة لشعبه وتحطيمًا لإبليس عدوه، إذ "يقول أمراء يهوذا في قلبهم أن سكان أورشليم قوة ليّ برب الجنود إلههم" [5]. يري القديس ديديموس الضرير، أنه إن كان المسيا هو الملك الروحي لكنيسته فإن التلاميذ هم أمراء يهوذا الذين يتقبلون الله إلههم قوة لهم في عملهم الكرازي. إنه يهبهم قوة إلهية نارية تحرق حزم القش، إذ يقول: "في ذلك اليوم أجعل أمراء يهوذا كمصباح نار بين الحطب وكمشعل نار بين الحزم فيأكلون كل الشعوب حولهم عن اليمين وعن اليسار فتثبت أورشليم أيضًا في مكانها بأورشليم، ويخلص الرب خيام يهوذا أولًا لكيلا يتعاظم افتخار بيت داود وافتخار سكان أورشليم على يهوذا" [6-7]. إن كان يهوذا الجديد قد دُعي بالقطيع الصغير، لكنه يحمل نار الروح القدس التي تهلك الضربات الشيطانية اليمينية (البر الذاتي) واليسارية (النجسات والشهوات) ويبقي المؤمن ثابت كأورشليم، قادرًا على معاينة السلام. يقول القديس ديديموس الضرير: [بكونهم أمراء يهوذا روحيًا يليق بهم أن يحطموا بكلامهم المنير الملتهب الإدارة العميقة الجسدانية... لقد قيل بإشعياء: "ويصير نور إسرائيل نارًا وقدوسه لهيبًا فيحرق ويأكل حسكه وشوكه في يوم واحد، ويفنى مجد وعره وبستانه النفس والجسد جميعًا" (إش 10: 17-18)، بمعنى أنه يفني النية الفاسدة كما الأعمال الفاسدة]. وكأن نار الروح القدس الذي يعمل في الإنسان الروحي يحرق الشعوب المحيطة يمينًا ويسارًا أي يحرق النيات والأعمال الشريرة التي للنفس والجسد معًا. يرى القديس ديديموس الضرير أن اليمين واليسار هنا يشيران إلى التطرف، فالروح القدس يحرق في المؤمن روح البخل كما يحرق روح التبذير. والعجيب أن الله إذ يعمل بروحه الناري في بيت يهوذا يبدأ بخيام يهوذا [7] قبل خلاص البيوت والقصور، حتى لا يكون لأحد فخر. يبدأ بساكني الخيام الذين هم بلا حماية، حتى لا يفتخرون في نصرتهم أنهم بقوتهم وحصونهم المنيعة وقصورهم وبيوتهم نالوا الخلاص. يتحدث القديس ديديموس الضرير عن خيام يهوذا التي يُخلصها الرب قائلًا: [هذه الخيام هي الفضيلة التي يتكلم عنها في الأمثال: "خيمة المستقيمين تزهر" (أم 14: 11)، وكما يُرنم المرتل بخصوص المحبة التي توحيها له هذه الخيام: "كم هي محبوبة خيامك يا رب الجنود؟!" )مز 83: 1). كيف لا تكون محبوبة وهي ممتلئة بالذين يحتفلون بأعيادها، فإن أصوات الفرح وأعمال النعمة لا يمكن أن تظهر في موضع آخر سوى خيام الصالحين (مز 41: 5؛ 17: 15)؟!]. ويرى أيضًا في خيام يهوذا رمزًا للجسد الفاني المذلول الذي نلبسه فإنه إذ ينعم بخلاص الله يلبس عدم الفناء والمجد والقوة ويتحول من جسد حيواني إلى جسد روحاني (1 كو 15: 42-44). أما إبطال افتخار بيت داود وسكان أورشليم على يهوذا فيشير إلى سقوط افتخار الحكماء في أعين أنفسهم فإن الودعاء والبسطاء يسبقونهم، إذ يعمل الله بقوة فيمن يشعر بضعفه: "العاثر منهم في ذلك اليوم (يكون) مثل داود وبيت داود مثل الله مثل ملاك الرب أمامهم" [8]. بمعنى أن أضعفهم، المتعثر فيهم، يكون غالبًا كداود (2 صم 17: 8؛ 18: 3) إن يكون الله نفسه قدامه يسنده. أما سرّ النصرة فهو ظهور الله من بيت داود، وكما يقول القديس ديديموس: [إن بيت داود هنا يشير إلى مريم حيث يأتي الرب متجسدًا منها. في ذلك اليوم حيث يتحقق التجسد الإلهي تعلن قوة الله في بيت يهوذا الجديد بينما يهلك إبليس وأعماله وينهدم سلطانه على المؤمن، إذ يقول: "ويكون في ذلك اليوم إني ألتمس هلاك كل الأمم الآتين على أورشليم" [9]. يعلق القديس ديديموس الضرير: [في ذلك اليوم يقترب حيث ينتهي ليل الجهل والخطية كقول الرسول: "قد تناهى الليل وتقارب النهار، فلنخلع أعمال الظلمة ونلبس أسلحة النور" (رو 13: 12). في ذلك اليوم يُبيد كل الشعوب التي تحمل روح حرب ضد أورشليم، يُبيد تلك التي هي غريبة عن الحق وعن خدمة الله لا بإبادة الناس وإنما بنزع الشر وعدم التقوى... هكذا جاء سيدنا ومخلصنا يبحث عن جنسنا الضائع وينقذنا بإبادته كل الشعوب العاملة ضد أورشليم أي إبادة أسباب الشر والحرب من أعمال محرمة وأفكار هرطوقية. في اختصار نقول أنه بينما يغضب الرب على المقاومين فيترنحوا من كأس غضب الله ويكون المؤمن نفسه هو الكأس [2]. وبينما يفتح الله عينيه على أولاده ليسندهم ويقودهم في حربهم الروحية إذا به يصيب أعداءه (إبليس) بالعمى [4]. وبينما يعطي الله نفسه لأولاده كسرّ قوة ونار آكلة يجعل الأعداء (الخطايا) كحزم القش فتحترق [6]. وبينما يسند الضعفاء المتعثرين من أولاده يهلك العدو في شره. هكذا يسند الرب أولاده "بيت يهوذا" على التمتع بخلاصه خلال اتكاله عليه وكما يقول القديس سيرنيوس: [إسمع ما يقوله الملك (الله) نفسه مستصوبًا الرجال الشجعان، مستدعيًا إياهم إلى الحرب الروحية (ضد الخطية)، قائلًا: "ليقل الضعيف إني قوي، ليكن المتألم مصارعًا" (يؤ 2: 10-11 الترجمة السبعينية). ها أنت ترى أنه ليس إلاَّ المتألمين والضعفاء وحدهم هم الذين يحاربون في المعركة الإلهية، الضعفاء الذين لهم بحق ضعف قائد المئة (مت 8: 9)... القائل: "لأني حينما أنا ضعيف فحيئنذ أنا قوي" (2 كو 12: 9)، كما قيل "لأن قوتي في الضعف تكمل" (2 كو 12: 9)]. |
|