رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الدودة الضعيفة تصير نورجًا جديدًا: 13 لأَنِّي أَنَا الرَّبُّ إِلهُكَ الْمُمْسِكُ بِيَمِينِكَ، الْقَائِلُ لَكَ: لاَ تَخَفْ. أَنَا أُعِينُكَ. 14 «لاَ تَخَفْ يَا دُودَةَ يَعْقُوبَ، يَا شِرْذِمَةَ إِسْرَائِيلَ. أَنَا أُعِينُكَ، يَقُولُ الرَّبُّ، وَفَادِيكَ قُدُّوسُ إِسْرَائِيلَ. 15 هأَنَذَا قَدْ جَعَلْتُكَ نَوْرَجًا مُحَدَّدًا جَدِيدًا ذَا أَسْنَانٍ. تَدْرُسُ الْجِبَالَ وَتَسْحَقُهَا، وَتَجْعَلُ الآكَامَ كَالْعُصَافَةِ. 16 تُذَرِّيهَا فَالرِّيحُ تَحْمِلُهَا وَالْعَاصِفُ تُبَدِّدُهَا، وَأَنْتَ تَبْتَهِجُ بِالرَّبِّ. بِقُدُّوسِ إِسْرَائِيلَ تَفْتَخِرُ. تتكرر الكلمتان "لا تخف" ثلاث مرات في الأعداد [10-14]؛ وكان ذلك ضروريًا لنفوس مسكينة يُحطمها اليأس أثناء السبي والشعور بالمذلة والعبودية. لكن الله يُطمئن بكل وسيلة مؤمنيه المخلصين الذين يقبلون الدخول معه في عهد حتى لا يخافوا ولا يرتعبوا. أما سّر رجائهم وقوتهم فهو تمتعهم به كملك لهم، يقدم ذاته لهم لينعموا به، قائلًا: "لأنيّ أنا الرب إلهك الممسك بيمينك القائل لك: لا تخف أنا أُعينك" [13]. هكذا ينسب الله نفسه إليهم: "أنا الرب إلهك" يلتجئوا إليه لا كغريب عنهم وإنما بكونه "إلههم" الخاص بهم المشتاق أن يضمهم إليه ويحفظهم فيه. يليق بهم ألا يتباطئوا في طلب معونته فإنه ممسك بيمينهم مشتاق إلى خلاصهم أكثر من اشتياقهم هم إلى خلاص أنفسهم، لذا لا يكف عن القول: "لا تخف أنا أُعينك". يلاحظ أن الله يدعو نفسه "أنا الرب إلهك"، فإن كان قد دَعَى نفسه "يهوه" (خر 3: 14؛ 15؛ 6: 2) عندما دعى موسى لخلاص الشعب من عبودية فرعون، فقد أوضح له سرّ اسمه وهو: "أَهْيَهِ الَّذِي أَهْيَهْ" (خر 3: 14) مؤكدًا أنه كائن على الدوام، يحل وسط شعبه دون أن تتغير محبته أو رعايته. هكذا يُقدم الله اسمه بألقاب كثيرة ليطمئن مؤمنيه، من ذلك: "يهوه يرأه" (تك 22: 14)، وتعني "الرب يُرى"، فقد رأى إبراهيم بعيني الإيمان ذبيحة المسيح الفريدة الواهبة قوة القيامة. "يهوه شلوم" (قض 6: 24)، وتعني "الله السلام"، فإن المسيح كلمة الله هو سلامنا (أف 2: 14)، به نتمتع بالمصالحة مع الله كسّر سلامنا الداخلي وسلامنا مع الغير. "الرب شافيك" Jehovah ropheka (خر 15: 26)، يشتاق أن يشفي نفوسنا وأجسادنا كطبيب حقيقي للبشرية. "الرب برنا" Jehovah-Zidkenu (إر 23: 6)؛ في المسيح صرنا أبرارًا (1 كو 1: 30)، إذ نحمل شركة طبيعته ونتمتع ببره فينا. "يهوه نسى" Jehovah- nissi (خر 17: 15) (الرب رايتي)؛ فقد صار الله رايتي يتقدم خطواتي في المعركة الروحية، هو سرّ نصرتي وعلامة غلبتي على عدو الخير. "ياه يهوه" Jehovah-yah (إش 12: 2)، تعني "أهيه الذي أهيه" "أنا كائن الذي هو أنا كائن"، بكونه حاضرًا وسط مؤمنيه لا تتغير محبته نحوهم. "يهوه شمه" Jehovah- Shammah (حز 48: 35)، أي "الرب هناك" تُشير إلى الإعلان عن حضرة الرب في كنيسة العهد الجديد، وسط إسرائيل الجديد، إذ صارت أيقونة السماء التي هي "مسكن الله مع الناس" (رؤ 21: 3). يعلن الله حبه لشعبه الذي دعاه "دودة إسرائيل" ليقيم منها نورجًا محددًا جديدًا قادرًا أن يدرس الجبال ويسحقها ويذريها لتبددها العواصف، إذ يقول: "لا تخف يا دودة يعقوب، يا شرذمة إسرائيل، أنا أعينك يقول الرب وفاديك قدوس إسرائيل. هأنذا قد جعلتك نورجًا محددًا جديدًا ذا أسنان، تدرس الجبال وتسحقها، وتجعل الآكام كالعاصفة، تذريها فالريح تحملها والعاصف تبددها وأنت تبتهج بالرب، بقدوس إسرائيل تفتخر" [14-16]. هذا هو عمل الله المخلص في حياتنا، إذ يحولنا من دودة محتقرة تعيش في طمي هذا العالم نُداس كما بالأقدام ليقيم منا نورجًا ذا أسنان حادة يقدر أن يدرس الجبال ويسحقها أو كمذراة تفصل الحنطة عن التبن... هكذا يُريد الله مصادقة الدودة المحتقرة ليجعلها أداة للتمييز وعزل الحنطة النافعة عن التبن الذي بلا ثمن. دعى الله شعبه "دودة يعقوب"، فإنها تعيش في الطين محتقرة بلا قوة ولا جمال ولا مجد، تطأ عليها الأقدام دون اهتمام أو مبالاة. لقد وطأ فرعون على الشعب كما على دودة، لكن فرعون مات وأما الشعب فتمتع بمواعيد الله وخلاصه. وطأ سنحاريب ونبوخذنصَّر أيضًا على هذه الدودة وانتهت دولة آشور بأكملها وأيضًا انهارت بابل بملوكها الجبابرة وبقيت الدودة حيَّة ومجيدة. وهكذا قام جبابرة عبر الأجيال مثل نيرون ودقلديانوس وأيضًا هراطقة مثل أريوس ونسطور... ومات الكل وبقيت الدودة حيَّة تنمو وتتمجد. أما سّر حياتها فهي أن كلمة الله الذي صار جسدًا هو أيضًا من أجلنا صار دودة كقول المرتل "أما أنا فدودة لا إنسان" (مز 22: 6)، أي يتنازل ليصير إنسانًا محتقرًا حتى حُسب كدودة، فيرفعنا نحن باتضاعه إلى مجده. * "أما أنا فدودة لا إنسان" (مز 22: 6). لكنني أتحدث الآن لا في شخص آدم، وإنما أتحدث بالأصالة عن نفسي -أنا يسوع المسيح- وُلدت بدون زرع بشر حسب الجسد، حتى أصير أنا كإنسان وراء كل بشر، لكيما يتمثل الكبرياء البشري باتضاعي. "عار عند البشر ومحتقر الشعب" (مز 22: 6). بالاتضاع صرت عارًا عند البشر، حتى يُقال بطريقة تهكمية: "أنت تلميذ ذاك" (يو 9: 28)، ويحتقرني الشعب. القديس أغسطينوس إن كان إنساننا القديم قد صار كالجبال بأعماله الشريرة الصلبة وكالآكام ليس من يقدر أن يحركها فإن الله وحده الذي يلمس الجبال فتدخن (مز 104: 32). يجعلنا بالمسيح يسوع ربنا نورجًا جديدًا محددًا، ندرس الجبال ونسحقها ونذري الآكام كالعصافة، دون أن يصيبنا القدم ولا نفقد قوتنا أو تضعف إمكانياتنا مع الزمن. هذا ما يبهج نفوسنا بالرب مجدد حياتنا فنفتخر بقدوس إسرائيل الجديد. |
|